زيتون الجنوب: «بالرزق ولا بصحابو»


تزامن انطلاق موسم قطاف الزيتون في القرى والبلدات الحدودية مع بدء العدوان الإسرائيلي. القصف الذي طال أطراف كثير من البلدات حال بين كثيرين وبين قطاف محاصيلهم، لم يخفّف من خسارة المزارعين، ولكن الموسم لم يكن جيداً هذا العام.

عند مدخل بلدة دير ميماس المشهورة بحقول الزيتون الشاسعة، يغلب صوت المعاصر على صوت الغارات التي تقصف تلال العزية والعويضة وتل النحاس المشرفة على البلدة. في العادة، في مثل هذا الوقت من السنة، يدبّ النشاط في البلدة التي تتكتل بيوتها القليلة وسط مئات الدونمات من الأراضي المزروعة بالزيتون. معظم أبنائها الذين يُعدّون ثمانية آلاف نسمة، يضربون موعداً معها بين أيلول ونهاية تشرين الثاني، لجني أرزاق الآباء والأجداد. عند بدء العدوان، آثر بعضهم «ترك الرزق على إمو» خشية على عائلاتهم وعمالهم، لأن «بالرزق ولا بصحابو». في إحدى المعاصر، يتوافد من جنوا أرزاقهم على عجَل لرصّ الزيتون وعصره قبل تطور الأوضاع إلى الأسوأ.

كريم كنعان يملك في محلة هورة، الواقعة بين دير ميماس وكفركلا، حوالى 200 دونم تنتج حوالى 500 تنكة زيت. مع العدوان الذي تزامن مع بدء القطاف، سحب عماله حتى لا يعرّضهم للخطر. «لو كان الموسم محرز، لكان كثرٌ قد غامروا تحت القصف لجني أرزاقهم» قال أحد أصحاب المعاصر، لافتاً إلى أن حجم العمل اليومي من الرص والعصر لا يتجاوز 15 في المئة بالمقارنة مع الموسم الماضي، بسبب العدوان ونزوح كثير من العمال وارتفاع أجور من بقي منهم، ناهيك أن «الموسم هذا العام ضُرب عندما هبّت رياحٌ قوية الربيع الماضي».


حجم العمل اليومي من الرص والعصر لا يتجاوز 15% مقارنة مع الموسم الماضي

اعتاد فؤاد حداد، الذي يعيش في اليابان، الإقامة بين برج الملوك ودير ميماس، في الموسم، للإشراف على قطاف الزيتون وعصره. والدة حداد البيروتي، ابن الـ 73 عاماً، من كفركلا. منذ 13 عاماً، بدأ بتصدير زيت كفركلا وجوارها إلى اليابان حيث حاز علامة مسجلة ولديه خمسة آلاف زبون يشترون زيت المنطقة. هذا العام، لن يستطيع تلبية طلبات سوى 20 بالمئة من الزبائن وبكميات قليلة.

روز بشارة بيريني، ابنة دير ميماس، أطلقت عام 2020 علامتها التجارية الخاصة بزيت بلدتها. تصدّر إنتاجها إلى 14 دولة في العالم، وهي فازت بجائزة أفضل زيت في العالم من مسابقة متخصصة أُجريت نهاية العام الماضي في نيويورك. «هذا الموسم، لن ألبّي طلبات سوى ثلاثة بلدان وبكميات قليلة جداً»، مشيرة إلى أنها حتى بدء العدوان الإسرائيلي، كانت قد قطفت كميات قليلة قبل أن تنقطع كلياً عن القطاف لاحقاً وتنزح عن البلدة.

تعليقات: