مزارعو حاصبيا بكّروا هذا العام في قطاف الزيتون

حقول الزيتون فوق روابي حاصبيا
حقول الزيتون فوق روابي حاصبيا


حاصبيا ــــ

الموسم تأثر بالتغييرات المناخية فأضعفت إنتاجه..

بكّر مزارعو الزيتون في حاصبيا ومنطقتها هذا العام في قطاف زيتونهم مستغلين أمطار تشرين التي جاءت بعد طول انتظار، ويرى المزارعون في هذا الموسم أنه الأضعف قياساً بمواسم الحمل منذ اكثر من ربع قرن، حيث تشير الاحصاءات الاولية للتعاونيات الزراعية ولكبار المزارعين ايضاً أن نسبة الانتاج لهذا العام منخفضة وتختلف بين موقع وآخر ونسبة الحمل تتراوح ما بين الـ 25 % والـ 50% من نسبة الإنتاج المعتادة في سنين الحمل ويعزو المزارعون السبب في ذلك الى عوامل مناخية أبرزها موجة البرد والصقيع التي أصابت أشجار الزيتون في شهر نيسان الماضي ايام العقاد وكذلك انحباس الامطار على مدى ستة أشهر متتالية وعدم قدرة المزارع على ريها وتجنيبها العطش من العوامل التي ساهمت في ضرب الموسم·

مزارعو الزيتون في هذه المنطقة وبالرغم من ضعف موسمهم الى درجة انه خيّب آمال العديد منهم يأملون من التمكن في تصريف انتاجهم باكراً من زيت وزيتون للمونة حيث أن البداية مشجعة وسعر صفيحة الزيت بحدود الـ 150 دولاراً اميركياً وكيلو الزيتون بـ 6000 ليرة وهذا ما جعلهم بأن يكونوا في سباق مع الوقت وقبل ان تغرق الاسواق المحلية بهذا المنتج المستورد من الخارج على غرار كل موسم ويخلق منافسة قوية للإنتاج المحلي فيتحول عندها الموسم الجديد عند المزارعين من نعمة الى نقمة تربكهم وتثقل كاهلهم وتجعلهم يتخبطون في مشاكل وأزمات اضافية في الوقت الذي ما زالوا فيه يئنون من وطأة وهموم وخسائر المواسم السابقة والتي اضطروا عندها الى بيع صفيحة الزيت البكر بحدود الـ 80 ألف ليرة في وقت تتجاوز فيه كلفتها الـ 100 ألف ليرة·

زراعة الزيتون في منطقة حاصبيا تعتبر من أشهر وأقدم الزراعات التقليدية فيها وهي تشكل مورداً أساسياً لشريحة كبيرة من المجتمع االحاصباني بحيث تحتل البساتين المغروسة بهذه الشجرة المباركة حوالى 85% من مجمل المساحات الزراعية في المنطقة ومن النادر أن تجد مواطناً فيها لا يملك ما يكفيه لمونته من زيت وزيتون على مدار السنة·

يشتهر الزيتون الحاصباني كما زيته ايضاً بجودته العالية ونكهته المميزة ويتمتع بمواصفات عالية قلما تجدها في الزيوت المنتجة في أرقى الدول الزراعية في العالم يساهم في ذلك اعتماد المزارع الحاصباني الوسائل البدائية المتوارثة عن الآباء والاجداد لجهة الحراثة والتشذيب والاعتناء بالشجرة بعيداً عن الكيمياويات والاسمدة والادوية المعتمدة في مناطق اخرى والتي من شأنها تفقد الزيت والزيتون نكهته الجبلية البعلية، كما وان طبيعة المنطقة وتربتها ومناخها المعتدل هي من العوامل الاساسية التي تساعد في نمو الشجرة وفي إنتاجها الجيد والوافر·

وبحسب الإحصاءات غير الرسمية التي قامت بها بعض التعاونيات الزراعية في المنطقة بالتنسيق مع بعض المؤسسات الخاصة التي تتعاطى الشأن الزراعي تشير الى ان انتاج المنطقة من زيت الزيتون سنوياً يصل الى حدود الـ 150.000 صفيحة في سنة الحمل وتنخفض الكمية الى ما بين 40000 و50000 صفيحة في سنة المحل·

ويشير رئيس التعاونية الزراعية في حاصبيا رشيد زويهد الى أن زراعة الزيتون في حاصبيا ومنطقتها قديمة جداً وتعود الى ما قبل 1500 سنة ويدل على ذلك مئات بل آلاف الزيتون الروحاني المعمر والمنتشر في العديد من الحقول وقد شهدت هذه الزراعة تطوراً كبيراً في مطلع الخمسينات وبات هناك اكثر من مليون ونصف المليون شجرة زيتون منتجة لذا نجد غالبية السكان في هذه المنطقة يعتمدون بشكل أساسي في معيشتهم علىهذه الزراعة يساعدهم في ذلك العوامل الطبيعية التي تتميز بها منطقتنا عند المناطق ا لاخرى والتي تلائم زراعة الزيتون وخاصة لجهة بعدها عن سطح البحر بحيث لا تتأثر بملوحته·

ويضيف زويهد أن جودة ونقاء وصفاء الزيت الحاصباني وباعتراف من منظمة الامم المتحدة والعديد من المؤسسات والقيمين على زراعة الزيتون في الدول الاوروبية هو من افضل الشجر في العالم ومن افضل الانتاج للزيت ايضا·

وحول المشاكل التي يعاني منها المزارع الحاصباني قال زويهد: إن هموم المزارع في هذه المنطقة بدأت قبل 15 عاماً بعدما أصبح الانتاج كثيفاً بسبب ازدهار زراعة الزيتون والتصريف خفيفاً الى درجة الكساد بسبب اغراق الاسواق المحلية بالزيوت الاجنبية المستوردة منذ ذلك التاريخ ونحن نطالب ونلح لحل هذه المشكلة منعاً لتفاقمها لكن وللاسف كانت الحلول تأتي أحياناً جزئية ولا تفي بالمطلوب ولم نحصل على حقوقنا ان لجهة الرعاية او التوجيه أو الارشاد أو تقديمه أدوية وأسمدة وغيرها من متطلبات ويبقى المزارع الحاصباني معتمداً على نفسه ويقلع شوكه بيديه·

ويستغرب زويهد هذا الاجحاف بحق المزارع الحاصباني الذي استطاع بجهده وكده ان يحول ارضه الوعرة الى بساط اخضر مغروس بأشجار الزيتون والدولة لا تعيره اي اهتمام في حين انها تخصص ما يوازي المليون ليرة لتغرس شجرة برية وتبخل على شراء صفيحة زيت من المزارع الحاصباني فلماذا لا تقرر الدولة شراء انتاجنا من الزيت لصالح مؤسستي الجيش وقوى الامن الداخلي اللتين يلزمهما سنوياً ما يزيد عن الـ 30 ألف صفيحة زيت وبدلاً من شرائها زيت اجنبي لا يتمتع بالمواصفات والجودة التي يتميز بها زيتنا؟

وأضاف: أين سياستنا من هذا الامر وكأن الموضوع لا يعنيهم، لذا نأمل أن تصل هذه الصرخة الى آذان المعنيين ولا تكون المرحلة الانتخابية المقبلة هاجسهم الوحيد وهنا لا بد لنا بأن نذكر دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري بالوعود التي قطعها على نفسه لجهة استصدار قانون في المجلس النيابي يتيح لمؤسساتنا العسكرية باستيعاب منتوجنا من الزيت فكلنا أمل بأن يرى النور لأنه كفانا استجداء وتسكع على ابواب المسؤولين نحن لا نريد هبة ولا تبرعات ولإعطاء أسوة بالزراعات الاخرى في باقي المناطق اللبنانية·

المزارع عاطف ابو عمر من بلدة عين قنيا وصف الموسم لهذا العام بالضعيف وقد يصل في أحسن حالاته الى 50% من كمية الانتاج لكن ما نعول عليه هو تحسن سعر صفيحة الزيت علنا نعوض بعض الشيء من خسارتنا، خاصة وأن هذ الموسم كان متوقعاً أن يكون افضل بكثير مما هو عليه· وأضاف أبو عمير: إن المزارع الحاصباني ومنذ سنوات عديدة يعيش واقعاً مراً نتيجة المشاكل والمصاعب التي يواجهها تبدأ مع القطاف وصولاً حتى تصريف الانتاج مروراً بالحراثة والتقليم ورش الاسمدة ومكافحة الامراض وهذا ما يرتب اعباء ومصاريف لم يعد بإمكان المزارع تحملها الى درجة أن هذا الموسم الذي يأتي كل سنتين مرة لجهة الحمل بالكساد أن يكفي العجز الذي وقع فيه المزارع، كل ذلك والدولة غائبة كلياً عن المزارع وكان شيئاً يعنيها بالرغم من نداءاتنا المتكررة للمسؤولين في الوزارات المعنية لدعمنا ومساعدتنا في تصرف انتاجنا الذي هو المورد الوحيد في معيشتنا وفي تربية وتعليم اولادنا في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة التي تحصرنا بكل اتجاه·

أنور جبر صاحب أحد معاصر الزيتون لفت الى أن العديد من مالكي بساتين الزيتون فضلوا قطاف محصولهم لهذا الموسم بالحصة اي مناصفه بينهم وبين من يجمع الغلة وذلك بسبب ارتفاع كلفة اليد العاملة وهذا يعني أن المزارع خسر نصف موسمه زيادة عن المصاريف التي يتكبدها على مدار السنة من اجل العناية بشجرة الزيتون وحمايتها من الامراض كما وانه في المقابل جميع المزارعين الذين يعصرون زيتونهم يدفعون الاجرة زي تاً لعدم توفر المال·

وشدد جبر على ضرورة اتخاذ قرارات جريئة وسريعة من قبل الجهات المعنية في الدولة لحماية المزارع الذي بدأ يفكر جدياً في اللجوء الى زراعات اخرى او الى ترك بلدته والهجرة باتجاه المدينة بحثاً عن لقمة العيش وتساءل جبرا إذا كانت الدولة غير قادرة على دعم المزارع وهذا شيء غير مقنع وليس مقبلاً فعلى الاقل منع استيراد الزيتون الاجنبية وإغراق الاسواق المحلية بهذه الزيوت كي يتسنى للمزارع اللبناني تصريف إنتاجه بأسعار مقبولة·

قطاف الزيتون مستمر رغم نقصان الموسم
قطاف الزيتون مستمر رغم نقصان الموسم


تعليقات: