سوق الخان الشعبي في حاصبيا أسير الغلاء والمواطن أضحى متفرجاً

مواطنون يسألون ولا يشترون
مواطنون يسألون ولا يشترون


ما زال يعيش حالة الركود بالرغم من مرور 10 أيام من الشهر الفضيل

..

حاصبيا -

مالم يختلف عليه اثنان أن شهر رمضان المبارك هو شهر الخير والبركة إلا أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تتحكم بالبلاد وبرقاب العباد ومنذ مدة طويلة قد خطفت هذا العام كثيراً من وهج هذا الشهر الفضيل منذ إطلالته الأولى بحيث ظهرت معالمها بوضوح على مختلف الطبقات الشعبية الفقيرة وعلى أصحاب الدخل المحدود بحيث لم يبق أمامهم سوى اللجوء الى الأسواق الشعبية لتأمين ما أمكنهم من خضار وفاكهة ولحوم وحلوى لتحضير طبق الإفطار الرمضاني بعد يوم طويل من الصيام إلا أن الارتفاع الجنوني لهذه المواد وغيرها من مواد غذائية أخرى قد حال دون تمكين قسم كبير من العائلات الفقيرة والتي تشكو أصلاً ومن دون رمضان ومتطلباته من أوضاع اقتصادية صعبة من شراء ما يشتهون أو ما يتطلبه طبق رمضان بحدوده الدنيا في ظل غياب تام لأجهزة الرقابة وحماية المستهلك لوضع حد لهذا الغلاء الفاحش وهذا التحكم بالأسعار وبلقمة عيش المواطن من قبل غالبية التجار وبخاصة تجار الخضار منهم·

من أهم الأسواق الشعبية وأقدمها في منطقة حاصبيا سوق الخان والذي يشكل نقطة تلاقي لكافة أبناء مناطق حاصبيا، راشيا الوادي، مرجعيون وحتى جبل عامل يوم كل ثلاثاء من كل أسبوع يمر في الأسبوع الأول لشهر رمضان المبارك بحالة من الركود تعكس الأزمة المعيشية الخانقة التي تقضّ مضاجع المواطنين ومن يقصد هذا السوق يخيّل له للوهلة الأولى بأن الناس بألف خير والحركة الاقتصادية في أوجها لكن سرعان ما يجد العكس تماماً وكثافة المتسوقين تقتصر على التنقل من بسطة الى أخرى إما للتفرج أو لشراء ما رخص ثمنه من خضار وفاكهة فقط والابتعاد عن ما غلا من أسعار للحوم والحلوى وغيرها من مواد غذائية·

وفي جولة على هذه البسطات يتبيّن أن الأسعار هذا العام تضاعفت عن السنوات الماضية مرتين أو أكثر بحيث وصل سعر كيلو الليمون الحامض الى 3500 ليرة وكيلو الخيار 2500 ليرة وربطة البصل الأخضر 1500 ليرة والخسة الواحدة 1500 ليرة وكيلو البندورة 2500 ليرة وهذا يعني أن صحن الفتوش أو طبق الفقير كما يسميه البعض بات يتطلب ميزانية·

وإذا أردت أن تنسى ما لذّ وطاب من حلوى وفاكهة لشراء كيلو لحمة بلدية فقد بات سعره 17000 ليرة بدلاً من 12000 قبل بداية شهر رمضان المبارك وكيلو الفروج 7000 ليرة بدلاً من 5000 ليرة·

وتصف الحاجة أم محمد من الخيام الوضع بالتعتير والحالة لم تعدتطاق وتقول: الشكوى لغير الله مذلّة، يعني لم يعد هناك من جهة مسؤولة يمكنها أن تضع حداً لهذا الارتفاع الجنوني في الأسعار وتوقف التجار المتلاعبين بلقمة عيش الفقير عند حدهم·

وتتساءل أم محمد: هل يعقل أن يصل سعر كيلو الحامض الى 4000 ليرة وربطة البقدونس الى 500 ليرة بعدما كان سعر الـ 6 ربطات ألف ليرة قبل يوم واحد من حلول رمضان الكريم؟

وتضيف: كل عمره كيلو لحم العجل بـ 8000 ليرة فما عدا ما بدا كي يرتفع سعر الكيلو في هذه الأيام الى حدود الـ 20000 ليرة؟ شيء لم يقبله العقل والمنطق، فإذا كان مسؤولينا قادرين على شراء ما يشتهون ومهما كانت الأسعار فهل يجوز بالنسبة للفقير أن يبيع ما فوقه وتحته لتمضية هذا الشهر الفضيل؟

الحاج عمر ياسين يتنقل من بسطة الى أخرى بحثاً عن الأرخص لتأمين ما يلزمه في تحضير وجبة إفطار تعوّض عن صيام يوم كامل·

ويقول ياسين: رزق الله أيام زمان يوم كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر حلول شهررمضان المبارك للصيام والتضرع لله سبحانه وتعالى وكان الجميع يلتزم بالقيم الدينية والإنسانية والأخلاقية، أما اليوم فكل شيء تغيّر وتحوّلت نعمة هذا الشهر الفضيل الى نقمة عند شريحة كبيرة من العائلات الفقيرة التي باتت عاجزة عن تأمين حاجياتها ومتطلباتها المعيشية في ظل الضائقة الاقتصادية التي تتحكم بها من كل الجهات·

وتساءل ياسين: كيف يمكن لصاحب الدخل المحدود الذي يتقاضى 400000 ليرة شهرياً أن يؤمّن لعائلته المكوّنة من 9 أشخاص حياة لائقة وكريمة؟ وماذا يمكنها أن تأكل هذه العائلات في إفطارات رمضان؟ إنها أسئلة برسم الجهات المعنية علّنا نجد جواباً مقنعاً·

بلال حيمور من القعقعية يتأفف لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها البلد حيث أن المواطن بات يشعر أنه غريب في وطنه، فهو في وادٍ والمسؤول في وادٍ آخر، فالفوضى عارمة سياسياً وأمنياً واقتصادياً والغلاء سيد الموقف وتقلّب الأسعار وارتفاعها يتم كما يحلو للتاجر دون حسيب ولا رقيب والفقير وحده يدفع الثمن·

وتساءل حيمور: الى متى ستبقى هذه الفوضى ومن المسؤول عن وضع حدٍ لها لا سيما وأن الفقير بات في وضع لم يعد بإمكانه تحمّله؟ التاجر محمد الحمصي بائع خضرة يرفض تحميل التجار الصغار مسؤولية هذا الارتفاع الجنوني للأسعار ويقول: هذا ليس في مصلحتنا لا بل ينعكس سلباً على نسبة المبيع، والمثل يقول <الرخص جلاّب> وليس العكس·

ويضيف الحمصي: إن سبب ارتفاع أسعار الخضار والفاكهة يعود لأسباب عديدة منها التصدير الى الخارج، موجة الصقيع التي فتكت خلال فصل الشتاء الماضي بأشجار الحمضيات، أضف الى ذلك تحكّم كبار التجار بأسعار الخضار والفاكهة طيلة شهر رمضان من كل عام كما تجار اللحوم وباقي المواد الغذائية الضرورية مثل الألبان والأجبان وما شابه لجني أرباح إضافية قد تفوق أرباحهم طيلة أيام السنة·

ويشاطره الرأي جاره نايف وهو تاجر خضرة أيضاً فيقول: إن هذا الغلاء ليس له ما يبرره وعلى الجهات الأمنية وأجهزة الرقابة أن تتحرك بسرعة لمحاسبة كل من تسوّل له نفسه اللعب بلقمة عيش الفقير·

ويضيف: نحن كأصحاب بسطات لا يوافقنا ارتفاع أسعار الخضار ونشكو منه بقدرما يشكو المستهلك مما يشكل صدمة لنا أمام هذا الجمود في الإقبال على شراء ما يتطلبه طبق رمضان وأحياناً نضطر الى البيع بخسارة كي لا تتلف الخضار وبخاصة الحشائش منها·

جميل أبو عمر صاحب ملحمة يشير الى أن أسعار اللحوم بدأت بالتصاعد قبل حلول شهر رمضان المبارك وعلى مرأى ومسمع من المسؤولين في الوزارات المعنية·

ولفت أبو عمر الى أن إقبال المواطنين على شراء اللحمة في شهر رمضان المبارك مقبول وإن كان بنسبة ضئيلة قياساً بالسنوات السابقة ومع ذلك فإن أسعار اللحوم تبقى أرخص من غيرها وهي وجبة ضرورية للعائلة في رمضان.

بضائع مكدسة تنتظر الزبائن
بضائع مكدسة تنتظر الزبائن


تعليقات: