قوى الأمن الداخلي نفّذت حملة أمنية لقمع المخالفات في الضاحية الجنوبية

... من الحملة الأمنية
... من الحملة الأمنية


ترحيب من "حزب الله": لا مكان محظراً على الدولة وعملها..

قرب ساحة المريجة وتحديداً قبالة المخفر، يتجمع عدد من اصحاب المحال التجارية. انه مشهد غير مألوف في الضاحية الجنوبية لبيروت. او على الأقل لم يعتد الاهالي رؤية دوريات وحواجز للقوى الامنية منذ اعوام. عناصر من قوى الأمن الداخلي منتشرة في المكان. والضابط يتابع التدقيق في لوائح يحملها، ويقارنها مع اوراق ثبوتية لعدد من السائقين والمواطنين، على بعد امتار ركنت شاحنة لهذه القوة وفي داخلها عدد من الموقوفين. انها الضاحية الجنوبية... في كنف الدولة.

حملة امنية في الضاحية الجنوبية بحثاً عن المطلوبين والمزورين والمخالفين. الحملة بدأت أواخر الشهر الفائت واستمرت شهراً عملاً بتوجيهات وزير الداخلية والبلديات المحامي زياد بارود. إذاً الضاحية الجنوبية بمربعاتها الامنية اضحت جهاراً نهاراً في كنف الدولة. العبارة التي رفضها وزراء "حزب الله" والمعارضة في البيان الوزاري، وقبلوا بها بسحر ساحر داخل ملعبهم. لا محرمات بعد اليوم أمام القوى الأمنية، خصوصاً وان البلديات وفعاليات الضاحية طلبت تطبيق القانون. ومن جهتها لم تتوان القوى الامنية عن حفظ النظام، ونفذت حملة امنية استمرت 30 يوماً، وهي تواصل عملها، اي استمرار الحملات الامنية تبعاً للحاجة. علماً ان لدى اهالي الضاحية، وتحديداً جمهور المقاومة، حساسية مفرطة من البزّات المرقطة وبنادق الـM-16، وخصوصاً بعد حادثة الرمل العالي في تشرين الأول من العام نفسه، وايضاً بعد حوادث مار مخايل في 28 كانون الثاني الفائت... الخ.

لكن هذه الحساسية المفرطة تزول امام حاجة جميع ابناء الضاحية لبسط سلطة الأمن والقانون بعدما تمادت قلة من الخارجين على القانون في تجاوزاتها، بدءاً من قيادة السيارات والڤانات بشكل يرعب الاطفال، وصولاً الى استعمال اللوحات العمومية المزورة، وبالتالي حرمان اصحاب اللوحات الحقيقية مصدر رزقهم الوحيد. عدا عن لجوء عدد من المطلوبين الى الضاحية وافادتهم من التوترات والانقسامات السياسية الحادة التي عصفت بالبلاد منذ 11 تشرين الثاني 2006 وحتى توقيع اتفاق الدوحة في أيار الفائت.

ارتياح الأهالي

علي مرتضى (25 عاماً) رحب بما تقوم به القوى الأمنية، لأن الدولة لا يمكن ان تظلم الناس ويوضح "في حاجة الى قمع المخالفين ووضع حد للتجاوزات التي يرتكبها بعض الشباب، وللأسف يتلطى بعض هؤلاء بعبارة "حزب الله" والحزب منهم براء، لأن الحزب لا يغطي المجرمين والسارقين". يضيف مشيداً بالقوى الامنية "انتم (القوى الأمنية) اخوتنا وابناء بلدنا، وان حصلت بعض الصدامات في السابق وسقط عدد من الأبرياء في الرمل العالي وحي السلم وعلى طريق المطار وقرب كنيسة مار مخايل، لكن اليوم هناك صفحة جديدة ويجب نسيان الماضي ونحن نشعر بالطمأنينة لما تقوم به القوى الأمنية".

أما جاره محمد مراد، فيشن حملة على ما تقوم به قوى الأمن الداخلي ولكنه يثني على قرارات وزير الداخلية الجديد "انه شاب مفعم بالنشاط ونتمنى له التوفيق، وما نشهده اليوم هو بداية موفقة لا بدّ ان تتكلل بالنجاح، وأيضاً حملة توعية السائقين على قوانين السير جيدة، وخصوصاً ان عشرات الضحايا تسقط على الطرقات بسبب عدم احترام السائقين قوانين السير".

هذه عينة من آراء المواطنين في ما تقوم به القوى الأمنية في الضاحية الجنوبية، التي اصبحت تعرف بالدولة الثانية لـ"حزب الله". لكن ما بدأته القوى الأمنية في أواخر آب مؤشر الى ان لا سلطة غير سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية.

الضاحية: حكاية الذاكرة الدموية

في سجل الصدامات بين اهالي الضاحية والقوى الامنية في ربع القرن الأخير عشرات الضحايا. وعلى سبيل الذكر لا الحصر سقط على طريق المطار في 13 ايلول 1993 عشر ضحايا وعشرات الجرحى من انصار "حزب الله" خلال تفريق القوى الامنية تظاهرة منددة باتفاق أوسلو، وفي حي السلم في العام 2004 سقط 5 قتلى، وفي الرمل العالي قتيلان. وآخر المواجهات كانت في كانون الثاني الفائت عندما سقط 8 ضحايا خلال الاحتجاجات على قطع الكهرباء في الشياح.

هذه الحوادث تركت آثاراً سلبية على علاقة اهالي الضاحية مع القوى الأمنية، ولذلك اضحى اي عمل أمني غير مرحّب به من جمهور "حزب الله" وحركة "أمل" وحلفائهما في الضاحية.

وكان لافتاً الاشكال الأمني الأخير بين القوى الامنية وشباب في الطريق الجديدة، وما رافقه من اطلاق الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع على الشباب، إلا ان الحادثة تركت تساؤلات عند اهالي الضاحية، وخصوصاً ذوي ضحايا الصدامات مع القوى الأمنية، ورسموا سؤالاً مفاده: لماذا لم تستعمل القوى الأمنية الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع في الرمل العالي وحي السلم ومار مخايل وطريق المطار؟! لماذا هناك صيف وشتاء تحت سقف واحد! إلا ان الطرف الآخر يحمل في جعبته جملة من الانتقادات والعتب على اداء القوى الأمنية خلال حوادث 7 و8 أيار الفائت، ولا يزال نواب "تيار المستقبل" يوجهون الانتقادات الى المؤسسات الامنية وعلى رأسها الجيش حول أدائه في تلك الحوادث مما عزز عتب نواب "المستقبل" وحلفائهم على اداء الجيش خلال مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة قبل اسابيع. وفي مطلق الاحوال يجمع اهالي الضاحية على تجاوز الماضي وبالتالي يتعاطون مع القوى الأمنية كما يجب التعاطي معها، اي أن لا سلطة تعلو سلطة الدولة.

ترحيب من السائقين العموميين

للسائقين العموميين نظرة اخرى الى ما تقوم به القوى الأمنية. فهؤلاء اول المتضررين من ظاهرة اللوحات المزورة. وكان رئيس نقابة السائقين العموميين عبد الأمير نجدة اكثر المطالبين بمكافحة هذه الظاهرة، وفي مناسبة كل اضراب او تحرّك نقابي كان يذكّر وزارة الداخلية بضرورة وضع حد لهذه الظاهرة "رأفة بالسائقين، لأن ثمن اللوحة العمومية كان يتجاوز الـ15 مليون ليرة لبنانية. وكان من يستعمل اللوحات المزورة يحرم اصحاب اللوحات الشرعية الانتفاع من لوحاتهم".

"حزب الله" يبارك الإجراءات الأمنية

"حزب الله" يبدي ترحيباً بما تقوم به القوى الأمنية في الضاحية الجنوبية، ويشدّد عضو "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب علي عمار على ان تحترم القوى الأمنية القوانين وتقوم بواجباتها على أكمل وجه في اي منطقة من مناطق الضاحية الجنوبية ويوضح "لقد طالبنا مراراً القوى الأمنية بوضع حد للمخالفات وتوقيف الخارجين على القانون، ونحن نرحب بما تقوم به في الضاحية. وليس هناك اي مكان محظر على وجود القوى الأمنية وعملها. اجزم ان الضاحية الجنوبية هي المنطقة الوحيدة اليوم الخالية من المربعات الامنية وسط انتشار هذه المربعات في المناطق الأخرى".

ولا يغوص عمار في تفاصيل ما جرى في الطريق الجديدة من اشكال بين الجيش والاهالي وجرح 3 عناصر من الجيش.

من جهته يشدّد عضو "كتلة المستقبل" النائب عمار حوري على الاجراءات التي تقوم بها القوى الأمنية (قوى الأمن الداخلي والجيش) من أجل ضبط الامن وفرض سلطة القانون بعيداً عن اي استثناء او اي افراط في استعمال القوة ويضيف "نرحب بفرض القانون في كل المناطق، ولا نرحب بأي تجاوز استنسابي في اي منطقة من لبنان".

أما عن حادثة الطريق الجديدة فيقول "لم نكن نرفض تطبيق القانون، بل نحتج على الاستعمال المفرط للقوة في الطريق الجديدة والضاحية الجنوبية واي منطقة اخرى. فهذا الأمر لا مبرر له، ولا بدّ من استعمال درجات القوة والحزم نفسها في كل لبنان".

تعليقات: