النازحون السوريون في الجنوب.. ما مصيرهم في حال اندلاع الحرب؟

نازحون سوريون أمام السفارة السورية في لبنان
نازحون سوريون أمام السفارة السورية في لبنان


بدأ المراقبون يرصدون حركة نزوح جدّية من مناطق جنوب لبنان باتجاه مناطق أخرى ليست ضمن بنك أهداف #إسرائيل، تحسّباً لتطوّر الاشتباك جنوباً واتساع رقعة الحرب بين "#حزب الله" والجيش الإسرائيلي، إذ أفيد عن استئجار العديد من العائلات شققاً سكنية في مناطق جبليّة وساحليّة عدّة خارج #الجنوب.

لكن المشهد، في حال اندلعت الحرب، لن يكون مشابهاً لمشهد العام 2006، لأنّ من المرتقب أن تكون أعداد النازحين أضعافاً كثيرة، وذلك لسببين: الأول وجود النازحين السوريين اليوم بكثافة، والثاني الحرب في سوريا وعدم قدرة النازحين الجنوبيين على التوجّه نحو المناطق السورية كما كانت الحال حينها.

في هذا السياق، تتجه الأنظار نحو النزوح السوري، خصوصاً أنّه سيُشكّل تحدّياً للحكومة اللبنانية والمجتمع على حدٍّ سواء، وذلك لسببين:

بالنسبة إلى #الحكومة، فإنّ المؤسّسات الرسمية لن تكون قادرة على تقديم الخدمات لأعداد كبيرة من النازحين في ظل الأزمة الاقتصادية الحاصلة، ومراكز الإيواء لن تكون كافية للّبنانيين والسوريين على حدٍّ سواء، ثمّ إن المستلزمات الأساسية كالغذاء والمحروقات قد لا تكون كافية أيضاًَ.

أما على صعيد المجتمع، فإن النزوح السوري ليس مشابهاً لنزوح أهالي الجنوب. فاللبنانيون قد يكونون قادرين على استئجار المنازل، ونزوحهم موقت، وسيعودون إلى مناطقهم عند استقرار الوضع، فيما أحوال النازحين السوريين قد لا تسمح بالتوجّه نحو خيار الاستئجار، فضلاً عن أنهم قد لا يرغبون في العودة إلى مساكنهم القديمة إن توفّرت فرص عمل أفضل من تلك الموجودة في الجنوب.

على الصعيد الرسمي، أنجزت الحكومة قسماً كبيراً من خطّة الطوارئ لتطبيقها إن تطوّرت الأوضاع جنوباً بشكل أوسع ممّا هي عليه اليوم واندلعت الحرب الحقيقية بين "حزب الله" وإسرائيل، أكان لجهة المواقع التي ستستقبل النازحين أو المستشفيات والمراكز الصحية التي ستعمل في مجال الإغاثة.

فهل أخذت الحكومة بعين الاعتبار أعداد النازحين غير اللبنانيين؟ وهل تكفي الأماكن المخصّصة لاستقبال اللبنانيين والسوريين؟

وزير الشباب والرياضة جورج كلّاس يُشير إلى أن الخطة معنية بشكل أساسي بنزوح اللبنانيين، خصوصاً أن لا معلومات تفصيلية "Data" عن الموجودين غير اللبنانيين في الجنوب، وإن كان عدد النازحين السوريين في المناطق الحدودية الجنوبية يُقدّر بـ80 ألف شخص تقريباً.

ويلفت في حديث لـ"النهار" إلى أن "الخطة تلحظ تأمين مراكز إيواء موقّت للنازحين الجنوبيين في المدارس الرسمية والمؤسسات الحكومية بشكل أساسي، وتأمين المحروقات والرعاية الصحية"، موضحاً بأن "الـData التي يُعمل وفقها هي أرقام اللبنانيين فقط".

لكن كلّاس يؤكّد أن الشق الإنساني لن يغيب عن تطبيق الخطة، ولن تتم التفرقة بين جنسيات النازحين، ولو أن التركيز على اللبنانيين. لكن حتى الآن ما من تصوّر واضح حول كيفية التعاطي مع غير اللبنانيين؛ ولهذا السبب، يسأل كلّاس: "هل تمتلك المنظمات الدولية أرقاماً لجهة النازحين السوريين؟ وهل من خطوات ستتخذها هذه المنظمات؟"، مبدياً خشيته من "ترانسفير داخليّ".

ويُشدّد كلاس على أنّ أيّ خطّة طوارئ للنزوح تستوجب وضع خطّة صمود، في الوقت الذي يحيّي "الصمود المقدّر للّبنانيين في الجنوب".

من جهته، يُشير وزير البيئة ناصر ياسين، وهو منسّق خطة الطوارئ، إلى أن الخطة تلحظ نزوح أشخاص غير لبنانيين. لكن المسؤولية المباشرة عن هؤلاء النازحين تقع على عاتق المنظمات الدولية. وفي هذا السياق، يقول لـ"النهار": "نناقش تنظيم المساعدة لهم عبر المنظمات الأممية المختصّة بهم:

"الأونروا" وضعت 16 مدرسة للفلسطينين كمراكز إيواء.

مفوضية اللاجئين "UNHCR" تعمل على خطة استجابة لحاجات النازحين السوريين".

في الإطار، تُشير المتحدثة الرسمية باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان (UNHCR) ليزا أبو خالد إلى أن المفوضية تقوم حالياً بدعم النازحين في جنوب لبنان بعدّة الإغاثة الأساسية، بما في ذلك فرش المنامة والبطانيات الشتوية. وقد تم وضع خطط الطوارئ الخاصة بالمفوضية، وهي مستعدّة لدعم احتياجات النازحين".

وعن الأرقام، تلفت أبو خالد إلى أن العدد الإجمالي للنازحين داخلياً في جميع أنحاء لبنان 21,118، بحسب الـIOM (منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة). وهذا الرقم تمّ تسجيله اعتباراً من 23 تشرين الأول 2023، كما سجّلت مفوضية اللاجئين حركة نزوح على نطاق صغير لعائلات لبنانية ولاجئة من الجنوب إلى الشمال ومنطقة جبل لبنان وسهل البقاع".

أما بالنسبة إلى اللاجئين السوريين في الجنوب، فتقول أبو خالد إنّ "هناك 59,159 لاجئاً سورياً تقريباً في الجنوب مسجّلين لدى المفوضية، والمفوضية وضعت خطط الطوارئ الخاصّة بها، وهي مستعدّة لدعم احتياجات النازحين. وتشمل خطط الطوارئ أوضاع اللاجئين الذين يعيشون في المناطق الحضرية وفي تجمّعات الخيم".

وحسب أبو خالد، "تدعم المفوضية أيضاً إعادة تأهيل ملاجئ جماعية محدّدة للعائلات النازحة (معظمها لبنانية)، وإضافة إلى ذلك، يقدّم شريك المفوضية أيضاً الدعم النفسي والاجتماعي عبر الإنترنت للاجئين اللبنانيين والسوريين المعنيين".

في المحصلة، فإن النزوح السوري سوف يُشكّل تحدياً للسلطات اللبنانية والمنظمات الدولية على حدٍ سواء، خصوصاً أن الموارد متواضعة مقارنةً بالاحتياجات. وفي ظل غياب الدعم الدولي للبنان، فإن نزوح أهالي الجنوب والسوريين قد يكون مأساة جديدة تُضاف إلى مآسي الحرب، إن وقعت.

تعليقات: