عدنان سمور: ثمرة صمود غزة.. إرتقاء الانسانية


مئة يوم مرَّت على العدوان الصهيوني الوحشي على غزة ، والعالم يشاهد الويلات والكوارث والفواجع ، التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية .

خلال هذه المئة يومٍ ، قدَّمت فلسطين ، مئة ألف ضحية بين شهيد وجريح في غزة وحدها ، أي ما يعادل ألف ضحية يومياً ، ودمر في غزة وحدها مئات ألاف المنازل والمستشفيات والمخابز والمعابد والمصانع والمتاجر والمتاحف والمزارع والآثار العريقة التي لا تقدر بثمن ، ورغم كل ذلك ، يدَّعي الغرب الجماعي بقيادة أميركا ، أنه لا يمتلك دليلاً واضحاً على قيام الكيان الصهيوني بعملية إبادة جماعية ، وتطهير عرقي ، وتمييز عنصري ، ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ، ويدَّعي الغرب الجماعي أيضاً أنه ما زال يمارس الضغوط على حكومة الكيان لتجنب أذى المدنيين الفلسطينيين العزل ، ويأسف لما يحصل في غزة من تجاوزات .

مئة يوم من الحرب الهمجية تخوضها اسرائيل ضد فلسطين وشعبها المظلوم ، وأميركا تورِّد لها السلاح والصواريخ والقذائف وكل ما تشتهي أنفس قادة العدو وجنرالاته من متفجرات وأدوات قتل وتدمير فتاكة لا مكان فيها لأي نوع من أنواع الرحمة والشفقة ، لا على الأطفال ولا على النساء والعجزة في فلسطين .

مئة يومٍ ، والغرب الجماعي يشغِّل ماكينة إعلامه الجهنمية مالئاً الفضائيات ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي ، كذباً وتزويراً وتشويهاً وتحريفاً للحقائق ، وهو يدافع عن السردية الصهيونية المنافقة الكاذبة المختلقة ، ورغم كل هذه الجهود والمساعي ، تمكنت السردية الفلسطينية الواقعية من أن تنتصر في هذه المعركة ، وتفرض نفسها ، وظهر للعالم من أقصاه إلى أقصاه ، مدى مظلومية ومدى قهر وعذاب ومآسي الشعب الفلسطيني التاريخية ، وكان هذا الإنتصار صادماً ومفاجئاً لعنجهية واستعلاء وغرور الغرب الجماعي بزعامة أميركا .

مئة يوم مضت ، ورغم كل الآلام والمآسي والتضحيات الفلسطينية ، ورغم اختلال موازين القوى بين المتحاربين ، فإنَّ فلسطين وانصارها في المنطقة والعالم ما زالوا يحققون أروع ملاحم الإنتصار التحرري امام العالم ، وللمرة الأولى بهذا الحجم وهذا الكم وهذا الوضوح وهذا الحسم وبهذا المستوى من الوضوح والقوة ، منذ ما يزيد على المئة عام ٍمن المواجهات مع عدو الإنسانية وعدوهم .

مئة يومٍ من العدوان على فلسطين مضت ، والغرب الجماعي بقيادة أميركا يبذل أقصى ما يملك من طاقة وقوة تدميرية ومن أساليب ترغيب وتوهين ودبلوماسية ناعمة وخشنة ، وهو يحاول إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ، أو يَحرِف مسار الإنتصار الإعجازي الذي حققته المقاومة الفلسطينية في عملية طوفان الأقصى ، ولكن دون جدوى ، فيزداد بذلك غضباً وحقداً ورعباً ،ويزداد توحشاً وقلقاً وتخبطاً ، وكل هذه العلامات والمؤشرات تؤكد للعالم ، كل العالم ، أن عملية تغييرٍ جوهريٍّ في بنية النظام العالمي قد بدأت تتشكل وتتضح معالمها ، وعلى كل المكابرين والمعاندين ، أن يعترفوا بهذه الحقيقة رغم مرارتها وصعوبتها ، وهي أن الغرب الجماعي بزعامة أميركا لم يعد وحده في هذا العالم ، وعليه أن يراجع حساباته ويعترف بأن له شركاء في إدارة شؤون هذا العالم ، وأن الإنسانية الحقيقية التي يمثلها أحرار العالم المتعاطفين اليوم َ مع القضية الفلسطينية ومع مظلومية الشعب الفلسطيني التاريخية ، لن يسمحوا بعد اليوم بان تتفرد أي قوة عالمية مهما بلغت من القوة والتأثير ، بأي شعب مستضعف من شعوب العالم من أقصاه إلى أقصاه ، كما أنَّ أحرار العالم يعلنون بوقفتهم الشجاعة والمنصفة والعادلة هذه ، أن الإنسان اليوم بلغ مرحلةً من الرقي والتقدم والتطور ، لم يعد يليق به معها ، أن يتحكم بحياته ومصيره وقراراته وحقوقه ، وحوشٌ بشريةٌ عديمي الأخلاق والرحمة ، على غرار الغرب الجماعيه بزعامة أميركا ، التي بلغت أعلى وأقبح درجات النفاق العالمي ، بعد كل هذه المواقف والمسلكيات المخجلة والساقطة التي ارتكبتها ، وهذه الموبقات هي التي أوجبت سقوطها وانكسارها وزوال نفوذها وإجرامها وتغولها على العالم .

ع.إ.س

باحث عن الحقيقة

15/01/2024


تعليقات: