هدى صادق: سأقتحم بنكاً


لبنان الذى ينام تحت أنقاض بورصة ارتفاع وانخفاض الدولار

ويصحو على شهيق الكاز وتشردق البنزين وزفير السولار

لبنان الذى يحفر كل يوم في تربة القهر قبورا لمواطنين شنقت صبرهم الحاجة ليرتموا في شرك الإنتحار

أما من لازالوا على قيد الرجاء ولازموا بيوتهم

باتوا يُسبحون بحبات العدس لعل العدس يخفف من تفحم جيوبهم بعد احتراق الأسعار

لبنان الذى كلما أراد انتخاب رئيسا له

تشابكت نوايا الطيبين مع الأشرار

واستنفرت أصوات الغيم الأسود في حناجرهم لإغراق بيروت والجنوب والشمال بالمرار

هذا يبيع اثاثه القديم وتلك لم تأخذ علاج السرطان

وذاك يحمل أوجاعه متكئًا على رعشة يديه بعد الإستغفار

وتلك تحمل مسدسا محشوا بالغضب لتأخذ حقها في استرداد اموالها من بنوك ذمتها الإنحدار

لبنان الذى يئن من لصوص الحياة

والذى أفلسته أطماعهم المختلسة للودائع وأرواح الأحرار

لبنان الذى يمر بنوبات جفاف من الرحمة يُدق عنقه كما تُدق حبات الزيتون في معاصر التجار

فأنا ومن مثلي الكثيرين ممن أجبرتهم الحرب على الخروج عنوة خلف الغربة مع عوائلهم من بلدتنا الخيام لأعوام كثيرة لنجمع من شقاء الغربة ومرارتها ما يسندنا في أواخر العمر قد سُرقنا الى ما دون الأصفار

لذا قد أعود مفخخة نفسي بحزام من الخذلان لأقتحم بنكا افجر فيه غضبي لعل أشلاء القهر التى ستتناثر مني توقظ خلية من ضمير الأربعين أربعين حرامي ورؤسائهم ومن خلفهم ممن يهزون بعنف مهد الإستقرار

لبنان الذى كان عاصمة الجمال بات يكنس كل صباح رماد النفايات ويعزى فيروزه باختفاء ودائع المتعبين والمغتربين كما اختفى شادى في عتمة الأقدار

لبنان الذى يُضمد جراح الحرب بأوراق الورد ويخيط رداء العزة من احتراق أعواد الصبر وسجود الأشجار

لبنان الذى سينجو حتما كما نجا يوسف من بئر الخيانة

رغم تمزق قميص الأمن ورغم جره عنوة للإنفجار

لبنان الذى لن ينكسر برغم الحصار

سيعود كما يعود بخار الماء للأرض عبر الأمطار..

* هدى صادق

الكاتبة هدى صادق
الكاتبة هدى صادق


تعليقات: