مياه حوض الحاصباني السوداء مصدراً للأوبئة والمعالجات غائبة

مزارع يرفع في يده سمكة نافقة ونفايات
مزارع يرفع في يده سمكة نافقة ونفايات


كارثة بيئية تتهدده بسبب النفايات والمياه الآسنة..

حاصبيا : حوض الحاصباني المعروف عنه بأنه من اجمل المناطق اللبنانية لما يتمتع به من مقومات ومزايا جمالية وطبيعية خلابة قلما تجدها في منطقة اخرى يعاني هذه الايام من كارثة بيئية حقيقية ترتكب بحق الطبيعة والانسان على حد سواء نتيجة استمرار تسرب المياه الآسنة والاوساخ والنفايات المنزلية الى مجرى النهر لتحول هذه النعمة الى نقمة لا بل الى خطر يهدد صحة وسلامة المواطنين·

فبعدما فشلت كل المحاولات التي قامت بها بلدية حاصبيا السابقة والحالية من مشاريع بيئية وتدابير احترازية في محيط الحاصباني بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات وجمعيات محلية واجنبية تعنى بهذا الشأن وعلى الرغم من الاحتجاجات والاعتصامات والمراجعات التي قام بها الاهالي للفت نظر المعنيين واطلاعهم على حجم وخطورة هذه الكارثة فإن شيئاً لم يتغير بل تفاقمت المشكلة الى حد لم يعد بالامكان تحمله او السكوت عنه حيث وصل هذا التلوث المخيف الى رأس النبع الذي يغذي حاصبيا والعديد من القرى المحيطة بمياه الشفة كما وتحول معه مجرى النهر الي ما يشبه المستنقعات التي تحولت مياهها من عذبة وصافية الى سوداء داكنة تنبعث منها الروائح الكريهة وباتت مصدراً للأوبئة والامراض المعدية ناهيك عن الاضرار الفادحة الذي يلحقه هذا التلوث بالبساتين المحاذية لضفتي النهر وبالثروة والحياة المائية في هذا النهر· ومما زاد في الطين بله وساهم في ارتفاع حجم المشكلة لتصل الى هذا الحد هو إنخفاض المنسوب في مياه النهر الى درجة الجفاف وخاصة في المنطقة الممتدة من جسر الشقعة شرقا وحتى نبع الوزاني جنوباً اي بطول حوالى 15 كلم وهذا الجفاف لم يعرفه الحاصباني في السنوات السابقة بهذه النسبة·

امام هذا التعدي الفاضح على البيئة وفي ظل السكوت غير المبرر من الجهات المعنية امام ما يجري اضطر العديد من ابناء حاصبيا القريبين من مجرى النهر او في الحي الغربي من البلدة حيث تنساب المياه الآسنة والصرف الصحي وينبعث منها روائح كريهة اضطروا الى ترك منازلهم قسراً والانتقال الى اماكن سكنية اخرى حفاظاً على سلامتهم وسلامة اطفالهم·

اهالي الحي الغربي وبعدما خيبت آمالهم لم يبق امامهم سوى التقدم بشكوى الى القائمقام وليد الغفير طالبين اليه الاسراع في تدارك الامور وحل المشكلة قبل تفاقمها اكثر وجاء في الشكوى:

نحن الموقعين ادناه سكان الحي الغربي عند مدخل حاصبيا وامام ما نتعرض له من روائح كريهة اضافة الى الامراض والحساسية التي تصيب اطفالنا جراء البرك والمستنقعات التي تتجمع فيها المياه المبتذلة في مجرى الحاصباني المجاور لمنازلنا نتقدم منكم بهذه الشكوى آملين المساعدة والايعاز لمن يلزم الاسرع في رفع الضرر كي لا نضطر الى رفع شكوى اخرى رسمية الى الجهات المختصة·

هذه الشكوى تزامنت مع اخرى من قبل اهالي واصحاب البساتين المروية من نهر الحاصباني الى القائمقام ايضاً وبواسطة البلدية وجاء فيها: نحن اهالي البساتين المروية على ضفتي الحاصباني ولما كنا نستفيد من هذه المياه للري وللشفا ايضاً نفاجأ ومنذ سنتين ونيف على ان قسماً من مجرى النهر قد تحول الى مكب للنفايات والاوساخ المنزلية والجور الصحية ناهيك عن القاذورات وحفاضات الطفال وغيرها من اقذار مما يقزز النفس وتأباه جراء هذه المرميات الغير اخلاقية مما يضر بالصحة العامة والبيئة على حد سواء آملين العمل سريعاً لحل هذه المشكلة التي لا يجوز السكوت عليها وتكليف من يلزم لردع المسببين·

المواطن فندي الحلبي وصف ما يحصل بالمجزرة ووضعها برسم 5 وزارات معنية، الصحة، البيئة، الطاقة والمياه، الزراعة والسياحة· وقال: الا يكفينا اضرار الحروب وما تعرضت له هذه المنطقة وهل اصبح عند ذهن المسؤولين بأن المواطن الحاصباني بات لديه مناعة ضد التلوث ليضاف نبع الحاصباني المشهور بنقاوته وعزوبة مياهه الى الينابيع الملوثة في لبنان·

واضاف: اذا هطلت الامطار بغزارة وحصل فياضانات او جليد او جفاف يطالب الموطن دولته بالتعويض لكن وامام ما يحصل من تلوث ما هو اخطر واصعب من يطالب المواطن؟

لقد تمت مراجعة العديد من المسؤولين والمعنيين لتدارك الخطر قبل فوات الآوان لكن <كمن يغني في الطاحونة> لا مبالاة لا اهتمام ولا من يحزنون وخلف النبع مباشرة مكب للنفايات ومستنقع للمياه المبتذلة! وقسم منها يصب في مجرى النهر·

وانهى الحلبي اننا نناشد المسؤولين للمرة الالف واليوم قبل الغد الاسراع في اتخاذ خطوات عملانية للحد من هذه المشكلة وإلا فالعواقب وخيمة جداً·

المزارع ابو رجا يوسف الحرفاني قال: ان ما يحصل في نهر الحاصباني هذه الأيام تقشعر له الابدان انها لكارثة بيئية بكل ما للكلمة من معنى· وتساءل الحرفاني: هل يجوز ان يصل هذا التلوث في مجرى الحاصباني الى هذا الحد هذا النهر الذي كان بالأمس القريب مثالاً في نقاوة وعزوبة مياهه يتحول اليوم الى مجمع للاوساخ والقاذورات على علم ومرأى من المعنيين وهل يجوز بأن المزارع الحاصباني بات مضطرا الى نقل مياه الشرب من منزله اثناء عمله في حقله وبستانه؟ شيء مستغرب ولا يمكن ان يقبله عاقل·

ولفت الحرفاني الى حجم الخسائر المادية التي لحقت بالاشجار المثمرة علي جانبي الحاصباني نتيجة هذا التلوث ناهيك عن الخطر الاكبر الذي بدأ يطال الثروة السمكية والحياة المائية في النهر، وانهى قائلاً: فعلا انها مأساة وهي برسم المعنيين آملين منهم ان يعوا خطورة المرحلة ويعرفوا حجم الكاثرة علهم يجدون حلاً لها حيث لا ينفع الندم اذا ما استمر الوضع على ما هو عليه·

من جهته، الناشط البيئي في جمعية حاصبيا الخضراء الدكتور امين ميس الحمرا ان الكارثة التي حلت بنهر الحاصباني جاءت بعد فشل المحاولات والتجارب التي قامت بها بعض الجهات والمؤسسات المحلية والدولية منها وان تفاقم حجم الكارثة دق ناقوس الخطر وبات من الضروي التحرك سريعاً من قبل الجهات المسؤولة لوضع حد لهذه الكارثة من خلال معالجات وحلول جذرية لانه لا يجوز لهذه الملوثات والمسموم على انواعها من صرف صحي ومياه آسنة وزيبار زيتون ان تبقى تتسرب الى مجرى النهر وكشف الحمرا الى ان هذا الخطر له انعكاساته السلبية ايضاً على المياه الجوفية فمن هنا المطلوب وقفه حازمة وجادة من كل المسببين بهذا التلوث وهذه الخطوات مطلوبة من البلدية ومن وزارتي البيئة والداخلية كما من وزارة الصحة لا سيما وان المشكلة باتت لا تطاق·

رئيس بلدية حاصبيا كامل ابو غيدا لفت الى ان هذه المشكلة مزمنة في مجرى نهر الحاصباني وبلديته لم تأل جهداً من اجل الحد من هذا التلوث بالرغم من الامكانيات المتواضعة التي تقدر عليها البلدية وكشف ابو غيدا ان البلدية اعدت الدراسات اللازمة لاستكمال المشروع الذي بدأته مع مؤشر مرسي كور عبر محطة التكرير التي انشأتها بالغرب من الحاصباني لجمع وحصر كافة المياه الآسنة والصرف الصحي المتسربة من بعض احياء حاصبيا وبعض القرى المحيطة وهذا المشروع يفوق طاقة البلدية وامكاناتها الا ان العمل مستمر مع بعض الجهات لتنفيذه فور تأمين الاموال اللازمة له·

مياه الصرف الصحي في طريقها الى مجرى الحاصباني
مياه الصرف الصحي في طريقها الى مجرى الحاصباني


تعليقات: