المحكمة العليا توجّه ضربة جديدة لنتنياهو.. عزله ممكن أثناء ولايته


قررت المحكمة العليا الإسرائيلية الأربعاء، تأجيل تطبيق تعديل على "قانون أساس: الحكومة" يهدف إلى منع عزل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بحيث يدخل التعديل حيّز التنفيذ مع بداية الدورة ال26 للكنيست، باعتباره "تشريعاً شخصياً يشكّل إساءة لاستخدام السلطة التأسيسية للكنيست".


اتفاق تناقض المصالح

وجاء قرار المحكمة بتأييد 6 قضاة من بينهم رئيس المحكمة العليا المنتهية ولايتها إستر حيوت، ومعارضة 5 آخرين، علماً بأن المحكمة كانت قد نظرت بالالتماسات المقدمة ضد التعديل في هيئة قضائية موسعة مؤلفة من 11 قاضياً، في جلسة عقدت الخميس 28 أيلول/ سبتمبر 2023.

وكان التشريع الذي سنّه الائتلاف الحكومي وصادق عليه الكنيست في آذار/مارس 2023، ضمن خطة إضعاف جهاز القضاء، يهدف إلى منع عزل نتنياهو، من خلال الإعلان عن تعذر قيامه بمهامه، في ظل خرقه لاتفاق تناقض المصالح الذي يقضي بمنعه من التعامل مع التغييرات القضائية بسبب محاكمته في تهم فساد خطيرة.

وأوضحت المحكمة العليا أن قرارها "لا يتحدث عن إلغاء التعديل وإنما عن موعد بدء سريان التعديل من أجل إلغاء العامل الشخصي (بأن التعديل جاء لمنع عزل نتنياهو)"، وأوضحت أن المسألة تتمحور حول بدء سريان القانون، وليس إلغاء التعديل نفسه على "قانون أساس: الحكومة".

وفي رد على قرار المحكمة بشأن تأجيل قانون عزل نتنياهو، قال وزير القضاء ياريف ليفين إن "قرار قضاة المحكمة العليا بنشر أحكام محل خلاف كبير حتى في ما بينهم، بينما جنودنا يضحون بأرواحهم على الجبهة، هو عمل يمس بوحدة الشعب الواجبة بهذه الفترة بالذات".

وأضاف أن "استبدال رئيس الحكومة المنتخب ديمقراطياً يجب أن يتم بواسطة الاقتراع وليس بحكم قضائي". وتابع أن "الإلغاء المتسرع والعارض لتشريع الكنيست هو دليل آخر على الحاجة الملحة إلى توازن حقيقي بين السلطات. لا يمكن منع الشعب من ممارسة إرادته في ظل نظام ديمقراطي، ولا إلغاء متكرر لقرارات المسؤولين المنتخبين".

وكانت المحكمة العليا قد وجهت ضربة آخرى لنتنياهو الاثنين، عندما ألغت تعديل "قانون أساس: القضاء" لإلغاء "حجة المعقولية". واعتبرت المحكمة العليا أن الكنيست تجاوزت سلطتها "التأسيسية"، وأن القانون يحد من صلاحيات السلطة القضائية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل التي تمارس فيها المحكمة سلطتها الرقابية على "قانون أساس".


احتجاج صامت

ورأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن حكم المحكمة العليا الصادر الاثنين، ذكّر بالانقسامات الأساسية في المجتمع الإسرائيلي التي تمّ وضعها جانباً خلال الحرب في غزة، وبأن التوترات يمكن أن تندلع بمجرد انتهائها.

ومع تركيز إسرائيل على الحرب في غزة، كان رد الفعل على حكم المحكمة صامتاً نسبياً، كما أن الاختلافات بين نتنياهو وأحزاب المعارضة مؤجلة في الوقت الراهن.

وفي أعقاب الفشل الاستخباراتي قبل هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، تراجعت شعبية نتنياهو في استطلاعات الرأي وتزايدت الدعوات المطالبة بإقالته، مما يزيد من إمكانية إجراء انتخابات مبكرة بمجرد انتهاء الحرب.

ونقلت الصحيفة عن الباحث القانوني في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية عميخاي كوهين قوله: "في الوقت الحالي، يبدو أن الحرب تلقي بظلالها على كل شيء، لكن التوتر الأساسي لا يزال قائماً".

وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في منتصف كانون الأول/ديسمبر 2023، أن 69% من الإسرائيليين يريدون إجراء انتخابات مباشرة بعد انتهاء الحرب، بما في ذلك أغلبية الناخبين اليمينيين.


اختلافات عميقة

ولم يتطرق نتنياهو صراحة إلى حكم المحكمة الصادر الاثنين. وقد شجب حزبه "ليكود" وحلفاؤه القرار، لكنهم أشاروا إلى أنه لا ينبغي إعادة إشعال الصراع أثناء الحرب.

وقال سمحا روثمان، وهو أحد المؤيدين الرئيسيين للإصلاح القضائي: "لقد اختارت المحكمة العليا حربها"، مؤكداً أنه وائتلافه يركزان على الحرب مع حماس، "ويجب التعامل مع التغييرات في النظام القضائي بعد انتهاء تلك الحرب".

وحوّلت العديد من المنظمات التي قادت الاحتجاجات الحاشدة ضد الإصلاح الشامل اهتمامها إلى المساعدة في جهود الحرب، مثل مساعدة عائلات الرهائن.

أشاد روي نيومان زعيم قوة "كابلان"، إحدى المجموعات التي قادت الاحتجاج ضد الإصلاح، بقرار المحكمة لكنه يعتقد أن المعركة حول ما يراه مستقبل الديمقراطية في إسرائيل لم تنتهِ بعد. وقال إن "الحكومة وحلفاءها يمكن أن يجربوا طرقاً أخرى لإضعاف استقلال المحاكم وتقويض الضوابط والتوازنات الديمقراطية".

وقال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس جدعون رهط إن "الاحتجاجات ضد نتنياهو كانت صامتة في الوقت الحالي بسبب الحرب وأن العديد من المتظاهرين كانوا يخدمون في الاحتياط. ولكن إذا تصرف نتنياهو بشكل غير حكيم، فسوف يشعل عود الثقاب مرة أخرى وبعد ذلك سنرى الآلاف في الشوارع".

كما أشار بعض المحللين إلى أن استراتيجية الائتلاف الحاكم لإضعاف المحاكم يمكن أن تتحول إلى مبادرات أكثر هدوءاً، على عكس المحاولة البارزة لتمرير القانون السابق.

تعليقات: