هل يتحدى تحالف حزب الله - باسيل السعودية ويفرض رئيساً؟

لقاء ثالث بين صفا وباسيل سلّمه في خلاله ورقة مكتوبة بالشروط للتفاوض حولها(المدن)
لقاء ثالث بين صفا وباسيل سلّمه في خلاله ورقة مكتوبة بالشروط للتفاوض حولها(المدن)


هل يمكن لأي حركة داخلية أن تنتج حلاً يجنّب انتظار لبنان نتائج تطورات الوضع في المنطقة؟ يمثل السؤال أحد أوجه المشاكل السياسية المستدامة في البلاد. فسابقاً قيل إنه إذا كان على المرء أن يفهم سياق السياسة الدولية عليه أن ينظر إلى مؤشرات الصراعات اللبنانية وتحولاتها لأنها تمثل انعكاساً إقليمياً ودولياً. وقيل في المقابل، إنه في حال أراد أحد ما فهم ما يجري في الخارج بإمكانه النظر إلى لبنان ومشاكله وصراعاته ليفهم تطورات الوضع العالمي. حالياً، تتجدد المعادلة بشكل افتراضي، انطلاقاً من السؤال المطروح في البداية. وبطرح أوضح، هل يمكن للحوار الدائر بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله أن يؤدي إلى اتفاق على انتخاب رئيس وإنجاز الإستحقاق بمعزل عن تطورات الخارج؟


منطق الأرقام وحسابات السياسة

الجواب على السؤال، من حيث المنطق المبسط ولعبة الأرقام، تجعل الإمكانية قائمة، ولكن هل يمكن تحقيق ذلك سياسياً؟ وهل في حال حصل التوافق بين الطرفين سيكون هناك اتجاه إلى عقد جلسة وانتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية على الرغم من مواقف القوى الدولية والإقليمية المعترضة على هذا المسار؟ تتكفل الأيام بالاجابة على هذا السؤال. ولكن للوصول إليه لا بد من قراءة جملة تطورات، أبرزها تعثر مسار الإتفاق السعودي الإيراني، ووقف مسار التطبيع السعودي مع دمشق، وسط محاولات من جهات إيرانية لم توافق في الأساس على الإتفاق مع السعودية في سبيل التنصل منه، أو تصعيد المواقف والتطورات إنطلاقاً مما يجري في حقل الدرة، وصولاً إلى اعادة تسريب أجواء بأن اتفاق بكين لم يكن مخصصاً لغير فتح السفارات والعلاقات الثنائية، أي لم يكن ليطرح البحث في ملفات المنطقة وارساء التهدئة فيها.


مؤشرات التصعيد

في هذا السياق، جاءت تحذيرات دول الخليج لمواطنيها حول توخي الحذر خلال وجودهم في لبنان، بينما السعودية تفردت بدعوة مواطنيها إلى مغادرته بسرعة، وهو أحد مؤشرات التصعيد السياسي أو ممارسة الضغط. تؤشر السعودية بذلك إلى ثلاث نقاط: الأولى أنها غير معنية بالإنخراط في أي حل في لبنان خارج المواصفات التي تضعها. ثانياً لا يمكن لإيران وحزب الله الإستمرار بنفس السياسة، في حين أن عليها وحدها تقديم التنازلات أو المساعدات. وثالثاً التعبير عن رفض لكل المسار المتبع لبنانياً من قبل الدول المعنية بالبحث عن حلّ، وبالتالي ذلك يطال الوجهة الفرنسية.

امام هذا الواقع، سيكون لبنان بين خيارين. الأول، في حال حصل التوافق بين حزب الله وجبران باسيل على الرئاسة، يتولى الطرفان انتخاب رئيس من دون موافقة سعودية وبالتالي سيتم الضغط على دول أخرى لوقف تقديم المساعدات، ما يعني تكرار تجربة ولاية الرئيس ميشال عون.

أما الخيار الثاني فيتمحور حول تحقيق التوافق الداخلي والبقاء في حالة تجميد للإستحقاق بانتظار حصول تطورات إقليمية ودولية تصب في صالح إنتخاب الرئيس بناء على تسوية خارجية. وفي ذلك لا يعود لبنان هو الحدث، إنما لا بد من قراءة الصورة الإقليمية والدولية لفهم ما يجري على هذه الساحة التي تعود لنقل الرسائل بين قوى متعددة، فيكون الحدث النوعي خارجياً، بينما الإرتداد لبنانياً.


جديد حوار حزب الله-باسيل

على وقع كل هذه التطورات، يستمر الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ، وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن لقاءً ثالثاً عقد بين رئيس التيار جبران باسيل، ورئيس وحدة الإرتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، عمل باسيل في خلاله، على تسليم الحزب ورقة مكتوبة تتضمن كل الشروط والبرامج التي يريد تحقيقها للبحث بإمكانية التوافق حول انتخاب سليمان فرنجية، الذي لا يزال الحزب يتمسك به ويسعى لإقناع باسيل بذلك. تتضمن الورقة مقترح إنشاء الصندوق المالي الإئتماني، ونموذج اللامركزية الموسعة، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى تتعلق بآلية تكوين السلطة والحكومة والمواقع الأساسية، وهي التي تفسرها مصادر متابعة بأنها الضمانات السياسية التي يطالب بها باسيل للحفاظ على موقع قوي داخل بنية النظام في العهد الجديد. يفترض أن يدرس الحزب هذه الورقة، ليعود إلى اللقاء مع باسيل في موعد تقديره الأولي يوم الجمعة المقبل حاملاً الإجابات عليها. طبعاً هو مسار مفتوح يحتاج إلى الإكثار من التفاوض والغوص في التفاصيل، وهو ما يشير إلى حاجته للمزيد من الوقت.

عودة إلى الصفحة الرئيسية

تعليقات: