في أجواء مفعمة بالتقدير والوفاء، ألقى الدكتور كرم شكرالله كرم كلمة مؤثرة خلال حفل تكريمه الذي أقيم يوم الخميس الواقع فيه 10 نيسان 2025 في قاعة عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، بحضور عدد من الشخصيات الأكاديمية والرسمية وأصدقاء ومحبي الدكتور كرم.
وقد جاءت كلمته عفوية وعميقة، تعبّر عن امتنانه للمبادرة التي أطلقتها دائرة اختصاصه، وللقائمين على الحفل، كما حملت في طيّاتها الكثير من المشاعر والذكريات، وخلطت بين نثر العرفان وشعر الحنين.
استهل الدكتور كرم كلمته بتوجيه الشكر إلى الدكتور نصار، رئيس دائرته، على تنظيم الحفل بكل تفاصيله، كما شكر الدكتور صوايا، عميد الكلية، والدكتور خوري، رئيس الجامعة، مشيدًا برعايتهم وتقديرهم لمسيرته. وتوجّه بتحية خاصة إلى الوزيرة ليلى الصلح حمادة، مشيدًا بصداقتها ودعمها له ولعائلته.
ولم ينسَ الدكتور كرم الحضور من أصدقائه ومحبيه، قائلاً: "أما من عرفوني وأودعوا إطراءهم ديناً في عنقي، فكيف أسدّه ولم يبقَ ما يكفي من زمني؟".
وخصّ بيروت، التي بقي وفيًا لها في أقسى ظروفها، بكلمات شعرية قال فيها:
بيروت يا فرح الصبا يا موسم الأحلام .. .. يا عزّاً لكِ يُـغـري
بيروت أغنية فرنِّح يا كمانْ.. .. واطرب على الأنغام يا وتري
قالوا الخيامَ ترومْ قلتُ بلى.. .. هي كلها بيروت في شعري
وختم الدكتور كرم كلمته بقصيدة مطوّلة استعاد فيها روح الشباب، وتغنّى بذكريات الزمن الجميل، مستلهماً من الشاعر الأخطل الصغير، ومعبّرًا عن محبته العميقة للبنان رغم ما يحمله من وجع، قائلاً:
لبنان هل أدماكَ جرحٌ نازفٌ .. .. وجعُ الجراحِ بقلبِنا يبرِ
لا يرتوي الجلّادُ في زمنٍ .. .. ذاق الضميرُ عجائبَ الدهرِ
...
جهدتُ فيه وإن أبليتهُ حسناً .. .. سيبقى حبُّكُمُ وسماً على صدري
تلك الكلمة، التي مزجت بين الاعتراف بالفضل، والولاء للمكان، والاحتفاء بالحياة، بقيت حاضرة في أذهان الحاضرين، ومن المفيد إعادة نشرها اليوم لتصل إلى كل من تعذّر عليه الحضور.
إليكم الكلمة كاملة:
"
شكراً للدكتور نصار رئيس دائرتي على تكريمي، فكرة وتنفيذاً وجهداً وأداءً وحسن إخراج. بها يأسرني.
وشكراً للدكتور صوايا عميد كليتي على ما أدلاه عني.
هي بعض من جميل صفاته، وهو لا يكاد يعرفني.
وشكراً للدكتور خوري رئيسُ جامعتي على فضله ورعايته واهتمامه ورضاه عني.
وشكراً للوزيرة ليلى الصلح حمادة على صداقةٍ بها أغتني وفيها وعائلتي غمرتني ومن محبتها زادتني، وستبقى ما حييت في ذهني.
أما من عرفوني وأودعوا إطراءهم دينً في عنقي فكيف أسدّه ولم يبقى ما يكفي من زمني؟
والشكر الكبير لحضوركم أصدقائي وأحبتي وأهلي.
بيروت، هذه المدينة التي أحببت ولم أتركها يوماً في أحلكِ أيامها أعطيني، وهذه الجامعة درّةُ تاجها حضنتني. فقلت فيها وقد حملت ما حملت من جراح:
بيروت يا فرح الصبا يا موسم الأحلام .. .. يا عزّاً لكِ يُـغـري
بيروت أغنية فرنِّح يا كمانْ.. .. واطرب على الأنغام يا وتري
قالوا الخيامَ ترومْ قلتُ بلى.. .. هي كلها بيروت في شعري
للشعر أمراء يعتلون المنابر ويأخذون الألباب. أما الطبُّ فأهله وأنا منهم للناس خُدّامٌ، يخفقون آلامهم مهما تنوعتِ الأسباب.
فأراني اليوم أُردد مع الأخطل الصغير مطلع قصيدته يوم تُوِّج أميراً للشعراء:
اليوم أصبحت لا شمسي ولا قمري .. .. من ذا يُغنّي على عودٍ بلا وترِ
هذه المحاسن لا فضل لصاحبها.. .. كالشدوِ للطيرِ أو كالعطرِ للزهرِ
هي السنينُ تتالت عُلَّ حامِلُها.. .. ما ملَّ يوماً ولا باتت على خفرٍ
عرفتَ أجملَها أو عِشْتَ طالعها.. .. للكرى فيها مكانٌ خُطَّ من شذَرِ
لو كان لليل سِترٌ كان ساكِنُهُ.. .. يطوي النهارَ ولا يندم على قَدَرِ
أين الليالي قضيناها معاً أرقاً.. .. لا أتعبتني ولا باتَتْ على سهرِ
هيهات لو عادت بنا رَدَحاً.. .. نعمتُ فيها وأغواني صبا السَمَرِ
ما للغواني إذا جاذبتها نفرتْ.. .. رَعَتْ شبابي وخانتني على كبرِ
تمر في خَلَدي أستهوي طلَّتها .. .. وأَسـتعـيدُ شـباباً مِـلـؤه نـظَـرِ
كم بانَ صبحٌ كم تنشّقَ حالمٌر.. .. عِـبْقَ الهـوى بنـسائمِ الفجـرِ
كم مرَّ وعدٌ كم تمايلَ عاشقٌ .. .. يـومُ الصـبا بـدْرٌ على بـدْرِ
لبنان هل أدماكَ جرحٌ نازفٌر.. .. وجعُ الجـراحِ بقـلـبنا يـبـرِ
لا يرتوي الجلّادُ في زمنٍ.. .. ذاق الضميرُ عجائبَ الدهرِ
لو عاد بي زمني لقلتُ له.. .. أخفضْ جناحَكَ لا لومٌ على عُمُرِ
جهِدتُ فيه وإن ابليتهُ حسناً .. .. سيبقى حبُّكُمُ وسْمًا على صدرِ
"
تعليقات: