بنت جبيل تنتخب «بوحسين أوباما» ونائبه بيضون

اوباما وبايدن («بوحسين أوباما» ونائبه بيضون)
اوباما وبايدن («بوحسين أوباما» ونائبه بيضون)


بنت جبيل ـــ

كان على باراك أو «بو حسين أوباما»، ونائبه جوزف بايدن أو «جو بيضون» كما يلقبهما أبناء بنت جبيل، أن يزورا المدينة الجنوبية التي دمرت فيها منازل لناخبيهم في حرب تموز، بسلاح دفع هؤلاء بوصفهم أميركيين، جزءاً من ثمنه كضرائب. فإلى بنت جبيل التي يحمل قرابة 70% من أبنائها جنسية العم سام، تنتسب عائلات ناخبي ولاية ميشيغن من اللبنانيين، ما يجعلها امتداداً للولاية، تستحق زيارة الثنائي في جولاتهما الانتخابية

عشية الانتخابات الأكثر تشويقاً في العالم، ينتظر أميركيو بنت جبيل المقيمون فيها، انتخاب «الأسود» الديموقراطي الذي حسموا أصواتهم له. ومع أنهم اختاروا ألا يقيموا نهائياً هناك في ديترويت، كآلاف من أبناء المدينة الذين هاجروا شيئاً فشيئاً إلى الولايات المتحدة منذ مطلع القرن التاسع عشر، إلا أن جلساتهم هنا في عاصمة التحرير، تتمحور حول المشهد الأميركي عشية الانتخابات. والأمر طبيعي.

فالانتخابات المقبلة لها التأثير الأكبر على تحديد السياسة الاقتصادية الأميركية، المجال الأهم بالنسبة للمهاجرين حتى قبل السياسية الخارجية التي يتأففون منها في ما يتعلق بأسلوب تعاطيها مع بلادهم الأصلية.

وكانت هجرة أبناء بنت جبيل إلى الولايات المتحدة الأميركية قد بدأت في عام 1914، وبعد السماح بلمّ شمل العائلات الذي يخوّل حسب قانون الهجرة الأميركي في السبعينيات، إعطاء الجنسية لذوي المجنسين أميركياً، ازداد عدد المهاجرين من المدينة. وزادت الهجرة عندما فتحت السفارة الأميركية أبوابها أمام الحرفيين، إذ كان أكثر أبناء بنت جبيل يعملون في صناعة الأحذية، ففضلوا الهجرة إلى أميركا بسبب الحرب الأهلية وضيق العيش.

وأمام أحد المحال التجارية عند مدخل المدينة، اجتمع خمسة رجال. يوزع أحدهم نسخاً عن مقالة منشورة في جريدة عربية اسمها «صدى الوطن»، تصدرها جالية بنت جبيل في أميركا. عنوان المقالة «من تنتخبون؟ أبو حسين وبيضون أم سينثيا ماكين؟». اثنان من الخمسة أميركيان، بينهما موظف عدلي حصل على تقاعده وعاد إلى «حبيبتي بنت جبيل»، كما يقول. أما الآخرون فأولادهم يعيشون في أميركا. «مصالحنا ومصالح أولادنا هناك، نحن لبنانيون أميركيون، لكننا نكره الجمهوريين، ونريد لأوباما الفوز»، يقول الحاج أبو كمال مكي، الذي نفى أن تكون حماسته لأوباما من منطلق سياسي بل اقتصادي.

فالجمهوريون «فشلوا في إدارة الاقتصاد، ولو كان الوضع الاقتصادي جيداً في عهد جورج بوش لأعطينا الجمهوريين أصواتنا»!

مكي الذي ترك 16 حفيداً في أميركا، يرى أنه وأحفاده لا يواجهون مشكلة ولاء للولايات المتحدة الأميركية، رغم معارضتهم سياستها الخارجية المنحازة لإسرائيل «نعشق بنت جبيل، وبعض شهداء حرب تموز أميركيون، ولدينا انتماء أيضاً لأميركا، وأولادي ولدوا هناك ويحبون حياتهم وبلدهم الثاني». ولا ينكر الحاج تأثير حرب تموز التي دمرت بنت جبيل، على اندفاع أبنائها للتصويت للديموقراطيين. لكن «ما يهمّنا هو السياسة الاقتصادية، فأبناؤنا في أميركا من أجل العمل، لذا يصوّتون ضد الجمهوريين الذين قلبوا الاقتصاد رأساً على عقب». ويشير مكي بإصبعه إلى منازل جميلة على مبعدة قائلاً «90% من منازلنا من أموال مغتربي أميركا. نحن لا نشرب من البئر ونرمي فيه حجراً، لكننا أيضاً غير راضين عن السياسية الخارجية لبلادنا».

وتعبّر أم جهاد داغر (60 سنة) عن حزنها الشديد بسبب عدم اصطحابها الأوراق اللازمة التي تخوّلها المشاركة في الانتخاب.

فهي ترغب بالانتقام لولدها الذي فقد وظيفته بسبب سياسة الجمهوريين الاقتصادية «ابني كغيره طرد من عمله في معمل للسيارات في أميركا، لذلك يجب أن يصبح الأسود رئيساً لأميركا وإلا سيسوء الوضع أكثر من الآن». وتنتقد أم جهاد بعض العرب الذين انتخبوا جورج بوش بسبب بعض المصالح الضيقة، وتقول «الله يلعنهم انتخبوا الذي دمّرلنا بيوتنا».

هاجرت أم فؤاد بزي ( 65 سنة) إلى أميركا عام 1978، لكنها كرهت العيش هناك فعادت إلى بنت جبيل حيث تقيم في منزلها. تقول أم فؤاد «يحترمون حقوقنا هناك لكنهم دمروا بلدنا هنا، وأنا لم ولن أنتخب أحداً في أميركا، على عكس أولادي الذين ينتخبون الديموقراطيين».

وتضيف أم فؤاد «منذ حصولي على الجنسية الأميركية لم أنتخب ولا مرة. تلك البلاد تكره بلادي الأصلية فكيف أحترمها؟ حتى أنني رفضت أن أتعلم اللغة الإنكليزية».

وكما الناس، كذلك المختار. هكذا، يبدو فؤاد بيضون مختار بنت جبيل، ملمّاً بأخبار الجالية في أميركا، أكثر منه بأخبار أبناء بنت جبيل المقيمين. فهو أيضاً يحمل الجنسية الأميركية، ويطالب بحقه في الانتخاب عبر السفارة الأميركية في بيروت «نحن هنا أيضاً نريد التغيير، فقد تأثّرنا بالبطالة هناك. ذلك أن كل منزل هنا يعيش على مساعدات المغتربين من ذويه في أميركا. وهنا حوالى 3000 منزل شيدت بأموال المغتربين». ويضيف المختار «بدأت حركة العمران تتأثر سلباً بالأوضاع الاقتصادية المتردية في

أميركا».

لا إحصاء دقيقاً لعدد مغتربي أبناء بنت جبيل في أميركا، لكن أقل تقدير هو 20 ألف نسمة بحسب المختار فؤاد بيضون. ويقول هذا الأخير إنه شارك في إحصاء سكاني لأبناء بنت جبيل في أميركا منذ 5 سنوات، وكان عددهم حينها أكثر من 18 ألف نسمة، معظمهم يعيشون في مدينة ديترويت في ولاية ميشيغن. أما الباحث علي بزي، وهو صاحب كتاب عن المدينة فيقول، إنه «يقدر عدد سكان بنت جبيل اليوم بحوالى 45 ألف نسمة، منهم 18 ألف ناخب مسجل في لوائح الشطب، و4 آلاف مقيم و41 ألفاً بين نازح ومهاجر».

تعليقات: