دول تلوح بالانسحاب من اليونيفيل


على وقع التطورات، التي فرضتها حرب غزة، عادت المصطلحات الخاصة بتنفيذ أو تعديل القرار 1701 الذي أنهى حرب 2006، إلى التداول السياسي، كإحدى الوسائل للعودة إلى الهدوء على الحدود اللبنانية الجنوبية وضمان أمن اسرائيل، بعد المواجهات العسكرية مع حزب الله التي أجبرت آلاف الإسرائيليين على مغادرة مستوطنات الشمال.

وبعد أن استهلك إلى حد بعيد الحديث عن كل ما يتعلق بالقرار 1701 بما في ذلك احتمالات إدراجه ضمن الفصل السابع، تسلل إلى الخطاب السياسي والإعلامي مصطلح «المنطقة العازلة»، وهو «قديم جديد» اجتاحت إسرائيل لبنان مرتين تحت يافطته، المرة الأولى في العام 1978 لمنع العمليات العسكرية الفلسطينية المسلحة ضدها انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، والمرة الثانية العام 1982 التي احتل الجيش الإسرائيلي خلالها بيروت، وأدت لخروج مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.

رغم احتلال إسرائيل الذي استمر 22 عاماً لأجزاء من جنوب لبنان، لم تنجح في إنشاء منطقة عازلة على المدى الطويل، وأيضاً بعد حرب 2006، لم يطبق القرار 1701 إلا سياسياً بموجب تسويات وليس بمعناه النافذ كقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.

حالياً، يتجدد النقاش بشأن الوضع في الجنوب. فالمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، تحدث بإسهاب عن ضرورة ضمان الأمن والاستقرار على الحدود الجنوبية ووقف العمليات العسكرية لمنع الانزلاق إلى حرب مع إسرائيل. قبله، تحدث الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بالروحية نفسها، ومن الواضح أن دوائر دولية ودبلوماسية عديدة ستتفاعل مع هذه الطروحات في المرحلة المقبلة.

في العام 2006 نجح الأميركيون والإسرائيليون بتضمين القرار 1701 ضرورة منع الانتشار المسلح في جنوب نهر الليطاني وإخراج حزب الله ببنيته العسكرية وغير العسكرية من تلك المنطقة لمصلحة سيطرة الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل على الوضع والإمساك بالأرض، لكن أياً من ذلك لم يتحقق، فالحزب عزز من انتشاره وأماكن وجوده ورفع منسوب تجهيزاته العسكرية وطورها.

ومن بين الطروحات لحل هذه المعضلة اقتراح بالفصل بين وجود حزب الله الشعبي والاجتماعي والأمني في الجنوب، وبين وجوده العسكري، على غرار الفصل الأوروبي قبل أعوام بين الجناحين السياسي والعسكري للحزب، من خلال حصر المطالبة بإبعاد حزب الله إلى شمال الليطاني بـ «قوات الرضوان»، قوة النخبة المقاتلة في الحزب، التي قد يشكل سحبها من الحدود ضمانة لإسرائيل لإعادة سكان مستوطنات الشمال. لكن حتى الآن، حزب الله يرفض بشكل قاطع كل هذه الطروحات بما في ذلك الاقتراح الخاص بـ «قوات الرضوان»، فيما يلقى دعماً من رئيس مجلس النواب نبيه بري في رفض أي تعديل للقرار 1701.

وهذا يعني أن العودة إلى الاستقرار في الجنوب مرتبط إلى حد كبير بالوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وكلا الأمرين يحتاجان إلى مفاوضات سياسية على مستوى دولي وإقليمي رفيع وإلى إتفاق إيراني ـ أميركي.

وفي حدود هذه المعادلة، يندرج تحرك المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان وقبله المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين، فيما تشير مصادر دبلوماسية غربية إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد سجالات كثيرة حول الوضع في جنوب لبنان، وصولاً إلى إعادة البحث في مصير عمل قوات الطوارئ الدولية «اليونيفيل» فهناك دول عديدة تلوح بالانسحاب من المشاركة في هذه القوات، طالما أنها غير قادرة على القيام بمهامها. وهذا الأمر يذكر بتهديد سابق بالانسحاب أو تقليص عديد قوات اليونيفيل وتخفيض ميزانيتها، من بعض الدول التي طالبت بتوسيع صلاحيات تلك القوات لتتمكن من فرض الاستقرار. وفي تلك الفترة تصدت فرنسا لهذه المقترحات ونجحت بالتجديد للقوات الدولية.

* المصدر: "الجريدة" الكويتية

تعليقات: