ضغوط لعقد جلسة الإنتخاب.. هل يتجاوز أزعور فرنجية بالأصوات؟

يبدو أن خيارات المعارضة رست على ثلاثة أسماء: جهاد أزعور، صلاح حنين وزياد بارود(Getty)
يبدو أن خيارات المعارضة رست على ثلاثة أسماء: جهاد أزعور، صلاح حنين وزياد بارود(Getty)


في المعلن من المواقف، التي تطلق في الداخل والخارج، يظهر إجماع بين تقاطعات متعددة على وجوب إنجاز انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن. رئيس مجلس النواب نبيه بري وضع منتصف حزيران كسقف زمني لإنجاز الإستحقاق. سفراء الدول الخارجية يشددون على ضرورة انتخاب الرئيس سريعاً، وأنه لم يعد من المجدي الاستمرار طويلاً في الفراغ، وسط تلويح بإحتمال فرض عقوبات على المعرقلين، وفي ظل دعوات مكثفة حول ضرورة عقد جلسة إنتخاب قريباً بشرط أن يتوجه الجميع إلى القاعة العامة ويصوّت لمرشحه.


بين ثبات المواقف وتبدّلها

إذا كانت هذه الضغوط جدّية والنية في الضغط لانتخاب الرئيس صادقة، فإنه لا بد من انتظار اتفاق القوى التي لا توافق على انتخاب سليمان فرنجية على مرشحها، وسط استمرار المشاورات في ما بينها.

أمام هذه الوقائع، يمكن التدقيق في كل السيناريوهات المحتملة لانعقاد أي جلسة انتخابية في حال استمرت مواقف الكتل النيابية على حالها. فحزب الله وحركة أمل يتمسكان بخيار ترشيح سليمان فرنجية، ويعتبران أنه يحقق تقدماً.

أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله دعا الجميع إلى النزول للمجلس النيابي بمرشحيهم والتصويت، مشدداً على ضرورة تفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي، ما أوحى بأن الحزب سيبقى متمسكاً بسليمان فرنجية وجاهزاً لمعركة طويلة في حال لم يتوجه المعارضون إلى المجلس النيابي.

لا يزال الفرنسيون على موقفهم المقتنع بأن خيار سليمان فرنجية هو المتاح والممكن لغياب اتفاق القوى الأخرى على مرشح. وبحسب ما يرشح من معلومات عن الفرنسيين، سيبقى خيار فرنجية متقدماً طالما لم تتفق قوى المعارضة، فإذا فعلت وتوافقت على مرشح قادر على تحصيل أصوات أكثر من فرنجية، والوصول إلى ما يقارب الـ 65 صوتاً، فإن ذلك سيدفع كثيرين إلى إعادة النظر.

أما الموقفان السعودي والأميركي فيتشابهان في ضرورة الإتفاق بين اللبنانيين على انجاز الإستحقاق من دون وضع فيتو بوجه احد والإستعداد للتعامل مع الرئيس الذي سيُنتخب، والحكم على أدائه.


الأسماء الثلاثة

في هذا الوقت تستمر المفاوضات بين القوى المعارضة لانتخاب فرنجية في سبيل الوصول إلى تفاهم على مرشح. رست الخيارات على ثلاثة أسماء هي جهاد أزعور، زياد بارود، وصلاح حنين، مع أرجحية طفيفة لأزعور نظراً لموقعه الدولي وعلاقاته الخارجية القوية، ونظراً لمزجه بين السياسة والإقتصاد، وبسبب عدم استفزازه لأي طرف. في حين أن حنين محسوب على 14 آذار، وزياد بارود يلقى معارضة من قبل القوات اللبنانية وغيرها من الأفرقاء، لا سيما أن اسمه طرح من قبل جبران باسيل وكان متحالفاً مع التيار الوطني الحرّ في الإنتخابات النيابية عام 2018. كذلك فإن أزعور على علاقة جيدة مع وليد جنبلاط، ومع الرئيس نبيه بري، والتقى بحزب الله سابقاً، كما أنه لن يكون عنصراً لتشكيل أي تهديد على القوى المسيحية التي ستحافظ على توازناتها.

يمكن لاتفاق المعارضة على إسم أزعور أن يحرج الجميع، لا سيما أن الرجل قادر على تسجيل خروقات مع جهات متعددة، ولا أحد رفع الفيتو بوجهه، كما أنه قادر على تقديم صورة جديدة لآلية انجاز الإستحقاقات في لبنان. وفي حال حصل ذلك، فيمكن حينها الحديث عن إحتمال تحديد موعد لعقد جلسة إنتخابية. وذلك سيقود إلى احتمالات متعددة. أولاً أن لا يحقق أي من المرشحين في الدورة الأولى الأصوات اللازمة ليفوز بـ 86 صوتاً. وبالتالي لا بد من الذهاب إلى دورة ثانية يحتاج فيها المرشح إلى 65 صوتاً، هنا في حال كانت مقومات التسوية غالبة ومتقدمة فحينها ستستمر الكتل النيابية بالبقاء في القاعة العامة وعدم تعطيل النصاب. بينما يبقى هناك إحتمال في حال لم ينل فرنجية في الدورة الأولى 65 صوتاً أن يلجأ حلفاؤه إلى تعطيل النصاب مجدداً.


سيناريوهات محتملة

ثلاث قوى يمكنها أن تحدد مصير مثل هذه المعركة. الطرف الأول هو التيار الوطني الحرّ، الذي لا تزال محاولات حزب الله معه قائمة لاستمالته، فيما يخشى آخرون من أن يلجأ التيار إلى تغيير في موقفه، علماً ان مصادره تؤكد بأن لا تغيير بالموقف. الطرف الثاني هو النواب السنّة وخصوصاً كتلة الإعتدال وبعض المستقلين الذين يمكن أن يميلوا إلى انتخاب سليمان فرنجية. بعض هؤلاء النواب يؤيدون فرنجية، وبعضهم الآخر يفضل رصد حركة ومواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لتحديد الموقف. بذلك يصبح جنبلاط هو الطرف الثالث، والذي يمكنه حسم الوجهة لأن الخيار الذي سيتخذه سيؤيده عدد من النواب السنة وسيكون مؤشراً على التوازنات المقبلة.

في حال تم تجاوز كل العقبات، وحصل إتفاق بين القوى المعارضة لانتخاب سليمان فرنجية على ترشيح جهاد أزعور مثلاً، فيمكن احتساب سيناريوهات الأصوات على الشكل التالي: يحصل أزعور، في حالة التفاؤل القصوى، على 16 صوتاً من التيار الوطني الحرّ، 19 من القوات اللبنانية، 8 من الحزب التقدمي الإشتراكي، 4 من الكتائب، 4 من كتلة تجدد، 8 من نواب التغيير، و10 من النواب السنة، و3 من النواب المسيحيين المستقلين. وبذلك يمكن للرجل أن يحصل على 72 صوتاً، أي لديه القدرة على الفوز من الدورة الثانية في حال استمر تأمين النصاب.

أما في احتساب "متشائم" للأرقام، بحال كانت قوى المعارضة جدية بالإتفاق على ترشيحه، فيمكن إحتساب 16 نائباً من التيار الوطني، 19 من القوات، و8 من الحزب التقدمي الإشتراكي، 4 من تجدد، و4 من حزب الكتائب، 5 من نواب التغيير، و6 من النواب السنة، و3 من النواب المسيحيين المستقلين، وبذلك سيكون أزعور قادراً على تحصيل 65 صوتاً، أي لديه القدرة على الفوز من الدورة الثانية.


سابقة يتيمة

وفي حال حصول هذا السيناريو لا بد من السؤال حول موقف فرنجية وحلفائه حيال إمكانية تعطيل النصاب، او الموافقة على السير بهذه المعركة، او اتخاذ خيار الإنسحاب، لا سيما في ضوء مواقف حزب الله بأنه لا يريد فرض مرشحه على أحد ووسط دعوة الآخرين للإتفاق على مرشحهم.

عملياً لم يشهد لبنان انتخابات مماثلة لهذا السيناريو إلا في العام 1970 لدى انتخاب الرئيس سليمان فرنجية، فيما المعتاد أن تحصل التسوية مسبقاً وتحدد نتائج الإنتخابات سلفاً. وتبقى كل هذه الدعوات في سياق الضغوط من دون أن تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي.

العودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: