أحمد حسّان: اَلسِّيرَة اَلنَّقِيَّة لحَبِيب صَادِق ستبقى مَثالاً للجميع


أَهْلاً وَسَهْلاً بِكُمْ فِي اَلْخِيَامِ ، اَلْخِيَامُ اَلَّتِي كَانَتْ أَوَّلَ اَلْحِكَايَةِ في ابجدية اَلرَّاحِلَ اَلْحَبِيبَ اَلصَّادِقَ . هُنَا حَيْثُ عَصْرُ عِنَبِ تَجْرِبَتِهِ وَمُعَانَاتِهِ وَحَمَّلَهَا زَادَا في مشوار العمر.

مَعَ مطلع السبعينيات عندما فَقَدَ اَلْمَنْطِقُ هَدَفَهُ وَمَعْنَاهُ وَدَخَلَ اَلنِّضَالُ اَلْوَطَنِيُّ وَالدَّعْوَةُ إِلَى اَلْعَلَمِ وَالْمَعْرِفَةِ فِي بَابِ اَلْجَرِيمَةِ كَانَ حَبِيبْ صَادِقْ يَتَحَدَّى اَلْوَاقِعُ، يَخُوضُ تَجْرِبَةً مُسْتَحِيلَةً بِوَسَائِلِ اَلْعَقْلِ وَالْمَنْطِقِ والقانون، مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ اَلْعَدَالَةِ وَالْمُسَاوَاةِ فِي وَطَنِ مُحَرِّرِ مِنْ اَلْخَوْفِ وَالظُّلْمِ وَالْفَقْرِ وَالْجَهْلِ وَالِاسْتِعْبَادِ ، اِعْتَنَقَ ثَقَافَةً وَاضِحَةً بِوَجْهٍ سَافِرٍ لَا تَقْبَلُ اَلتَّفْسِيرَ واَلتَّأْوِيلَ وَالْمُسَاوَامة، رَفَضَ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى ثَقَافَةٍ مُزَوَّرَةٍ تَدْعُو إِلَى قَطْعِ يَدِ لِصٍّ وَتَأْمُرُ بِتَقْبِيلِ يَدِ لِصٍّ آخَرَ.

تَعَلَّمْنَا مِنْ حَبِيبْ صَادِقْ أَنَّ اَلْعِلْمَ وَالْمَعْرِفَةَ عِبَادَةً وَأَنَّ اَلسِّيَاسَةَ فِقْهَ اَلْعَدَالَةِ وَثَمَرَةُ اَلْقِرَاءَةِ اَلصَّحِيحَةِ لِلتَّارِيخِ وَوَاقِعِ اَلنَّاسِ ، تَعَلَّمْنَا مِنْهُ أَنَّ اَلْمُشَارَكَةَ ثَقَافَةَ وَانْ اَلْحُرِّيَّةِ ثَقَافَةَ وَالدِّيمُقْرَاطِيَّةُ ثَقَافَةً.

تَعَلَّمْنَا مِنْهُ أَنَّ لَا نَخَافُ مِنْ حُرِّيَّةِ اَلرَّأْيِ وَمِنْ اَلِاخْتِلَافِ وَمِنْ اَلْحِوَارِ وَالْأَفْكَارِ.

تَعَلَّمْنَا مِنْهُ أَنَّ اَلْخِدْمَاتِ اَلْعَامَّةَ حَق دُسْتُورِيٍّ لِلْمُوَاطِنِ وَلَيْسَتْ فُرْصَةً نَصْطَادهَا بِالتَّسَوُّلِ وَالرَّشْوَةِ وَالِاسْتِزْلَامِ . كَانَ اَلرَّاحِلُ جَرْحُ اَلتُّرَابِ وَأَنَّةِ اَلْعُشْبِ ، كَانَ يَغْسِلُ اَلْمَاءُ بِالْكَلِمَةِ لِيُزْرَع اَلْحِكْمَة وَيَفْتَحُ نَوَافِذَ اَلضَّوْءِ . إِنَّ اَلْخَطَأَ اَلَّذِي اِرْتَكَبَهُ اَلرَّاحِلُ اَلْكَبِيرُ أَنَّهُ خَلْعُ بَابِ اَلصَّمْتِ وَتَجَرَّأَ عَلَى اَقِطَاعِ رَفَضَ اَلِاسْتِمَاعُ إِلَى صَوْتِ اَلنَّاسِ.

كَانَ اَلْفَقِيدُ مُتَمَرِّدًا عَلَى وَاقِعِهِ إِنَّمَا مُتَصَالِحا وَمتَمَاهِيًا مَعَ بِيئَتِهِ، البيئة اَلَّتِي صَهَرَتْهَا اَلْمُعَانَاةُ وَاَلَّتِي كَانَتْ تَبْحَثُ عَنْ نَفْسِهَا فِي مَجَالِسِ اَلْفِقْهِ وَالشِّعْرِ وَالْأَدَبِ وَالثَّوْرَةِ عَلَى اَلظُّلْمِ. هَذَا اَلتُّرَاثِ اَلثَّقَافِيِّ وَالِاجْتِمَاعِيِّ بِاخْتِلَافَاتِهِ وَتَنَازَعَ اَلْأَفْكَارَ وَالْأَحْلَامَ هُوَ مَا كَانَ اَلرَّاحِلُ يَعْمَلُ عَلَى حِمَايَتِهِ وَحِفْظِهِ وَلِهَذَا كَانَ هُوَ وَالْمَجْلِسُ اَلثَّقَافِيُّ لِلُبْنَان اَلْجَنُوبِيِّ تَوْأَمَانِ فِي هَذِهِ اَلْمُهِمَّةِ اَلصَّعْبَةِ وَيَبْقَى اَلشَّاهِدُ عَلَى ذَلِكَ مَكْتَبَةَ إِصْدَارَاتِ اَلْمَجْلِسِ اَلَّتِي تَرَكَهَا أَمَانَةً لِلْأَجْيَالِ اَلْقَادِمَةِ .

ستبقى اَلسِّيرَةُ اَلنَّقِيَّةُ وَالتَّجْرِبَةُ اَلْغَنِيَّةُ لِلْفَقِيدِ مَثالا لأَصْدِقَائِهِ وَمحبيهِ رحمه الله

* كلمة ألقيت في المهرجان الوطني الثقافي في الخيام تحية إلى الأديب الأستاذ حبيب صادق


* بالفيديو، كلمة معالي الوزير الدكتور كرم كرم التي ألقيت في هذه المناسبة:


تعليقات: