المقام معروف باسم شمعون الصفا وبطرس الرسول ويقصده مؤمنون من مختلف الطوائف (وسائل تواصل)
ليل الجمعة -السبت، ووسط ظلام دامس، فجر الجيش الإسرائيلي المتوغل جنوباً، بعد تفخيخه، مقام النبي شمعون الصفا، الواقع بمحاذاة قلعة شمع التاريخية المشرفة على نواحي فلسطين وساحل صور، التي بنيت في العام 1116، على يد الصليبيين.
أعمال تخريب وتدمير
وبلدة شمع تقع على بعد أقل من ستة كيلو مترات من الحدود الفلسطينية اللبنانية، وقد توغلت إليها وحدات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد معارك مع رجال المقاومة. وأفادت معلومات خاصة بـ"المدن" أن حجم التفجير، كان متوسطاً، وتسبب بانهيار القبتين اللتين تعلوان سقف المقام، وتصاعد سحب الدخان من فتحتمهما، فيما بقيت مئذنة المسجد صامدة.
ولم يقتصر العدوان الإسرائيلي على المقام، فقد تعداه، وفق معلومات من البلدة، إلى تضرر منازل محيطة بالمكان. هذا وأقدمت آلية عسكرية من نوع "جاك هامر" على أعمال جرف على مقربة من النادي الحسيني للبلدة، التي يوجد على أرضها، مقر قيادة الكتيبة الإيطالية العاملة ضمن "اليونيفيل" وعدد من المقار الأخرى.
وعلمت "المدن" أن القوات الإسرائيلية، عمدت إلى تخريب ألواح الطاقة الشمسية المخصصة لاستخراج المياه، من البئر الارتوازية التي تغذي البلدة، وأعمال تجريف في الشارع العام، إلى جانب تدمير مستشفى ميداني كانت انشأته جمعية كشافة الرسالة الإسلامية.
أهمية المقام الدينية
ويعد هذا المقام، المعروف بمقام بطرس الرسول أيضاً، الواقع على تل مرتفع ويحضن بيوت شمع، من الأماكن الدينية السياحية، وكان يشهد وفوداً كبيرة، خاصة في أيام الجمعة للصلاة وإضاءة الشموع. مؤلف من طبقتين ويزحف إليه المؤمنون من مختلف الطوائف للتبرك والصلاة ووفاء النذور، عن أبنائهم أو أزواجهم والدعاء بالشفاء لمرضاهم. وفق المرويات، فإن النبي شمعون الصفا هو حواري وابن حمون، يعود نسبه إلى النبي سليمان بن داوود، وأمه أخت النبي عمران والد السيدة مريم العذراء. وقد بيّنت وثيقة، منحوتة على حجر من حجارة مئذنة المقام، المبنية على الطريقة العثمانية، أنّ تاريخ بناء المئذنة يرجع إلى العام 490 هجرية أي قبل مجيء الفرنجة الذين بنوا القلعة المشرفة على بحر صور وشمال فلسطين.
ويقع هذا المقام ضمن سور القلعة التاريخية للبلدة التي تحولت قبل تحرير العام 2000 إلى مقر عسكري للجيش الإسرائيلي لمدة نحو 22 عاماً. وعاث الاحتلال وعملاؤه بالمقام والقلعة. هذا فضلاً عن تدمير اجزاء كبيرة من القلعة، في عدوان تموز 2006. وقد أعيد ترميم وتأهيل المقام، بهبة من دولة قطر، فيما تكفلت الحكومة الإيطالية بترميم القلعة. وقد انتهت فيها الأعمال في العام 2021 وبلغت تكلفتها 500 ألف يورو.
القلعة لم تصب بأضرار؟
وبخلاف ما ذكرته وسائل إعلامية عدة عن أن التفجير طال قلعة شمع التاريخية، تفيد مصادر "المدن" أن القلعة لم تصب بأضرار مباشرة. لكن المعلومات ما زالت شحيحة من المنطقة. وحول أهمية هذه القلعة الصليبية، يؤكد مسؤول المواقع الأثرية في الجنوب الدكتور علي بدوي، أن الصليبيين بنوا قلعة "شمع" التي تستمد اسمها من مقام ديني يعرف بمقام النبي شمعون الصفا لتكون واحدة من حصونهم العسكرية من جهة ومقرا لحكامهم من جهة ثانية.
وتنقسم القلعة إلى أربعة أقسام رئيسة، وهي الحصن والمقام والمعصرة والقرية. ويحتل الحصن الجزء الشمالي الشرقي ضمن أسوار القلعة، وهو كان مقرا لحاكمها، ويتألف من طبقات، خصص السفلي منها للمخزن والإسطبل، وإلى جانبها معصرة زيتون ونقوش وزخارف على الجدران الداخلية. وتشرف القلعة إلى جانب القلاع الأخرى المترامية في جنوب لبنان على مناطق واسعة من فلسطين وسوريا وجبل عامل، ولعبت دوراً عسكرياً وسياسياً على طول تلك الحقبة الزمنية ابتداء من تاريخ إنشائها في القرن الثاني عشر الميلادي. وفقدت بعد ذلك أهميتها العسكرية وعصر المماليك. وفي القرن الثامن عشر صارت من أملاك "آل الصغير" الذين كانوا يحكمون جبل عامل.
تعليقات: