توتال تستأنف الحفر.. وعصام خليفة: إسرائيل تسرق غاز قانا

الأستاذ الجامعي والنقابي عصام خليفة قدّم وثائق تثبت حدود لبنان البحرية عند الخط 29 وليس الخط 23 (علي علوش)
الأستاذ الجامعي والنقابي عصام خليفة قدّم وثائق تثبت حدود لبنان البحرية عند الخط 29 وليس الخط 23 (علي علوش)


استأنفت شركة توتال عملها في البئر الثاني ضمن حقل قانا، بعد اختيار موقع مغاير لموقع البئر الأول. وكما وقف الحفر، أتى الإعلان بشكل غير رسمي من الشركة. ولمزيد من الغموض، تقول المعلومات المتداوَلة أن وقف الحفر الذي تمّ قبل نحو يومين، حصل بناءً على "معلومات مغلوطة" (راجع المدن).

توالت المعلومات لتشير إلى أن وزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول، طلبتا من توتال "أخذ بعض العيّنات من داخل البئر الثاني، لتحليلها، من دون استكمال عمليات الحفر". ثم معلومات أخرى تبيِّن أن وقف الحفر "لم يحصل نتيجة أي خطأ في المعلومات، بل لأسباب سيتم الإعلان عنها في مؤتمر صحافي الأسبوع المقبل".

ومع أن علامات استفهام كثيرة ارتبطت بعملية الحفر، بدءاً من ذريعة الاصطدام بصخرة، لتغيير الموقع بصورة سريعة، وصولاً إلى أخذ عيّنات من البئر، مروراً بالوقف المفاجىء للحفر قبل الوصول إلى العمق المطلوب والإعلان عن عدم وجود الغاز.. تؤجِّل الشركة ووزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول، الإفصاح العلني عن المعلومات المرتبطة بالحفر. وهذ ما جعل الأستاذ الجامعي والنقابي عصام خليفة، يميل إلى الحسم بوجود قرار سياسي بـ"خيانة حقوق الوطن".


الاستخفاف بعقولنا

ليس توقُّف الحفر واستئنافه أو سحب عيِّنات وانتظار نتائج تحليلها، ولا التخبُّط في إعلان المواقف وكتمان التفاصيل المتعلّقة بالحفر.. وغيرها، هو ما يقلق خليفة الذي يقود "جبهة الدفاع عن الخط 29". فبالنسبة إليه "أساس المشكلة يبدأ من التنازل عن الحدود البحرية وعدم ترسيمها على الخط 29 واعتماد الخط 23". ووفق ما يقوله لـ"المدن": لم يأتِ ذلك صدفة بل لأن هناك "عصابة رأت بأن هناك ثروة في البحر تريد وضع يدها عليها".

اللجوء إلى التعمية عن حقيقة ما يجري في حقل قانا، يصبّ في خانة تسهيل الاستيلاء على الغاز الكامن تحت البحر، وإن قالت توتال بعدم وجود الغاز صراحة أو إيماءً أو على سبيل الشائعات لتبرير وقف العمل. أما الذرائع التي تأتي على الهوامش لتبرير أي إجراءات تدعم عدم استكمال التنقيب وصولاً للاستخراج، فهي بنظر خليفة "استخفاف بعقولنا"، من ذريعة الصخرة إلى وجود الماء فقط. (راجع المدن).

ومع أن خليفة على يقين تام بوجود تواطؤ رسمي لبناني، إلاّ أنه يترك مساحة للجهات اللبنانية المعنية بملف التنقيب، لكشف الحقيقة، بدءاً من "الإفراج عن الخرائط والإحداثيات التي اعتمدت عليها وزارة الطاقة لتلزيم الحفر في البلوكات". وبالاستناد إلى قانون حق الوصول للمعلومات، يطالب خليفة وزير الطاقة وليد فيّاض بـ"الكشف عن الأوراق والخرائط والمعلومات التي تعمل توتال وفقها. كما أن على توتال أن تفرج عن تقرير مفصَّل يبيِّن حقيقة عملية الحفر والنتائج التي وصلت إليها".

لا ينتظر خليفة نتائج مبشِّرة من توتال والوزارة والهيئة. فحتّى القضاء اللبناني لا ينصر المطالبين بكشف الحقائق. ويذكِّر خليفة بالدعوى القضائية التي رفعت ضد التنازل عن الخط 29 "ولم يرفضها القضاء لكن لم يبتّ بها".


إسرائيل تسرق من حقل قانا

إذا كانت وزارة الطاقة لا تجرؤ على كشف التفاصيل، ولا تستطيع الضغط على توتال لكشف تقاريرها، فهي حكماً لا تستطيع الاعتراف بأن "إسرائيل تسرق غاز حقل قانا منذ العام 2020. ولدينا خرائط ومعلومات تؤكّد ذلك"، يقول خليفة.

التكتّم الرسمي يصبّ في صالح توتال وإسرائيل. فبينهما مشاريع كبيرة جداً "بين لبنان وقبرص وإسرائيل. وبالتنازل عن الخط 29 والسكوت عمّا يحصل في عملية الحفر، فإن الحكّام في لبنان يسيرون على خطٍّ موازٍ مع إسرائيل في التفريط بثرواتنا". والتكتُّم يسمح لإسرائيل باستكمال سحب الغاز من حقل قانا "فهذا الحقل يقع على خطٍ واحد مع حقل كاريش".

ثبوت السرقة بنظر خليفة، واستخفاف وزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول وشركة توتال بعقول اللبنانيين، دعا خليفة وجبهة الدفاع عن الخط 29 إلى المطالبة بـ"وقف اتفاق ترسيم الحدود". وسألوا في بيان للجبهة "ألا يجب وقف العمل بالاتفاق الذي وقعوه مع إسرائيل؟ ولماذا لا نمنع الشركات الأجنبية أن تعمل في حقلي كاريش وقانا؟". وحول مَن أبرم صفقة الترسيم، لفتت الجبهة النظر إلى أن "الحقيقة، أنهم وُعِدوا بالحفاظ على أموالهم في الخارج من دون المساس بها. كما وعدوا بتذويب العقوبات السابقة وإلغاء العقوبات اللاحقة مقابل خيانة حقوق الوطن".


ما يجري اليوم هو حلقة طبيعية من مسلسل غموض التنقيب عن الغاز في البحر. ويزداد اليقين بوجود تخاذل رسمي لبنان، بفعل القفز فوق إشكالية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص، فالترسيم شابته عوائق واختلاف وجهات النظر بالإحدائيات التي تفصل الحدود بين البلدين، ولذلك، فإن الترسيم بين لبنان والعدو الإسرائيلي، انطلق من نقاط حدودية غير صحيحة، وهذا يستدعي حصول أخطاء في رسم حدود الرقعات وتحديد أماكن الحفر وغير ذلك. وكما الأسئلة السابقة، لا إجابة لوزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول.

تعليقات: