الكسّارات في لبنان: تعدّدت الممنوعات والنتيجة... طبخة بحص


710 مقالع تؤمن حاجة لبنان السنوية 15 مليون طناً، تعدّدت الممنوعات والنتيجة... طبخة بحص..

تراوحت حاجة لبنان من مواد بناء أولية من 20 إلى 30 مليون طناً سنوياً بين اعوام 1994- 2001. ثم صارت من تسعة إلى 15 مليون طناً بعد ذلك وقفاً لحاجات السوق وذلك حسب الدراسة التي اعدتها مقررة لجنة البيئة في نقابة المهندسين المهندسة سناء السيروان.

وعام 1996 اعدت دار الهندسة- شاعر ومشاركوه دراسة للدولة اللبنانية اشارت فيها إلى وجود نحو 710 مقالع وكسارات في لبنان، أي بنسبة كسارة أو مقلع لكل نحو 15 كلم2 من مساحة لبنان وهو عدد ضخم جداً مع العلم انه يغيب حالياً أي احصاء جدي لعدد الكسارات والمقالع. فكيف يمكن تنظيمها؟.

محاولات التنظيم

تعددت التشريعات المتعلقة بالمقالع والكسارات من قانون، إلى مراسيم، إلى قرارات مجلس وزراء الى قرارات وزير منذ عام 1932 وحتى الآن، وتبدلت السلطات المعنية باعطاء التراخيص من مدير الصحة والاسعاف العام إلى المحافظ إلى وزير البيئة، البلديات ومجلس الوزراء.

وبلغ عدد التشريعات 56 تشريعاً أولها المرسوم الاشتراعي 21/7 تاريخ 22/7/32 المتعلق بالمحلات الخطرة والمضرة بالصحة العامة والمزعجة وآخرها قرار مجلس الوزراء رقم 19 تاريخ 5/1/2006 المتعلق بمنع الاستثمار في المحميات والمواقع الطبيعية ومجاري الانهار، وحرمان المستثمر الذي لم يؤهل مقلعه السابق من الحصول على رخصة استثمار في موقع آخر.

بعد مراجعة للتشريعات يمكن ملاحظة ما يلي:

عام 1932، صدر أول قانون أتى على ذكر المقالع في قرار للمناجم؛ (قرار 113/33).

وفي عام 1935، صدر القانون اليتيم والوحيد للمقالع والكسارات؛ (قرار 235/35).

وإن إعطاء مهلاً إدارية للإستثمار بدعة قانونية، فالمهل تعطى فقط لتصحيح الوضع داخل المؤسسة أو المنشأة؛ (المرسوم الإشتراعي 21 الصادر في تموز عام 1932).

في عام 1983، صدر المرسوم الإشتراعي 69/83- مرسوم إحداث المديرية العامة للتنظيم المدني والتي خولت تحديد مناطق صالحة للإستثمار كمقالع.

مخطط توجيهي!

وفي عام 1996، انتهت شركة دار الهندسة (شاعر ومشاركوه) من إعداد دراسة مسح شاملة عن المقالع العاملة والمهجورة في لبنان لصالح التنظيم المدني- وزارة الأشغال العامة. حددت الدراسة الأماكن التي اقترحها الخبراء لديهم لإقرارها كمخطط توجيهي عام للمقالع والكسارات. وقد شملت الدراسة النهائية تحديداً لعدة مناطق كونها صالحة للإستثمار كمقالع وكسارات، كما حددت إحداثيات هذه الأماكن ومخزون البحص في هذه الأماكن المصنفة. إلا إنه لم تعتمد دراسة تقييم الآثار على البيئة سلبياً أم ايجابياً عند اختيار المناطق المحددة في المخططات التوجيهية العامة المقرة حتى تاريخه (حسب رأي المهندسة السيروان).

وفي عام 1997، أقر مجلس الوزراء المخطط التوجيهي العام للمقالع والكسارات باختيار معظم المناطق المحددة في الدراسة وصنفها أماكن لإقامة المقالع والكسارات؛ (قرار (4) تاريخ 12/3/1997).

موازين سياسيّة

إلا أنه سرعان ما بدأت عملية التجاذبات السياسية والمعارضات الأهلية، فصدرت عدة قرارات عن مجلس الوزراء حذفت مناطق أو أضافت أخرى إلى المخطط التوجيهي العام للمقالع والكسارات، (مثلاً: قرار 40 تاريخ 8/5/1997). وحسب المحاصصة السياسية.

وخلال ربيع وصيف 1997، قام وزير البيئة في حينه برفقة فريق تقني من داخل الوزارة وخارجها بجولات على كافة المناطق المحددة في المخطط التوجيهي العام، وبدأت ترد قرارات عن مجلس الوزراء تضيف أو تحذف بعض هذه المناطق من المخطط التوجيهي العام المقر حسب موازين القوى السياسية والعلاقات.

في تلك الفترة إنطلق بعض المعارضين لمبدأ إقامة مقالع إلى نظرية الإتكال على شراء البحص من الخارج معتمدين على احتساب السعر البيئي لتشويه البيئة وعدم إمكانية استعادة ما تم تشويهه (Irreversibility). إلا أنه لم تتم دراسة الجدوى الإقتصادية الموضوعية لهذا الخيار من حيث ايجاد التوازن بين الحاجات الضرورية للإنماء والإعمار من جهة وصون البيئة واستدامة مواردها من جهة ثانية ووضع المواطن إقتصادياً من الجهة الثالثة.

وفي عام 1999، أقر مجلس الوزراء اعتماد السلسلة الشرقية من جبال لبنان فقط كأماكن لإنشاء واستثمار المقالع لاغياً بذلك الجزء الأكبر من المخطط التوجيهي العام للمقالع والكسارات؛ (قرار 31 تاريخ 27/7/1999).

تدمير السلسلة الشرقية

وفي عام 2002، أصدر مجلس الوزراء قراراً لتنظيم المقالع أبقى فيه على اعتماد السلسلة الشرقية من جبال لبنان كأماكن لإنشاء واستثمار المقالع والكسارات؛ (قرار 2 بتاريخ 11/7/2002)، ثم اتبعه بمرسوم 8803/2002 لتنظيم المقالع والكسارات.

ان عدد القرارات الصادرة بخصوص المقالع بلغت لغاية تاريخه 56 قراراً بمعدل: 32 قراراً عاماً لمجلس الوزراء منذ عام 1991، ثلاثة مرسيم تنظيمية (الغي الأول بعد أن تم الطعن فيه لدى مجلس الشورى (5516/1994)، عدل المرسوم التنظيمي الثاني لأربع مرات (المرسوم 8803/2002)، ومرسوم لتحديد النظام الداخلي للمجلس الوطني للمقالع والكسارات (9222/2002).

وهناك العديد من المقالع التي تعمل دون ترخيص أو بمهل إدارية أو تحت ستار إستصلاح أرضن أو حفريات لبناء، أو لشق طريق، أو تنظيف مجاري أنهار، مما يزيد الفوضى في تنظيم ملف المقالع والكسارات.

سعر التدهور البيئي

لقد قام البنك الدولي بإجراء دراسة لاحتساب قيمة التدهور البيئي في خمسة مواقع لمقالع في المناطق التالية: شننعير، ابو ميزان، انطلياس، نهر الموت، ونهر ابراهيم في شهر حزيران 2003. وقد بلغت قيمة التدهور البيئي في اسعار الاراضي والعقارات حوالي 90,162,500 $ في هذه المواقع. وقد شملت الدراسة التدني في السعر الناتج عن فقدان أو تشويه المنظر الجمالي للعقارات في مواقع المقالع المختارة في الدراسة، ولم تأخذ الدراسة بعين الاعتبار بقية الآثار السلبية على البيئة: كالتأثير على المياه والهواء والتربة والتنوع البيولوجي. ولقد تراوح تدني سعر الاراضي من 9% إلى 71%، بينما تراوح التدني في أسعار العقارات المشرفة على المقلع من 16% إلى 45%. هذا، وقد كانت نسبة التدني في الاسعار أكثر إرتفاعاً فيي المناطق القريبة من الساحل أو مناطق الإصطياف. لذلك نلاحظ إختلافاً في نسبة تدني أسعار العقارات لعله يعود إلى طبيعة تصنيف الأراضي في المنطقة: فإن التدني في أسعار العقارات في منطقة شننعير (المطلة على البحر) أضعاف التدني في اسعار العقارات في منطقة نهر الموت (المصنفة صناعية) أما الطريقة المستعملة في عملية الإحتساب، فكانت (Hedonic price method).

هل من قانون للحماية

من أجل كل ما تقدم، يتبين لنا ما يلي:

- إن التجربة في معالجة مشاكل المقالع والكسارات أثبتت عدم فعاليتها حتى الآن، ونخشى من المتابعة في مسلسل التشويه المتنقل من منطقة إلى أخرى.

- إن الفضل في تخفيف وطأة المشكلة في الوقت الحاضر يعود إلى الركود الإقتصادي وليس إلى التشريعات التي صدرت مؤخراً ومنها المرسوم 8803/2002 وتعديلاته الأربعة.

- أننا ما زلنا بحاجة إلى صياغة قانون قاطع لتنظيم عمل المقالع والكسارات له القوة التراتبية للقانون الصادر عام 1935. وإن أياً من التشريعات المستحدثة (مراسيم، قرارات مجلس الوزراء، قرارات وزير) لتنظيم إنشاء واستثمار المقالع لن تكون لها القوة التراتبية للقرار الصادر عام 1935، وبالتالي فهي معرضة للطعن لدى مجلس الشورى. وان هناك خطأ في التشريعات المستحدثة يتوجب تداركه، بالإضافة إلى الأخطاء العائدة لعدم تعزيز تطبيق القوانين الموجودة.

------------------------------

قرارات ومراسيم وتعاميم فاشلة 1932 – 2006 «الأمر الواقع»! حاميها حرميها؟!

وفيق الهواري

منذ نشوء دولة الاستقلال عام 1943 ولبنان من دون قانون ينظم عمل الكسارات والمقالع، سوى ذلك القانون المقر عام 1935، مما ابقى هذا الملف في حالة فوضى ومن دون تنظيم. فماذا عن منطقة صيدا وضواحيها؟

كانوا نحو ستة اشخاص يتسامرون عن الايام الخوالي، ايام كانوا يعملون نهارات طويلة في الكسارات ونقل البحص. أما اليوم فيقضون اوقاتهم في شرب الاركيلة ومتابعة الأخبار.

يقول طلال "اعتقد ان الوزير زياد بارود شجاع، وموقفه بضرورة أخذ وزارة البيئة دورها صحيح جداً وأنا اؤيده. لكني أرى، اذا ما استمر بموقفه فإن أمامه حلين: الحل الأول، أن يستقيل من الوزارة، والحل الثاني، أن يغير موقفه. لا أحد يريد ان يتحمل مسؤولية".

كسارات مدعومة

وفي منطقة صيدا كسارتان متوقفتان عن العمل وهما: كسارة كرخا، وكسارة زغدرايا. في حين تعمل كسارة لبعا بعد أن حاز اصحابها على ترخيص من البلدية. وقد رفضت بلديتا كرخا وزغدرايا اعطاء اصحاب الكسارتين ترخيصاً بالعمل. والطريقة الجديدة هي أن ينال صاحب الكسارة ترخيصاً من البلدية، ثم يتوجه إلى وزارة المالية لدفع الرسوم ثم إلى وزارة الداخلية لتنظيم العمل. في حين تم استثناء وزارة البيئة من هذا الملف على الرغم من دورها الاساسي.

يتدخل زاهر قائلاً: صدر عام 2000 مخطط توجيهي يقضي بوقف عمل الكسارات ونقلها جميعاً إلى السلسلة الشرقية من جبال لبنان، يومها راجعنا الرئيس سليم الحص، الذي ابلغناه عدم اعتراضنا على ذلك، لكن نريد بعض المساعدة بخصوص العمال وانتقالهم إلى البقاع يومها استمع الرئيس الحص لوفدنا ثم وقف مودعاً واحالنا إلى وزير الداخلية".

آنذاك اعطت وزارة الداخلية مهل ادارية لتصريف الانتاج لكنها سياسة استمرت طويلاً ودفعت كسارات كثيرة مدعومة لمعاودة الانتاج والتصريف تحت حجة مهل ادارية.

حماية سورية وأمر واقع

يُضيف طلال: في تلك الفترة توقف العمل في عدد كبير من الكسارات، واستفاد من له علاقة بالاجهزة السورية. مثلاً في الجنوب كان اثنان يعملان بحماية السوريين ويستوردان البحص السوري ايضاً لتغطية حاجة السوق. واذكر ان إحدى الكسارات القريبة من صيدا كان يشرف عليها أحد الاشخاص المدعومين سورياً، والذي كان يمنع سيارات الدرك من الاقتراب من مدخل الكسارة ويأمرها بالعودة من حيث أتت".

بعد الخروج السوري عام 2005، سادت سياسة المهل الادارية "ومرة حاول الوزير أحمد فتفت ايقافها، وردته مكالمة من قوى الامر الواقع في الجنوب، فحواها "إما اعادة الاعتبار للمهل الادارية والسماح للكسارات بالعمل، أو كسر قرارك ونسمح لها بالعمل من جهتنا وتستطيع تحمل مسؤولية موقفك".

خوّة للبلدية

هكذا يشرح زاهي ويزيد: العمل في الكسارات في الجنوب فضيحة كاملة. فكل شخص على علاقة ببلدية ما يستطيع الحصول على ترخيص منها ويبدأ العمل بكسارة بغض النظر عن حجمها وقدرتها على الانتاج. ونحن حصل معنا الآتي: لدينا قطعة أرض فاوضنا إحدى البلديات القريبة التي سمحت لنا باقامة كسارة صغيرة في تلك الارض مقابل دفع الرسوم البلدية القانونية بالاضافة إلى مبلغ 500 دولار أميركي لرئيس البلدية شهرياً. واستمرينا بالعمل لمدة سنتين، لكن لم نستطع اكمال العمل لأنه كان علينا نقل الصخور من أماكن بعيدة وكسرها في تلك الارض".

ويجمع الحاضرون على أن الحل الوحيد أن تعود وزارة البيئة لممارسة دورها ضمن قانون عادل للكسارات يسمح للجميع بالعمل كل ضمن امكانياته.

من جهة أخرى يشدد الصحافي حبيب المعلوف على اهمية اصدار قانون حديث للكسارات والمقالع يحدد معايير تتعلق بالارض واساليب العمل وادواته ويرى ضرورة أن تكون الاراضي المختارة من مشاعات الدولة حتى تستفيد من الاستثمارات، ويؤكد المعلوف على ضرورة ان لا يتضمن القانون اية ثغرات من نوع استصلاح الارض مما يفسح المجال للمتلاعبين بالعمل تحت هذه الجملة مع انها تعني ابقاء ما تم استصلاحه في الارض وليس نقله وبيعه خارج المكان ويضيف: " تتغير العهود والحكومات والوزراء، ويبقى ملف الكسارات في حالة فوضى، من دون تنظيم، مع زيادة في المساحات المشوهة (اكثر من ٤٠٠٠ هكتار)، وزيادة في خسارة الخزينة من الرسوم (اكثر من ملياري دولار اميركي).

قرارات وقوانين مجمّدة

فمنذ ما يقارب الـ٢٠ سنة، والمطالبات لا تزال تتوالى بضرورة وضع قانون جديد لتنظيم الكسارات يحدد فيه مخطط توجيهي فني لتحديد المواقع، مع أفضلية ان تكون هذه الأماكن في المشاعات والأملاك العمومية، وان تحصر في مناطق معينة، لا في كل لبنان، ليسهل مراقبتها وتنظيمها، وتحديد مراسيم تنظيمية تحدد خريطة الموقع وطرق الاستثمار، والرسوم المتوجب دفعها لخزينة الدولة على التراخيص وعلى المراقبة وعلى الأمتار المكعبة المستخرجة، بالإضافة الى الكفالات المصرفية التي يفترض مصادرتها اذا لم يلتزم المستثمر بدفاتر الشروط... الخ"

وقد بينت دراسة اعدها حزب البيئة اللبناني، منذ عامين، ان اكثر من ٥٦ قرارا ومرسوما وتعميما، كانت قد صدرت لمحاولة تنظيم هذا القطاع منذ العام ١٩٣٢ وحتى العام ،٢٠٠٦ ولم يتم وضع قانون واحد!

اهمها محاولة لوضع مخطط توجيهي، كان اهمها في جلسة مجلس الوزراء، بتاريخ ١/١٠/١٩٩٨ والتي تنص على حصر الاستثمار في هذا القطاع في السلسلة الشرقية فقط... ولم يتم الالتزام بأي مخطط.

ويتابع المعلوف صرفت ملايين الدولارات على الدراسات، بحجة تنظيم القطاع، كان آخرها مشروع "ابكار" الذي بدأ العمل به في آذار العام ٢٠٠٥ بموازنة ما يقارب نصف مليون يورو (٥٩٢،٤٦٣ يورو تحديدا) بتمويل من المفوضية الاوروبية (والذي كان يفترض ان ينتهي بعد ٣٠ شهرا من بدء العمل به)، ويشمل دراسة لكيفية اعادة تاهيل مواقع المقالع في لبنان... ولم يصدر عن المشروع اي جدوى تنظيمية مهمة.

ويزيد المعلوف: "حسنا فعل وزير الداخلية، حين اعترض على التجديد مجددا لبدعة "المهل الادارية"، بعد ان كان قد نبه وزارة البيئة بانها هي المسؤولة عن هذا الملف، وعليها ان تقوم بدورها في هذا المجال.

متنفذون وحمايات

إلا أن وزارة البيئة، لم تستطع ان تدير هذا الملف، فهل في الامر مجرد سوء إدارة، ام تقصير، ام سوء فهم؟

ويختم المعلوف: ان خسارة خزينة الدولة من جراء عدم تنظيم هذا القطاع في الـ١٦ سنة الماضية تقارب المليارين ونصف المليار دولار اميركي، اذا ما احتسبت معها الرسوم الحقيقية على مقالع الصخور من دون كسارة ومحافر الرمل او البحص المفتت، ومقالع وكسارات بحص الموزاييك، ومقالع الحجر التزييني، ومقالع الصخور لصناعة الترابة ومقالع وجبالات الاسفلت... نعرف لماذا لم ينظم هذا القطاع ، الذي يستفيد منه اليوم بعض السياسيين والمتنفذين في المناطق، المحميين سياسيا وامنيا... وبعض الامنيين وموظفي القطاع العام، الذين لا يضيرهم في شيء اذا قلنا عنهم انهم مجرد "مقصرين!"

-------------------------------------------

الرشوة و«التمديد» وتقاسم النفوذ، خفافيش «التكسير» تنام فجراً!!

داني الأمين

- منع المجلس البلدي في برعشيت عمل الكسارات في نطاقه وبلديات أخرى مستباحة أرضها

هل يتم وقف أعمال الكسارات والمقالع في منطقتي بنت جبيل ومرجعيون بشكل نهائي؟، أم أن الأمر سيكون لمرحلة مؤقتة، عندما يتم التمديد لأصحاب الرخص بالعمل لمدة زمنية جديدة، أو يتم التغاضي عن المخالفات لأسباب سياسية أو مالية عن طريق الرشوة وغيرها. فقد أرسل مؤخراً، في السابع من تشرين الأول، تعميماً من وزارة الداخلية الى مخافر الدرك يقضي بمنع العمل بالكسارات والمقالع اضافة الى توقيف شاحنات نقل الحجارة والرمل وتغريمها مبالغ مالية اذا ما عبرت الطرقات العامة والخاصة. علق في أحد مخافر درك منطقة مرجعيون تعميم يلزم القوى الأمنية العاملة هناك بالزامية ارسال تقرير يومي يبرز قيامهم بالدوريات اللازمة للتأكد من من قرار المنع المذكور.

العمل على قدم وساق

لكن رغم ذلك وفي نفس المنطقة القريبة من مخفر الدرك المذكور كان العمل جارياً على قدم وساق في احدى الكسارات القديمة الكبيرة التي تعمل بالقرب من احدى الطرقات العامة في منطقة مرجعيون، والتي استطاعت خلال السنوات الأخيرة جرف ما تيسر لها من المنطقة الجبلية التي تعمل فيها، فيبدو للعيان مقدار الضرر الذي تعرضت له البيئة هناك.

وقد تسنى لنا زيارة الموقع رغم الاستياء الواضح الذي بدا على وجوه أصحاب الكسارة هناك، ما يلمّح بمواجهة شديدة قد تحصل لو تم التحري عن كيفية سير العمل بالكسارة أو تصوير الموقع عن قرب. وعند سؤال احد العناصر الأمنية في مخفر الدرك في المنطقة عن سبب العمل في هذه الكسارة وانتقال الشاحنات اليها، برر موقفه قائلاً أن "ما يجري هو فقط جمع الرمال والأحجار التي تم اقتلاعها وتكسيرها ولا يمكن لهذه الكسارة أن تزاول عملها من جديد أو تنقل الرمال والحجارة الى أي منطقة أخرى" . انتشار الكسارات ازداد في زمن ما بعد التحرير في تلك المناطق، وخاصة في الأماكن النائية، أو البعيدة عن الرؤية، لكن ذلك كان في أكثر الأماكن العذراء التي لم تطأها أقدام البشر منذ سنوات طويلة بسبب الاحتلال والحروب الاسرائيلية، ما جعل البيئة تنقلب رأساً على عقب، فتتحول من منطقة عذراء طبيعية بامتياز تحيطها الأشجار، إلى مناطق مشوهة متعرية، اختلط فيها اللون الأخضر بلون الأتربة وغبار الكسارات، وشوهت الجبال في اكثر من مكان، فتجد الكسارات قد جرفت وسطها أو أطرافها السفلية بشكل غير منظم وقبيح. ففي المنطقة القريبة من وادي السلوقي الشهير، باتجاه بلدتي شقرا ومرجعيون وفي أحد الأمكنة التي تطل عليها قلعة "دوبية"، استباحت إحدى الكسارات حرمة الوادي المحرر والمجبول بدماء الشهداء الذين استشهدوا هناك وهم يعبرون متسللين الى الحزام الأمني لمقاومة الاحتلال. هناك كان المشهد رائعاً بعد التحرير مباشرة، فالأشجار المعمرة كثيرة وبعض الحيوانات الغريبة تقيم في المغاور، لكن ذلك لم يدم طويلاً، فالكسارة الجديدة جرفت ما تيسر لها من الجبال وحولت المشهد الطبيعي الى معمل كبير تحيطه الأغبرة والجرافات، واللاًفت أنه حتى الجبل الذي تتربع عليه قلعة "دوبية" الصليبية الرومانية جرف منه ما تيسر، من أصحاب الكسارات، ما شوه الطابع التراثي الطبيعي هناك.

في مكان آخر قريب من الوادي المذكور، في واد آخر أكثر جمالاً وجاذبية، كونه لم يعبد ويصبح ممراً للسيارات والآليات المختلفة، كان كسارة جديدة أخرى اختارته مرتعاً لها، فهو بعيد من الرؤية ومن الصعب اكتشافه، العمل خلال عام واحد أو أكثر بذلك بقليل كان كفيلاً بتغيير الطبيعة وتشويهها، فالعمل كان ليلاً نهاراً، وعند التشدد بمراقبة الكسارات، يبدأ العمل ليلاً لينتهي في الصباح الباكر. كسارة أخرى، ولكنها قديمة جداً نسبة الى تاريخ الكسارتين المذكورتين، قريبة من الوادي المذكور ولكن لجهة صفد البطيخ داخل الحدود الشمالية لبلدة شقرا. جبل كبير واختفى، بل أصبح أدنى من الوادي المحاذي له، وتحول مرتعاً للآليات المختلفة من شاحنات وجرافات وغيرها، سمي هذا الجبل بجبل "أبو رمزي"، كون صاحب الكسارة يحمل هذا الأسم، وهو ما زال يعمل هناك. ويحكى أنه لا يستجيب لأي نداء بل يحاسب من يحاول توقيف أعمالها التي تجاوزت نطاق الجبل المذكور الى جبال قريبة أخرى. قيل الكثير عن ملكية الأراضي التي تعمل فيها مثل هذه الكسارات، فالبعض أكد أن هذه الأراضي مستأجرة أو مملوكة من أصحاب الكسارات، والبعض شكك في ذلك معتبراً أن ملكية هذه الأراضي عامة وتعود للبلديات أو الدولة اللبنانية أو مشاع للجميع. بعض المجالس البلدية حاولت منع أي عمل في الكسارات داخل نطاقها، فيقول علي فرحات " لقد منع المجلس البلدي في برعشيت أي عمل للكسارات داخل البلدة، وسمح باقتلاع بعض الحجارة التي تعلو سطح الأرض بهدف تنظيفها".

... بارود يعترض أيضاً

وقد سجل أيضاً وزير الداخلية المحامي زياد بارود اعتراضه على قرار مجلس الوزراء، التمديد لمدة شهرين للمهل الادارية للمقالع والكسارات.

وطلب بارود من مجلس الوزراء ان تتولى هذه المهمة لاحقا وزارة البيئة، لكن المجلس أرجأ البحث بالاقتراح الى موعد آخر بسبب سفر وزير البيئة انطوان كرم.

حزب الخضر يدين قرار الحكومة

وفي هذا الإطار اصدر مؤخراً حزب الخضر اللبناني بعد اجتماع لجنته التنفيذية برئاسة فيليب سكاف بيانا قيم فيه التطورات السياسية الأخيرة في البلاد. وقد تطرق بشكل خاص إلى مواضيع الكسارات وقانون الصيد والقانون الجديد للانتخابات النيابية. فأدان الحزب قرار الحكومة الذي يتيح العمل للكسارات في لبنان مدة شهرين إضافيين، مطالبا الحكومة بالعودة فوراً عن قرارها، وإيقاف جميع الكسارات، والعمل الفوري على إصلاح التشويه التي ألحقته هذه الكسارات بطبيعة وطننا. كما أعلن رفضه الشديد لأي قرار صادر عن وزارة البيئة يسمح بصيد الطيور لما يسببه من أضرار فادحة لا تعوّض نتيجة فوضى الصيد والصيادين وغياب الرقابة. ويطالب حزب الخضر وزير البيئة والنقابات ذات العلاقة بالمحافظة على قرار منع الصيد ساري المفعول.

----------------------------------------

نتائج دراسة دار الهندسة

اعداد وفيق هواري

على الرغم من مرور أكثر من اثني عشر عاماً على الدراسة التي أعدتها شركة دار الهندسة – شاعر ومشاركوه، فإنها تبقى الأفضل من مثيلاتها من الاحصاءات الموجودة فقد شملت الدراسة مسحاً لـ 710 موقعاً: 464 مقلعاً و246 محفار رمل، وتوزعت المقالع التي تم مسحها كما يلي: 367 موقعاً في جبل لبنان، 154 موقعاً في لبنان الشمالي، 123 موقعاً في البقاع، و66 موقعاً في لبنان الجنوبي، وتبين أن 62% منها مؤسسات صغيرة (تنتج أقل من 15000م3/ عام)، 20% تعتبر كبيرة (تنتج أكثر من 40000 م3 عام)،

كما أن بعض المقالع لديه رخص تشغيل لفترة تتراوح بين 15 و25 سنة، وبعض الكسارات لديه رخصاً دائمة، و54% من الكسارات العاملة مرخصة (عام 1996)، ويناهز التوظيف المحلي في المقالع الألفي شخصاً، بالإضافة إلى سائقي نحو 2500 شاحنة لنقل المواد المستخرجة داخل البلاد، ويتبين أيضاًَ أن 13% من المقالع تتسبب بترسبات في مجاري المياه: ضمنها 44% يؤدي إلى فيضانات محلية و 64% يؤدي إلى تغييرات في مجاري المياه، وأن 34% من مواقع المقالع مجاورة لمصادر مياه (60% منها تأثرت نوعية مياهها بسبب تشغيل المقلع)، وأن هناك 13 موقعاً أثرياً مجاوراً لمقالع: نذكر منها قلعة المسيلحة في الشمال، قلعة عين عنوب، قلعة المشنقة في سبلين، قلعة الحصن، وقناطر زبيدة. و13% من المقالع يقع بالقرب من معالم مهمة كمناطق سكنية (شننعير وأنطلياس)، أنهار رئيسية (نهر إبراهيم ونهر الموت، ونهر الجوز)، مناطق سياحية وثقافية كمنطقة التزلج في عيون السيمان وغيرها، 70% من المقالع تعاني من مشاكل في ثباتها الكلي(overall stability) و 60% لديها واجهات وتضاريس غير ثابتة وخطرة.

أكثر المقالع لديها زاوية إنحدار تتعدى الـ 45 درجة، بل لقد ذكرت الدراسة أن 90% منها تتراوح زاوية انحدارها بين 70 إلى 90 درجة.

34% من العاملين في المقالع لديهم مهارة نسبية في إستعمال المتفجرات، ويحتفظ 54% فقط من عمال المقالع بالمتفجرات في اماكن محميّة.

وان 71% من المقالع لم تُعد لتأهيل لاحقاً الذي سيكون مكلفاً وصعباً.

أن إعادة التشجير أو التأهيل في المواقع التي تم مسحها ضمن الدراسة لا تتجاوز 3,5 % في المحافظات الأربعة: جبل لبنان، الشمال، الجنوب، والبقاع.

--------------------------

أنواع الكسارات وأنواع البحص...

استيعاب الكسارة للمواد وسرعة تنفيذ عمليات التكسير والطحن والتوزيع تتحقق بجملة مسائل أبرزها: نوعية الأرض التي تركّز فيها والصخر المستخدم (ليّن – قاسي – طبشوري) لتشغيلها. والمقالع أساس عملها والدور الرئيسي في إنتاجها تحتاج إلى المواد المتفجّرة لاستثمارها (TNT) بالإضافة إلى الأسمدة الكيماوية والزّيت المحروق والمازوت.

من الممكن صناعة كسارة محلية تنتج من 1000 إلى 1500م في اليوم.

تتألف الكسارة من "ملقّم"، فقّاش، قشط، مطحنة، غرابيل للفرز و"الملقم"، خزّان استيعاب الصخور الذي ينقلها إلى الفقّاش، ومهمته التكسير والتجزيء ثم يتم نقلها عبر القشط إلى المطحنة لتقليص حجمها وتحويلها إلى الغربال، ومهمته فرز المواد إلى: النحاته – البحص الناعم (سَرِكْ) – البحص الخشن وما تبقى من هذه المواد يسمى (بسكورس: T.r.nol)، ويستعمل في رصف وتعبيد الطرقات تحت الزفت.

وأفضل أنواع محافر التكسير ذات الحجر الصلب للمستثمر والمشتري (صاحب الكسارة – البنّاء) والبحص الأكثر قساوة يمتص الماء مع الباطون او الزفت وحاجات استعمالها.

قديماً كانت تقاس بنسبة قساوة البحص بطريقة بدائية ولا زالت تستعمل أحياناً حتى اليوم وذلك بأن توضع كمية من البحص في ليتر من الماء مثلاً لوقت محدّد ثم ترفع كمية البحص ويقاس حجم الماء فإذا نقصت كمية المياه يكون البحص رديئاً والعكس صحيح، مع العلم أنه يوجد الآن مختبرات حديثة للقيام بهذه العملية.

وبالنسبة للكمية والنوعية تفرز الغرابيل الأحجام للمواد المنتجة على قياس 0 إلى 1 و0 إلى 3 نحاته أمّا البحص: 14 إلى 18، 14 إلى 20 والسَّرك 6 إلى 10، 6 إلى 14 ويبقى الفلِّير النّاعم الذي يطير في الهواء (غبار) قياس 0 أو ...، 0 وتحت الصفرم.

يستعمل قسم منه في الزفت ولا يتجاوز 7% من حجم الجبلة كحدّ أقصى و5% كحدّ أدنى وتجاوز هذه النسبة غير مسموح. فازدياد النسبة يفكّك الزفت ونقصانها يساعد في امتصاص الماء. بالنسبة للباطون يستحسن سحب "الفلّير" منه الذي هو من صفر وما دون إلى 1 حتّى 6 كما أنّ الرّمل الصخري يستعمل بدل الرّمل البحري لاحتواء الأخير على الملح الّذي يعمل على "جنزرة" الحديد ليُحدث نوعاً من الصدأ، لذا يغسل بواسطة مغاسل خاصة فيستخدم رملاً مغسولاً (400 كلغ للمتر المكعّب) بالإضافة إلى 800 من البحص و7 أكياس ترابة فيما يتعلّق بصب السقوف. لصبيات الأرض 5 أكياس ترابة. أما الأسعار فهي رضائية بين البائع والمشتري، بغض النظر عن الكلفة، هذا من حيث التفاوت بين كسارة وأخرى.

--------------------------------

المخاطر البيئيّة والضوابط المطلوبة

يعاني أصحاب الكسارات والمستفيدون منها والمواطنون والبيئة من مشاكل جمّة بالإمكان الاستغناء عنها وفق مخطّط توجيهي لا يخضع لمصالح شخصية واعتبارات خاصة، فما أُسِّس منها في 1967 ازدادت نسبة البناء السّكني من حوله بنسبة 70% تقريباً في بعض المناطق وارتفعت مقالعه إلى ما فوق 100م دون استصلاح أو تجليل مدروس أو توزيع التربة وزرع الأشجار. كما أنّ الطرقات المؤديّة منها وإليها في كثير من الأماكن تضيق وتتعرّج وتنحدر بتسلسل فوق أطراف الأودية مما يشكّل خطراً على الآليات وسائقيها كما أنّ سوء تعبيد الطرقات العامة أدّى إلى تجويفها وتشقّقها.

ومعلوم أن المقالع حين تفجيرها سرّاً في السابق كانت تحدث اهتزازات أرضية على امتداد المناطق المحيطة بها. ويطلب بعض أصحاب الكسارات إعادة استصدار رخص جديدة تتوزّع فيها الكسارات على أساس المحافظات بعيداً من الأماكن السكنيّة، والطرقات العامة وفقاً للشروط المطلوبة من التشجير وزرع النبات والبستنة... وتنقية الهواء من الفلِّير الذي يمكن القضاء عليه بالشروط العامة بإعطاء بخّاخات من الماء تقضي عليه وتحوّله إلى وحل يجفّ ويترسب في الأرض أو إعطاء الفلتر الذي يمتص الغبار بواسطة شفّاطات، يجمّعها، ويكرّرها ويعبّئها في خزّان لنقلها أو دفنها ويجب الحصول على هذه الأدوات بشكل عام مع المخطط التوجيهي على أن استعمالها يفرض على الجميع دون استثناء مع العلم سعر الفلتر الواحد 30،000$ والكسارة بحاجة إلى 30 فلتر أي ما يقارب (مليون) 1،000،000$.

------------------------------

مجلس الوزراء أجّل تنظيم الكسارات إلى آخر السنة، عشوائيّة تتغطى بالمهل الرسميّة

علي ضاحي

- وزير البيئة طوني كرم: العمل بالمهل الإدارية للكسارات والمقالع مستمر!!

لا يزال ملف المقالع والكسارات منذ ما يقارب الـ20 عاماً محل تجاذب وأخذ ورد بين، من يطالب بضرورة وضع قانون جديد لتنظيم الكسارات يحدّد فيه مخططاً توجيهياً فنياً لتحديد المواقع، مع أفضلية ان تكون هذه الأماكن في المشاعات والأملاك العمومية.

وبين من يصبو ان تحصر في مناطق معينة، لا في كل لبنان، ليسهل مراقبتها وتنظيمها، وتحديد مراسيم تنظيمية تحدّد خريطة الموقع وطرق الاستثمار، والرسوم المتوجب دفعها لخزينة الدولة على التراخيص وعلى المراقبة وعلى الأمتار المكعبة المستخرجة، بالإضافة الى الكفالات المصرفية التي يفترض مصادرتها اذا لم يلتزم المستثمر بدفاتر الشروط.

تمديد ومتابعة

ومع تشكيل الحكومة الجديدة بعد اتفاق الدوحة وبعد "الفلتان" البيئي الذي استشرى في البلاد منذ العام 2005 وحتى أيلول من العام 2008. عاد ملف الكسارات والمقالع الى الواجهة مجددا وانتعشت الامال بحلحلة مشاكله، الا ان مجلس الوزراء مدّد الدخول في خطة عمل واضحة وبنّاءة لانجاز مخطط توجيهي محصن بقانون يحمي جبال وطبيعة لبنان من النهش الذي يعتريها. وأحال المجلس مسألة تمديد مهل المقالع والكسارات حتى آخر السنة الى المجلس الوطني للمقالع والكسارات عوض وزارة الداخلية التي درجت على تمديد المهل الادارية. وهذا يعني ان المسألة ستكون محط متابعة على طاولة مجلس الوزراء مع بداية العام الجديد.

كيف السبيل الى تنظيم هذا القطاع؟

يرى وزير البيئة طوني كرم ان "السبيل الى تنظيم هذا الملف يكون عن طريق التقيد بالمرسوم 16456/2006 حول تنظيم المقالع والكسارات وكافة تعديلاته وعن آلية التعاون مع الوزارات الأخرى لا سيما وزارة الداخلية لضبط المخالفين".

ويقول: "إن آلية التعاون مع مختلف الوزارات جزء من عمل المجلس الوطني للمقالع المستحدث بموجب المرسوم 8803/2002 وتعديلاته والذي يرأسه وزير البيئة ويضم اليه ممثلين عن مختلف الإدارات المعنية بالمقالع والكسارات ووزارة الداخلية والبلديات جزء منها، مضيفاً ان المرسوم 8803/2002 وتعديلاته كافة هو الإطار التشريعي الذي يرعى قطاع المقالع والكسارات". ويشير كرم إلى أن "المجلس الوطني للمقالع قد وافق منذ تاريخ تأسيسه العام 2002 وحتى تاريخه على ما يقارب 70 طلباً موزعاً على مختلف انواع الاستثمارات كما ان مجلس الوزراء قد اجاز في السنوات الماضية لوزراء الداخلية والبلديات اعطاء مهل ادارية لاستثمار جميع انواع المقالع والكسارات".

بانوراما تاريخية

في العام 1998 صدر أول مخطط توجيهي جدي بعد أن قرر مجلس الوزراء حصر المقالع والكسارات بسلسلة جبال لبنان الشرقية. ولم يأخذ بالتوصية التي رفعها اليه مجلس النواب.

وكانت العبرة ضرورة الحفاظ على التوازن الطبيعي وحماية المساحات الخضراء، وتسليط الضوء على أثر الاستغلال الجائر للمقالع والكسارات على البيئة الطبيعية في لبنان، وبأن ترشيد استخدام الموارد الطبيعية في لبنان أمانة نحملها للأجيال القادمة.

الا ان هذا المخطط لم يعمل به وبقي الملف في حالة فوضى دون تنظيم، مع زيادة في المساحات المشوهة (اكثر من ٤٠٠٠ هكتار)، وزيادة في خسارة الخزينة من الرسوم 2،5 مليار دولار خسارة الحكومة اللبنانية من غياب الضرائب على المقالع والكسارات.

خارطة انتشار الكسارات

تنتشر كسارات البقاع الاوسط، في منطقة البقاع الشرقي حيث تتغلغل في قراه: رعيت، دير الغزال وقوسايا (أكثر من ١٤ كسّارة)، إضافة إلى 20 مقلعاً، وعدد من معامل احجار الباطون والزينة.

ورغم الاعتراضات التي يبديها الاهالي على مواقع تواجد هذه الكسارات، وضررها على حياتهم اليومية والبيئة، جاء قرار وزارة الداخلية الذي حمل الرقم (١٠٠) تاريخ ١٦/٢/ ،٢٠٠٧ المدخل لتشريع حماية سياسية فتحت الباب واسعاً أمام استحداث مواقع كسارات جديدة. لا سيما ان هذا القرار لحظ امكانية اعطاء مهل ادارية لكسارات جديدة لا تملك رخصا قانونية ولا تقع ضمن المخطط التوجيهي الذي يحمل الرقم (٨٨٠٣ ) الصادر عام ٢٠٠٢. وأوصى هذا القرار وزارة الداخلية باصدار مهل ادارية ضمن دفتر شروط ابرز بنوده موافقة مسبقة من المجالس البلدية على السماح باقامة كسارات ضمن حدودها العقارية. اضافة الى فقرة تتعلق باستيفاء رسم مالي يبلغ مليونين وخمسمائة الف ليرة لبنانية كبدل ضريبة غير مباشرة تسدد لوزارة المالية، عند الحصول على المهلة الادارية، اضافة الى تطبيق رسم مالي جديد يقضي باستيفاء وزارة المالية الف ليرة لبنانية عن كل متر بحص.

وبالعودة إلى المخطط التوجيهي الذي صدر عام ٢٠٠٢ فقد حدد المناطق التي يسمح فيها بالترخيص للكسارات والمقالع باربع مناطق هي: الطفيل - عرسال - رعيت - عيتا الفخار. ويعطي المحافظ التراخيص، بعد موافقة المجلس الوطني للمقالع والكسارات من وزارة البيئة.

دور وزارة البيئة

منذ إنشائها في العام 1993، عملت وزارة البيئة جاهدة باستمرار لتنفيذ مهامها الرئيسية من خلال التزامها بالمحافظة على البيئة وعلى الحياة الإنسانية. إن الاستثمار العشوائي وغير السليم للمقالع في لبنان، والمرتبط بنقص القوانين المتعلقة بالحماية البيئية، قد أدى إلى بروز العديد من المشاكل البيئية والاقتصادية - الاجتماعية الخطيرة. مع ذلك، فقد كان هنالك العديد من الجهود الحكومية الهادفة إلى تنظيم الاستثمار في المقالع وتأهيلها، وقد توجت تلك الجهود بصدور المرسوم رقم 8803/2002 (المعدل بمرسوم 16456/2006 ) الذي ينظم عمل المقالع ويحدد الإدارات الآتية كأعضاء في المجلس الوطني للمقالع والكسارات.

ورغم ذلك، فما زال هنالك العديد من الحواجز التي تعيق تطبيق برنامج مستدام لتأهيل المقالع، ومن ضمنها التشريعات المؤسساتية والسياسات المتضاربة، والنقص في الخبرات التقنية، وفي وسائل وأدوات التقييم والمراقبة في ما يتعلق بتأهيل المقالع على المستويين العام والخاص؛ وصعوبة تحديد ملكية الأراضي، وصعوبات ومعوقات مالية بالغة الأهمية ناتجة عن الظروف الاجتماعية-الاقتصادية.



تعليقات: