مضاعفة رسوم الأمن العام: قرار غير دستوري والطعن آتٍ

عُدلت الرسوم عدة مرات في السنوات السابقة (محمود الطويل)
عُدلت الرسوم عدة مرات في السنوات السابقة (محمود الطويل)


اعتادت المديرية العامة للأمن العام مخالفة الدستور بتعديل رسوم جوازات السفر والإقامة وإجازات العمل وعموم المعاملات المناطة بها. فقد عمدت المديرية إلى تعديل الرسوم، بدءاً من تاريخ 24 حزيران 2023، مستندة إلى المرسوم رقم 11685 الصادر حديثاً.

تعديل المديرية العامة للأمن العام للرسوم ليس الأول من نوعه. فقد سبق أن عدلت الرسوم عدة مرات في السنوات السابقة، لكن المفارقة أن تعديلات الرسوم استندت في العام 2018 إلى المادة 38 من قانون الموازنة العامة، وفي العام 2019 إلى المادة 20 من قانون الموازنة العامة، التي عدّلت المادة 38 من الموازنة السابقة. أما التعديلات اللاحقة فلم تستند إلى قوانين بل إلى مراسيم حكومية مخالفة دستورياً.


قرار الأمن العام مخالف

يجزم قانونيون بأن قرار المديرية العامة للأمن العام بشأن تعديل الرسوم، مخالف دستورياً. إذ أن المادة 81 من الدستور اللبناني واضحة لجهة عدم فرض أي ضريبة أو رسم إلا بموجب قانون. كما أن الرسوم والضرائب الواردة في القوانين النافذة لا يمكن تعديلها إلا بقوانين نافذة وليس بمراسيم أو قرارات. فالحكومة لا يحق لها تعديل أي رسوم منصوص عنها في القانون.

وفي حين يرى مصدر من الأمن العام، أن قرار رفع تكلفة المعاملات لا يوضع في خانة تعديل الرسوم، إنما يُعد نوعاً من العلاوة على بعض التكاليف. وبالتالي، فهو غير مخالف لما ينص عليه الدستور.. يصر قانونيون بأن مخالفة الأمن العام واضحة، ومن الممكن أن يُنسف القرار ويتم تعليق العمل به في حال تقدّم أي متضرر أو مكلّف بالطعن بقرار رفع الرسوم أمام مجلس شورى الدولة.

وكانت المديرية العامة للأمن العام قد أعلمت مؤخراً كافة المواطنين والرعايا العرب والأجانب أنه اعتباراً من تاريخ 24/06/2023 ستستوفى الرسوم عن المعاملات التي تقدّم لدى هذه المديرية وفقاً لأحكام المرسوم رقم 11685 تاريخ 23/06/2023.

ودعت المواطنين للإطلاع على تفاصيل القرار وقيمة الرسوم الجديدة من خلال زيارة موقع المديرية العامة للأمن العام على الإنترنت: general-security.gov.lb أو مراجعة Call Center على الرقم 1717. علماً أن الموقع الإلكترونية المرفق خارج الخدمة.


الطعن بالقرار "محسوم"

وإذ يؤكد أحد محامي منظمة ريفورم، المحامي رفيق غريزي، أن قرار الأمن العام ليس قانونياً ولا دستورياً، يحسم مسألة الطعن به في الأيام القليلة المقبلة. ويقول "سيتم التقدم بطعن أمام مجلس الشورى. فالقرار ضار، وكل مواطن هو صاحب صفة ويمكنه التقدم بطعن أيضاً".

ويوضح غريزي بأن القرار لا يراعي أياً من المعايير القانونية. فالمعيار الأول هو أن لا ضريبة ولا رسم من دون نص قانوني. والمعيار الثاني وهو معيار أساسي يتمثّل بتحديد الرسوم بناء على المعدّل العام للأجور والحد الأدنى للأجر ونسبة غلاء المعيشة "فالرسوم والضرائب حين ترد في الموازنة العامة، يتم تحديدها بناء على الحد الأدنى للأجر وغلاء المعيشة، خصوصاً أن الرسوم والضرائب تقابلها خدمات. وبالتالي، يتم تحديدها بالاستناد إلى معيشة المواطن الفقير ومتوسطي المداخيل وليس الميسورين"، على ما يقول غريزي.


الزيادات عشوائية

وإلى جانب مخالفة قرار رفع رسوم المعاملات في الأمن العام دستورياً، ثمة عشوائية في آلية الزيادات. فالنسبة المئوية التي تم رفع الرسوم على أساسها ليست موحدة بالنسبة إلى كافة الرسوم، وبالتالي هناك بعض الرسوم تمت مضاعفتها 3 إلى 4 مرات في حين أن رسوماً اخرى تمت مضاعفتها أكثر بنحو 50 و60 ضعفاً ومنها 80 ضعفاً.

رسم إجازة بيان أو تصريح مطبوعات على سبيل المثال، تمت مضاعفته 40 ضعفاً، سمة عمل 80 ضعفاً، تصديق صورة عن جواز السفر 50 ضعفاً، جواز سفر لمدة خمس سنوات مع رقم عادي 6 أضعاف، في حين تمت مضاعفة رسم جواز سفر لمدة خمس سنوات مع رقم مميز فئة أولى 3 أضعاف فقط، وهذا يعني أن قرار الزيادة لم يلحظ الفارق بين طالبي الجوازات العادية وطالبي الجوازات بأرقام مميزة، علماً أن الأرقام المميزة تُعد من الخدمات الترفيهية.

ويُضاف إلى ذلك رسم إقامة للعاملات والعمال فقد تم تحديدها بـ12 مليون ليرة، بصرف النظر عما إذا كانت العاملة أولى أو ثانية أو ثالثة، في حين كانت الرسوم السابقة تميّز بين العاملة الأولى والثانية والثالثة بمقدار الضعف. وبذلك لم يميّز الأمن العام بين مشغّل لعاملة واحدة أو اثنتين أو ثلاثة. بالمحصلة قام الأمن العام اللبناني بتعديل رسوم 50 معاملة بشكل عشوائي من دون معايير واضحة لتحديد قيمة تلك الرسوم أو جدواها.

عودة إلى الصفحة الرئيسية



تعليقات: