محتجون اسرائيليون يقتحمون الكنيست.. والإطاحة بنتنياهو ليست سهلة


احتجت مجموعة من الإسرائيليين داخل مبنى الكنيست الأربعاء، مطالبة الحكومة ببذل المزيد من الجهود من أجل تحرير الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس في غزة. ولطّخ بعضهم الحاجز الزجاجي الفاصل بين قاعة الزوار والقاعة الرئيسية بالطلاء الأصفر.

وهتف المحتجون للمشرعين الجالسين أسفل منهم: "الآن! الآن!"، وتركوا الزجاج ملطخاً باللون الأصفر، لون حملتهم، بينما اقتادهم موظفون في الكنيست إلى الخارج.

ويأتي الاحتجاج عقب مظاهرات مناهضة للحكومة خرجت في القدس على مدى ثلاثة أيام ونزل خلالها الآلاف إلى الشوارع للمطالبة باتخاذ مزيد من الإجراءات لتحرير الرهائن وبتنظيم انتخابات جديدة لاستبدال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.


نتنياهو تحت الضغط

ويجد نتنياهو نفسه تحت ضغط متزايد في ظلّ هذه التظاهرات التي تنظّمها المعارضة وعائلات الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بعد مرور حوالى ستة أشهر على بدء الحرب.

غير أن خبراء يرون أنه سيكون من الصعب الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي الذي عرف كيف ينجو من أزمات عديدة في السابق.

ويتعرّض المسار الذي اتخذته الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لانتقادات متزايدة بينما أثار مقتل سبعة من العاملين في مجال الإغاثة في قطاع غزة الاثنين جراء غارة إسرائيلية، موجة من السخط الدولي.

ويُتهم نتنياهو بالمسؤولية عن الإخفاقات الأمنية والعيوب الاستخبارية التي سهلت هجوم "طوفان الأقصى". وأخذت حماس خلال الهجوم نحو 250 رهينة ما زال 130 منهم في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات إسرائيلية.


تراجع شعبيته

في الأسابيع الأخيرة، تضاعفت التظاهرات ضد نتنياهو، وشارك فيها عشرات الآلاف في نهاية الأسبوع، خصوصاً في تل أبيب. ويرى المحتجون أن الانقسامات السياسية العميقة التي نتجت من الإصلاح القضائي الذي أجراه رئيس الحكومة في 2023، قد أضعفت البلاد. وكان قد اتهمه منتقدوه، أثناء محاكمته في عدة قضايا فساد، بتضارب المصالح وبأنه أراد القيام بهذا الإصلاح للهروب من مشاكله القانونية.

وبعد انخفاض شعبيته منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أصبح نتنياهو ضعيفاً سياسياً وأيضاً جسدياً. فقد بدا شاحباً ومتعباً خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الأحد قبل وقت قصير من خضوعه لعملية فتق، كما بدا أكثر شحوباً عندما غادر المستشفى الثلاثاء.

ولكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب إيمانويل نافون يشير لوكالة "فرانس برس"، إلى أن نتنياهو "كان قد اعتُبر ميتاً سياسياً في مناسبات عدّة، غير أنه كان قادراً على العودة" خلال مسيرته السياسية التي امتدّت لأكثر من 30 عاماً، منها 16 عاماً كرئيس للوزراء.

وواجه نتنياهو في 2023، إحدى أكبر حركات الاحتجاج الشعبية في تاريخ البلاد ضد الإصلاح القضائي، وكانت تلك التظاهرات أكبر من التي تنظّم في الفترة الحالية.

ولكن فضلاً عن احتجاجات المعارضة، يتوجب على نتنياهو الآن مواجهة غضب عائلات الرهائن والجدل الدائر حول إعفاء اليهود المتدينين من التجنيد، الأمر الذي يتعرض لانتقادات متزايدة في ظلّ استمرار الحرب في غزة.

وبينما كان من شأن هجوم مثل "طوفان الأقصى" أن ينهي الحياة السياسية لأي زعيم آخر، إلّا أن نافون الذي كان عضواً في حزب "ليكود"، يشير إلى أن نتنياهو "لا يمكن عزله من الداخل"، موضحاً أنه "حوّل الليكود إلى شركة عائلية، حيث لا يوجد من يعارضه".


"من بعدي الطوفان"

وفي السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس جدعون راهات ل"فرانس برس": "لا أعتقد أنه سيتم استبداله من داخل ليكود، على الأقل ليس الآن"، مضيفاً أنه "من أجل إجراء انتخابات مبكرة، يجب أن تكون هناك حكومة بديلة ولا أعتقد أن ذلك سيحدث".

ويعرب راهات عن اعتقاده بأن استمرار الحرب في غزة هي مسألة بقاء سياسي بالنسبة إلى نتنياهو، مضيفاً "طالما استمرّت الحرب، يمكنه القول إنه ليس من الممكن تنظيم انتخابات. وهو يسعى دائماً إلى تبرير بقائه رئيساً للوزراء".

ويقارن مؤرخ شؤون الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب مارتن كرامر الوضع الحالي في إسرائيل ب"حرب يوم الغفران"، أي الهجوم المفاجئ الذي شنّته مصر وسوريا في تشرين الأول/أكتوبر 1973، والذي أدى إلى سقوط غولدا مائير التي كانت رئيسة وزراء في ذلك الحين.

ويشير كرامر عبر موقعه، إلى أنه بالمقارنة مع الأحداث الحالية "لم يتمّ تحميل المسؤولية لأحد رسمياً، ولم يستقِل أحد" بعد ستة أشهر على بدء الحرب في غزة. ويضيف أن نتنياهو "لا يرى ضرورة للمحاسبة"، ملخصاً الأمر بالقول إن "لسان حاله يقول: وليكن من بعدي الطوفان".

تعليقات: