ها هي اميركا اليوم ، التي تمثل رأس هرم المشروع الرأسمالي الإستعماري الغربي ، تبدو نتيجة تمتعها بفائض القوة لفترات طويلة ، دون وجود أي قوة معادية لها أو صديقة ، قادرة على مواجهتها والوقوف في وجه تفلتها من القيم والضوابط التي توارثتها الحضارة البشرية بكل مكوناتها ، عبر تاريخها الطويل ، ها هي اميركا الداشرة اليوم تخرج أمام العالم ، مكتفية باعتمادها لمصالحها كوحدة قياس ، على العالم اعتمادها واحترامها والإلتزام بها لوحدها ، وهذه المصالح تمثل اليوم الدافع والمحرك الوحيد لسياسات اميركا الداخلية والخارجية ، رغم عدم مراعاتها لا لمصالح أعدئها ولا لمصالح أصدقائها ، وتستخدم اميركا اليوم في سياستها ، اقصى وأفجَّ اساليب التسلط والقوة ضد الشعوب المستضعفة ، وتعطل فاعلية المؤسسات الدولية الراعية لعلاقات الدول والشعوب ، بأسلوب حضاري يحمي حرية ومصالح وحقوق الضعفاء ، ويجرِّم اي اعتداء أو تجاوزٍ على حرياتهم وحقوقهم ، لذلك فإن العالم مطالب اليوم بشماله وجنوبه وشرقه وغربه ، بغض النظر إن كانت له مصالح وشراكات سابقة مع اميركا أو لا ، أن تتحد القوى الحيَّة فيه ، لمواجهة هذا التغول والتوحش الغير مسبوقين من قبل أميركا على الحضارة الإنسانية ، هذا التوحش والتغول الذَينِ باتا يشكلان خطراً حقيقياً على مستقبل الإنسان على هذا الكوكب ، وكل دولة أو شعب أو أمة تعتبر نفسها غير معنية بمشروع التصدي لهذا السلوك الدولي المريض والخطر على الإنسانية الذي تمارسه اميركا اليوم ، لن ترحمه الشعوب الحية والحرة في العالم ولا حركات المقاومة التي تقف اليوم وحيدة في الميدان تواجه باللحم الحي ، وتغامر مغامرة وجودية كبرى بمصير شعوبها ومجتمعاتها ، لتوقف هذا النزف الأخلاقي والحضاري والإنساني ، وتعيد للحضارة الإنسانية أصالتها وقيمها وأمنها وأمانها وعدالتها وإشراقتها .
في هذه المواجهة المشرفة الحاصلة اليوم ، يبرز معدن وجوهر المجتمعات الأصيلة ، وتتحد الإرادات الإنسانية الخيرة ، لردع ولحجم الإرادات الأنانية الشريرة والمريضة ، لتعيد مياه الحضارة الإنسانية الصافية الى مجاريها التي تزدان بالقيم والأخلاق والتعاون والعدالة.
ساحات العالم اليوم ، تنتظر احرار العالم ، ليملؤوها بوجودهم ومطالبهم المحقة ، وبوقوفهم بوجه الظالمين وظلامهم وظلمهم ، وغدا سيكون محطة انطلاق لساحات سيملأها الشرفاء في يوم القدس العالمي ، ليؤكدوا وقوفهم الواعي والشجاع ، مع فلسطين وشعبها المظلوم والمعتدى عليه ، في قضيته العادلة ، وقفة لا يعبأ واقفوها بكل التهديد والوعيد الأميركي والشيطاني المجرم ، ولا يعبؤون بكل الصواريخ والغواصات وحاملات الطائرات والجسور الجوية والبرية والبحرية ، وفي مثل ذلك فليتنافس المتنافسون .
والله لو بعث العالم السكوتلندي آدم سميث ، من قبره حياً وشاهد بعينيه ، المرحلة التي أوصل الغرب الجماعي البشرية اليه ، بفضل فهمه الخاطىء والمريض ، لنظرية اليد الخفية التي طرحها في كتابه ثروة العالم ، والتي تحدث فيها عن أن التنافس الحر بين التجار والصناعيين وكافة القطاعات الاقتصادية ، في النظام الرأسمالي الحر ، يؤدي في نهاية المطاف ، الى تأمين المصلحة العامة ، لكفر بالرأسمالية والغرب ، وأعلن توبته أمام العالم ، كما فعل نوبل قبله ، لأن هذه اليد الخفية ، صارت يد شيطانية ، كل همها الهيمنة على العالم ، واحتكار الموارد الأساسية للطاقة والمعادن والصناعة والزراعة والتقنيات وتجارة السلاح وكل ما يؤذي البشر ويزيد الفقر والجوع والأمية والتشرد والمرض ، والتوزيع الظالم والمجحف للثروات ، وكل ما يدمر جمال وروعة الحياة الطيبة لبني البشر .
ع.إ.س
باحث عن الحقيقة
27/03/2025
تعليقات: