الفنّان الكبير والمخرج الراحل حسام الصبّاح (1948 – 2021)
بينما أكتب هذه المقدّمة عن حياة الفنّان الكبير والمخرج الراحل حسام الصبّاح (1948 – 2021)، تتوارد إلى ذهني تساؤلات كثيرة: كيف اجتمعت في شخصه صفات قلّما اجتمعت في إنسان؟ نبالة الفارس، ودقّة الفنّان، وسخرية الحكيم، وعروبة الوطني الصادق... لعلّ الجواب يكمن في بيئته الأولى التي صاغت شخصيته، وفي موهبته الفطرية التي صقلها بعناء وتجربة، وفي التزامه الذي لم يفارقه يومًا بقضايا الوطن والإنسان.
من رحم النشأة، ومن عمق المعاناة الوطنية، ومن محبة الناس، وُلد صوته المسرحيّ الذي أحببناه، ذلك الصوت الذي صدح من على خشبة المسرح كما من خلف الكواليس، فخاطب فينا الحسّ والوعي، ولامس الوجدان.
وكانت مدينة النبطية المحطة الأبرز في مسيرته الفنّية، حيث أشرف على عرض مسرحية واقعة عاشوراء لسنوات طويلة، حتى التصقت باسمه وأصبحت جزءًا من ذاكرة المدينة والجنوب. في هذا العمل تحديدًا، لم يكن حسام الصبّاح ممثّلًا فقط، بل كان صاحب رسالة، يذرف دموعه خلف الكواليس وهو يستعرض فصولًا من "واقعة الطف" التي تماهى معها وجدانيًا.
لم يكن التمثيل والإخراج بالنسبة إليه مهنة فحسب، بل أسلوب حياة. كان فنانًا واسع الأفق، منفتحًا على الجمال الإنساني، مؤمنًا بقدرة الفنّ على التأثير والتغيير. أما أسلوبه في الدراما، فقد جمع بين الحسّ الإنساني العميق والتقنية المحترفة، فصاغ شخصيات لا تُنسى، وقصصًا نبضت بالحياة.
وقف بشجاعة على خشبة المسرح، مدافعًا عن الحرية والكرامة والعدالة، مؤمنًا بأن الفن قادر على تربية أجيال وبناء مجتمع أكثر إنسانية. ومع كل عمل جديد، كان يُجدّد إيمانه العميق برسالة الفنّ وقدرته على صنع التغيير.
لقد خسرت الساحة الفنّية والثقافية في لبنان برحيله موهبةً استثنائية، وصوتًا مخلصًا، وأداءً دراميًا ترك بصمة واضحة في القلوب والعقول. برحيله، فقدنا وجهًا من وجوه الأصالة والمهنية والالتزام في عالم الفن.
ومن على صفحات موقع "خيام.كوم"، نُرسل لروحه تحية محبة وسلام، ونقول: رحمك الله يا حسام الصبّاح... فإبداعك باقٍ، وصوتك لم يخفت.
هيفاء نصّار - أوتاوا، كندا
الواقع في 9 نيسان 2025
تعليقات: