مرحلة جديدة بمواجهات الجنوب: ضربات استباقية لبنك أهداف محدد

الجيش الاسرائيلي قرر التصعيد في المواجهات (Getty)
الجيش الاسرائيلي قرر التصعيد في المواجهات (Getty)


تستمر المعركة جنوباً على وقع الرسائل الدولية التي تصل إلى لبنان تباعاً، وأبرزها الرسائل الفرنسية التي تحذر مراراً وتكراراً من خطورة أي حرب اسرائيلية مقبلة على لبنان، وآخرها ما نقلته مصادر فرنسية بخصوص عدم قيامة لبنان مجدداً بحال وقعت هذه الحرب. ولكن هذه الرسائل تتكثف بالتزامن مع التصعيد الاسرائيلي في تفاصيل المواجهات، وهو ما يجب ملاحظته، من دون أن يكون متعلقاً بعدد الهجمات وكثافة القصف المدفعي، إنما بخطة عمل الجيش الاسرائيلي.

الإنتقال إلى بنك الأهداف المعد مسبقاً

عندما وجّه حزب الله أولى ضرباته إلى المواقع الاسرائيلية في أراضي لبنان المحتلة، كانت دائرة المعركة محددة بمساحة لا تزيد عن 3 إلى 5 كيلومترات في العمقين اللبناني والفلسطيني المحتل، فكانت عمليات المقاومين محفوفة بالمخاطر وأقرب إلى العمليات الاستشهادية، بسبب ما أظهره العدو الاسرائيلي من تفوق تكنولوجي ضخم عبر المسيّرات الجديدة المستعملة في الحرب، علماً أن الحرب الأخيرة بين العدو الاسرائيلي وحزب الله عام 2006 لم تكن فيها المسيّرات قادرة على إطلاق الصواريخ بعد. فاحتاج الحزب إلى بضعة أيام "لدوزنة" طريقة عمله وإعداد الخطط المناسبة لمواجهة خطر المسيّرات وهكذا حصل.

بعدها توسع نطاق المعركة الجغرافي من 5 إلى 10 كيلومترات، كما تبدلت طبيعة الأهداف، ولكن الأساس كان اعتماد الجيش الاسرائيلي على التكنولوجيا من جديد، لتحديد مكان إطلاق الصواريخ من لبنان، واستهداف ذلك المكان في وقت قياسي، أو ملاحقة منفذي العمليات العسكرية واستهدافهم، إما على الطريق أو بعد وصولهم، كما حصل أكثر من مرة مع مقاومي حزب الله أو المقاومين الفلسطينيين جنوب لبنان.

تطورت الأهداف الإسرائيلية، ولكنها ارتبطت بشكل أساسي بالعمليات العسكرية التي تُشن على مواقع الاحتلال، ونقاط انطلاق الصواريخ. فحتى عندما كانت الضربات تصل إلى جبل الريحان على سبيل المثال، كانت مرتبطة بعمليات الإطلاق. ولكن منذ 4 أو 5 أيام تحديداً، تكشف مصادر متابعة، أن الجيش الاسرائيلي قرر التصعيد في المواجهات، فتخلى عن خطته القديمة وبدأ اعتماد خطة جديدة هي خطة "الضربات الاستباقية". وهي الخطة التي تعتمد على استهداف العدو لمواقع ومراكز موجودة ضمن بنك الأهداف الاسرائيلي، الذي تم تجميعه على مدى كل السنوات السابقة، من خلال أنظمة الطيران التجسسي، وأنظمة التجسس الأرضية وشبكة العملاء في الداخل اللبناني، والتي بدأ عملها يتفعّل منذ مطلع هذا الشهر، حسب ما تؤكد المصادر عبر "المدن".

العمل الاستباقي -وفق المصادر- يعني استهداف المواقع والمراكز حتى ولو لم تكن بحال نشطة، أي أنها خارج نطاق العمليات العسكرية التي تجري على الحدود. ولهذه الأسباب وصلت الاستهدافات إلى المنازل السكنية داخل القرى الحدودية وفي محيطها، على اعتبار أن هذه الأهداف بنظر العدو هي مراكز عسكرية ضمن بنك أهدافه. وهنا أهمية عمل العملاء الاسرائيليين في الجنوب. وتُشير المصادر إلى أن المرحلة المقبلة من التصعيد، قد تكون توسعة بنك الأهداف في قرى جنوب نهر الليطاني وشماله. مشددة على أن تخطي العمليات مساحة الجنوب قد تعني بحال حصلت توسع أساسي بميدان المواجهات. وعندها لا يعود ممكناً الحديث عن معركة محدودة بين حزب الله واسرائيل.

الحرب الاستباقية تستدعي الرد بالمثل

ترى المصادر أن التصعيد هذا له معان عسكرية واضحة، كما له معان سياسية تتعلق بالرسائل التي يوجهها العدو إلى حزب الله، بأنه يعلم ويملك بنك أهداف وجاهز لضربه، بحال توسعت المعركة. وإلى جانب بنك الأهداف، يستهدف الجيش الاسرائيلي كل منزل أو مكان يعتقد أن فيه مقاومين، أو يشكل مركزاً عسكرياً. ولذلك كان عدد الشهداء خلال الأيام الماضية أكبر من تلك التي سبقت بأسابيع. وذلك بسبب تغيير استراتيجية عمل العدو. وهو ما يستدعي -حسب المصادر- الرد بالمثل. وهو ما ستقوم به المقاومة، على الصعيد الدفاعي أولاً من خلال تغيير استراتيجية العمل وتنفيذ خطط إعادة الانتشار، في لبنان وسوريا. وقد بدأت بذلك. وثانياً، على الصعيد الهجومي، حيث تعمقت استهدافات المقاومة إلى حد تنفيذ عملية في عمق المطلة، فاجأت العدو بقدرات الرصد والتصوير لدى حزب الله، وردت على الرسالة الاسرائيلية بمثلها، بأن للمقاومة أيضاً "بنك أهداف" وحاضرة لتوسيع المعركة إذا اضطرت لذلك.

تعليقات: