محاولة اغتيال حماس تلمّ شمل إسلاميّي لبنان

يهتفون خلال تضاهرة في صيدا
يهتفون خلال تضاهرة في صيدا


وضعت غزّة حدّاً لانقسام الساحة الإسلاميّة اللبنانيّة على نفسها، ولمّت شمل مشاعر من يفترقون منذ بضع سنوات على الصغيرة قبل الكبيرة. وبدا البعض، في حضرة محاولة اغتيال حركة حماس، كمن يستعيد ماضيه. ويشرح أحد الناشطين الإسلاميين أن لفلسطين خصوصيتها بالنسبة إلى جميع القوى الإسلامية دون استثناء، وطبعاً لا تستطيع هذه القوى إقصاء جمهورها عن التفاعل مع ما يحصل هناك. لكن هذا ليس كل شيء، فلحركة حماس خصوصيتها أيضاً بالنسبة إلى معظم القوى الإسلامية ـــــ اللبنانية. إذ إن علاقة حماس بمعظم الأطياف الإسلامية أكثر من جيدة، وهي تساعد هؤلاء مادياً بأساليب مختلفة، ومعنوياً من خلال تقديمها نموذجاً ناجحاً لقوة إسلامية قادرة على الوصول ديموقراطياً إلى السلطة وممارسة الحكم رغم الضغوط الهائلة. مع العلم أن قادة حماس حين كانوا يُسألون عن رأيهم في إنشاء حركة إسلاميّة لبنانيّة مقاومة تشبه حماس في التنظيم والعقيدة، كانوا يؤكدون أن الساحة الإسلاميّة اللبنانيّة غنيّة جداً بحركات تصبّ في نهاية المطاف في المكان نفسه، وكان هؤلاء يؤكدون اعتقاد حماس المخيمات أن الوسط السنِّي اللبناني، خلافاً للمتداول، نضج جيداً على مستوى تأسيس حركات مقاومة وجهاد إن دعت الحاجة.

وفي السياق ذاته، يرى المسؤول في حركة حماس في لبنان رأفت مرّة أن على القوى الإسلاميّة المبادرة إلى تنظيم أوسع حملة تضامن سياسية وإعلامية وشعبية، وجمع التبرعات، وتجهيز نفسها لكل الاحتمالات، مؤكداً أن قيام إسرائيل بمغامرات تحاول من خلالها اغتيال مسؤولي حماس في بلاد الشتات غير مستبعد، وخصوصاً بعد أن تبدأ بالبحث عن انتصارات وهميّة تغطّي فشلها في تحقيق أهدافها الميدانيّة في غزّة. ويقول مرّة أن حماس تنسّق بعض الأنشطة مع الجماعة الإسلاميّة في لبنان وأطراف لبنانيين وفلسطينيين آخرين، معتبراً أن اجتماع الأطياف الإسلاميّة أمر طبيعي.

ومن جهته، يقول مصدر في جبهة العمل الإسلامي قريب من رئيسها فتحي يكن إن الأخير لا يتردد في التصفيق اغتباطاً حين يردد مسؤولو الجماعة كلامهـ، سواء بشأن مقاومة العدو الإسرائيلي أو عدم الرهان على الشرعيّة الدوليّة، ولن يعاتبهم على مواقف سابقة، لا بل سيمشي معهم وربما وراءهم. ففي النتيجة هو يريد أكل العنب لا قتل الناطور. ويرجح المصدر الإسلامي أن تمضي الجماعة في تصعيد مواقفها، ولا سيما أنها على صعيد الساحة الإسلامية في لبنان تحتاج إلى بعض المنشطات. ولا يستبعد أن يكون لهذا الأمر بعض التطلعات الانتخابيّة، إذ اكتشفت الجماعة أن المقاعد التي يفترض أن تعطى لها ستذهب إلى المنشقّين عنها الذين كانوا أكثر منها ذكاءً في جذب الرأي العام الإسلامي.

بدوره، يقول أحد مسؤولي الجماعة إن لدى كل مجموعة إسلامية بعض التحفظات السياسية عن المجموعة الأخرى، لكن ذلك لا يفترض أبداً أن يحول دون الالتقاء على العناوين الكبيرة مثل وجوب قتال إسرائيل ورفض الوصاية الأميركيّة، مؤكّداً أن الجماعة ترى في حماس توأماً فلسطينياً لها، وتشعر بأن كل شهيد حمساوي هو شهيدها، متوقعاً أن تتسع دائرة نشاطات الجماعة خلال الأيام المقبلة، محتضنة جميع الأطياف الإسلامية التي، شاءت هذه الأطياف أو أبت، تعتبرها الجماعة بمثابة الأبناء. وعن رمزيّة مهرجان الجماعة الإسلامية في صيدا لمناسبة ذكرى شهداء جناحها المقاوم «قوات الفجر» في حضور ممثّلين عن 8 و14 آذار كان أبرزهم فتحي يكن، يقول المسؤول في الجماعة، الذي يرفض الكشف عن اسمه حتى لا تلومه صحف أخرى، إن الدعوة للّقاء سبقت العدوان الاسرائيلي، وحضور يكن مرتبط بعلاقته الوطيدة بمعظم هؤلاء الشهداء، وإثباته أكثر من مرة أن مواقفه مبدئية وغير تبعيّة كما دلّ انتقاده أخيراً رغبة الرئيس السوري بشار الأسد في الدخول في مفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين، مشيراً إلى أن الجماعة تنوي، بعد الاطمئنان إلى «انتصار الصمود حتماً في غزّة»، القيام بأكثر من نشاط للتذكير بماضيها المجيد وإثبات كون مروحة علاقاتها، وبالتالي إمكان تحالفاتها، أوسع مما يظن البعض.

نعود إلى غزّة: يؤكد مصدر آخر في الجماعة الإسلاميّة أن حركة حماس تراهن في مصر وبلدان عربيّة أخرى على دور الجماعة الإسلاميّة في تحريك الرأي العام، وذلك لثلاثة أسباب رئيسية، هي:

1ـــــ إبقاء اللون السنّي طاغياً على التحركات، ومنع تذرّع الحكام العرب بتدخلات إيرانية أو غيرها لقمع هذه التحركات، إضافة إلى إقلاق الحكّام الذين يعرفون جيداً معنى التصادم مع الجماعة الإسلاميّة.

2ـــــ حفاظ الجماعة الإسلامية على الكتل البشرية الإسلامية الكبرى في معظم هذه البلاد، وثقة حماس بقدرة مسؤولي الجماعة على لمّ شمل غالبية الإسلاميّين حول العلم الفلسطيني وراية التوحيد.

3ـــــ وجود حد أدنى من التنسيق بين قادة الجماعة الإسلامية في مختلف البلدان، وقدرتهم بالتالي على صياغة تحرك موحد إذا دعت الحاجة، وامتلاكهم إمكانات لا تملكها التنظيمات الأخرى.

والأهم من ذلك، الحفاظ على المبدأ الحمساوي الذي يقضي بالتعاون على كل المستويات مع جميع الأفرقاء والتنسيق رسمياً مع الفريق الأكثر شرعيّة.

تعليقات: