بهاء الحريري ينشط من قبرص بحثاً عن زعامة متعذرة

سلوك بهاء وجه من وجوه العطب السنّي الذي يحتاج الى علاجات جذرية
سلوك بهاء وجه من وجوه العطب السنّي الذي يحتاج الى علاجات جذرية


كمستشرق يطل رجل الاعمال بهاء الحريري ومن ثم يغيب. يظهر ثم يختفي. يتعاطى الرجل في السياسة من موقع المنفي. وبين فترة وأخرى ينظر إلى نفسه كمرشد روحي لحركات سياسية وثورية. من حق الرجل ان يطمح سياسياً وان يسعى في سبيل ذلك. لكنه لا يجيد السياسة إلا عن بعد او افتراضياً، الى ان جاء من نصحه بضرورة تغيير هذه السياسة، فاختار دعوة الناس اليه و...الاستمرار في البعد، وكأنه يقول لهم ما يقوله المزارعون في الجبال اللبنانية "بقاطع النهر".

يدعو بهاء مفتين ومشايخ ورجال دين سنة الى "قاطع منتصف البحر"، الى قبرص للقاء معهم، لأنه، اولا، يريد تهنئة المفتين المنتخبين، وثانياً يريد البحث بالشؤون السياسية والاعلامية مع شخصيات متعددة.

"انتزاع الملك"

ورشة العمل هذه الذي يقيمها وتستمر اكثر من اسبوع في حال تواصلت تأتي متأخرة لأشهر عديدة عن عودته المنتظرة الى لبنان وتحضيره لخوض الانتخابات اللبنانية. انتظره كثر قبل الانتخابات، ثمة من شكل لجاناً، واستأجر مكاتب وزرع الأوهام بأن الرجل آت، الى ان استعاد التذرع بالاسباب الأمنية التي تحول دون ذلك. من بين المدعوين ايضاً صحافيون وعاملون في مؤسسات اعلامية عمل بهاء الحريري على تأسيسها، وابرمت شراكات مع قنوات تلفزيونية لبنانية ولكن ما لبثت ان فضت الشراكات.

يعود بهاء الحريري الى النشاط عبر قبرص. هو الذي يأخد عليه خصومه، ولا سيما انصار تيار المستقبل بأنه لم يزر بيروت قط ولم يزر ضريح والده الشهيد. يتهمونه بأنه يريد السطو على ارث رفيق الحريري، وانتزاع الملك من شقيقه سعد. يذكرونه دوماً بمكوثه في احد فنادق الرياض عام ٢٠١٧ للحصول على بيعة اخيه والعائلة، وكان يجري اتصالات بأشقائه وزوجة أبيه وعمته لأجل لذلك لكنهم نهروه ولم يستجيبوا.

يا قوم...

شيء من قبيل هذا النموذج او آلية التفكير يعود بك الى الجاهلية وحتى مراحل ما بعدها، في الصراعات العائلية على الملك، والإرث، والدولة، وهنا يحضر ابنا هارون الرشيد الأمين والمأمون في مقدمة الصورة. ولربما تلك الاستعارة تنطبق على شخصية بهاء، هو الذي اعتلى اكتاف المواطنين يوم تشييع والده، متوجها الى الناس بعبارة:" يا قوم.. يا قوم". عبارة ايضاً تحوي مشهداً سينمائياً متمماً للمشهدية السياسية التي يقدمها الرجل.

لن يكتفي بهاء الحريري بنشاط قبرص فقط، علماً ان غالبية من وجهت لهم الدعوات قد رفضوها، على اعتبار أنه لا يمكن للرجل ان يستدعي الناس الى حضرته. عملياً وبحسب اوساط متابعة فإن النشاط يهدف الى اعادة تأسيس ما انفرط عقده بعد الانتخاباه النيابية، علماً ان الخلافات عصفت في صفوف فريقه خلال تشكيل اللوائح، قبلها وبعدها، ولم يحقق اي نتيجة. انه لقاء تأسيسي ايضاً وفق ما يقولون لمرحلة الانتخابات البلدية.

ندوة في واشنطن

من أنشطة بهاء المرتقبة ايضاً، تحضيره لاحياء ذكرى اغتيال والده في ١٤ شباط، ولكن في واشنطن هذه المرة من خلال رعاية ندوة عن رفيق الحريري في مركز كينيدي، وقد وجه للمناسبة دعوة الى مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان والبطريرك الماروني بشارة الراعي. ومن غير المعروف اذا كان الرجل سيطلب من المحسوبين عليه احياء اي فعاليات في ذكرى الاغتيال ببيروت، كما فعل قبل سنتين ووقعت اشكالات بين مؤيدين له وآخرين من تيار المستقبل.

هناك من يوجه نصيحة الى بهاء الحريري، بأن السياسة لا تمارس عن بعد، وثمة من يعتبر ان ممارسته تدل على عطب سنّي يحتاج الى علاجات جذرية. اذ ليس بهاء وحده يعاني من ذلك، انما تجربة السنة ككل خصوصاً في السنوات الفائتة، والذين ينقسمون اليوم بين فرق من الطامحين وناصبي المكائد لبعضهم البعض، من النواب الطامحين للمناصب الوزارية او رئاسة الحكومة، او من قبل وزراء سابقين وناشطين، جل ما يفعلونه مطابق لما يفعله بهاء ولكن مع فارق أنهم مقيمون في لبنان.

تعليقات: