الحرب طبق السكان اليومي: حال جنوب الليطاني ليس كشماله

في القرى الجنوبية القريبة من الحدود تتفاوت نسبة من رحل ومن بقي (علي علوش)
في القرى الجنوبية القريبة من الحدود تتفاوت نسبة من رحل ومن بقي (علي علوش)


منذ السابع من تشرين الأول الجاري تحوّلت سهرات الجنوبيين إلى جلسات "استراتيجية" تُفتح فيها نقاشات حول ما يجري في غزة وعملية حركة حماس التاريخية، ودور المقاومة في لبنان ومدى إمكانية اندلاع الحرب على الحدود الجنوبية، بعد أن باشر حزب الله بأولى عملياته لضرب المواقع الاسرائيلية في مزارع شبعا.


ترقب.. وموسم زيتون

لا صوت يعلو فوق صوت الحرب في الجنوب. فالكل يعيش حالة ترقّب، ويخطط لما قد يحصل بحال اندلعت الحرب. البعض أعدّ خطة النزوح لإجلاء عائلته وأولاده بحال توسعت الحرب، والبعض الآخر لا ينوي ترك مكانه، وهم كثر هذه المرة، لأسباب إيمانية أحياناً، ولاعتقاد سائد لدى كثير من أهل الجنوب، تحديداً قرى شمال نهر الليطاني، بأن الجنوب في هذه الحرب سيكون أكثر أماناً مما كان عليه الحال في حرب تموز عام 2006.

نقاش يومي في طبيعة ما يجري، وتوقعات حول مدى جهوزية المقاومة وما تختزنه من مفاجآت، وحديث عما بعد الحرب بحال وقعت. في قرى إقليم التفاح تُسمع أصوات الحرب على الحدود من دون أن تُرى. ومؤخراً، خلال الليل تحديداً، كانت تقترب الأصوات عندما تعترض المقاومة المسيرات الإسرائيلية بالمضادات الأرضية، لكن ذلك لم يمنع أبناء هذه القرى من متابعة حياتهم، واللحاق بموسم قطاف الزيتون. فحسب علي "لا يجوز ترك الموسم. وأقل الواجب قطف الزيتون. فما يجري اليوم سبق أن عشناه كل يوم قبل التحرير عام 2000". وحال علي كحال الكثير من أبناء هذه القرى الذين باشروا قطاف الزيتون بعد الشتوة الأولى الأسبوع الماضي.

مدارس هذه المناطق لا تزال مفتوحة، وبعضها -حسب معلومات "المدن"- قرر اللجوء إلى التعليم عن بُعد، كمدرسة الرحمة التابعة لمؤسسة المبرات. والسبب هو "طلب الأهل" الذين لا يريدون الاضطرار لجلب أطفالهم على عجل بحال حصول أي تطورات، كما تُشير المعلومات إلى وجود توقعات من مدراء مدارس في هذه المناطق بأن يتوقف التعليم قريباً جداً، لأن المدارس غير مجهزة لعمليات إخلاء، أو للتعامل مع حالات الطوارىء.


جنوب الليطاني.. وذكريات 2006

من شرفة منزلها في برعشيت، جنوب نهر الليطاني، خلال "شطف" المنزل، تصوّر فاديا مكان سقوط إحدى القذائف الاسرائيلية في بلدة ميس الجبل، وتقول عبر "المدن" ساخرة: "بحال حصلت الحرب فليكن المنزل نظيفاً". حسب فاديا، فإنها وأهلها لا ينوون مغادرة المنزل ولو توسعت رقعة المعارك، لأن والدها الذي لا يزال يشعر بمرارة النزوح عام 2006 لا يُريد تكرار التجربة. ففي المنطقة التي نزحوا إليها عام 2006 كانوا يشترون ربطة الخبز بـ50 ألف ليرة، وهو اليوم يقول بأنه في بلدته سيكون قادراً على تأمين الطعام لعائلته، وإذا خرج سيتعرض للذل من قبل الناس التي تستغل هذه الأزمة لإشباع جشعها.

في حرب تموز كان والد فاديا يزور قريته بشكل دائم لإطعام كلاب الصيد، وفي الحرب المقبلة لا يُريد الخروج، رغم أن بعض سكان البلدة، حسب فاديا، قصدوا أقرباءهم في بيروت، أما من يملك مصلحة وعملاً فلن يخرج.

في القرى الجنوبية القريبة من الحدود تتفاوت نسبة من رحل ومن بقي، ففي بنت جبيل خفّت الحركة إلى الحدود الدنيا، بينما في الطيبة لا تزال الحياة شبه طبيعية والمحال التجارية تعمل وكأن حرباً لم تكن. وفي بعض القرى، وتحديداً المنازل التي تقع على الأطراف، وحسب معلومات "المدن"، فقد طلب حزب الله من ساكنيها تركها، لأن الصمود على أهميته، قد لا ينفع المقاومة في بعض المناطق، حيث الإخلاء يسهل العمليات الهجومية والدفاعية، ومن ترك منزله في هذه الأماكن، ترك رسائل معبرة للمقاومين، تطلب منهم عدم التردد في استعمال المنزل ومحتوياته عند الحاجة.


التعليم جنوب النهر لا يزال معلقاً بقرار من وزير التربية. ووفق المعلومات، فإن الوزير ليس بصدد التراجع عن قرار الإقفال قبل انتهاء الأحداث بشكل كامل، لأنه غير قادر على تحمل هذه المسؤولية. علماً أن أهالي الطلاب الذين لا يزالون في قراهم، لن يُرسلوا أبناءهم إلى المدارس في ظروف كهذه. وهذا ما يعني أن العام الدراسي الحالي لن يكون أسهل من الذي سبقه.

تعليقات: