مي الخنسا تقود قادة العدوّ أمام محكمة لاهاي


حول الأسلحة المحرمة دولياً التي استخدمتها اسرائيل في حربها على غزة، وجرائمها ضد الإنسانية التي لا تحصى والشكاوى الموجهة ضدها، الانتقاد التقت المحامية مي الخنسا مسؤولة منظمة "التحالف الدولي لمحاكمة الإفلات من العقاب"، وكان الحوار التالي:

* الفوسفور الأبيض، القنابل الإرتجاجية وانواع جديدة من الأسلحة كانت حقول تجارب على أجساد الشعب الفلسطيني في عدوانه على غزة، كحقوقية وقانونية كيف ينظر القانون الى هذه الأسلحة؟

اولاً لا بد من توجيه تحية انتصار ونصر الى أهلنا في غزة لأنهم برغم المخالفات الدولية وما استخدمته اسرائيل من أسلحة محرّمة دولياً لتقضي على هذا الشعب، إلاّ انهم استطاعوا أن يقدّموا انتصاراً حقيقياً واضحاً بالصمود والتضحية والإباء.

ان إسرائيل تعمّدت استخدام أنواع جديدة من الأسلحة لم يشهدها العالم ولم يسمع بها من قبل، وهذا ما بدا واضحاً من خلال تصريحات الأطباء النروجيين الذين أثبتوا أن هذه الأسلحة جديدة وآخر ما سمعنا به الـ(dyme) وهو من الأسلحة المحرّمة دولياً، ناهيك عن الفوسفور الأبيض والقنابل الإرتجاجية والانشطارية المحرّم استعمالها في اتفاقية جنيف، والتي يعاقب عليها القانون، لكن للأسف اسرائيل تخرق كلّ الاتفاقيات وتستخدم ما يحلو لها من أسلحة دون رادع من أحد، وقد وجهت استعمالها ضد مدنيين أبرياء، وهي في الأساس محرّمة باستهداف البشر لما لها من مخاطر وانعكاسات سلبية على الإنسان، وهذا تماماً ما حصل في تموز 2006 ضد شعبنا في لبنان، والصمت واحد والنتيجة واحدة.

* سيدة مي الخنسا كمحامية وفي ظلّ ما اقترفته اسرائيل من جرائم في غزة كيف يتم تصنيف هذه الجرائم؟

ما تركته اسرائيل من بصمات وجرائم في عدوان تموز 2006 على لبنان، وما أكملت به على غزة هو جريمة حرب ضدّ الإنسانية، ويجب أن نشاهد ويشاهد العالم اجمع ما تفعله اسرائيل بنا من إجرام وجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية.

لقد اعتادت هذا النوع من الإرهاب الوحشي منذ العام 1948 حتى اليوم، لكن المفاجأة هذه المرّة لإسرائيل انها استخدمت جرائمها علناً أمام مرأى العالم كله.

* هل هذه الجرائم تعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان؟

ومن دون شك، ما تقوم به اسرائيل انتهاك للإنسانية بشكل أساسي، وأي إنسان يشاهد هذه المشاهد يتعاطف معها، إذاً هذا انتهاك واضح لحقوق الإنسان الفلسطيني بالعيش حياة آمنة واغتصاب ارضه ومحاصرة حريّته، وما نقلته الينا وسائل الإعلام من مشاهد للضحايا وأجساد محترقة وذائبة انتهاك أيضاً لحرمة هذا الجسد، وهنا مسؤولية وسائل الإعلام العالمية بضرورة تقديم حقيقة ما تقوم به اسرائيل في فلسطين، وحقيقة المشاهد المؤلمة اليومية الناتجة عن اعتداءات يومية ولحظوية بحق أطفال ونساء وشيوخ عزّل. ولقد استطاع الإعلام العربي أن يقدّم الصورة الحقيقية عن انتهاك حقوق الإنسان والطفل الفلسطيني من خلال مجموعة صور ومشاهد كانت كافية لتحريك الرأي العالمي ضد اسرائيل ونفوذها.

* لماذا لم تقدّم اسرائيل جدولاً أو تقريراً مفصلاً حول ما استخدمته من اسلحة في حربها على غزة؟

لأنها اسلحة محرّمة دولياً واسرائيل بطبيعتها تتكل على بعض الفقرات في القانون ولا تأخذ بالنص الكامل، فمثلاً، القانون يجيز استخدام الفوسفور الأبيض خلال الحرب، لكن شرط عدم وجود المدنيين في المنطقة المستخدم بها، وكعادتها اسرائيل تطيح بالقوانين وترتكب جرائم إهانة للإنسانية، مهينة لحياة الإنسان وحقوقه، علماً أن اتفاقية جنيف تضمن حق كل إنسان خلال الحرب وفي ظلّ الاحتلال، لكن هذا مشطوب في القانون الإسرائيلي طبعاً.

* كمحامية قمت برفع دعاوى ضد شارون كمجرم حرب، كيف كان موقفك في هذه الحرب؟

مع استمرار الحصار على غزة توجهت الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر الماضي مع مجموعة من المحامين الحقوقيين الأوروبيين ورفعنا شكوى ضد إسرائيل وأفعالها بحق الشعب الفلسطيني المحاصر من أجل محاكمتها، كنّا مدركين أن هذا الحصار سيولّد حرباً غوغائية على شعب آمن، وثم انتقلنا خلال العدوان على غزة الى لاهاي وقدّمنا إضافة جديدة الى الشكوى حملت جميع الجرائم التي قامت بها اسرائيل ضد شعبنا في غزة، وسننتقل الأسبوع القادم الى لاهاي مجدداً لإضافة معلومات كانت قد طلبتها منّا مديرة القسم القضائي في المحكمة من أجل الإسراع في التحرّك وبدء التحقيقات بجرائم اسرائيل ضد الإنسانية، وهذا واجب وحق علينا نحن الحقوقيين أن ندافع عن شعبنا العربي الفلسطيني.

* ما هي طبيعة هذا التحرك الأول وتحت أي عنوان؟

أسست ومجموعة من الزملاء الأوروبيين منظمة دولية تحمل اسم "التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب"، وتم تسجيل هذه المنظمة في الأمم المتحدة وفي العديد من الدول الأوروبية، وتهدف هذه المنظمة الى مقاضاة اسرائيل على جرائمها بحق لبنان وشعبه، وايضاً مناصرة الإنسانية، وهي منظمة جديدة تأسست منذ عدة أشهر وارتأينا أن نبدأ عملنا بمناصرة أهلنا في غزة في ظلّ ما عاشوه من حصار قاس مؤلم وما نتج عنه من حالات وفاة وغيرها، الى الاستمرار في الحصار حتى الحرب، وقد أخذتني هذه المشاهد الى تموز 2006 وما عشناه من لحظات صعبة ومؤسفة، وكنت فعلاً حينها أتمنى وجود صوت عربي يتقدم بشكوى لمحاكمة ومقاضاة اسرائيل على حربها ضد لبنان، من هنا كانت انطلاقتي مع مجموعة من الزملاء الحقوقيين الى لاهاي وتقديم شكاوى ضد جرائم حرب اسرائيل وما استخدمته من اسلحة محرّمة دولياً.

* أستاذة مي، القانون الدولي هل يجيز رفع دعاوى على اسرائيل؟

نعم، القانون في محكمة "لاهاي" يجيز للمنظمات الحقوقية والمنظمات الإنسانية التقدم بأي شكوى أمام المحكمة، وكيف إذا كانت شكاوى عن حرب ضد شعوب آمنة، وفعلاً هذه الشكوى بدأت تحقيقاتها، وقد أخبرتني مديرة القسم القضائي في "لاهاي" السيدة "باتريسيا دي هيلين" أنها ستساعدني في التحقيق لأن ملف الدعوى أصبح مكتملاً، علماً أن هذه الدعوى هي أول دعوى حالية تقام ضد اسرائيل، وستحاكم اسرائيل بإذن الله تجاه ما قامت وتقوم به بحق شعبنا اللبناني والفلسطيني. وما أودّ الإشارة اليه أن القسم القضائي في "لاهاي" متفاعل مع هذه القضية خصوصاً مع ما ارفقناه من مشاهد مؤثرة من مجازر صهيونية بحق الفلسطينيين في غزة زوّدتنا بها قناة الجزيرة.

* من رفع دعاوى ضد مجرمي الحرب الى مناصرة القضية الفلسطينية، بماذا تختمين سيدة مي؟

مسؤوليتنا محاكمة اسرائيل والباب أمامنا مفتوح، فكما نقاوم بالسلاح نقاوم بالقانون والقانون يحمينا ويحمي الطفولة التي تغتال واغتيلت بأبشع وسائل الإجرام، وأيضاً مقاومتنا الأساس بالإعلام لأنه سلاح قوي يخيف اسرائيل والغرب ايضاً، وإعلامنا قوي يحتاج الى دعم فقط، ودور إعلامنا تسليط الضوء على هذه المحاكم، وبهذه الأنواع الثلاثة من المقاومة سنقضي على إسرائيل بإذن الله، وإن غداً لناظره قريب.

تعليقات: