عدنان سمور:الإنسان بين الحضارة والتوحش


ان الصراع اليوم في منطقتنا ، كائن بين فريقين ، الفريق الأول يؤمن بأصالة المادة ، ويتألف من الصهاينة والغرب الجماعي الداعم لهم ، مستندين على فلسفتهم المادية واكتشافاتهم العلمية والتقنية التي جعلتهم يستنتجون ان الإنسان ليس إلا كائناً مادياً حياً أو حيوان إرتقى بفعل ظروف الحياة والطبيعة ، وأن العامل المؤثر الوحيد والحاسم في إدارة عجلة التاريخ هو القوة التي تخول من يمتلكها بالهيمنة المطلقة على من لا يمتلكها من بني البشر ، والفريق الثاني يؤمن بأصالة الروح ، ويتألف من مقاومة فلسطين وشعبها المضحي وأنصارهم في منطقة غرب آسيا والعالم ، معتمدين على تفسير يفيد أن الإنسان كائن حيٌّ له خصائص ومميزات ما فوق مادية ، وأن أعظم ما يملكه وأهم نقاط قوة هذا الإنسان تكمن في الخصائص الما فوق مادية التي يمتلكها ، وهي الإرادة والضمير ومنظومة القيم الأخلاقية والوجدانية .

وقد جاء هذا الصراع اليوم تتويجاً لمواجهات قديمة وعميقة في تاريخ الإنسان على وجه هذه البسيطة ، لذلك فإن نتجة هذا الصراع الحاصل اليوم على أرض فلسطين وفي محيطها المتعاطف معها ، سيرسم ملامح ومسارات الحضارة الإنسانية في مستقبل الأيام ، وسيعطي لروح الإنسان ومعنوياته وقيمه ، الدور الذي يستحقونه في تنظيم شؤون حياته وفي تنظيم العلاقات بين بني البشر .

هذه الجرعة من الروح والقيم المعنوية التي اكثر ما يحتاجها الإنسان في هذه المرحلة الحضارية الحرجة ، تأتي من بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ، لتقول للعالم ، أن رسل الله ما زالت تعاليمهم حية وما زالت القيم التي بشروا بها هي نقطة قوة الإنسان ومركز تأثيره الأصيل والأفعل ، وها هي غزة المحاصرة والمفجوعة اليوم بالدمار ومذابح الأطفال والنساء ، وأنصارها الداعمين لها ، رغم تواضع قدراتهم مقارنة بقوة أعدائهم ، يرعبون الغرب المدجج بالاساطيل والطائرات وأرتال الدبابات الخارقة وبطاريات المدافع وانظمة التجسس والأقمار الصناعية وغيرها الكثير ، ألا يقدم هذا دليلاً حياً وملموساً بأن أقوى وأفعل ما في الإنسان هو روحه وضميره وإرادته وقيمه ، وأن مادة الإنسان ليست إلا عامل قوة معطل بغياب الروح والإرادة والقيم .

إن الحرب التي تخوضها غزة والضفة وأنصارهما في العالم اليوم ، ستحرر فلسطين والمستضعفين أولاً بإذن الله ، وستهزم حضارة التوحش البشري ، وستنتصر لإنسانية الإنسان ثانياً .

ع.إ.س

باحث عن الحقيقة

08/01/2024

تعليقات: