هل غزا الـ”توك توك” بيروت؟


شهد شوارع بيروت في السنوات الأخيرة انتشاراً ملحوظاً لوسيلة نقل غير مألوفة على طرقاتها، وهي “التوك توك”، الذي بدأ كوسيلة نقل خفيفة في بعض المناطق الشعبية، لكنّه اليوم بات يغزو عدداً لا يُستهان به من شوارع العاصمة بيروت، وأصبح يثير جدلاً واسعاً.

هذا الانتشار العشوائي يطرح العديد من التساؤلات حول مدى قانونية عمل “التوك توك” على الطرقات العامة، وتأثيره على قطاع النقل والمواصلات، إضافة إلى تحديات تنظيمه قانونياً، خاصة مع استخدامه من قبل بعض السائقين كـ”سرفيس” عمومي غير شرعي.

في هذا السياق، أوضح المحامي علي عباس، في حديث خاص لـ”النهار”، أنّ “التوك توك” كوسيلة نقل لم يكن مدرجاً ضمن النظام القانونيّ اللبنانيّ، لكنّه بات اليوم حقيقة واقعة في ظلّ غياب الرقابة الصارمة. وأشار إلى أنّ القوانين المرعية الإجراء لا تمنح هذه المركبات ترخيصاً للعمل كوسائل نقل عامة، لكن مع ذلك، نرى العديد منها تُستخدم لنقل الركّاب بطريقة غير منظّمة، ما يشكّل خرقاً واضحاً للقانون، ويعرّض السائقين للمخالفات القانونية.


ثغرات قانونيّة واستغلال الفوضى

يشرح عباس أنّ غياب القوانين الصارمة لتنظيم عمل “التوك توك” ساهم في استغلاله من قبل بعض الأفراد كبديل عن سيارات الأجرة، لا سيّما في الأحياء المكتظّة والمناطق الشعبية. وأضاف أنّ هذا الواقع يفتح الباب أمام استغلال اقتصادي غير مشروع، حيث لا يدفع سائقو “التوك توك” الضرائب والرسوم التي تُفرض على أصحاب سيارات الأجرة و”السرفيس”، ما يؤدي إلى منافسة غير عادلة في سوق النقل.

أمّا على المستوى الأمني، فقد حذّر عباس من أنّ عدم وجود لوائح تسجيل واضحة لهذه المركبات يزيد من مخاطر استخدامها في أعمال غير قانونية، إذ لا يمكن تتبّعها بسهولة مقارنةً بالسيارات المسجّلة رسمياً. كما أنّ عدم خضوع سائقي “التوك توك” لفحوصات رخصة القيادة يعزّز من احتمالات الحوادث المرورية، لا سيّما في ظلّ افتقارهم للتدريب اللازم لقيادة مركبة في شوارع مزدحمة.


ضرورة التدخّل الرسميّ

مع تفاقم هذه الظاهرة، دعا عباس إلى ضرورة وضع تشريعات واضحة وصارمة لتنظيم عمل “التوك توك”، مؤكّداً أنّ الحلّ لا يكون فقط عبر المنع العشوائي، بل يجب أن يكون هناك إطار قانوني واضح يحدّد شروط عمل هذه المركبات، سواء عبر ترخيصها بشكل رسمي ضمن مناطق معينة أو فرض رقابة مرورية صارمة لمنع استخدامها كوسيلة نقل عامة مخالفة.

وفي ظلّ هذه الفوضى، يبقى السؤال: هل ستتحرّك الجهات المعنية لوضع حدّ لانتشار “التوك توك” العشوائي في بيروت، أم أنّ هذه الظاهرة ستتحوّل إلى واقع جديد يفرض نفسه، كما حدث مع ظواهر نقل غير شرعية أخرى؟

تعليقات: