عدنان سمور: معركة طوفان الأقصى وأدوات القياس لتحديد المهزوم والمنتصر

رُسِمت صور الكاريكاتور الساخرة بحق قادة الكيان والجيش والناطق العسكري بإسمه ، الذي إشتهر بالمراوغة والكذب والتهرب من الأسئلة المحرجة حول إخفاقات الجيش والتعثر السياسي والأمني
رُسِمت صور الكاريكاتور الساخرة بحق قادة الكيان والجيش والناطق العسكري بإسمه ، الذي إشتهر بالمراوغة والكذب والتهرب من الأسئلة المحرجة حول إخفاقات الجيش والتعثر السياسي والأمني


لا شكَّ أنَّ الإنسان يهتدى من خلال تجاربه السابقة، ومن خلال تطور العلوم الذي حقَّقه، إلى الأساليب وأدوات القياس، التي تمكِّنه من تحديد المؤشرات والدلائل العلمية الدقيقة، التي بموجبها يستطيع معرفة من هو المنتصر ومن هو المهزوم في أي حرب يخوضها فريقان متحاربان أو أكثر. لكنَّ الذي حصل منذ بدأ الإنسان خوض الحروب على وجه هذه البسيطة، وما زال يحصل في الحروب المعاصرة أيضاً، هو أنَّ الفريق المهزوم في أي معركة، يظلُّ يكابر ولا يعترف بهزيمته ، علَّهُ يتمكن بعد إنتهاء المعارك والمواجهات ، أن يحقق بالسياسة والتضليل والخداع ، إنتصاراتٍ ومكاسبَ عجز عن تحقيقها في الحرب المباشرة.

ولا تشُذُّ حرب طوفان الأقصى عن هذه القاعدة، حيث يدَّعي كلُّ فريق من المتحاربين، وبكلِّ ثقة أنه هو المنتصر في نهايتها لا محالة. لذلك سنحاول في هذه المقالة الموجزة أن نوظِّف أدوات القياس والمؤشرات العلمية علَّها تمكننا من أن نحدِّد بدقة، مآلات هذه الحرب ومن هو الذي يرجح أنه هو الأقرب لتحقيق النصر لتاريخه، أي بعد أربعة أشهرٍ مرَّت على بدء الحرب، ومن الذي يرجَّح أنَّه سيحقِّق في نهايتها النصر المؤزَّر والحاسم على عدوِّه في هذه المعركة.

وأهم أدوات القياس العلمية التي تمكِّننا من تحقيق غايتنا ، هي تحديد وتعداد نقاط القوة التي كان يتمتع بها كل فريق من الفرقاء المتحاربين، وكيف إستفاد من توظيف نقاط القوة هذه في هذه الحرب وما هو مقدار الأهداف المعلنة وغير المعلنة التي حققها بواسطتها أو أخفق في تحقيقها ؟ ونبدأ بتحديد نقاط القوة التي كانت تتمتع بها إسرائيل قبل بدء الحرب وهي التالي:

1- التفوق العسكري.

مما لا شك فيه أن إسرائيل تصنف عالمياً، بأنها من الدول التي تمتلك جيشاً من أقوى الجيوش في المنطقة ، وتمتلك رصيداً عظيماً من الإنتصارات الميدانية في الحروب التي خاضتها خلال عمرها الفتي منذ العام 1948 حتى العام 1982 ، حيث تمكنت من تحقيق إنتصارات كاسحة على الشعب الفلسطيني وعلى الجيوش العربية التي واجهتها ، خاصة إنتصارها في حرب الأيام الستة الخاطفة، عام 1967 ، حيث إنتصرت على ثلاثة جيوش عربية مجتمعة ، وتمكنت من إحتلال هضبة الجولان من سوريا ، والضفة الغربية ، وصحراء سينا من مصر، كما حققت إنتصاراً عسكرياً كبيراً في إجياحها للبنان عام 1982 يوم إحتلت بيروت ، العاصمة العربية الثانية بعد إحتلالها للقدس عام 1967 ، وكل حروبها كانت خاطفة وتكون فيها يدها هي العليا ، وهي التي تقرِّرُ وقت نهاية الحرب وتفرض شروطها بإستخدام القوة المفرطة ضد عدوها فتخضعه لرغبتها وإرادتها.

كما تمتلك إسرائيل تفوقاً جويّاً كاسحاً على عدوها الفلسطيني وعلى مناصريه في المنطقة ، وهي تصنِّع الجزء الأكبر من سلاحها ، وتصدِّر أسلحة وتقنيات متطورة بمليارات الدولارات سنويّاً ، إضافة لإمتلاكها الضباط والجنود الأكثر تدريباً وخبرات قتالية ، والأهم تجهيزاً على مستوى جيوش العالم ، كما تمتلك إسرائيل أهم دبابة في العالم وهي الميركافا من الجيل الرابع ، التي يطلقون عليها إسم مركبة الرب ، نظراً لنسبة الأمان العالية التي تؤمِّنها للجنود الذين يستخدمونها ، وكذلك هو الحال بالنسبة بالنسبة لناقلة الجند النمر ، التي تُصنَّف بأنها من أهم ناقلات الجند في العالم لجهة التدريع والحماية والقدرة على المناورة ، إضافة لكل ما سبق فإن إسرائيل عندما تتعرض لأي خطر يتهدَّدُها ، تتكىء على دعم عسكري أميركي وغربي هائل ، وذلك بواسطة جسور جوية وبحرية تنقل لها الطائرات المقاتلة مع كامل أطقمها ، كما تنقل لها الذخائر والصواريخ الدقيقة والقادرة على التحصينات والأنفاق والاسلحة والتجهيزات والدعم اللوجستي المفتوح ، وقد لعب هذا الدعم دوراً حاسماً في حرب رمضان في العام 1973 ، وخلَّص دولة إسرائيل من مأزق حرِجْ وسقوطٍ قريب .

هذه النقطة الأساسية في قوة إسرائيل إستخدمتها بأقصى ما يمكنها من تصميم وعزم وعدم مراعاة للضوابط الأخلاقية ، في حربها المستمرة على غزة منذ اربعة اشهر، ولم تتمكن من تحقيق أيٍّ من أهدافها المعلنة والمتعلقة بتحرير الأسرى وتدمير البنية العسكرية لحماس ، وقتل قيادة المقاومة في غزة أو ترحيلهم عنها ، والوصول إلى غزة خالية من مشروع مقاومة مناهض لإسرائيل بعد إنتهاء المعارك ، وعجزُ إسرائيل عن تحقيق هذه الأهداف يعني ، فقدُ إسرائيل لقدرتها على ردع وهزيمة عدوِّها الفلسطيني ، الذي عملت منذ حوالي قرنٍ على إخضاعه وكسر إرادته ، وجعلِهِ يتخلى عن مطالبته بأرضه وحقه التاريخي ، وقد ساهمت حرب طوفان الأقصى للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ، بخلق محورٍ مقاومٍ فاعلٍ وقادرٍ على المساندة والدعم والضغط كل قوَّة يمكن أن تشكِّل خطراً على فلسطين وشعبها ومقاومتها وحقوقها حتى لو كانت هذه القوة هي أميركا والغرب الجماعي ، إضافة لقدرة هذا المحور على تحدِّي إتفاقية سايكس بيكو وإلغاء الحدود الإفتراضية التي أقامتها هذه الإتفاقية بين دول المنطقة ، بحيث تمكَّن شعوب المنطقة من أداء دورٍ تكاملي رافضٍ للإعتراف بالإتفاقية وبالحدود التي عملت على فرضها وتأبيدها منذ ما يزيد على المئتي عام ، الأمر الذي تجاوز التأثير على الكيان الصهيوني ليطال مشروع الهيمنة الغربية على المنطقة .

وهكذا صار يمكننا أن نستنتج بيسرٍ وسهولة ، أن إسرائيل حتى هذه اللحظة من عمر الحرب ، هي مهزومة ، ودورها في فلسطين والمنطقة والعالم ، يسير بإتجاه الإنحدار والتراجع والإنكسار العسكري الذي كانت توصف بموجبه يوماً بأنها لاتقهر .

2- التفوق الإستخباري الإسرائيلي .

تشتهر إسرائيل بأنَّ لديها نقطة قوة ثانية ، وهي إمتلاكها لأهم اجهزة التجسس والمخابرات في المنطقة والعالم ، كما تمتاز بقدرتها على تنفيذ عمليات امنية وعسكرية بالغة التعقيد ، بسرية تامة وبإستخدام أحدث تقنيات التجسس والتنصت والتمويه بما في ذلك تنفيذها لعمليات إغتيال تبعد عنها آلاف الكيلومترات بواسطة الأقمار الصناعية على غرار إغتيالها لأبي المشروع النووي الإيراني الدكتور محسن فخري زاده في طهران ، ولديها قدرات خارقة في تجنيد العملاء والمرتزقة في أماكن قريبة وبعيدة عنها جغرافياً ومن كافة المستويات والشرائح والمواقع الإجتماعية والوظيفية ، ولكن كيف إستفادت إسرائيل من هذه القدرات والمميزات في حرب طوفان الأقصى ؟

تمثلت الصدمة الكبرى للمنظومة الأمنية الإسرائيلية بفشلها في معرفة أن حركة حماس قد خططت وجهَّزت لمعركة قام بها 1200 من مجاهديها ، كما فشلت في تأمين إنذار مبكر بحصول عملية طوفان الأقصى ، لدرجة ظهرت إسرائيل من الناحية الأمنية ، وكأنها شاخت وهرمت أمام أجهزة أمن المقاومة الفلسطينية ، التي دمرت معظم أجهزة وكاميرات المراقبة والتجسس التي يعتمد الجيش والامن الصهيوني عليها في منطقة غلاف غزَّة ، وظهر جيش الدفاع الذي لا يقهر وكأنه أعمى يتحسس محيطه بيديه ليستوعب ما الذي يجري حوله ، كما أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من إنجاز خروقات بالغة التأثير ، في بنية المجتمع والجيش الإسرائيلي وأنجزت عملية عسكرية بالغة التعقيد ، بنجاح باهر ، أذهل الصهاينة قيادة ومستوطنين ، وأذهل الشرق والغرب كما أذهل العرب والعجم والأصدقاء والأعداء .

وبعد توغُّل الجيش الصهيوني البريِّ داخل قطاع غزة ، عجز هذا الجيش وإستخباراته العسكرية والمدنية ، عن تحرير أسير صهيوني واحد ، أو تحديد موقعه وهو حي لتحريره ، كما عجز عن تحديد مواقع ومداخل ومخارج الأنفاق التي يتواجد فيها المقاومون الفلسطينيون ، إضافة لعجزه عن معرفة مواقع غرف عمليات المقاومة في غزة حيث تتواجد قيادة المقاومة رغم إستخدام آخر التقنيات المكتشفة في الرصد والإستطلاع من مسيرات وأقمار صناعية وخرقٍ للهواتف الذكية وطائرات الأواكس التجسسية البريطانية والأميركية ، وأجهزة إكتشاف الأنفاق والكهوف الموجودة تحت الأرض ، في وقت أثبتت المقاومة الفلسطينية ، إمتلاكها لمعلومات دقيقة عن أماكن تواجد وإنتشار آليات وجنود الجيش الصهيوني ، وغرف التحكم والسيطرة لدى هذا الجيش لدرجة مكَّنتها من إنزال أشدِّ الخسائر وأفدحها في ضباطه وجنوده ، بطريقة مصوَّرة وموثقة.

وقد أدى هذا المستوى الفاشل والمتدني في الأداء الأمني الإسرائيلي ، إلى إنكسار نفسي ومعنوي لدى الجنود ولدى جمهور المستوطنين ، وإلى حالةٍ من التخبط والصراع الداخلي بين القيادات التي راحت تتقاذف المسؤولية عن حصول هذا الفشل الكارثي ، وعندما بدأ قادة الكيان يشعرون بعجزهم عن تحقيق الإنتصار والأهداف التي أعلنوها ، أطلق نتنياهو يد جهاز الموساد ، علَّه يعوِّض بعض عجزه وفشله في حرب طوفان الأقصى ، فقام الموساد بتنفيذ عمليات ضد مستشارين عسكريين إيرانيين في سوريا ، كما إغتال عدداً محدوداً من قادة المقاومة اللبنانية والفلسطينية ، ولكن هذه الإغتيالات لم تساهم بتحقيق أي

تأثير أو تغيير ، على مجرى حرب طوفان الأقصى ونتائجها التي ظهر بوضوحٍ فيها ، أن يد المقاومة الفلسطينية هي العليا ، وأن قدرة إسرائيل متراجعة وفاشلة وعاجزة عن تحقيق الأهداف المعلنة .

3- الإنسجام الصهيوني بين الجيش وقادة الكيان من جهة ، والمستوطنين من جهةٍ أخرى.

نقطة القوة الثالثة التي يتمتع بها الكيان الصهيوني تكمن في مدى الإنسجام بين المستوطنين وقياداتهم العسكرية والسياسية والأمنية ، والتي كانت تؤدِّي أدواراً متكاملة فيما بينها في حالات السلم والحرب التي يمر فيها الكيان ، وعلى ما يبدو فإن هذا الإنسجام كان مرتبطاً بالنجاحات والإنتصارات التي كان يحققها الجيش وأجهزة الأمن والقيادات السياسية ، وعندما أطلَّ الفشل والهزائم برأسهم من خلف طوفان الأقصى ، ظهرت إلى العلن مشاعر التنافس والصراع بين القيادات ، وتقاذَفَ الزعماء ، المسؤولية عن الإخفاقات الكارثية التي حلَّت بكيانهم ، لدرجة ظهر فيها الصراع الداخلي الحاد بين مكونات المجتمع الصهيوني ، بمستوى عالٍ من الوضوح والعلنية ، لدرجة سمَحَتْ للرأي العام الصهيوني والعربي والعالمي أن يتندر فيه الناس على أداء وتهديدات قادة الكيان لأعدائهم ووعودهم لشعبهم ، ورُسِمت صور الكاريكاتور الساخرة بحق قادة الكيان والجيش والناطق العسكري بإسمه ، الذي إشتهر بالمراوغة والكذب والتهرب من الأسئلة المحرجة حول إخفاقات الجيش والتعثر السياسي والأمني والخلافات الداخلية بين القادة ، وبينهم وبين المستوطنين ، خاصة ذوي الأسرى الذين أهانوا قادتهم وشتموهم أمام الكاميرات وتظاهروا وضغطوا على حكومتهم بكل قوة ، في وقتٍ بدت فيه جبهة المقاومة متماسكة ومتناغمة ومتكاملة فيما بينها ، ولم يظهر منها أي تصارعٍ أو تخبُّطٍ أو تنافس سلبي ، بل ظهر التنافس الإيجابي في تقديم الأداء الأفضل والأكثر إيثاراً وتضحية من أجل تحقيق الأهداف المشتركة.

وهكذا بدأ قادة الكيان والجيش في إسرائيل يشعرون بفقدان حاضنتهم الشعبية ، التي بدونها تتأثر كثيرا روحية ودافعية المقاتلين في الحرب ، خاصة عندما ظهر بوضوحٍ أن رئيس الحكومة الصهيوني وغيره من المسؤولين النافذين ، ينافقون في تحييد أبنائهم عن جبهات القتال ، في وقتٍ يدعون فيه الآخرين، للدفاع والتضحية من أجل حماية الكيان بكلِّ غالٍ ونفيس ، بينما ظهر للعالم أن مجتمع المقاومة وقادتها في فلسطين ولبنان يقدمون فلذات أكبادهم بفرحٍ وشعورٍ بالفخر والعزَّةِ ، بشكلٍ أذهل العالم ، وساهم في تمتين مجتمع المقاومة من جهة ، وتغيير الرأي العام العالمي لصالح فلسطين ، لأن تقديم الأبناء والأرزاق بسخاء ، وبدون منةٍ ، في سبيل تحقيق الأهداف ، يمثِّل أكبر دليل على المصداقية وعدالة القضية والمطالب التي يقاتَل لأجلها.

كما إتضح للعالم مدى التناقض والخلاف بين قادة الكيان وقادة العالم الغربي بقيادة أميركا ، الأمر الذي جعل الرئيس الأميركي يدير جلسة الكابينيت ، ويحدد الأداء الواجب إتباعه من قبل قادة الكيان الذين ظهروا وكأنهم أذناب واتباع ، بحاجة دائمة للرعاية والتوجيه ، كي لا يقعوا في اخطاء مميتة في أدائهم السيء والضعيف والقاصر.

كما كان لافتاً في حرب طوفان الأقصى ، عدم تقبل المستوطنين لمقتل جنودهم ، وكذلك القادة ، وظهر هذا الأمر بوضوحٍ من خلال الشعور بالفجيعة والخسارة التي لا تعوض لفقد الأبناء والأزواج والأخوة ، وكأن شعب الكيان وقادته يريدون حرباً نظيفة من الدماء والتضحيات ، لا خسائر فيها ولا حُزن ولا ألم ، وهذا الأمر إن دل على شيء فإنه يدل على عدم مشروعية قضيتهم وعدم الإنتماء للقيم والأهداف التي أعلنوا أنهم يقاتلون من أجلها ويدافعون عنها ، بينما قدَّم الفلسطينيون في هذه الحرب وأنصارهم أروع الصور الملحمية في التضحية والإيثار والنبل الأخلاقي ، في الإقبال على الشهادة وتقبل الألم والمعاناة والتعب ، بكلِّ فخر وإعتزاز وصبر ، الأمر أذهل الأصدقاء والأعداء ، وأدى إلى تغيير الرأي العام العالمي لمصلحة السردية الفلسطينية ، وضاعف الجماهير الحرَّة المتعاطفة مع القضية الفلسطينية في كلِّ أرجاء العالم .

وهناك رهان معتدٌّ به ، مفاده أنَّ قادة الكيان والمستوطنين في إسرائيل ، سيدخلون بعد توقف آلة الحرب ، في دوامة من الصراعات والتناحر الداخلي ، نتيجة تبادل الإتهامات بين القادة ، في تحديد من يتحمَّل مسؤولية الفشل والهزيمة ، والكارثة الوجودية التي حلَّت بهم بعد حرب طوفان الأقصى.

4- إمتلاك إسرائيل منظومة إقتصادية متماسكة ومتفوقة.

ينظر العالم لإسرائيا ، كنموذج في الشرق ، للدول الغربية المقتدرة صناعياً وزراعياً وإقتصادياً ، ولديها إستثمارات هائلة في مجال صناعة ال (hy teknologies) وصناعة السلاح المتطور وصناعة الفضاء ، فهي واحدة الدول القليلة التي تمتلك تقنية تصنيع وتركيب الأاقمار الصناعية في مداراتها ، وقد حاولت منذ سنوات إنزال مركبة غير مأهولة على سطح القمر ، وهذه القوة الإقتصادية قادرة على إستقطاب إستثمارات خارجية تقدَّر بعشرات مليارات الدولارات سنوياً ، هكذا كان واقع الكيان الصهيوني قبل حرب طوفان الأقصى ، فكيف صار اليوم بعد مرور أربعة أشهر على الحرب الضروس ؟

لقد مثَّل إستدعاء ما يقارب 350.000 من جنود وضباط الإحتياط ، بعد بدء حرب طوفان الأقصى ، أول صدمة للمنظومة الإقتصادية في إسرائيل ، لأن هذا العدد من الإحتياط ، يشكل القوة البشرية الأساسية التي تدير العجلة الإقتصادية داخل الكيان ، وقد أدى طول أمدِ الحرب ، إلى قتل عدد لا بأس به من هؤلاء الضباط والجنود ، وإصابة وعطب عدد أكبر أيضاً ، وذلك على كافة جبهات القتال في غزَّة وفي شمال فلسطين ، كما أدَّى هذا الإجراء ، إلى حصول عملية إنكماشٍ وركود إقتصادي عام ، في إسرائيلي ، أضف إلى ذلك حصول عمليات إقفال مؤسسات ومصانع وشركات صهيونية وأجنبية كبرى وصغرى ، من كافة الأحجام والإمكانيات والأنواع ، تلى ذلك تفاجوء أعداد كبيرة من جنود وضباط الإحتياط بعد تسريحهم من الخدمة ، بإستغناء الشركات والمصانع والمكاتب التي كانوا يعملون بها ، عن خدماتهم ، الأمر رفع معدلات البطالة إلى قياسات عالية مرهقة لإقتصاد الدولة ، وشكل الحصار البحري اليمني على السفن الصهيونية ، وعلى سفى ومدمرات داعميها والمتعاونين معها ، عبئاً إقتصادياً هائلاً ، لدرجة باتت معه موانىء حيفا وأسدود والعقبة شبه خالية من حركة السفن وعمليات التصدير والإستيراد ، هذا إذا أردنا تجنب الحديث عن تأثير عمليات الجيش اليمني في باب المندب على الإقتصاد العالمي والمواصلات البحرية العالمية.

كما أدى النزوح من مستعمرات غلاف غزة ومستعمرات الشمال ، إلى كساد المواسم الزراعية ، ومواسم الدواجن والمواشي ، وقُدِّرت الخسائر الأولية بمئات ملايين الدولارات ، ناهيك عن الأثر المستقبلي ، على الإستثمار داخل الكيان ، سواءً من قبل الصهاينة ، أو من قبل أصحاب الرساميل الأجنبية ، لأنه في الإقتصاد ، مشهورٌ ومعلومٌ ، أنَّ رأس المال جبان ، وصاحبه لا يعمل إلا في المناطق الآمنة ، بعيداً عن الحروب والأزمات والنكبات والكوارث ، وقد تحوَّلت إسرائيل بعد حرب طوفان ألاقصى ، إلى دولة كثيرة الحروب والمشاكل والنزوح والأزمات التي لاتنتهي ، الأمر الذي أفقد إسرائيل ، جزأً كبيراً من ورقة القوة الإقتصادية التي كانت تمتلكها قبل حرب طوفان الأقصى ، وفي ذلك هزيمة وتراجعٌ وسقوط وضعف للكيان ، ستظهره وتوضِّحه الأيام القادمة ، خاصة بعد توقف آلة الحرب التي تجمِّد بحث الكثير من الأمور ، خاصة الخلافية منها.

والآن ، بعد هذا الإستعراض لنقاط القوة التي كانت تمتلكها إسرائيل قبل حرب طوفان الأقصى ، وكيف وظفتها في هذه الحرب ، ننتقل لذكر نقاط قوة المقاومة الفلسطينية وكيف وُظِّفت أيضاً ، من قبل المقاومة وحاضنها الشعبية وأنصارها ، في هذه الحرب .

1- مشروعية القضية الفلسطينية.

أهم نقطة قوة تمتلكها المقاومة الفلسطينية هي مشروعية القضية وألاهداف التي تقاتل من أجلها ، لأن القضية الفلسطينية هي قضية شعب إغتصبت ارضه وإعتدي عليه وشرد من أرضه وصودرت ممتلكاته ، ونُفِّذَت فيه مجازر وإعتداءات وعمليات إبادة جماعية ، ومؤامرات دولية يندى لها جبين ألإنسانية ، في وقتٍ تشكَّل عدم مشروعية القضية ، أهمَّ نقطة ضعفٍ لدى الكيان الصهيوني المعتدي والمغتصب وحائك المؤامرات ، وبطل عمليات التزوير والخداع والتضليل عبر تاريخه الطويل ، يضاف إليها الأداء اللاأخلاقي واللاإنساني لجيشه ومستوطنيه في الحرب ، حيث قاموا بقتل الأطفال والنساء والشيوخ بلا رحمةٍ وشفقة ، وحاصروا المستشفيات واغتالوا الجرحى على أسرتها ، ودمروها بحجة البحث عن المقاومين ، ودمر المعابد والمخابز ومراكز المؤسسات الدولية والمدارس والجامعات ، وجرف المقابر وهتك حرمة الموتى ، وسرق جثث الضحايا والشهداء ، وسرق أعضاءهم وجلودهم ، ودفن الأسرى وهم أحياء ، وعاث في الأرض فساداً وتجويعاً وتعطيشاً وإرهاباً ومنعاً للدواء والوقود .

وهذه المشروعية للقضية الفلسطينية تضاعفت بعد حرب طوفان الأقصى ، وقد لمسنا هذا الأمر بحجم التعاطف الشعبي العالمي مع مظلومية شعب فلسطين خاصة في دول الحكومات الراعية والداعمة والحامية لإسرائيل ، لدرجة إعترف فيها الصهاينة ، بتكذيب العالم لسرديتهم وتبني السردية الفلسطينية ، حتى إضطروا إلى مهاجمة وإتهام كل الحكومات والشعوب والمنظمات الداعمة لفلسطين وقضيتهم العادلة بما فيها منظمة العدل الدولية ومنظمة الأونروا وحكومة جنوب أفريقيا وأمين عام الأمم المتحدة وكل من صرح ودعم القضية الفلسطينية في العالم .

كما ساهم فقْدُ قادة الكيان ، للأداء العاقل والمتوازن في الاداء والتصريحات ، مثل مطالبة وزير التراث الإسرائيلي بإستخدام السلاح النووي لتدمير غزَّة ، وتصريح رئيس الحكومة ووزير حربه غالنت ، وكثير من الحاخامات والمسؤولين الصهاينة ، بأن التعامل مع الفلسطينيين يجب أن يكون كالتعامل مع وحوشٍ بشرية ، التي يجب العمل الدؤوب على إبادتها . لقد أثبت هذا المستوى المتدني في أداء القادة الصهاينة ، السقوط الأخلاقي للكيان أمام الرأي العام العالمي الحر ، وأدى إلى التعاطف العالمي الواسع والغير مسبوق ، مع القضية الفلسطينية ، الامر الذي أعاد للقضية الفلسطينية تألقها وتوهجها من جديد ، وحضورها العالمي الفاعل والمؤثر ، وضاعف مشروعيتها ودعمَ العالمِ الحرِّ لها.

2- شبكة الأنفاق أو غزة التحتا.

بما أنَّ قطاع غزة ، يمثل منطقة جغرافية صغيرة ، منبسطة وقليلة التضاريس ، كان لزاماً على المقاومة فيها أن تبتكر حلاً تواجه فيه التفوق العسكري الصهيوني جواً وبرّاً وبحراً ، فكان حلُّ حفر وتجهيز شبكة عنكبوتية من الأنفاق تحت الأرض في غزة أمراً لا مفرَّ منه ، وقد تم إختبار هذا الحل في حرب طوفان الأقصى بشكل واسع ودقيق ، حيث أثبتت شبكة ألأنفاق فاعليتها وكفاءتها العالية ، في حماية أفراد المقاومة ، وسلاحهم ، ومصانع سلاحهم ، ومخازن صواريخهم القصيرة والبعيدة المدى ، ومخابىء مُسَيَّراتهم ، ومنظومات إطلاق صواريخهم التي ما زالت قادرة على قصف تل أبيب ومستعمرات غلاف غزة البعيدة والقريبة رغم مرور ما يقارب الأربعة أشهر عل الحرب ، وفي الأنفاق أيضاً مخازن المؤن والوقود الذين تحتاجهما المقاومة ، وكل مسلزمات حياتها وبقائها وصمودها . في وقت مَثَّلت فيه هذه الأنفاق ، كابوساً مؤرِّقاً لجيش ومستوطني وأمن وخبراء وقادة الصهاينة ، وشكلت لهم لُغزاً عجزوا عن فهمه وإستيعابه وفك رموزه وشيفراته ، والآن وبعد مررو ما يقرب من أربعة أشهر على الحرب الطاحنة في غزة ، إعترف مسؤولون أميركيون وصهاينة كبار ، بأن ما تمَّ كشفه من انفاق غزة لتاريخه ، لا يتجاوز العشرين بالمئة من شبكة الأنفاق ، الأمر الذي يعني أن ورقة القوة هذه ما زالت تمسك بها المقاومة الفلسطينية بكل عزمٍ وإقتدار ، وما زالت هذه الأنفاق مرشَّحة للعب أدوار كبرى ومؤثرة في المستقبل ، كما أن المقاومة ، في هذه المناورة الحية التي عاشتها في الأنفاق في حرب طوفان الأقصى ، تمكنت من تحديد نقاط ضعف التصميم السابق للأنفاق ، وصار بإمكانها أن تستخدم عبقرية مهندسيها مرة أخرى لتطوير ومعالجة ثغرات التصميم الأول ، وبالتالي من المقدَّر أن تحقق المقاومة الفلسطينية في المستقبل ، بواسطة هذه الأنفاق المطوَّرة والمعدلة ، إنجازاتٍ وإنتصاراتٍ أهمَّ واعظم وأكبر من الإنتصارات التي حققتها لتاريخه.

3- الإنسجام بين الحاضنة الشعبية في غزة والمقاومة.

مرَّت المقاومة في غزة خلال تاريخها الطويل بتجارب وحروب ومعارك ومواجهات كثيرة ومتنوعة ، أثبت فيها الشعب الفلسطيني أنه محتضن لمقاومته بكلِّ فصائلها ، وحاضر بإستمرار لتقديم الدم والتضحيات الجسام ، من أجل تحقيق التحرير والخلاص من الحتلال والإرتهان لسلطته ، ولكن معركة طوفان الأقصى كانت من نوع جديدٍ غير مألوف على شعب غزَّة ، لكن رغم عظمة التضحيات التي تطلبتها هذه الحرب ، فقد ثبت شعب غزة ولم تهتز ثقته بمقاومته وخياراتها ، وقد أذهل هذا الشعب العالم بصبره وقدرته على التحمل للقتل والدمار والبرد والمطر والجوع والعطش والتعذيب ، لدرجة عجز فيها الأعداء عن إجراء مقابلة مع غزَّاوي أو غزَّاوية واحدة يدين أو يدين المقاومة أو يهاجم وتهاجم أداءها وخياراتها ، وهكذا ورغم وصول عدد الضحايا من مصابين وجرحى ، إلى ما يقارب المئة ألف ، بقي صمود الشعب الفلسطيني في غزَّة وتمسكه بمقاومه وأرضه بنفس الدرجة من الإصرار والعزم والثبات ، الأمر الذي اعجز الصهاينة عن إيجاد شرخٍ يدخلون من خلاله للضغط على المقاومة لتتراجع وتتنازل عن بعض أهدافها ومطالبها ، وهكذا قدَّم شعب غزة أداءً إنسانياً أسطورياً في وقوفه الداعم والحامي لمقاومته ، وبذلك عزَّز فرص إنتصارها وتحقيقها لأهدافها في المستقبل القريب إن شاء الله .

كما ساهم هذا الإنصهار الوطني الفلسطيني ، بين المقاومة وحاضنتها الشعبية ، بتقديم نموذج عربي مؤمن مستضعف تحرريٍّ ، بمستوى عالمي لا يقل قيمة ورمزية وشرفاً عن النموذج الفيتنامي والجنوب أفريقي والهندي والجزائري والكوبي والروسي والبوسني وغيرهم ، وهذا توفيق عظيم أعاد للأمة امل ان تكون فاعلة ومؤثرة على المستوى الحضاري العالمي .

4- روحية التضحية والإستشهاد.

عندما يرى المقاوم الفلسطيني ، أن حاضنته الشعبية تمتلك هذه القابليات الهائلة في التضحية والفداء والإستشهاد ، فإنه يسترخص كل تضحية يمكن أن يقوم بها ، لذلك قدم المجاهدون الفلسطينيون في حرب طوفان الأقصى في غزَّة نموذجاً رائعاً لطلاب التحرر والحرية في العالم ، حتى أن عدوهم عجز عن إعتقال مقاومين بشكل يمكِّنه من الإعتداد بهذا الإعتقال ويعلن عنه أمام العالم كإنجاز عظيم ، لذلك إضطُرَّ جيشه إلى إفتعال مسرحيات إعتقال مدنيين وأجبرهم على خلع ملابسهم في البرد القارس ، وادَّعى بانهم مقاومون ، ولكن سرعان ما فضحه إعلامهم ، كما فضحه بإدعائه الكاذب والمخادع بأن المقاومة إفتعلت المجازر وقتلت والاطفال وإغتصبت النساء في منطقة غلاف غزة ، بينما اثبتت الحقيقة المصورة وشهادات جنود الذين إعترفوا بانهم هم الذين إرتكبوا المجازر المروِّعة بحق المستوطنين وليس المقاومة الفلسطينية .

كما حافظ المجاهدون الفلسطينيون على روحية قتالية واخلاقية عالية ، رغم الحصار والجوع والدمار والعطش والسقيع ، وكانوا في جهوزية تامة ، لملء أيِّ فراغ يتركه العدو على أرض غزة ، ومبادرين دائماً لمفاجاءته وضربه من حيث ومن حيث لا يحتسب ولو من مسافة صفر ، على ضهر الدبابة أو الجرافة مباشرة ، الأمر الذي كسَّر عنفوان وكبرياء هذا الجيش وقهره واذله ، وفي هذا الأداء إنتصار لمقاومة غزة وإنكسار لعدوها.

5- رهان المقاومة في غزة على دعم محور المقاومة لها .

محور المقاومة والممانعة بدأت نواة تشكُّله في المنطقة ، على أثر الإجتياح الصهيوني للبنان في العام 1982 ، واستمرت فكرة هذا المحور بالتطور والنمو والإرتقاء ، والتناغم والتكامل في التعاون السرِّي وتبادل الخبرات والتجارب ، ولكن لم يجرِ فيق تطبيق فعليٌّ للتعاون الميداني في حروبٍ مشتركة ، إلاَّ في حرب طوفان الأقصى ، حيث يمكن إعتبار هذه الحرب هي فاتحة عهد التطبيق العملي لتعاون قوى المقاومة في المنطقة فيما بينها ، أو لنقل المناورة الأولى لمحور المقاومة في المنطقة بالذخيرة الحية ، بداية مع جيش الكيان ، ثم مع الجيش الأميركي والغربي الذي إضطرَّ للدخول المباشر والسافر بعد ذلك ، دفاعاً عن قاعدته المتقدمة في المنطقة ، إسرائيل ، وقد حقَّق تدخُّل محور المقاومة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ، إنجازات بالغة القيمة والتأثير في هذه الحرب لمصلحة القضية الفلسطينية أولاً ، ولمصلحة الشعوب والأنظمة التي دعمت القضية الفلسطينية ثانياً ، الأمر الذي فتح آفاقاً جديدة رحبة لشعوب المنطقة وإمكانية تحرُّرها من من الوجود الغربي المباشر على أرضها ، الذي يهدف لزعزعة أنظمتها ونهب ثرواتها ، ومنع تحقيق تنمية مستدامة فيها .

وقد إكتسب كلُّ شريك في محور المقاومة خاصةً الشعب الفلسطيني ومقاومته ، مناعةً وحصانةً كبيرةً ، بعد المناورة الأولى للمحور بالذخيرة الحيَّةِ ، ضُدَّ أعداءٍ حقيقيين ، لأنه بعد اليوم سيحسب الكيان الصهيوني والغرب الجماعي ألف حساب قبل أن يمارسوا عدوان على أيِّ مكوِّنٍ من مكوِّنات محور المقاومة ، لأنَّ ردَّة الفعل ستكون جماعية وفاعلةً ومؤثِّرة ، من قبل المحور الجماعي ، وللمرَّة الأولى صار بإمكاننا أن نتحدث ، عن غربٍ جماعيٍّ يقابله محور مقاومة جماعيٍّ ، هو نسخة منقّضحة ومصحَّحة عن جيش الإنقاض العربي ، وجيش الجمهورية العربية المتحدة ، الذين فشلا في حماية فلسطين أيام النكبة وبعدها ، وها هم اليوم يعالجان الثغرات التي كانا يعانيان منها ، ويعزِّزان نقاط القوة ، ويكتشفان نقاط ضعف ووهن عدُّوهم وداعميه الغربيين الإستعماريين.

نقطة القوة لمحور المقاومة هذه ، والتي ساهمت بخلقها وبلورتها ، حرب طوفان الأقصى ، صارت تمثِّل من الآن وصاعداً ، نقطة إرتكاز إضافية بالغة الأهمية لمشروع المقاومة الفلسطينية ولهدفه الكبير الذي هو تحرير فلسطين ، كلِّ فلسطين ، كما صار يمثل مصدر قلقٍ وجوديٍّ للكيان الصهيوني ، ولمشروع هيمنة الغرب الجماعي على منطقة غرب آسيا ، من خلال تواجد قواعدها العسكرية المباشرة في هذه المنطقة.

6- وعي قيادة المقاومة وجمهورها.

يشكِّل وعي قيادة المقاومة وجمهورها ، نقطة القوة التي تعي المقاومة الفلسطينية من خلالها حقيقة الواقع الذي تعيشه ، وتعي بشمولية وإحاطة كافة نقاط قوتها ونقاط ضعفها ، كما تعي بذات العمق والشمولية ، نقاط قوة وضعف عدوِّها وداعميه ، وتبني خططتها وتكتيكاتها ، على أساس هذا الوعي الذي تتمتع به ، الامر الذي يفوِّت الفرصة على أعدائها بإمكانية خداعها ، او تضليلها ، أو إرعابها أو إبتزازها ، ونشهد بوضوحٍ معلم هذا الوعي ، من خلال التخطيط والتحضير الدقيق لمعركة طوفان الأقصى ، الذي لم تفوته شاردة ولا واردة ، ولا صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، في مجال الأمن والإستخبارات والعسكر والإعلام الإتصالات والمواصلات ، وفي إعداد مجتمع مقاومة قادر على تحمل معاناة الحرب والصمود والثبات المذهلين ، وتجهيز الأماكن التي تتطلبها المعركة ، كما نشهده في عجز عدو المقاومة ، في تحقيق أي إنتصار معتدٍّ به ، وفي اي مجال كان ، والأهم من كلِّ ذلك عجزه عن إنهاء الحرب للمرة الأولى بالطريقة التي يتمناها ، والتي يمكن أن تمكِّنه لاحقاً من أن يحقق في المفاوضات والمماطلة والخداع ، ما عجز عن تحقيقه بالسلاح والحرب والواجهة في الميدان ، وكلُّ هذا ما كان ليكون لولا الوعي الذي تتمتع به قيادة المقاومة وجمهورها ، وها هي قيادة العدو تنتظر القرارات التي يصوغها أبو خالد ، محمد الضيف ، وابو إبراهيم ، يحي السنوار ، من أنفاق غزة التحتا التي باركنا حولها ، هذه القرارات التي ستحدِّد مصير الكيان ومصير قادته وداعميه في المنطقة ، وانتظروا يا رعاكم الله إنَّا معكم منتظرون.

عدنان إبراهيم سمور

باحث عن الحقيقة

04/02/2024


فيديو تم تداوله ،لجنود صهاينة يحتفلون بشكل هستيري بعدما أخبرهم الضابط بانسحابهم قبل أن ينالوا نصيبهم على يد أبناء غزّة الأبطال:

تعليقات: