إيجارات البيوت في الضاحية تشتعل: التشرّد حرباً وسلماً.

تفكر بعض العائلات في بيع شققها السكنية وترك الضاحية الجنوبية والانتقال لأماكن أخرى للاستقرار فيها. (علي علوش)
تفكر بعض العائلات في بيع شققها السكنية وترك الضاحية الجنوبية والانتقال لأماكن أخرى للاستقرار فيها. (علي علوش)


مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، تطفو على السّطح مشكلاتٌ جمّة ومستجدّة تُلاحق سكان الضاحية الجنوبيّة، بالتزامن مع بدء عودتهم إلى منازلهم. فهم يشكون من ارتفاع "جنونيّ" في أسعار إيجار الشقق السكنية، التي تضاعفت بعد ساعات قليلة من إعلان انتهاء الحرب الإسرائيليّة.


العودة تصير كابوساً!

مئات العائلات عادت إلى بيوتها التي لم تُدمّر في الضاحية الجنوبيّة، وبدأت بتجهيزها وترميمها وصيانة الأعطال فيها لتكون صالحة للسكن. وتزامنت عودة الأهالي مع تشكيل حزب الله للجان متخصصة في مسح الأضرار ودفع تعويضات مالية للأهالي، ليتمكنوا من إيجاد شقق سكنية مؤقتة إلى حين انتهاء عملية إعمار المباني. وخلال الأيام الماضية، أبلغ عدد من السكان أن أسعار إيجار شققهم السابقة أو التي يريدون استئجارها مؤقتا، ارتفعت بسبب "الظروف الراهنة".

خسرت السيدة عبير فقيه منزلها في منطقة المريجة، ومع توقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان، بدأت رحلة التفتيش عن منزلٍ آخر للايجار في الضاحية الجنوبيّة للمكوث فيه، لكنها تفاجأت بأن الأسعار تضاعفت عن السابق. وتقول: "في منطقة المريجة لم تتخط أسعار إيجار الشقق السكنية الـ400 دولار أميركي، خصوصًا في الأحياء الشعبية، لكن الأسعار حلّقت منذ أيام، وحاليًا يتراوح إيجار الشقة السكنية في منطقة المريجة بين 600 و800 دولار أميركي. وهذا أمر لم تشهده المنطقة سابقًا، وحاولنا البحث عن شقة للإيجار في مختلف المناطق، وتبين أن الشقق محدودة وأسعارها مرتفعة جدًا، لذلك بدأنا التفتيش عن شقة في منطقة خارج العاصمة بيروت كحلٍ مؤقت".


أسعار بلا أعذار

في منطقة صفير، تبلّغت السيدة منى من صاحب الشقة السكنية أن الإيجار تغيّر، وارتفع من 500 إلى 750 دولار أميركي، بحجة "الظروف"، علمًا أن اللجان التابعة لحزب الله هي التي ستتكفّل بتكاليف تصليح الأضرار، ولن يتكبد صاحب الشقة أي تكاليف إضافية على نفقته الخاصة، خصوصًا أن ألواح الزجاج والألمنيوم والأبواب لا تحتاج لفترة طويلة لصيانتها بل أيام قليلة وتصبح الشقة السكنية جاهزة للسكن، لكنه لم يقدم أي أعذارٍ مقنعة، بل اكتفى بالقول أن كل الأسعار في الضاحية مرتفعة لأن هناك مئات المباني التي تدمرت وهناك إقبال كثيف من الأهالي على ايجاد شقق سكنية في مختلف أحياء الضاحية الجنوبية.

في السياق، تروي السيدة ربى صالح لـ"المدن" بأنها تواصلت مع أحد السماسرة في الضاحية الجنوبية لمساعدتها على إيجاد شقة للإيجار في منطقة الجاموس- حي الأميركان، ولكنه أبلغها بأن أسعار الوحدات السكنية في منطقتي الجاموس وحي الأميركان تخطت الـ1000 دولار أميركي شهريًا، هذا عدا عن الخدمات الشهرية، وبعد الاطلاع على صور الشقة السكنية تبيّن أنها "بحاجة إلى إصلاحات عديدة، فالمياه ليست متوفرة بشكل يوميّ، ونحتاج إلى شراء المياه بشكل دائم، أي أننا سنكون بحاجة إلى أكثر من 1500 دولار أميركي شهريًا".

ويُذكر أن الأزمة المستجدّة قد تسلّلت من سائر المناطق إلى الضاحيّة الجنوبيّة، حيث أن طمع بعض المؤجرين خارج الضاحية، قد انسحب ليصير طمعًا لأصحاب الأملاك الذين يعتبرون أن التعويضات الموقتة التي يعطيها الحزب للسكان الذين فقدوا منازلهم، كافية لرفع إيجارات الشقق ما فوق مبلغ 500 دولار أميركيّ.


هجران الضاحيّة

في المقابل، يلجأ عدد من سكان الضاحية إلى بيع شققهم السكنية للانتقال إلى مناطق أخرى خارج الضاحية الجنوبية، على اعتبار أن المنطقة لم تعد آمنة، ومن الممكن أن تشتعل الحرب الإسرائيلية فجأة خلال السنوات المقبلة. يملك علي شقة سكنية في منطقة صفير، وهو في صدد عرضها للبيع ليتمكن من شراء شقة أخرى في العاصمة بيروت أو في قضاء المتن. ويشرح لـ"المدن" أنها المرة الثانية التي يترك فيها منزله وينزح إلى منطقة أخرى، ففي العام 2006 غادر المنطقة لكن منزله لم يدمر، وفي العام 2024 أيضًا اضطر إلى النزوح للعاصمة بيروت، وفي كل مرة تشتعل فيها الأحداث الأمنية في الضاحية الجنوبية يجبر على ترك منزله ومغادرته، لذلك يفكر في ترك المنطقة نهائيًا وبيع الشقة ليتمكن من شراء أخرى في منطقة آمنة.

تعليقات: