المياه في الضاحية: ملوحة بحر وبنزين محطات وسلاح حربي

تجارة غير شرعية بالمياه في الضاحية الجنوبية (المدن)
تجارة غير شرعية بالمياه في الضاحية الجنوبية (المدن)


الجمعة 2023/06/23

المياه في الضاحية: ملوحة بحر وبنزين محطات وسلاح حربي

increase

حجم الخط

decrease

مشاركة عبر

توازياً مع بداية فصل الصيف، ينطلق الحديث عن "المياه" في الضاحية الجنوبية. فهذا الملف الشائك لم يجد وسائل الحل لمشاكله بعد. وهي مشاكل تتعلق بوفرة المياه وجودتها من جهة، وتجارة المياه غير الشرعية من جهة ثانية.

بالنسبة إلى النقطة الأولى، يمكن الحديث عن ثلاثة أنواع من المياه بالضاحية، تقول مصادر بلدية، مشيرة إلى أن المصدر الأول هو مياه "الدولة". ومن هنا تنطلق الكوارث. فهذه المياه التي يُفترض أن تكون "نظيفة" ومُراقبة، غير متوافرة رغم الزيادات الكبيرة التي طالت الفواتير. والحجج الدائمة هي نفسها، عدم توفر الطاقة لجر المياه، وعدم توافر الكميات الكافية صيفاً للتوزيع. فتكون النتيجة في أحياء الضاحية انقطاعاً بالمياه، وتوجهاً نحو الحلول البديلة التي أقل ما يُقال عنها أنها كارثية.

مياه الدولة نظيفة.. ومفقودة

تحسنت شبكات توزيع المياه بعد العام 2014 حين أجريت فحوص للمياه في الضاحية كانت نتيجتها مخيفة، بعد أن أظهرت وجود بكتيريا مسببة للأمراض المعوية مثل "الأحياء القولونية البرازية، الأحياء القولونية الإجمالية وأشريشيا إيكولاي"، ووجود مواد خطيرة جداً على الاستهلاك البشري مثل الزئبق والزرنيخ، فضلاً عن مستويات مرتفعة من الملوحة في المياه بنسبة تزيد 30 ضعفاً و40 ضعفاً على المعدلات المقبولة. لكن هذا التحسن لم يمنع المشاكل المتعلقة بالتلوث وملوحة المياه.


مياه البحر دخلت الآبار

بعد المصدر الأول، تتجه المصادر للحديث عن المصدر الثاني للمياه في الضاحية، وهو الآبار. مشيرة إلى أن غالبية آبار الضاحية ملوثة، إما بتداخل المياه الآسنة معها، وإما بالملوحة بعد اختلاط المياه الحلوة بمياه البحر على أعماق مختلفة في البئر، مشددة على أن البئر يجب إقفاله بمجرد دخول مياه البحر إليه. وهو ما لا يحصل بسبب عدم توافر الحلول البديلة. ولعل الصور المرفقة من تنظيف أحد خزانات الأبنية في منطقة صفير خير دليل على ما تحمله مياه البئر معها إلى الخزانات، فبعد أن شعر أهل البناية بمشكلة بمياههم، قاموا بفحص الخزانات، وكانت هذه النتيجة التي يتحدث عنها أحد الساكنين لـ"المدن".

كذلك تكشف المصادر البلدية أن بعض مياه الآبار في الضاحية تُنتج رائحة محروقات، وهذا ناتج عن تسربات طفيفة تحصل في خزانات محطات المحروقات، تنتهي في المياه الجوفية، وهذه الحالات موجودة في أكثر من منطقة بالضاحية، وتشتد في فصول معينة.


محلات بيع المياه غير مرخصة

أما المصدر الثالث فهو شركات بيع المياه المكررة، أو محال بيع المياه. وهنا تكشف المصادر البلدية أن نسبة كبيرة من هذه المحال، التي يزيد عددها عن 50 محلاً غير مرخصة، ولا تخضع لفحوص شهرية أو فصلية، وبالتالي يجب إقفالها، والبلديات تحاول فعل ذلك بالتعاون مع القوى الأمنية، داعية السكان إلى طلب الرخصة من أي محل قبل شراء المياه منه.

الكل يعلم أن عمل البلديات بالضاحية وغيرها، قد لا يتعلق فقط بتطبيق القانون، بل بحماية المخلين، ولسكان الضاحية في ذلك تجارب عديدة، حيث يُسجل الضبط بحق المخالف ويُقفل محله، ليفتح في اليوم التالي وكأن شيئاً لم يحصل. وهذا ما يقودنا للحديث عن تجارة المياه غير الشرعية من جهة ثانية.


حصرية بيع المياه

منذ فترة قصيرة، عند الساعة الواحدة ظهراً فرغ خزان أحد فروع المصارف في الضاحية الجنوبية، فاتصل أحد الموظفين -الذي يتحدث عبر "المدن" عن تجربته- ببائع المياه الذي يتردد إلى الحي، فكان جواب الرجل بأنه غير قادر على تلبية الطلب اليوم وعليهم الانتظار حتى الغد، فأقفل الموظف الخط واتصل ببائع آخر للمياه، رفض تلبية الطلب لأن "المنطقة ليست منطقته وهي اختصاص فلان".

هذه الرواية لا ترتبط بمكان بالضاحية دون غيره، ولا بموزع دون آخر، فالخدمات بالضاحية مقسمة على شكل جزر، كهربائية، مائية، تكنولوجية، لا يتجرأ أحد على تخطي حدود أحد، وإلا فالرد يكون بالسلاح، وبالتالي على من تنقطع مياه منزله انتظار رضى الموزع وتوافق وقته مع طلب المياه، وكأن ساكني الضاحية لا تكفيهم مصائب مياهم، فيزيدها محتكرو الخدمات في أحيائهم صعوبة.

عودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: