الكهرباء خوّات وإجراءات ظالمة: فواتير مزاجية وعدّادات غير موجودة

سيدفع من يصرف 1000 كيلو وات كما يدفع من يصرف 100 (علي علوش)
سيدفع من يصرف 1000 كيلو وات كما يدفع من يصرف 100 (علي علوش)


قرر المستفيدون من الكهرباء على "المياه" الاعتراض على حجم الفواتير الكبيرة التي تُصدرها مؤسسة كهرباء لبنان، رغم كل ما يمثله هذا الاعتراض من لا مساواة بين المواطنين الذين يتمتع بعضهم بكهرباء 20 ساعة خلال النهار، وبعضهم بأربع ساعات، ويدفع بعضهم فاتورة واحدة، بينما يدفع الآخرون فاتورتين وأحياناً ثلاثة فواتير مع انتشار ظاهرة الطاقة الشمسية.

استجابت مؤسسة الكهرباء للمطالب، وقرر مجلس إدارتها في جلسته الأخيرة الأربعاء الماضي خفض التعرفة الكهربائية لإصدار فواتير شهري كانون الثاني وشباط 2023، عبر حسم نسبة 25 في المائة على الرسوم الثابتة (راجع "المدن")، أي على كل من رسم بدل الاشتراك (21 سنتاً أميركياً لكلّ أمبير) وبدل التأهيل (4.2 دولار أميركي)، الإبقاء على سعر الشطر الأول المدعوم، أي 10 سنت أميركي لكل ك.و.س. / لأول 100 ك.و.س. استهلاك، وتخفيض سعر الشطر الثاني إلى 26 سنتاً أميركياً لكل ك.و.س. استهلاك يزيد عن 100 ك.و.س.


لكن ماذا عن مصير الأموال المدفوعة؟ والأهم ماذا عن العدادات المدفوع ثمنها ولم تُركّب؟


بدل مقطوع .. ظالم

عندما يتعلق الأمر بفرض "خوات" قانونية على المواطنين، فلا شيء أسهل من التنفيذ، ففي لبنان حوالى 100 ألف طلب لتركيب عدادات مقدمة لمؤسسة كهرباء لبنان، ومدفوع ثمنها، تقول مصادر مطلعة في المؤسسة في حديث عبر "المدن"، مشيرة الى أن هذه الطلبات المدفوع ثمنها من المواطنين تراكمت منذ سنوات، ولم يبدأ تنفيذها حتى اليوم، بحجة مشروع تركيب العداد الذكي، الذي لن يُبصر النور قريباً بسبب الوضع الاقتصادي أولاً، وعدم توفر الأموال، وبسبب اصرار البعض على وضع الحمار أمام العربة، فيريد تركيب العدادات الذكية قبل بناء مركز التحكم بالعدادات.

لا ترغب او لا تستطيع مؤسسة كهرباء لبنان تركيب العدادات للمواطنين، فوجدت أن الحل الأسهل الذي قد يُعتمد، ما لم يتم الاتفاق على الحل البديل الذي سنأتي على ذكره لاحقاً، هو فرض بدلات مقطوعة عليهم، واعتبار أن المصروف هو 300 كليووات زائد الرسوم، من دون أن يُعرف ما إذا كان من بين الرسوم رسم بدل التأهيل، وهو الذي يُفرض لتأهيل العداد، غير الموجود أصلاً في الحالات التي نتحدث عنها.

تكشف المصادر أن هذا الحل سيؤدي الى غياب واحدة من أهم ركائر المواطنية، وهي المساواة بين المواطنين بالحقوق والواجبات. اذ سيدفع من يصرف 1000 كيلو وات كما يدفع من يصرف 100، وستكون الفاتورة حسب التسعيرات الحالية حوالى 7 مليون ليرة شهرياً، وهو ما يعتبره سامر (أحد المواطنين الذي يملكون منزلاً في الجنوب ويسكنون في بيروت) في حديث لـ"المدن"، ظلماً كبيراً، خصوصاً أنه قدم طلباً لتركيب العداد منذ 4 سنوات، وهو لا يسكن في منزله الجنوبي إلا خلال المناسبات، كما يملك طاقة شمسية للكهرباء. وبالتالي، كيف يمكن معاملته كمن يصرف مئات الكيلووات، ومؤسسة الكهرباء هي من تتحمل مسؤولية التقصير بعدم تركيب العداد؟

أما العقارات التي يعاني شاغلوها من مشاكل تتعلق بالملكية، ولا يوجد فيها عدادات، فالمقترح أن تُحتسب فاتورتها على أساس 500 كيلووات مصروف، وهو أيضاً يؤدي إلى ظلم مشابه.

بينما إذا ما تم التوجه إلى الحل الآخر الذي يُدرس، والذي يربط بين عدد ساعات التغذية ورقم مقطوع من الكيلووات، فهو أيضاً قرار غير محق ومُجحف كون المؤسسة لا تحترم عدالة التوزيع، ومركز التحكم القادر والمسؤول عن هذه المهمة مُقفل في منطقة الطريق الجديدة لأسباب مجهولة.


صيرفة + 20 بالمئة: سرقة

لا تقتصر مشكلة الفوترة على الحلول السهلة المؤذية للمواطن، فهناك أيضاً 20 بالمئة الإضافية عن سعر دولار صيرفة، التي تحتسبها المؤسسة ضمن فواتيرها، وهذه النسبة اعتمدت لتغطية الفارق بين سعر الدولار بالسوق السوداء، وسعره على منصة صيرفة. واليوم هذا الفارق لا يتخطى 7 آلاف ليرة. فما هو سبب إبقاء نسبة العشرين بالمئة على ما هي عليه؟ تسأل المصادر، مشيرة إلى أن الفواتير التي ستصدر قريباً سيكون دولارها حوالى 103 آلاف ليرة، بينما سعره بالسوق السوداء 93 ألف ليرة، وهذه سرقة موصوفة.

كل هذه الخزعبلات التي تدرّ الأموال لا تعني أن المؤسسة تنفّذ مشروعاً حيوياً لتحسين مستوى الإنتاج والنقل والتوزيع، بل تُخصص الأموال لدفع مستحقات شركات مقدمي الخدمات، والفيول، والرواتب. وبالتالي، لا مستقبل لقطاع الكهرباء، وحكماً لا مستقبل لمؤسسة أقل ما يُقال عنها أنها مستسلمة ولا تريد العمل، وأكثر ما يُقال عنها أنها فاسدة.

عودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: