سفينة المطران كبوجي من لبنان إلى غزة: سخاء بالتبرعات

من المرجح إبحار السفينة في نهاية الشهر الحالي (مصطفى جمال الدين)
من المرجح إبحار السفينة في نهاية الشهر الحالي (مصطفى جمال الدين)


في بداية عام 2009، عقب أول عدوان إسرائيلي جوي وبري واسع يستهدف قطاع غزة بعد انسحاب الاحتلال منه قبل ذلك بأربع سنوات، أبحرت أول سفينة إلى القطاع المحاصر من مرفأ طرابلس، وكانت تحمل اسم "الأخوّة". اقتحمها الجنود الإسرائيليون، اعتقلوا من كانوا على متنها، واحتجزوا السفينة التي كانت تحمل 60 طناً من الأدوية والأغذية ولعب الأطفال.


إلا الكرامة..

بعد 15 عاماً يبادر لبنانيون وفلسطينيون، ويحاولون تكرار الحدث، لكن الهدف حمولة تتراوح بين 1000-2000 طن، تتوجه هذه المرة إلى ميناء العريش، ثم تُنقل البضائع إلى غزة التي تحتاج لكل شيء مع تعديلات جذرية بالحمولة الأولى، فرضها تغيير في الواقع الحالي، وتضاعف المأساة.

قبل أيام، ومن دار الندوة في بيروت، كان إعلان شخصيات وهيئات مدنية وطبية وإغاثية التحضير لإطلاق سفينة باسم المطران هيلاريون كبوجي لمساعدة غزة التي تحتاج كل شيء "إلا الكرامة والكبرياء فهي تعطيها لمن يحتاجها"، وفق الإعلان، لكن المشاركة اللبنانية والفلسطينية لتجهيز السفينة، والتفاعل كان "فوق الوصف"، حسبما يقول للمدن نزيه البقاعي، أحد الفاعلين الرئيسيين في حملة جمع التبرعات.

ويضيف أن الشعار الذي رفعته الحملة "من كل بيت في لبنان إلى كل بيت في فلسطين"، لم يكن شعاراً تعبوياً فقط "بل إن الأمل كان كبيراً بتفاعل الشارع في لبنان مع هذا الشعار وهذه الدعوة، لكن وبكل صراحة، لم يخطر ببالنا أن يبلغ هذا التفاعل المدى الذي نراه اليوم. فعلى سبيل المثال، اتصلت بي فتاة من قرية بدنايل، وبعد بكاء لحوالى خمس دقائق، فهمت ماذا تريد، وإنها تقصد تقديم المساهمة في إسناد السفينة ببعض التبرعات والتجهيزات. ومن المهم الإشارة إلى أن التبرعات شملت مختلف المناطق والتلاوين، بمعزل عن الانتماء الطائفي أو المذهبي".


منذ 1992

البقاعي الذي اشتُهر فلسطينياً عام 1992، عندما تعهد بتقديم الاحتياجات الغذائية وغيرها لمبعدي مرج الزهور من قطاع غزة والضفة (415 قيادياً من حركتي حماس والجهاد الإسلامي)، وطيلة عام استطاع الوفاء بتعهده إلى حين عودتهم، رغم أنه لا ينتمي سياسياً لأي من الفصيلين. يصف البقاعي التفاعل اليوم بأنه أكبر بكثير من ذلك الذي شهده في ذلك التاريخ "اليوم التبرع مصحوب بالدموع بشكل لا يمكن تصديقه، كما أنه خلال فترة الإبعاد كان الأمل فقط في تحقيق العودة لهؤلاء، ومنع الترانسفير، اليوم هناك شعور لدى الناس بأن هذه المعركة فاصلة، فإن هزيمة الفلسطينيين تعني تعثّر قضيتهم لعقود، بينما هزيمة الاحتلال ستكون البداية لهزيمة نهائية له، لذلك الإقبال على التبرع أكبر بكثير".

ويتحدث عن التباين في اختيار حمولتي سفينتي "الأخوّة" و"كابوجي"، فقبل 15 عاماً "لم يكن في قطاع غزة شبه مجاعة كما اليوم، حتى كانت ضمن الحمولة لعباً للأطفال. الآن، لا نشتري أغذية بحاجة إلى طهي لفترات طويلة، لأن الغاز نافد تقريباً في القطاع، والملح الذي كان متوافراً في زمن السفينة الأولى، اليوم، وبسبب ندرته، يصل سعر الكيلوغرام الواحد في غزة إلى حوالى 22 دولاراً. لذلك نحن بشكل عام نفضّل المعلّبات. كما سنشتري 400 طن من الطحين غير المدعوم، إضافة إلى السكّر والرز. ونحن نتواصل بشكل دائم مع أفراد من غزة، وعلى هذا الأساس تم تحديد الاحتياجات".


موعد الإبحار

وحول التوقعات بشأن تاريخ إبحار السفينة، يقول البقاعي "إنه من المرجح إبحار السفينة في نهاية الشهر الحالي، فحجم التبرعات كبير، ومثلاً في منطقة البقاع، تجاوزت التبرعات النقدية 60 ألف دولار، بينما تبرع رجل أعمال مواد غذائية بقيمة مئة ألف دولار، إضافة أن الحملات التي أطلقتها دار الفتوى في البقاع من المتوقع تسليم التبرعات الناتجة عنها خلال الأيام المقبلة، هذا في البقاع وحده، عدا بقية المناطق. أما تكاليف إبحار السفينة فقد تعهدها رجل أعمال. تبقى الأمور اللوجستية، حيث هناك تواصل دائم مع الهلال الأحمر المصري والهلال الأحمر الفلسطيني والسلطات المصرية لتسهيل العبور".

وعن سبب إطلاق اسم المطران كبوجي على السفينة يقول البقاعي "إن ذلك يرجع إلى تاريخ هذا المطران في المقاومة، ودوره المحوري بالدعوة وتجهيز عدد من السفن التي قصدت كسر الحصار على غزة، ولإظهار أن الجميع يخوض المعركة، بغض النظر عن أي طائفة أو مذهب انتمى، لأنها معركة من أجل حرية كل الفلسطينيين، ونأمل من خلال هذه المهمة الإنسانية أن يكون لنا دور في هذه المعركة".

تعليقات: