الأركيلة: إنتحار جماعي بالتنباك والمعسّل وقتل للوقت والجسد

إنتحار جماعي بالمعسّل
إنتحار جماعي بالمعسّل


<الأركيلة> سيدة البيوت والشوارع والزائر القاتل بلا حسيب أو رقيب

الأركيلة: يفتح صدره للسرطان ويستبيح حياة الصغار والكبار...

الأركيلة آفة تنتشر بسرعة النار في الهشيم··· أصبحت الزائر الأول في المنازل والمقاهي والأرصفة···

اكتسحت مساحات الوطن في القرى والمدن وصارت رفيقة الفتيان والفتيات قبل الكبار، لكنها رفيقة قاتلة، رفيقة سرطانية تدخل أجسادنا دون استئذان·

ظاهرة تدخين <الأركيلة> أو تعاطيها إنتشرت في السنوات الأخيرة بشكل كبير وخطير دون حسيب أو رقيب، فبينما كان مدخنوها في الماضي من الكبار صارت اليوم بين أيدي الأولاد، حتى أولئك الذين لا يزيد عمرهم عن الـ 15 سنة·

صارت رفيقة الفتيات وسيدة المقاهي المفتوحة أو المغلقة، لا فرق لأن المهم هو الإنغماس في هذه الآفة الخطيرة على الصحة وعلى الثقافة والمجتمع·

انها اليوم ثقافة قتل الوقت والجسد والهروب من الواقع·

ومع أن رئيس لجنة الصحة النائب الدكتور عاطف مجدلاني قد تقدم باقتراح قانون منذ مدّة طويلة يمنع التدخين على أنواعه إلاّ أنه لا يزال في لجنة الإدارة والعدل بعد أن درسته لجنة الصحة· أمّا المخاطر والأضرار فلا تحتاج إلى شرح أو برهان، ويكفي القول إن ضرر تدخين <الأركيلة> يؤدي إلى أمراض سرطانية وصدرية عدا عن إصابات <اللثة> والفك والأسنان·

ويكفي الإشارة إلى أن الانتشار المضطرد لهذه الآفة قد وصل إلى أن يكون عدد مدخني <الأركيلة> يومياً حوالى الـــ <مليون> في كل من آسيا وأفريقيا وأوروبا·

أمّا في لبنان فقد سجلت أرقام عالية في السنوات الماضية، خصوصاً بين الفتيان والشباب·

والحجة دائماً هي الشعور بالملل، الهروب من الواقع، الإحباط، التسلية، التماهي بالآخرين ومسايرة الأصدقاء وقتل الوقت·

كل ذلك، يحصل في غياب حملات التوعية من الجهات المختصة للتحذير من مخاطر هذا المرض الإجتماعي الذي بات يحاصرنا·

أصل <الأركيلة>

ما هي <الأركيلة> أو <الشيشة> بالعامية المصرية إن صح التعبير؟

- يعود أصل <الأركيلة> إلى بلاد فارس ويقال أنه من وسط الهند، ثم انتقل استخدامها إلى شبه الجزيرة العربية لكنها انتشرت عالمياً خلال المرحلة العثمانية· وتتم عملية التدخين عن طريق سحب الهواء من الخرطوم وصولاً بالرأس لحرق المعسّل ثم مروره بحجرة الماء الذي يعمل على ترشيح الدخان· ويمكن استخدامها للتدخين في أشكال عديدة كالمعسّل والتبغ (التنباك)·

ولــ <الأركيلة> أسماء متعددة على حسب البلد· فهي <الشيشة> في مصر والسعودية، و<أركيلة> في سوريا، و<نركيله> في العراق و<نرجيله> في لبنان· أمّا في الإنكليزية فتعرف بإسم Water pipe وفي إيران بإسم glyon·

وما لا يمكن إنكاره بالتأكيد، أن هذه الأداة تستعمل يومياً ولساعات طويلة بواسطة أكثر من مليون إنسان من الرجال والنساء في آسيا وأفريقيا وأوروبا أيضاً، في المقاهي والمنازل·

واللافت، أنه في الزمن البعيد، وخصوصاً في بلاد الشام، لم يخلُ منها جهاز عروسة، وهي ليست جهازاً بسيطاً، فقد يبلغ طولها مترين في الإرتفاع، ويتفنن صُنَاعها في زركشتها وتزيينها برسومات مختلفة·

<فالأركيلة> عبارة عن عادة مرتبطة بالمجتمع الذي تمارس فيه، فهي ظاهرة إجتماعية كانت بالأمس القريب ممارستها مرتبطة بفئات المجتمع الدنيا فقط من صنّاع وحُرفيين وأولاد بلد من زبائن المقاهي، لكن ما يستدعي العجب أن تبعث هذه الظاهرة من جديد في بداية القرن الواحد والعشرين بهذه القوة، وهذا مختلف عما كان في الماضي، إذ كان معظم مدخنوها يقضون معها وقت المغرب والليل بينما الآن يتم تدخينها بلا انقطاع حيث يتعاطاها الجميع وخصوصاً صغار الشباب·

هذا في ما يختص <بالأركيلة>، ولكن ماذا عن <المعسّل> خصوصاً وأننا جميعاً نذكر بأن <الأركيلة> كانت مرتبطة فقط بالتنباك العجمي أو النكهة، فما هو هذا <المعسّل> الذي داهمنا فجأة وانتشر بهذه السرعة بين الناس جميعاً دون استثناء؟

لـ <المعسّل> قصة؟!

إن الــتــبـغ المســتــخدم في <الأركــيــلــة> والمعروف بـ <المعسّل> له نكهات مختلفة بطعم الفواكه مثل التفاح والأناناس والفراولة والعنب···

إلاّ أن بدايته، بدأت منذ قرون، عندما انكسرت خابية عسل أسود كانت مشحونة على مركب يحمل بجوار العسل شحنة من أوراق التبغ، فاختلط العسل بالتبغ وراح صاحب الشحنة يبكي على خسارته، محاولاً أن يجد حلاً ينقذ به بعضاً من الشحنة فكان أن حاول تدخين التبغ المختلط بالعسل فلم ينجح في إشعاله، فقام بتجريب تدخينه عن طريق وضعه في حجر فخاري يوضع فوقه فحماً مشتعلاً، فكانت تلك بداية تدخين <المعسّل> في <الأركيلة>·

مرحلة التطوير!!

وكما يقول المثل السائد: <بدّوا يكحّلا عماها>·، هذا ما حصل بالفعل عندما إرتأى أحدهم تطوير <الأركيلة> وقرر أن يضع قطعة من ورق <الألومينيوم> على قطعة الفخار المسماة بالحجر والتي تحتوي على المعسل، ثم يلفّها جيداً حتى لا يظهر من الحجر شيء، فيضع الفحم فوق ورق <الألومينيوم> كي تنفذ الحرارة منه إلى <المعسّل> فيعطي الدخان المطلوب دون أن تنفذ إليه ذرات رماد الفحم المحترق· وكأن آلاف المواد السامة الموجودة في أوراق التبغ لا تكفي بل أضيف إليها بخار مادة <الألومينيوم> التي تدمر خلايا الرئة والمخ·

خطر <المبْسَم>؟

أمّا الإبتكار الثاني، فحدّث ولا حرج، انه <المبْسَم> المصنوع من نوع غير معروف من <البلاستيك>، وهو قطعاً ليس من أنواع <البلاستيك> المقاومة للحرارة المرتفعة، ويمكن أن يتحد بخاره مع الدخان مكوّناً ما لم يعرف بعد من الأضرار والآثار الصحية المدمرة لذلك كان الأجدى أن نغيّر إسمه خصوصاً وأن عواقبه لا تمت لـِ <المبْسَم> أو البسمة بأية صلة·

ناهيك طبعاً عن خرطوم <الأركيلة> الذي يحتوي في داخله على طبقة مستقرة من البكتيريا والفطريات التي تنتعش في الرطوبة والدفء، لتتكاثر ثم تنتشر عبر الأنفاس لتستشري إفساداً في صحة المدخنين السعداء!

حركة إزدهار

لمعرفة كل شاردة وواردة فيما يختص بأغراض الأركيلة التقينا صاحب أحد المحلات التي تبيع الأراكيل وكافة مستلزماتها، يقول، فادي مغربل: <منذ أيام الوالد وأنا أعمل في هذا المجال، وأستطيع أن أؤكد لك أن هذه الأيام أفضل بكثير من الماضي لأن حركة شراء <الأراكيل> ازدهرت جداً خصوصاً بوجود العديد من الشبان العاطلين عن العمل والذين يريدون أن يقتلوا الوقت بأي شيء وبأية وسيلة· ويضيف: وطبعاً هناك أنواع متعددة لـ <الأراكيل> هناك <أراكيل> لـ <العجمي>، لـ <النكهة> ولـ <المعسّــل> فكل أركيلة ولها <تنباكها> الخاص·

أمّا الأسعار فتتفاوت تبعاً لصناعة <الأركيلة> فهناك النحاسي منها والفضي، كما هناك المحلي الذي يــأتــي من طرابـلس والــمســتـورد الـذي يــأتـــي بـ <شنطة> خاصة وهو في غالب النوع <التشيكي> أي أن الأسعار تبدأ من الـ 12 ألف لغاية الـ 50 ألف وما فوق تبعاً لصناعتها·

وبصراحة سوق شراء <الشعبي> مزدهر أكثر من <المستورد> لأن كلفته أقل ولا سيما أنه يتناسب مع أوضاع الشباب المادية، أضيفي إلى ذلك اللوازم الأخرى كـ <الشعّالة> و<الكانون> و<المجمّرة> و<الملقط> و<المبْسَم> وورق <الألومينيوم>·

<أركيلة دليفري>

ومع الإقبال الكثيف على هذه الظاهرة انتشرت دكاكين وأكشاك في الأحياء المختلفة ولا سيما الفقيرة منها التي تعرض هذه <البضاعة> على المنازل بواسطة ما يسمى بـ <الدليفري> بأسعار زهيدة من دون أي حسيب أو رقيب·

ويقول أحد أصحاب هذه المحلات أن مصلحته لها مواسم أيضاً، لا بل أصبح لديه زبائن من مختلف الفئات ملاحظاً أن الفتيات يقبلن بشكل مضطرد على الطلب بأنواع وتشكيلات عديدة من <المعسّل> وغالباً على نوعين: التفاح والعنب·

يضيف: نبيع <النفس> بـ 3 آلاف ليرة وللزبون الدائم حساب خاص يمكن أن يسده شهرياً·

ويستدرك قائلاً: قبل كل شيء نحرص على النظافة وعلى نوع المعسّل وكذلك على النارة لأن نوعية الفحم مهمة أيضاً ليبقى النفس <والعاً>·

<الأركيلة> ما بين

الماضي والحاضر

ولمعرفة المزيد والمزيد عن عالم <الأركيلة> كان لا بدّ لنا أن نلتقي بإنسان عايش الماضي الجميل وهو اليوم يعيش الحاضر أيضاً، وإن لم يكن بالمستوى نفسه لتلك الأيام، ليحدثنا عن الفرق ما بين إقبال الأمس واليوم، فالتقينا صاحب مقهى <الروضة> الحاج عبد الفتّاح شاتيلا، حيث يقول: <لا شك أن الإقبال على <الأركيلة> هذه الأيام أكثر بكثير من أيام زمان، فالكبير والصغير <يؤركل> هذه الأيام، بينما فيما مضى كانت المسألة تقتصر على كبار السن· كما أن <الأركيلة> كانت محصورة بالتنباك العجمي والنكهة بينما اليوم هناك <المعسّل> بمختلف النكهات، فهناك: التفاح، والعنب، والأناناس والنعنع، والورد···

والــملاحظ أنه كان لـدينا في كل المقهـى ما يـقارب الـ 50 <أركيلة> بينما اليوم لدينا 200 أركيلة وأكثر، واللافت أن الفتيات هنّ أكثر رواد المقهى، أضيفي إلى ذلك الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم الـ 15 سنة، وهذا ما كنت لا ترينه فيما مضى>·

يضيف الحاج شاتيلا: <طبعاً، لا يزال لدينا زبائن من كبار السن الذين يأتون خصيصاً ليدخنوا <أركيلة النكهة> وهم بغالبيتهم من أهالي بيروت· كذلك <أركيلة> العجمي ما زال لها <ناسها>·

ويقول الحاج شاتيلا: <كذلك لم يعد وقت <الأركيلة> مقتصراً على فترة الغروب والليل فقط، بل إن روادها يأتون منذ الصباح حتى المساء خصوصاً في فصلي الربيع والصيف وخلال شهر رمضان المبارك>·

ماذا يقول الأهل؟

< عايدة صايغ أم لابنتين، تقول: <بدأت إبنتاي تدخين <الأركيلة> في عمر الـ 18 سنة بشكل خجول مع الأصدقاء في المقاهي· وقد حاول والدهما أن يمنعهما عن ذلك بعدم السماح بالتدخين داخل المنزل، خصوصاً لما يشكله التدخين من أضرار صحية، لكنهما أصرتا، عندئذ سمحت لهما بذلك·

وأنا بدوري حاولت جاهدة أبعادهما قدر الإمكان لدرجة أنني سمحت لهما بتدخين السيجارة عوضاً عن <الأركيلة> رغم أن كلاهما مضرّ لكنهما تمسكتا بـ <الأركيلة> دون بديل آخر>· وعن رأيها بظاهرة صغار السن الذين يدخنون <الأركيلة> دون أي حرج، تقول صايغ: بصراحة، أكثر المشاهد التي تثير دهشتي هو هذا الكم الهائل من الشباب صغار السن بل والبنات أيضاً، فما كان يثير الإستهجان في الماضي أصبح طبيعياً جداً، وهنا يأتي دور الدولة التي يجب أن تضع نوعاً من الرقابة على الأمّاكن التي يرتادها هؤلاء الشباب لمنع من هو دون سن الرشد أن يدخن <الأركيلة>، لنحافظ على صحة أولادنا·

< الحاجة سعاد جابر أم لعشرة أولاد، تقول: <الأركيلة> ما <منيحة> والدخان ما <منيح> لكن كلنا نعزي أنفسنا هذه الأيام، ربما نتيجة للأوضاع الاقتصادية التي نعيشها، فالغلاء فاحش ولا من يحاسب أو يراقب، لذلك ندخن <كفشّة خلق>·

تضيف: أولادي الشباب جميعهم يدخنون <الأركيلة>، وأنا أستغرب، فأيام زمان كنا نخجل من أن يرانا أحد ندخن وكانت هذه المسألة معيبة جداً خصوصاً لدى السيدات·

تضيف: <من يدخن <الأركيلة> أيام زمان كان عمره يتجاوز الـ 40 سنة أمّا اليوم فإن تجاوز عمر المدخن الـ 10 سنوات <بكون كثير منيح>·

كذلك، التقينا السيدة آمنة ديّة التي تساءلت عن ظاهرة <الأركيلة> لدى الصغار تحديداً، وتقول: <أين مسؤولية الأهل ودورهم؟ أرى أولاداًَ بعمر الـ 10 سنوات والـ 13 سنة يدخنون دون من يردعهم، تحت كلمة <عمنتسلى> <عمنمزح> دون أن يعلموا أن <بدايتها دلع وآخرها ولع>·

تضيف: <إذا بدأوا التدخين في هذا السن المبكرة كيف ستصمد صحتهم؟ ألم يعد هناك من ينصح أو يهتم لهؤلاء الشباب، حرام والله حرام·

< السيد سامي مخيش: يخبرنا عن تجربته مع أولاده والتدخين، قائلاً: <لم أسمح لهم بتدخين <الأركيلة> قبل سن الـ 18 مع أنني كنت أفضل لو لم يتعلقوا بها خصوصاً وأنها مضرّة جداً بالصحة ولكن ليس باليد حيلة، فـ <الأركيلة> أصبحت تغزونا ككل شيء في هذا البلد· وفي ظل هذه الظروف التي نعيشها، أمست <الأركيلة> بالنسبة للشباب كنوع من الهروب من واقعهم الذي يعيشونه يومياً>·

< السيد أحمد عبدان أخبرنا أنه بدأ التدخين منذ 20 سنة لكنه لم يغير عن <التنباك العجمي>، ويقول: <بعمري ما دخنت المعسّل>، عجمي فقط، وهو على فكرة أخف ضرراً بكثير على الصحة>·

< عبدان اعتبر أن شباب اليوم <نهايتهم> قريبة خصوصاً وأن <المعسّل> يسدّ شرايين الصدر سريعاً وعواقبه وخيمة·

كذلك طالب عبدان الدولة بالإهتمام بهذا الموضوع ومنع التدخين في الأماكن العامة كسائر البلدان المتحضرة التي تحترم الإنسان وصحته· فمن يريد أن يدخن <الأركيلة> ليدخنها في بيته دون إلحاق الضرر بالآخرين·

أسباب <الهجمة>

ويبقى السؤال ما هي أسباب <هجمة> شبابنا على تدخين <الأركيلة>، هل هو نوع من التمرد والخروج عن التقاليد؟

هل هو نوع من الشعور بالإستقلالية والقوة؟

هل هو نوع من المغامرة والتجريب؟

هل هو نتيجة القلق العام والتوتر والضغوط المتنوعة إجتماعياً؟

هل هو نوع من الهروب من معاناة عاطفية؟

هل هو نوع من الـ Prestige؟

- <اللــــــــواء> التقت بعدد من الشباب لاستطلاع أسباب تعلقهم بهذه <الظاهرة> إن صحّ التعبير، فكان الآتي:

< رنا الجردي صبية لم تتجاوز الـ 25 سنة، تقول: أنا لم أفكر يوماً بأن أدخن <الأركيلة>، لكن منذ فترة وخلال الأحداث الأخيرة تحديداً شعرت بالملل كغيري·

وبما أن أختي كانت من أهم مدخني <الأركيلة> ظلت تشجعني لنتشارك معاً إلى أن <تولّعت> بها وأصبحت يومياً أحضرها بنفسي، وبصراحة صرت أشعر براحة كبيرة عندما أدخنها· لكن اللافت أن أختي توقفت نهائياً، وبين ليلة وضحاها، بينما أنا تولّعت بها، وكل يوم تريني أشتري <أركيلة> جديدة أو أجرب نوع <معسّل> جديد·

<بدّنا نتسلى>···

< بدوره، المهندس ربيع رضوان أوضح بأنه <يؤركل> منذ خمس سنوات تقريباً، ويقول: <بدأ الأمر كتنفيخ ونوع من التسلية، لكنني لم أدخن سوى التنباك العجمي· فأنا لا أدخن ولا أفكر نهائياً بتدخين <المعسّل> لمدى خطورته على الصحة·

يضيف: <أنا أكتفي بتدخين <الأركيلة> مع الأهل والأصدقاء فقط أو في المقاهي، لكنني لم أفكر يوماً بشراء <أركيلة> للمنزل فهي مسألة تمضية وقت فقط لا غير> كما أنني أفكر بالإقلاع عنها خصوصاً وأنني لا أدخنها باستمرار>·

< نزار رسول شاب في مقتبل العمر، يقول: بدأت منذ عمر الـ 14 سنة مع الأصدقاء، وقد أعجبتني الفكرة خصوصاً وأنني أشعر بكثير من الثقة بالنفس أثناء تدخيني لـ <الأركيلة>· فهي تعطي نوعاً من <الشياكة> والـ Prestige·

وأنا أفضّل <المعسّل> بنكهة <العنب> لأنه أخف من غيره، وذلك كي لا أتعرض لضرر صحي· كما أنني أكتفي أن أدخن مرتين أو ثلاث في الأسبوع مع الأصدقاء·

< لما الحسن صبية بعمر الـ 23 سنة، تقول: <أدخن <الأركيلة> بأي <نكهة كانت، فالمهم أن أمضي الوقت لأهرب من هذا الواقع المحبط الذي نعيشه فلا الوضع الإقتصادي مريح ولا وظائف لنا كشباب، حتى الهجرة باتت صعبة علينا وأصبح لها شروط، كذلك أوضاعنا الإجتماعية حدثي لا حرج، لذلك أصبحنا كشباب نفضل أن نمضي الوقت هباء خصوصاً وأن لا مستقبل لنا في ظل ظروف بلد كل فريق فيها يريد الحصة الكبيرة، وإلى متى فلا أحد يدري، لذلك أفضل شيء هو <التطنيش> و<الأركيلة>·

رأي الدولة

ولمعرفة رأي <الدولة> المعنية بالحفاظ على سلامة وصحة المواطن في لبنان، في هذا الموضوع، ولا سيما أن السلطات في بلاد مختلفة مثل مصر والإمارات وتونس وغيرها منعت تدخين <الأركيلة> في الفنادق والأماكن العامة، التقينا رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاطف مجدلاني·

رأي الدكتور عاطف مجدلاني

انطلق في إجابته من موقعه كطبيب بالدرجة الأولى، بقوله: <هناك اعتقاد خاطئ لدى الناس بأن <الأركيلة> أخف ضرراً من السيجارة، فالضرر هو الضرر، ومن يعتقد أن الدخان عندما يمر عبر المياه، تتم عملية <الفلترة> فهو مخطئ تماماً، فالحقيقة عكس ذلك، لأن >الفلترة> لا تمنع وصول المواد السرطانية إلى الجسم خاصة بالنسبة لمدخني <المعسّل>·

بالمقابل، فإن كل <نفس> <أركيلة> يعادل علبة دخان، لذلك فالخطر كبير، والأجدى أن يتنبّه هؤلاء المدخنون له قبل فوات الأوان، ومن موقعي كطبيب، وكنائب لكافة شرائح الشعب وخصوصاً الشباب، أتمنى أن يبتعدوا عن هذه <العادة> لأن من يعتاد عليها سيطلب جسمه <النيكوتين> في كل وقت ويصبح بالتالي مدمناً للتدخين وعبداً لمادة <النيكوتين> التي ما أن قلّ مستواها في الدم حتى يصرخ الجسم طلباً للمزيد مما يؤثر على الجسم كله والصحة بكاملها>·

أما بالانتقال إلى مرحلة الرقابة ودور الدولة بهذا الخصوص، يقول النائب مجدلاني: <منذ مدّة طويلة، تقدمت باقتراح إلى المجلس النيابي يقضي بمنع التدخين في الأماكن العامة، وهذا الأمر في الحقيقة يأتي ضمن الإتفاق الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية، وقد وافقت عليه الحكومة اللبنانية·

وفعلاً، تم طرحه في لجنة الصحة النيابية مع كافة المعنيين، وهو يشمل منع التدخين في الأماكن العامة، ومنع بيع أي نوع من الدخان للقاصرين سواء في الأماكن العامة أو الخاصة·

كما شمل أيضاً وضع عقوبات، و<محاضر ضبط< تتفاوت نسبتها المادية تبعاً لتكرار المخالفة، إلاّ أنه لم يقرَ حتى اليوم وهو بانتظار لجنة الإدارة والعدل كي توافق عليه ليصل بعدها إلى الهيئة العامة لمجلس النواب ليتم إقراره ومن ثم المباشرة بتنفيذه على الفور·

نأمل أن تتم الموافقة عليه ويقرّ بأسرع وقت، لنحدّ نوعاً ما من مخاطر هذه <الظاهرة> ولا سيما المتعلقة بصحة شبابنا>·

ضرر الأركيلة على

اللثة والأسنان

ولا يقتصر ضرر الأركيلة على الرئتين وحسب بل يتسبب أيضاًَ بأمراض وأضرار تصيب اللثة والأسنان· ضمن هذا الإطار، يقول النائب، طبيب الأسنان الدكتور قاسم هاشم، <أن مادة النيكوتين الصادرة عن تعاطي <الأركيلة> وكذلك المادة السكرية من <المعسّل> تؤثر تأثيراً مباشراً على اللثة والأسنان· فبالنسبة لـ <اللثة< فهي تصاب بأمراض عديدة قد تؤدي إلى تخلخل في عظم الفك وبالتالي إلى إضعاف بنية الأسنان عدا عن التصبغات على الأسنان التي تنتج من جرّاء تعاطي <الأركيلة> وتترك آثاراً مباشرة على المدخنين>·

ويضيف هاشم: <إن العلاج يكون أولاً بالإبتعاد عن <الأركيلة> وهذا أمر أساسي ومطلوب·

أما الأمراض التي تصاب بها <اللثة فتعالج بالدواء، وإذا ما تفاقمت تحتاج إلى عمل جراحي·

أما بالنسبة لإزالة التصبّغات فإننا نلجأ إلى عملية تبييض الأسنان، وهناك حالات عديدة جداً سُجلت وتُسجل، وهي لا تعد ولا تحصى في هذا المجال·

الأركيلة بين جيلين
الأركيلة بين جيلين


تعليقات: