الزهراني، دائرة ما بين النهرين حقل توتّر بين برّي وعون

من انتخابات 2005 في الزهراني (هيثم الموسوي)
من انتخابات 2005 في الزهراني (هيثم الموسوي)


بين صيدا الملتهبة انتخابياً، وجزين التي عادت بقوة إلى الخريطة الانتخابية مثقلة بالمستنوبين، تبدو دائرة الزهراني، الواقعة بينهما، مترددة جداً في مواكبة الجارين، كأنها تقنع بما كتبه الرئيس بري لها

يمر قاصد الزهراني بها ولا يعرف أنها ضالته، فغالباً ما يُعتقد أنها جزء من مدينة صيدا أو مجرد بلدات تفرعت من جزين. وغالباً ما يعتقد غير الجنوبيين أن الزهراني هي غير المنطقة المعروفة بشرق صيدا، رغم أن التجوال في هذه الدائرة وقراءة بعض تاريخها يثيران الشك في صوابية اعتبار صيدا (لا «قرى صيدا»، وهو الاسم الثالث للزهراني)، عاصمة الجنوب. ففيما يتقاسم صيدا التيار الناصري و«اليساري» من ناحية والتيار الحريري من ناحية أخرى، تبدو الآفاق السياسية في الزهراني أكثر تنوعاً. فرئيس المجلس النيابي، مع ما يمثله من بعد شيعي وجنوبي ووطني، يترشح عن هذه الدائرة ويسكن فيها، رغم أنه في الأصل من بلدة تبنين في دائرة بنت جبيل. والنائبة بهية الحريري ـــــ ممثلة صيدا ـــــ تسكن في إحدى بلداتها لا في صيدا. وفي سياق الرمزية السياسية أيضاً، يتبين أن مخيم عين الحلوة يقع ضمن نطاقها لا في صيدا. وهي في موازاة جمعها للرمزية المسلمة بأبعادها الثلاثة، تحتضن ثاني أكبر تجمع كاثوليكي في لبنان. مع العلم أن بلدات جزين الكاثوليكية وبلدات الشوف الكاثوليكية تحاذي بلدات الزهراني ذات الغالبية الكاثوليكية لتكوّن مجتمعة تجمعاً كاثوليكياً أكبر من تجمع زحلة، وأشد تأثيراً نيابياً إذ يمثل الروم الكاثوليك 3 نواب (نائب عن كل من الزهراني، الشوف، وجزين) فيما يمثل زحلة نائبان كاثوليكيان. يضاف إلى هؤلاء، حضور «يساري» متواضع ممثلاً بالحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي.

ولكن رغم هذه الرمزيّة السياسيّة المفترضة، لا تحظى دائرة الزهراني باهتمام طباخي الانتخابات، ولا يؤتى على ذكرها إلا في حالتين: أولاً، عند البحث في تقاسم النواب بين بري والعماد عون. وثانياً، عند محاولة الأكثرية النيابيّة «زكزكة» رئيس المجلس عبر تقديم «خيار شيعي آخر» ممثلاً بأحمد الأسعد.

■ منطقتان جغرافيّتان ـــ طائفيّتان

تمتد الزهراني (74,6% من ناخبيها مسلمون، و25,4 مسيحيون) بين نهري الأولي شمالاً والليطاني جنوباً، وتبدو مدينة صيدا على الخريطة في زاويتها الشمالية الغربيّة. وهي، على الخريطة أيضاً، بمثابة سهل لمنطقة النبطية من جهة وامتداد طبيعي للجبل الجزيني من جهة أخرى. ويقسمها نهر الزهراني منطقتين:

ـــــ شمالية تعرف بشرق صيدا، عاصمتها مغدوشة، وتخترقها طريق صيدا ـــــ جزين التي تمر بالبلدات المسيحية التي تعرضت للتهجير عام 1985. وهذه المنطقة متداخلة جداً، جغرافياً واجتماعياً واقتصادياً، مع قضاء جزين. ويمثّل المسيحيون قرابة 48% من الناخبين فيها (الغالبية في البلدات المسيحية تنتمي إلى الطائفة الكاثوليكية لا المارونية عكس بلدات جزين المسيحية حيث الغالبية مارونية والأقلية كاثوليكية) وأبرز البلدات المسيحية هي المية ومية، القريّة، درب السيم، عين الدلب، عبرا، الصالحية، مجدليون، الحجة وغيرها.

ـــــ جنوبيّة تعرف بالخيزران، عاصمتها المصيلح منذ سكنها بري، وتضم قرى كبيرة عديدة مثل الصرفند (بلدة الوزير محمد جواد خليفة، وشقيقه يترأس المجلس البلدي في الصرفند. مع العلم أنها أكبر البلدات الشيعية في الزهراني حيث يبلغ عدد ناخبيها زهاء 6000)، الغازية، الزرارية (بلدة السفير السابق سعيد الأسعد، وابنه رياض الأسعد حفيد الرئيس رياض الصلح). ويمثّل المسيحيون 3% فقط من ناخبي هذا الجزء من الزهراني.

■ تعدّد اللاعبون والأساس واحد

يكثر في هذه الدائرة اللاعبون الانتخابيون: التيار الوطني الحر لديه اسمان كاثوليكيان، ثمة مرشحان كاثوليكيان على الأقل يدّعيان القرب من حزب الله منذ أكثر من عشر سنين، ورياض الأسعد يعتبرها دائرته، وأحمد الأسعد يؤكد أنه سيقضّ مضجع رئيس المجلس، ويقدم استعراضاً للوعي الشيعي الرافض هيمنة الحزبين، والحزب القومي يعتبر فرصة الانتخابات احتمالاً مناسباً إن لم تتسع لوائح المعارضة السابقة في الدوائر الأخرى لمرشحيه، ونماذج كثيرة أخرى غالباً ما تتراجع في اللحظة الأخيرة. إذ يبدو هؤلاء، عمليّاً، بلا حول ولا قوة حين يقرر بري النزول إلى الملعب. وقد نجح بري في فرض أحادية مطلقة منذ عام 1992 في هذه الدائرة التي سبقه في القبض على أنفاسها سياسياً الرئيس عادل عسيران حين كان الآمر النهي في تأليف لوائحها بين 1953 و1991 (باستثناء دورة 1964). لكن في عام 2005 دخل إلى المعادلة الزهرانية ثنائي التيار الوطني الحر ورياض الأسعد، غير أن تأثيرهما انتخابياً بقي دون المستوى الذي يسمح بإيجاد توازن يتيح الكلام عن معركة جديّة. وإن كانت النتيجة التي حققها اللاعبون الجدد قد أفقدت بري قدرة القول إنه يمثل غالبيّة مسيحية وشيعية.

■ عسيران وبرّي

شيعياً، تقدم النائب علي عسيران (ابن رئيس المجلس النيابي الأسبق عادل عسيران) دورتي 2000 و2005 على الرئيس بري في صناديق الزهراني بفارق صغير، يدل بحسب بعض المتابعين لأوضاع الزهراني السياسية، على مكانة آل عسيران المتقدمة عند أبناء الزهراني، ولا سيما المسيحيون. مع العلم أن النائب علي عسيران وعائلته لا يقترعون في منطقة الزهراني، بل في حي الدكرمان في صيدا (إحدى شقيقاته الثلاث تنتخب في بلدة البرامية في الزهراني). وهم من كبار الملاكين. وقد ورث النائب الحالي عسيران عن والده المواظبة على القيام بالواجبات الاجتماعية والتودد إلى مسيحيي المنطقة الذين غالباً ما يقترعون بكثافة لممثل العسيرانيين منذ عام 1992.

في هذه الأثناء، يتردد في الزهراني أن النائب علي عسيران يبتعد عن الإعلام ويتجنب التصريحات السياسية التزاماً منه بالحفاظ على وجود عائلته السياسي دون استفزاز أحد.

أما الرئيس بري، فتقول المعلومات المتوافرة إنه يترشح في الزهراني لا في بنت جبيل دائرته الأصلية، تأكيداً منه لدور الزهراني التمثيلي الأشمل، وهو يحرص أن تنتخبه غالبية المسيحيين بحيث يقول إن قوته التمثيلية ليست شيعية حصراً (على طريقة الرئيس كامل الأسعد في ترشحه في مرجعيون سابقاً). وتعتبر حركة أمل الحزب الأقوى في هذه الدائرة، ويتركز وجودها في الغازية والسكسكية والصرفند. مع العلم أن بري في إدارته الحياة السياسية في هذه الدائرة يراعي التوازنات العائلية والطائفية، فهو في تبني الوزير محمد خليفة يضم تحت عباءته عائلة خليفة الكبيرة والمؤثرة انتخابياً في هذه الدائرة، وكذلك الأمر مع تبنيه الدائم لعسيران. وعلى الصعيد المسيحي، يوازي رئيس المجلس بين إظهاره، شأن كل الفاعليات الإسلامية في القضاء، احتراماً للمطران سليم غزال وتأمين انتخاب ميشال موسى المقرب جداً منه الذي كان حتى دورة 2005 ينجح بتوفير الحدِّ الأدنى من التأييد المسيحي للائحة بري رغم مقاطعة الأحزاب المسيحية التقليدية للانتخابات، ورغم عدم وجود ود مسيحي كبير تجاه حركة أمل عموماً.

وفي النتيجة، يتبيّن أن بري في دائرته الأساسية، رغم غياب حزب الله نسبياً، لم يستطع إقامة «إمارته» الخاصة كحال وليد جنبلاط في الشوف مثلاً. وما زال لخصومه في الطائفة الشيعية بعض الهامش الانتخابي، ورغم الجهد الكبير، لم ينجح في استقطاب رضى الناخبين المسيحيين.

اليوم، لا يحمل المشهد جديداً، إذ يرجح أن تبقى على المستوى الشيعي ثنائية بري ـــــ عسيران.

■ موسى والوطني الحر

مسيحياً، لم يتأثر مسيحيو شرق صيدا كثيراً بمسيحيي الشوف رغم القرب الجغرافي، وكانوا أكثر انشداداً إلى مسيحيي جزين، فانتمت غالبيتهم إلى حزب الكتائب ولم يلق حزب الوطنيين الأحرار تفاعلاً كبيراً بينهم. نجح النائب السابق يوسف سالم القريب من الشمعونيين في أن يفوز عام 1968 في الزهراني على مرشح الكتائب راشد الخوري الذي فاز على سالم عام 1972 متحالفاً مع الرئيس عادل عسيران.

وخلال الحرب، تعرض المسيحيون للتهجير ولم تدفع لاحقاً الأموال الكافية للعودة (هناك أكثر من 700 مستحق لم يحصلوا على كامل أموالهم بعد)، ولم توفر كل ضرورات الحياة بالنسبة إلى من اعتادوا العيش في بيروت وجبل لبنان. إضافة إلى أن أسباباً سياسية حالت دون عودة البعض.

وبعدما كان الحضور المسيحي قبل الحرب يوازي الحضور الشيعي، أدى فارق الولادات بين المسيحيين والمسلمين وهجرة المسيحيين، إلى تراجع الدور المسيحي كثيراً في هذه المنطقة. وهكذا، عام 1992، وجد مسيحيون كثر أنفسهم غير معنيين بالانتخابات، فاختار بري النائب ميشال موسى ليخوض المعركة إلى جانبه، وذلك لثلاثة اعتبارات بحسب مقربين من بري:

1ـــــ انتماء موسى إلى بلدة مغدوشة، أكبر البلدات المسيحية في الزهراني.

2ـــــ دور الإكليروس في تزكيته، وهو من الفاعلين في الحركات الرسولية والاجتماعية التي أطلقها المطران سليم غزال.

3ـــــ عدم ابتعاده عن المنطقة إثر التهجير، ومواظبته على ممارسة مهنة الطب في صيدا وفي مستشفى حمود، الأمر الذي قرّبه من أهالي المنطقة.

وقد ترشح، في انتخابات 1992، المسؤول في الحزب السوري القومي الاجتماعي وابن بلدة مغدوشة المحامي حنا الناشف ضد موسى، لكنه لم يحقق نتيجة مؤثرة. أما في انتخابات 1996 فترشح فيليب راشد الخوري ضد موسى، بصفته قريباً من حزب الله، لا من حزب الكتائب، فحاز قرابة 9000 صوت لكنه لم يؤثر جدياً على موسى، وتكرر الأمر تقريباً عام 2000. وكان موسى يحظى، منذ عام 1992، بغالبية تؤيده في بلدته، لكنها أخذت تتراجع دورة تلو أخرى، وصولاً إلى عام 2004، حين خسر نائب مغدوشة معركة الانتخابات البلدية إذ تجمعت في وجهه كل القوى الأخرى. وبعد سنة، استفاد موسى من عدم تحضير التيار الوطني الحر ماكينته على اعتبار أنه سيقاطع الانتخابات في هذه الدائرة، فتقدم موسى في مغدوشة على الوطني الحر لكنه حل بعد العميد الطيار المتقاعد فوزي أبو فرحات في غالبية الأقلام المسيحية الأخرى.

مع العلم أن مرشح الوطني الحر أبو فرحات أصله من مغدوشة، لكنه لا يسكن فيها ولا يتردد إليها كثيراً. والجدير ذكره أن المرشح المناوئ لبري رياض الأسعد نال في الانتخابات الأخيرة في مغدوشة، عاصمة البلدات المسيحية في هذه المنطقة، نسبة أصوات أكثر من تلك التي نالها بري، رغم حرص الأخير على عدم حصول ذلك. وبحسب بعض المغدوشيين فإن موسى يتحمل جزءاً من سبب عدم إصلاح علاقة بري ومسيحيي الزهراني كما يفترض، وخصوصاً أن تحالفهما كان تحالف أشخاص لا أحزاب، وكرس تبعيّة مسيحيي القضاء لحركة أمل بصفتها حزب الغالبيّة.

وطبعاً فإن موسى، عضو كتلة التنمية والتحرير، سيكون مرشحاً في الانتخابات المقبلة، إلا إذا حصلت تسوية كبرى بين بري وعون يُعطى بموجبها المقعد الكاثوليكي في هذه الدائرة لعون. مع الأخذ بأن الباحث عبدو سعد في قراءته نتائج انتخابات 2005، يقول إن قرابة 33.3% من الناخبين المسيحيين اقترعوا في دائرة الزهراني (واحدة من أقل نسب مشاركة المسيحيين مقارنة بالدوائر الأخرى)، وقد نال مرشح التيار الوطني الحر 56.6% من أصوات المسيحيين في هذه الدائرة 65% إذا استثنت مغدوشة من حساب الأصوات، على اعتبار أن الحسابات العائلية والعلاقات الشخصية تطغى هنا على العاملين السياسي والحزبي.

على صعيد التيار الوطني الحر، ثمة اليوم مرشحان جديان هما منسق القضاء السابق بسام نصر الله والمرشح السابق فوزي أبو فرحات. وفيما تميل القاعدة العونية أكثر إلى نصر الله على اعتبار أنه على تماس شبه يومي معها، وهو من مؤسسي التيار في تلك المنطقة، يبدو المحيطون بأبو فرحات متأكدين من أن قربه من العماد عون وثقة الأخير الكبيرة به على مختلف الأصعدة ستجعله يحظى بلقب السعادة إذا قرر بري إعطاء المقعد لعون.

وهناك رأي مسيحي يقول إن رئيس المجلس سعى جاهداً لتأمين عودة المسيحيين إلى شرق صيدا، ويفترض أن يختتم جهده بتوفير عودة سياسية لهؤلاء تتمثل بإعطائهم الحق في إيصال من يمثلهم. وفيما يتمتع التيار بهيكلية تنظيمية واضحة في المنطقة رغم وجود معظم الناشطين في بيروت وجبل لبنان، لم تعد القوات اللبنانية بعد إلى شرق صيدا إلا عبر مجموعات شبابية لا أحد يعرف مسؤولاً عنها.

ختاماً، يقول متابعو الانتخابات في هذه الدائرة إن اتفاق بري ـــــ عون سيضع شمعاً أحمر على نتائج انتخاباتها، الأمر الذي يفسر عزلتها انتخابياً. في وقت يؤكد فيه أكثريون أن قيادة الأكثرية لن تعطي النيابة على طبق من فضة لأحد ما دامت تستطيع التحرك. وفي هذا السياق، قد توفر معركة صغيرة ـــــ محسومة سلفاً للقوات اللبنانية ـــــ نبش ملفات عديدة في هذه الدائرة تواجه من خلالها من يفترض أن ينبشوا الملفات في دائرة الشوف المجاورة.

شح في المقترعين والمرشحين

■ خلافاً لحال غالبية الدوائر، لم يتجاوز ارتفاع نسبة الاقتراع في منطقة الزهراني عام 2005 الـ 0,1 %. وكانت المفارقة في الاقتراع المسيحي، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة 33% فقط.

■ بلغ عدد المقترعين الروم الكاثوليك في كل لبنان عام 2005 قرابة 47600 صوت، أي ما نسبته 30,5% من الناخبين الكاثوليك المسجلين في لوائح الشطب. وبالتالي تراجعت المشاركة الكاثوليكية في الانتخابات عام 2005 زهاء 7,2% عمّا كانت عليه عام 2000.

■ يُسجل أيضاً، قلّة عدد المرشحين، حيث تنافس عام 2005 مرشحان فقط لشغل المقعد الكاثوليكي (ميشال موسى وفوزي أبو فرحات)، و3 مرشحين لشغل مقعدين شيعيين (نبيه بري، علي عسيران، ورياض الأسعد).

«سيّدنا لا يطلبها مرتيّن»

الوجه الكاثوليكي الأبرز في قضاء صيدا والجنوب عامة هو المطران سليم غزال، المولود في بلدة مشغرة عام 1931. وقد ركز غزال، مؤسس حركة الشبيبة الطالبية المسيحية، جهده على الحوار الإسلامي ـــــ المسيحي. قبل أن يؤسس عام 1990 مركز التنمية والحوار قرب دار العناية في الصالحية. ورغم دوره الديني، يعتبر غزال إحدى ركائز الحياة السياسية في منطقتي صيدا وجزين. ويجمع العاملون في الحقل العام في الجنوب على أن «سيدنا لا يطلبها مرتين».

آخر رجال الاستقلال

ليس الرئيس نبيه بري أول رئيس مجلس نيابي من دائرة الزهراني، فقد سبقه أحد أعمدة الاستقلال والحياة النيابية، الرئيس عادل عسيران (والد النائب علي عسيران) الذي انتخب نائباً عن الجنوب في دورات 1943، 1947، 1953. ونائباً عن دائرة الزهراني أو «قرى صيدا» في وقتها، دورات 1957، 1960، 1968، و1972، وبقي نائباً حتى عام 1992. وقد انتخب رئيساً لمجلس النواب عام 1953 وجدد له سبع مرات حتى عام 1959. وعين وزيراً في حكومات عديدة. وقبل وفاته عام 1998، كان آخر رجالات الاستقلال الأحياء.

6 مقاعد متنازع عليها بين الحليفين

قبل أن يستكمل الصحافي سؤال أي سياسي في قوى 14 آذار عن مصير المقاعد المتنازع عليها بين القوات اللبنانية والكتائب، يسارع السياسي إلى رمي الكرة في «الملعب الآخر» سائلاً عن مصير المقاعد المتنازع عليها بين بري وعون. وضمن المشهد نفسه، حين يسأل مسيحيّو الأكثرية عن استفادتهم الانتخابية من التحالف مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، يجيبون بالسؤال عمّا سيجنيه عون على صعيد توزيع المقاعد النيابيّة من تحالفه مع حزب الله وحركة أمل.

ثمة 5 دوائر رئيسيّة يتداخل فيها جمهورا بري وعون ومرشحوهما، هي: جزين، الزهراني، بعبدا، جبيل، وزحلة.

الأولى يمثلها نائبان مارونيان ونائب كاثوليكي ويطالب بري باثنين منهما (ماروني وكاثوليكي)، الثانية يمثلها نائبان شيعيان ونائب كاثوليكي ويطالب بري باحتكار تمثيلها، والثالثة يمثلها 3 نواب موارنة ونائبان شيعيان ونائب درزي ويتطلع كل من بري وعون إلى شغل أحد المقعدين الشيعيين فيها (المقعد الآخر لمرشح حزب الله النائب علي عمار)، والرابعة يمثلها نائبان مارونيان ونائب شيعي يطالب بري به، والخامسة يمثلها نائبان كاثوليكيان ونائب لكل من الموارنة والأرثوذكس والأرمن والسنّة والشيعة، ويطالب بري بالشيعي.

هكذا يكون الخلاف بين بري وعون على مقعد جبيل الشيعي، مقعد زحلة الشيعي، أحد المقعدين الشيعيين في بعبدا، مقعد الزهراني الكاثوليكي، ومقعد ماروني ومقعد كاثوليكي في جزين.

وبحسب مصادر في المعارضة، فإن بري لا يستطيع الاعتراض على مرشحي عون الشيعيين في جبيل (النائب عباس الهاشم) وزحلة (النائب حسن يعقوب). فيما يرجح أن يوافق عون على احتفاظ النائب سمير عازار بمقعده النيابي في جزين نظراً لحيثيّة آل عازار الجزينيّة. وبذلك، يبقى هناك 3 مقاعد عالقة: أحد المقعدين الشيعيين في بعبدا، والمقعدان الكاثوليكيان في الزهراني وجزين.

وحتى الساعة، لا بوادر حل في شأن تقاسم هذه المقاعد، إذ يصر عون على الثلاثة، فيما تبدي مصادر بري رفضها التخلي عن مقعد الزهراني الكاثوليكي ومقعد بعبدا الشيعي. لكن مصادر في المعارضة ليست قلقة تجاه محاولة التيار توسيع كتلته، من منطلق أن حزب الله، الفاعل أيضاً في «الدوائر المختلطة»، سيحرص في النهاية على تأمين «المصلحة العليا» لفريقه السياسي.


تعليقات: