خلال الحرب استهدفت «إسرائيل» بلدة أرنون (النبطية) بعشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي مخلّفة دماراً كبيراً. في سجلّ البلدة الواقعة شمال الليطاني قائمة طويلة من الاعتداءات الإسرائيلية في مراحل زمنية مختلفة وعدد كبير من الشهداء، آخرهم 24 شهيداً في الحرب الأخيرة. ولأرنون، الواقعة شمال الليطاني، أهمية إستراتيجية كبيرة نظراً إلى موقعها الجغرافي القريب من الحدود الفلسطينية، وهو ما قد يفسّر شمولها وجارتها يحمر بـ«خط القرى الممنوعة العودة إليها»، بحسب بيانات جيش الاحتلال إلى ما قبل 18 شباط الماضي. «الأخبار» زارت البلدة التي تحمل رمزية نضالية كبيرة منحتها إيّاها معركة قلعة الشقيف عام 1982 وتحرير شبان لبنانيين لها في شباط 1999
لم تكن أصوات القصف الإسرائيلي الأخيرة في محيط أرنون أمراً غير اعتيادي بالنسبة إلى سكّان البلدة الصغيرة الواقعة على مسافة 6 كيلومترات من مدينة النبطيّة.
منذ بداية حرب الإسناد، في 8 تشرين الأول 2023، اعتاد سكّان أرنون والبلدات المجاورة أصوات القصف والقذائف. ولم يتغيّر الأمر كثيراً بعد نهاية حرب الـ66 يوماً.
إذ كانت أصوات نسف البيوت في كفركلا والقرى القريبة تُسمَع بقوّة في حارتَيْ البلدة التحتا والفوقا. ومنذ حادثة منصّة الصواريخ البدائية التي عثر عليها في أرض تابعة لأرنون في 22 آذار الماضي، لم تشهد حركة الناس تغييراً ملحوظاً في البلدة التي تأخّرت العودة إليها بعد الحرب قياساً بشقيقتها يحمر.
وسط كتلة كبيرة من الدمار في ساحة البلدة تمرُّ سيّارة صغيرة تحمل معدّات لورشة ترميم في أحد المنازل. في جامع أرنون الذي لحقت به بعض الأضرار، كان بضعة مُصلّين يرفعون أيديهم بالدعاء كي «يكون هذا البلد آمناً». يتوزّع الدمار على ثلاث كتل رئيسية، حي الساحة والحارة الفوقا والحارة التحتا، إضافة الى بيوت متفرّقة.
«ما سَلِم بشكل أساسي هو أرنون الحديثة التي بُنيت بعد تحرير الـ2000»، يقول رئيس البلدية فواز قاطبي، مشيراً إلى أنّ الدمار في الساحة طال منازل قديمة جداً «بينزَعَل عليها»، ملاصقة لبعضها، «الحيط عالحيط وفي حيطان مشتركة. كلُّن عبعض... نِزْلُوا مع بعض».
10% فقط من المنازل سلمت من التدمير الكلي أو الجزئي في البلدة التي استهدفت على مدى 28 يوماً بالغارات الجوية والقذائف المدفعية
يشير المختار السابق عقيل عجمي إلى أن مساحة البلدة لا تتعدّى الـ6 كيلومترات مربّعة وإلى أن جزءاً كبيراً منها مشاعات، لذلك فالسّكن الفعلي يقع ضمن نطاق ثلاثة كيلومترات مربّعة فقط، فيما المسافة مثلاً من مدخل البلدة إلى القلعة لا تتجاوز كيلومتراً واحداً.
في أرنون 54 مبنى (منشأة) دُمّرت تماماً من أصل 200 (تضم 350 وحدة سكنية)، ولحق بالبقية دمار جزئي وأضرار متوسّطة وطفيفة، فيما «10% فقط من المنازل سليمة بالكامل»، بحسب إحصاء أجرته البلدية. وهي أرقام كبيرة جداً نسبة إلى بلدة صغيرة تم استهدافها على مدى 28 يوماً، منها 26 يوماً بالغارات الجوية و3 أيام بالقذائف المدفعية.
بيت «بو كامل»: الثالثة ثابتة؟
يكاد بيت «أبو كامل» المدمر يختصر حكاية بيوت أرنون مع الاحتلال. ليست هذه المرّة الأولى التي يقف فيها الرجل فوق ركام بيته. حاله كحال جنوبيين كثر ممّن عانوا على مدى عقود من الاحتلال والتدمير والتهجير.
«عشنا حروب كتير بس مش متل هالحرب الإجرامية». لا يُخفي أبو كامل حزنه الشديد. فالمسألة بالنسبة إليه تتجاوز حجارة البيت إلى العلاقة مع المكان وروحه.
يتذكّر الثمانيني محمد علي فقيه المولود في أرنون يوم جاء بحجارة بيته للمرة الأولى عام 1963 من منطقة الداووديّة قرب السكسكيّة، وكيف بناه بيدَيْه.
«كان بيت حلو إلو شعيرة من تحت وشعيرة من فوق». يومياً، يأتي «أبو كامل» من مكان نزوحه في كفرجوز لتفقّد ما تبقّى من ركام منزله المدمّر للمرّة الثالثة: «حاولت فتّش عالوراق والمستندات بالبيت، ما لقيت شي».
وهو، منذ اللحظات الأولى لوقف إطلاق النار، بادر إلى زراعة «الحقلة» المجاورة لبيته بالبصل والبطاطا وبقوليات مختلفة. «بالنهاية هيدي أرضنا ما فينا نتركها»، يقول الرجل الذي واكب تحوّلات أرنون من بلدة تغطّي شتلة التبغ مساحات واسعة منها إلى «اختفاء» هذه الزراعة لمصلحة زراعات أخرى بديلة كالزيتون وغيرها.
ضغوط إعادة الإعمار
في حديقة منزله الذي لحقت به أضرار بفعل غارة إسرائيلية قريبة، كان رئيس البلدية يتابع شؤوناً متعلقة بملفّ الردميّات وأخرى بالبنى التحتية التي أصابها بعض الأضرار. خلال الحرب، تعمَّد الاحتلال حرق أشجار الـ«لالاندي» التي كانت تحيط بالمنزل المبني على طراز تراثي. «بِزْعَل عالشجر أكتر من الحجر»، يقول الرجل واصفاً علاقته بالأرض بعلاقة «عشق وانتماء».
في رأي خليل حمدان، ابن أرنون القيادي في حركة أمل، فإنّ «التعلّق بالأرض سِمة من سِمات أبناء جبل عامل عموماً. في أرنون ويحمر تتجلّى هذه العلاقة بالوعي المبكر الذي جعلهم ينخرطون في المقاومة منذ الستينيات، كما في إرادة الحياة بعد الحرب رغم حالة القلق اليومي وعدم استتباب الأوضاع الأمنية».
ويرى أن الضغوط كبيرة جداً على «المجتمع العاملي» لمنع أو إعاقة إطلاق عملية إعادة الإعمار. ورغم ربط الملف «الكبير جداً» بشروط سياسية وغيرها، إلا أنه، في النهاية، «صمود الجنوبيين سيصنع لهم تاريخاً مجيداً».
بين دكّان علي و«أشغال» إيمان
لم ينتظر علي ماروني طويلاً قبل أن يبدأ ورشة إزالة الركام من أمام منزله ودكانه «على حسابي». منذ عودته بعد الحرب، أجرى الشاب الكفيف بعض الإصلاحات الضرورية ليتمكّن من المبيت في منزل مُدمَّر جزئياً بفعل غارة على مبنى مجاور أدّت إلى تدمير دكانه أيضاً. الأولوية بالنسبة إليه إعمار الدكان وإعادة افتتاحه باعتباره مصدر العيش الأساسي له.
على الطريق ذاته في أرنون، تضع إيمان ماروني لمسات أخيرة على أحد «منتجاتها» في واجهة محلّها الصغير الذي تحاول تجديده بعد الحرب. يجمع مشروع إيمان بين التصاميم والأشغال اليدوية وزراعة النباتات، معتمدة بشكل أساسي على مادتي الباطون والجفصين. «بعدو الشغل خفيف بس انشالله منرجع تدريجياً لشغلنا الطبيعي».
دورة العمل الطبيعية بالنسبة إلى مهندسة الديكور العشرينية لا تعتمد فقط على سكان أرنون (لا يتجاوز عددهم 800 نسمة شتاء من أصل 3800 نسمة) بل على «خدمة التوصيل إلى كل المناطق اللبنانية... وعلى السيّاح صيفاً في حال كان الوضع طبيعياً».
«مُنتَجَع القلعة»: أعراس مُؤجَّلة
لا تزال «ورشة الإصلاحات» في بداياتها داخل منشآت المشروع السياحي الذي افتُتِح عام 2003. في الحرب الأخيرة استُهدِف منتجع القلعة السياحي بشكل مباشر بقذيفتين مدفعيتين أصابت إحداهما صالة الأعراس الداخلية ما تسبّب في احتراقها، وأصابت الأخرى سطح الفندق محدثةً أضراراً جسيمة في شبكَتَيْ المياه والطاقة الشمسية.
وفيما لم تنتهِ اللجان الفنية المختصّة بعد من عملية الكشف عن الأضرار، يقدّر حسين حمدان - أحد أصحاب المشروع - إجمالي الخسائر بنحو 400 ألف دولار، مرجّحاً أن لا تعود صالة الأفراح الأكبر في منطقة النبطية إلى الخدمة قبل أقل من سنة. استهداف منتجع القلعة لم يكن الأول من نوعه.
في نيسان 2024 سقطت قذيفة مدفعية إسرائيلية قرب الموقف الرئيسي للمنتجع ما تسبّب في أضرار محدودة. وفي حرب تموز 2006 تعرض لقصف إسرائيلي مباشر ألحق به أضراراً جسيمة بنسبة 60%.
شواهد القبور و«جمهور الشهداء»
ينفضّ الحشد الصغير في جبّانة أرنون بعد أن أُهيل التراب على قبر الحاج محسن. آخر ما قام به الرجل المناضل قبل وفاته كان فتح بيته لإعداد الوجبات الساخنة للعائلات المحتاجة في شهر رمضان.
في رُكن من الجبانة ضريح الشهيد محمد اسماعيل حنون (مواليد عام 1891) الذي استُشهد بقصف إسرائيلي بتاريخ 16-3-1978، في إشارة توثّق تاريخاً طويلاً من الاعتداءات الإسرائيلية على البلدة ومحيطها.
في مكان آخر قبرٌ للمخرج السينمائي الراحل برهان علوية الذي دُفن قبل أربع سنوات، بناء على وصيّته، في الأرض التي أحبّها، وأضرحة من مراحل زمنية مختلفة تشكل «قاعدة بيانات» لعائلات القرية مثل عجمي وعلوية وماروني وقاطبي وتوبة وعليق وعطيّة وعساف وحمدان وخروبي وفواز وغيرها.
بعض شواهد القبور تضرَّرت بفعل غارة إسرائيلية استهدفت حسينيّةً ومركزاً للهيئة الصحية بالقرب منها.
وفي مساحة مستحدثة «نَبَتَتْ» قبورٌ جديدة لشهداء الحرب الأخيرة. تتجاور أضرحة المعلّمات الثلاث اللواتي استُشهدن في الغارة الأولى على أرنون يوم 23 أيلول الرهيب.
رباب وزينب ماروني وصديقتهما سارة حمدان يونس التي كُتِب على شاهد قبرها «أم علي وجاد وهيام». في المكان المُحاط بصور الشهداء تنشط حركة الزائرين.
ثمّة حالة جديدة في القرى والبلدات الجنوبية يمكن تسميتها بـ«جمهور الشهداء»، على ما يقول أحد أبناء أرنون. حالة توسّعت بعد الحرب الأخيرة، حيث سيرة الشهداء وحكاياتهم حاضرة دائماً.
«ولاد الأرض»
«أبو الفضل» كان «شجاعاً ومعطاء يساعد الناس بأمانة، وظلَّ يقوم بواجبه على أكمل وجه حتى لحظاته الأخيرة»، تقول إسراء عن والدها الشهيد عباس عطية (رابط «حزب الله» في أرنون) الذي استشهد قرب «البركة» في 3-10-2024 متعهّدة أن «نكمل مسيرته ومسيرة الشهداء».
في رأي والدة الشهيد حسين علوية ماروني، من الطبيعي لمن تفتَّح وعيه في سنّ مبكرة على مشهد السلاح الإسرائيلي المصوب على رأس الأم وطفلها في أرنون، وشهد لاحقاً اعتداءاتها المتواصلة، أن تنمو معه مشاعر الغضب تجاه المحتل. «هودي المجاهدين كلّن ولاد هالأرض... شو تركلهن العدو خيارات؟»، تسأل الأم، مشيرة إلى أن ابنها «اختار طريقه بنفسه، وأنا شجعته».
حسين «المحبوب من الجميع»، استُشهد في 7-10-2024 مع رفيقيه الشهيدين أحمد قاطبي ومحمد عساف في الحارة التحتا قرب المدرسة الرسمية، «في الأرض التي حفظ كل تفاصيلها ورواها بدمه»، تاركاً خلفه «سيرة وإرثاً جميلَيْن» ستحملهما زوجته زينب لطفليهما علي (4 سنوات) وفاطمة (سنة ونصف سنة).
في بيت آخر من بيوت أرنون لم تكتم والدة الشهيد محمد عفيف عليق حزنها الكبير لاستشهاد ابنها وحفيدها هادي (22 عاماً) واثنين من أقاربها في الحرب «التي أوجعتنا كثيراً. لكنهم بالنهاية راحوا عالطريق اللي اختاروها».
في 18-10-2024 استُشهد ابن أرنون، علي حسين عليق مع اثنين من رفاقه في غارة إسرائيلية على بلدة الدوير. تقول زوجته إن استشهاده كان «خاتمة مستحقة لمسيرة طويلة من العمل مع المقاومة».
بركة أرنون: خزّان الذاكرة و«شريط» التحرير
لسنوات طويلة، كانت أحداث كثيرة غالباً ما تبدأ عند «البركة» وتنتهي هناك. تحوّلت البركة إلى «مَعلَم» أساسي من معالم أرنون ونقطة استدلال ليس للقادمين إلى البلدة فحسب، بل لأهل يحمر الذين لا بدّ أن يمرَّ معظمهم بجانبها. بهذا المعنى فإنَّ بركة أرنون هي بوابة يحمر أيضاً. في الحرب الأخيرة تصدَّعت أجزاء من جدرانها، وسقط بعض الركام في ما تبقّى من مياهها.
بمحاذاة البركة صورة للشهيد عباس عطيّة ابن أرنون الذي استُشهد في الحرب الأخيرة قرب البركة. ليس بعيداً منها نفّذ ابن عكار الشهيد علي غازي طالب عملية استشهادية عام 1985، إضافة إلى عمليات أخرى. معركة تحرير أرنون الشهيرة التي قادها شبان لبنانيون في شباط 1999 كانت مرتبطة بالشريط الشائك عند البركة.
«كان يومها عرساً حقيقياً لشباب لبنان وكان محطّة مهمّة من محطات المقاومة الشعبية المكمّلة للمقاومة العسكرية»، على ما يقول الناشط الشيوعي علي اسماعيل الذي كان في طليعة المقتحمين في تلك المواجهة.
خلال مرحلة الاحتلال كانت أرنون استثناء بين القرى الواقعة شمال الليطاني نظراً إلى وجود الاحتلال في أجزاء من أراضيها، وكانت البركة بمنزلة الحد الفاصل بين «الداخل» و«الخارج».
حكايات كثيرة تُروى عن نقل الأغراض وتوصيلها عبر عربة خاصة من البركة وإليها في تلك المرحلة. «إذا حدا بدّو يوصِّل شي من برّات الضيعة، كان يوصل آخر شي عالبركة.
توقف السيارة هونيك وشو معو غراض يحطوهن بالعرباية ويطلعوهن»، تقول سيدة من أرنون. «وإذا عنّا مريض ينزلوه بالعرباية وتاخدو سيارة من خارج الضيعة من حد البركة».
تحوّلت بركة أرنون منذ سنوات إلى ما يشبه «حديقة عامة» بعد فقدان الحاجة المباشرة إلى دورها بالنسبة إلى مزارعي التبغ في مراحل سابقة أو للخدمة المنزلية قبل مدّ شبكة المياه إلى المنازل أو لسقاية المواشي كما كانت الحال قديماً مع برك المياه في القرى الجنوبية.
الحجر العظيم و«المسافة صفر»
في الطريق صعوداً إلى «القلعة»، تبدو آثار شظايا قذيفة إسرائيلية على جدار خَطَّ عليه تلامذة قبل سنوات كلمة «أرنون» مع رسومات عن المقاومة والأرض.
على ارتفاع يفوق الـ 700 متر عن سطح البحر، تقع قلعة الشقيف الشهيرة التي أعطت اسمها لمنطقة كاملة. و«الشقيف في عُرف العامليّين هو الجبل الصغير من الحجارة الصلدة أو الحجر العظيم» على ما جاء في «خطط جبل عامل» لمحسن الأمين. على مراحل زمنية مختلفة، كانت قلعة «بوفورت»، ومعناها «الحصن الجميل»، محطّ أنظار الجميع. تاريخ إنشاء القلعة قديم (الصليبيون رمَّموها ولم يبنوها) قِدَم الغزوات على هذه المنطقة. اتخذ مقاومو المستعمِر من الثوار العامليين في مواجهة «الفرنسي» و«التركي» من القلعة حامية لهم.
في الستينيات من القرن الماضي قصف طيران العدو موقع الجيش اللبناني في القلعة بالطيران غير مرّة. في اجتياح 1982، وصلت قوات الاحتلال إلى مشارف بيروت وكانت الشقيف لا تزال تقاوم. هناك اختلطت دماء مقاومين لبنانيين وفلسطينيين وعرب وأمميين. وخلال الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في أيار 2000، كانت الشقيف آخر المواقع التي أخلاها العدو لأنها كانت تغطّي الانسحابات من مواقع أخرى.
ولم تفقد أهميتها الإستراتيجية رغم التقدم التكنولوجي الهائل للعدو. «فعلياً هي المسافة صفر نحو أي هدف» على ما يقول خليل حمدان. الشواهق الصخرية العملاقة المحيطة بالقلعة عند مجرى النهر هي أقرب نقطة «شمال الليطاني» للأراضي الفلسطينية المحتلة (نحو 4 كيلومترات). في الحرب الأخيرة تقدّم الاحتلال من جهة دير ميماس متوغّلاً أمتاراً قليلة في أراض تابعة عقارياً لأرنون التي كان لها دور في الحرب كما في المواجهات التي حصلت في هذه الحرب بين رجال المقاومة والاحتلال في المنطقة الواقعة بين دير ميماس وتل النحاس.
تعليقات: