قبرص ملاذ سليم صفير وممارساته الاحتيالية

أسرار قبرص الملاذ الآمن للمصرفي سليم صفير معرقل خطة التعافي (المدن
أسرار قبرص الملاذ الآمن للمصرفي سليم صفير معرقل خطة التعافي (المدن


أسرار قبرص مشروع استقصائي عابر للحدود بقيادة الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (ICIJ) وبمشاركة أكثر من 250 صحافياً من 69 وسيلة إعلامية في 55 دولة، من بينها موقع "درج". يكشف المشروع كيف وفّرت قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، ملاذاً آمناً لأصول وأموال رجال أعمال وسياسيين مشبوهين عالمياً، من بينهم المصرفي اللبناني - السويسري سليم صفير.

لا يختلف سليم صفير رئيس جمعية المصارف ورئيس مجلس إدارة بنك بيروت عن زملائه رياض سلامة المُلاحق دولياً ومروان خير الدين المتهّم أمام القضاء الفرنسي، فصفير المعروف بقربه من البطريرك بشارة الراعي حققّ أرباحاً من الانهيار الحاصل في لبنان كما حقق في سنوات الإزدهار.

صفير الذي تقلّد "جائزة الاستحقاق الوطني" عام 2019 من وزير الخارجية والمغتربين آنذاك جبران باسيل، عمد في العام نفسه إلى تحويل أمواله إلى الخارج. وكان قد لجأ سليم صفير إلى الجزيرة الأوروبية لتأسيس شركة تمتلك أسهماً في بنك بيروت وتراكم أمواله في الخارج، بينما امتنع مصرفه عن دفع أموال المودعين.


صفير في قبرص

يكشف تقرير أعده موقع "درج" (للاطلاع على نص التقرير الكامل) في إطار مشروع "أسرار قبرص" عن ارتفاع قيمة حساب سليم صفير في الشركة القبرصية التي يملكها، وتملك بدورها أسهماً في بنك بيروت، بداية من عام 2016، ولكن بشكل كبير في نهاية عامي 2019 و2020، أي بعد الأزمة الاقتصادية اللبنانية، إذ قفزت موجوداته من 37.2 مليون دولار إلى 45.5 مليون دولار عام 2019، وذلك في سنة واحدة (أي بين 2018 و2019)، لتصبح أكثر من 55 مليون دولار في نهاية عام 2020.

كما تشير الوثائق إلى أنه في نيسان 2019، باع سليم صفير، باسم بنك بيروت، 500000 سهم لصالح سليم صفير نفسه بصفته مدير شركة Sfeir Bancorp Limited القبرصية، حيث يظهر توقيعه عن الطرفين.


صفير والأزمة

يرتبط اسم سليم صفير ارتباطاً وثيقاً بجمعية المصارف والدور الذي لعبته في تعطيل خطة التعافي في لبنان لصالح المصارف التجارية وعلى حساب المودعين. برز اسمه أيضاً في الانتفاضة اللبنانية، عندما اقتحم المتظاهرون جمعية المصارف للمطالبة بودائعهم المنهوبة.

يكشف التحقيق أنّ صفير كان من بين المستفيدين من الأزمة المالية ومن تحوّل الاقتصاد اللبناني إلى اقتصاد نقدي، وذلك عبر BoB Finance، وأنه يملك عدداً من شركات الأوف شور في قبرص، من بينها Sfeir Bancorp Limited التي استطاع من خلالها حماية ثروته في ظلّ الأزمة، بينما كان المودعون يتخبطون على أبواب المصارف. وقام بتحويل مالي إلى الخارج عندما كان بعض الطلاب اللبنانيين يتشرّدون في بلاد الاغتراب جراء منع تحويل الأموال إليهم.


شركات وشراكات صفير

توصل التحقيق إلى أن الشركات الواردة في لائحة حاملي أسهم بنك بيروت تكشف أنّ عدداً كبيراً من هذه الشركات تعود أسهمها إلى سليم صفير نفسه، منها: Sfeir Bancorp Limited وInternational Century Corporation (ICC) SA وLebanon وHPG Urban Developments PTY LTD. لا بدّ من التأكيد أنّ هذا الفعل هو قانوني، ولكنّه يتطلب تعمّقاً في دور الشركات القبرصية.

وتشير الوثائق في سياق مشروع "أسرار قبرص"، إلى أن الشركة الرئيسية التي يملكها صفير وهي Sfeir Bancorp Limited بدأت عملها عام 2011، إلّا أنّها بالكاد كانت تعمل حتى عام 2016، إذ يظهر تقرير التدقيق المالي لنهاية عام 2016 "أصولاً مالية متاحة للبيع" بقيمة تتخطى 38.5 مليون دولار، وذلك من خلال الاستثمارات التالية:


• نحو 37.2 مليون دولار في بنك بيروت.

• نحو 1.4 مليون دولار في شركة International Century Corporation Lebanon، وهي شركة فرعية تابعة لشركة International Century Corporation Luxembourg، والشركتان تملكان أسهماً في بنك بيروت بنسبة مجتمعة وهي 28.52%، بحسب موقع البنك.

• منذ عام 2016، أدان سليم صفير، المساهم الوحيد في شركة Sfeir Bancorp Limited، الشركة مبلغاً بقيمة نحو 37.2 مليون دولار.

ولا بدّ من التذكير بأنّ سنة 2016 كانت السنة التي أقرّ فيها رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان السابق، الهندسات المالية التي أفادت المصارف الخاصة، ليتّضح بعد نحو أربع سنوات أنّها سبب رئيسي في الانهيار الاقتصادي في لبنان.

• وحتى نهاية عام 2019، كانت الشركة تتلقّى توزيعات أرباح (dividend) وصلت إلى 1.789.000 دولار، ولكنّها لم تتلقّ أي ربح عام 2020.

بحلول 31 كانون الأول 2020، كانت شركة Sfeir Bancorp Limited تدين لسليم صفير بمبلغ قيمته أكثر من 55 مليون دولار، وفقاً للوثائق، وهو ارتفاع عن كل الأعوام السابقة.

يعدّ الارتفاع في عام 2019 قفزة مستغربة عن السنوات السابقة، خصوصاً أنّها السنة التي بدأت فيها الأزمة المالية في لبنان. أمّا في نهاية عام 2020، فتظهر الوثائق أنّ الشركة أصبحت تدين لصفير بأكثر من 55 مليون دولار.

ويطرح بعض الخبراء احتمال أن يكون صفير قد استدان من بنك بيروت ثمّ أدان شركته Sfeir Bancorp التي بدورها اشترت أسهماً في بنك بيروت، إذ إنّه استدان من البنك لشراء أسهم في البنك نفسه.

وبالإضافة إلى Sfeir Bancorp Limited، يملك صفير أسهماً في شركات عدّة، يتشارك فيها مع مساهمين يتولون أصلاً مناصب رفيعة في بنك بيروت.


تحويلات إلى الخارج

وفي التقرير تم الكشف عن وثيقتين حول القروض التي حصلت عليها المصارف التجارية والتحويلات التي حوّلتها إلى الخارج.

تكشف الوثيقة الأولى أنّ بنك بيروت حصل على قرض من مصرف لبنان بقيمة 428 مليون دولار في 25 كانون الثاني 2020، أي بعد الأزمة المالية التي بدأت معالمها تظهر منذ تشرين الأوّل 2019.

أمّا الوثيقة الثانية فتُظهر أنّ بنك بيروت حصل، في الفترة ما بين 1 تشرين الأول 2019 و31 آذار 2020 أي بعد اندلاع الأزمة، على مجموع قروض بقيمة 620 مليون دولار، وحوّل منها 466 مليون دولار إلى الخارج.

وبينما كان صندوق النقد الدولي يفاوض الحكومة ويطالب بإصلاحات، وكان المودعون يطالبون بحقوقهم وودائعهم، كانت أعمال التحويلات النقدية في ذروتها، إلّا أنّ هناك عدداً قليلاً من الشركات التي توفر هذه الخدمات، وذلك يتطلب الحصول على ترخيص من مصرف لبنان. من بين هذه الشركات، OMT وBoB Finance اللتان تديران نقاط تحويل Western Union. تدير BoB Finance اليوم أكثر من 700 نقطة تحويل في لبنان.

وقد حقّقت شركة BoB Finance أرباحاً بنحو 20 مليون دولار في 2022، نتيجة جمع الدولارات من السوق لصالح رياض سلامة بعمولة 3%. ويعد رئيس جمعية المصارف مثالاً على كيفية تحقيق النخبة السياسية أرباحاً من الأزمة.

وفي وقت أجهضت فيه جمعية المصارف خطة التعافي، أصرّت على تحميل مسؤولية الانهيار للحكومة ومصرف لبنان لإشرافهما على سنوات عدة من الإنفاق الكبير والإسراف، إلى الحدّ الذي دفع صفير إلى المطالبة بـ"أن تبيع الدولة ممتلكاتها بأموال من الخارج وليس بأموال من داخل لبنان".

وتناست الجمعية أنّ المصارف الخاصة استفادت لسنوات كثيرة من ضخّ السيولة من الأموال العامة في حساباتها بمئات المليارات من الدولارات.

تعليقات: