مرجعيون-حاصبيا إلى معركة: أبو جمرة وحردان مرشحان والاحتكام إلى الصناديق

أبو جمرة في إحدى زياراته الجنوبية (عن موقع بنت جبيل)
أبو جمرة في إحدى زياراته الجنوبية (عن موقع بنت جبيل)


مرجعيون - حاصبيا إلى معركة وإن محسومة..

أعاد كلام رئيس "اللقاء الديموقراطي" وليد جنبلاط على الوضع الانتخابي في دائرة حاصبيا – مرجعيون وما اعقبه من رد عليه للوزير طلال ارسلان الأوضاع الانتخابية في هذه المنطقة الى نقطة يصعب معها تحليل المعطيات الميدانية وما سترسو عليه صورة التفاهمات النهائية في الدائرة التعددية البنى والتركيب والتي تجتمع فيها كل عناصر الطوائف اللبنانية ومكوناتها في خليط يجعل صورتها الاكثر تعقيداً ربما على كل الاراضي اللبنانية على رغم وفرة عدد الناخبين من ابناء الطائفة الشيعية وقدرتهم التي لا لبس فيها على تحقيق الفوز للائحة او المرشحين الذين تصب اصواتهم لمصلحتهم.

في الاصل جرى تسريب الكلام جنوباً وامتداداً في اتجاه البقاع الغربي على شبه اتفاق ينسج بعيداً عن الاضواء بين الرئيس نبيه بري والنائب جنبلاط يشمل التفاهم على لائحة حاصبيا – مرجعيون لقاء التفاهم على لائحة البقاع الغربي – راشيا، وجرى الكلام تحديداً عن التوافق على النائب انور الخليل مقابل النائب ناصر نصرالله. وعلى هذا الاساس بردت همم كثر من الناشطين في الماكينة الانتخابية لهذا الطرف او ذاك استناداً الى حجم تأثير جنبلاط في حاصبيا، وامكان ان ينضم الى "تيار المستقبل" المؤثر ايضاً بأصوات آلاف الناخبين السنة في شبعا وكفرشوبا وحلتا والهبارية وغيرها الى هذا التفاهم. وطوى الكلام على اختيار النائب انور الخليل مرشحاً توافقياً عن المقعد الدرزي في حاصبيا كل لائحة الاسماء التي كانت متداولة وفي مقدمها مروان خير الدين (ابن شقيقة انور الخليل) والمدعوم من ارسلان. لكن موقف جنبلاط من تركيب لائحة عاليه اعاد طرح اسم خير الدين ومعه كل التنافس بين التيارين اليزبكي والجنبلاطي في حاصبيا حيث يتوزع الناخبون الدروز شبه مناصفة بين الجانبين، كما اعاد طرح لائحة طويلة من المرشحين الدروز الطامحين الى "اللوحة الزرقاء" في حاصبيا، ومعهم كل الجدل الذي قد يؤدي في حال عدم التوافق الى خوض معركة قاسية في حاصبيا يختلط فيها مؤيدو 14 اذار مع 8 اذار على قاعدة تأكيد الحضور والتمثيل والشرعية الشعبية.

السنّة: نائب مستقل

واستناداً الى اوساط متابعة للوضع في الدائرة الاكثر تعدداً على الخريطة الانتخابية اللبنانية، فإن ما يصح على الدروز من تنافس يمكن ان يعمم على مقلب الطائفة السنية الطامحة الى تأمين تمثيلها في شكل جدي في دورة 2009 بعد معاناة طويلة مع المدحلة الجنوبية الشيعية، علماً ان الغالبية الساحقة من الناخبين السنة في تلك الدائرة هم من مؤيدي "تيار المستقبل" الذين استنكفوا عن المشاركة في دورة 2005 في ما يشبه المقاطعة المسيحية مطلع التسعينات، مما ادى الى انتخاب النائب قاسم هاشم عن حزب البعث السوري على لائحة 8 آذار. ولسان حال غالبية جمهور السنة على ما يردد قادته وكوادره ومثقفيه: "اننا نريد نواباً يمثلوننا فعلاً". ويعني ذلك في حسابات الانتخابات ان الناخبين السنة سيقترعون لمن يسميه او يزكيه النائب سعد الحريري الذي يولي المنطقة عناية خاصة على ما يقول عارفوه نظراً الى حساسيتها ودقة الوضع العام فيها، لكنه سيجد نفسه أمام معادلة واضحة، فإما تقديم مرشح لجمهور السنة في حاصبيا وإما مواجهة شبه انتفاضة ومقاطعة من مؤيديه السنة، خلا بعض مؤيدي النائب قاسم هاشم والمرشحين الاخرين من مؤيدي 8 اذار في كفرشوبا والهبارية، حيث يقال ان الأمير طلال ارسلان يفكر في ترشيح وليد بركات للمقعد السني. وفي معلومات العارفين بأوضاع الدائرة ان "المستقبل" سيخوض حمأة الانتخابات وان النائبين سعد وبهية الحريري متفقان على ذلك تحت عنوان "بناء الدولة والقرار 1701" وان "تيار المستقبل" يدرس مختلف الاحتمالات وفي مقدمها دعم مرشح سني مستقل او وسطي يحظى باجماع مختلف الفاعليات والهيئات السنية.

المسيحيون: لا حسم

وسط هذه المعمعة يبدو الترقب والغموض سيد الموقف على محور المقعد الارثوذكسي حيث يستمر التفاهم بين "التيار الوطني الحر" والحزب السوري القومي الاجتماعي معلقاً في انتظار الاتفاق بين القيادتين، في حين تؤكد اوساط نائب رئيس مجلس الوزراء اللواء عصام ابو جمرة انه مرشح للمقعد الارثوذكسي في الدائرة "استجابة لمطالبة ابناء المنطقة، وإما لن يترشح"، وان لا مساومة على هذا الترشح اياً تكن الضغوط. وفي رأي الاوساط العونية ان ابو جمرة يحظى بتأييد لا بأس به لدى مختلف الطوائف وخصوصاً لدى الناخبين الشيعة بنتيجة "ورقة التفاهم" بين "حزب الله" و"التيار العوني"، اضافة الى تأييد شرائح واسعة من الدروز والسنة الذين يريدون التعبير عن اتجاهاتهم، في حين يتوافر دعم مسيحي من الاحزاب والتيارات النشطة في المنطقة.

في موازاة ذلك يستمر رئيس الحزب القومي النائب اسعد حردان في عمله بهدوء وصمت لإعداد ماكينة حزبه الانتخابية التي سيتعين عليها في هذه الدورة ان تخوض غمار مواجهة حقيقية لحشد اصوات المؤيدين واثبات الوجود، علماً ان جملة عوامل تقف بجانب حردان، فهو نجح في بناء شبكة واسعة ومتشعبة من العلاقات الافقية والعمودية في كل ارجاء دائرة مرجعيون وحاصبيا مستفيداً من موقعه وزيراً في الحكومات المتعاقبة، ومن كرسي النيابة التي مكنته من تقديم خدمات متعددة، اضافة الى التحالف المتين والتاريخي مع الثنائي الشيعي "أمل - حزب الله"، وهذه عوامل تعزز رصيده لدى جمهور ناخبي "المقاومة"، مضافاً الى حضور الحزب القومي التاريخي في المنطقة. وفي مقاربة المتابعين للوضع الانتخابي ان قيادة 8 اذار وتحديداً "حزب الله" ستجد نفسها امام خيار صعب في حال استمر ترشح ابو جمرة وحردان على المقعد الارثوذكسي. وقد تجد مخرجاً لهذه المشكلة بترك المقعد الارثوذكسي شاغراً على اللائحة منعاً للاحراج امام الحليفين السوري القومي و"العوني". ويحلو لأحد قادة تحالف 8 اذار ان يشبه عملية تركيب لائحة 8 اذار في حاصبيا – مرجعيون بلعبة الدومينو، حيث يجب ان يمثل الاتفاق على المقعد الارثوذكسي في مرجعيون جزءاً من الاتفاق الشامل بين اطياف المعارضة على المقاعد في المتن الشمالي والكورة وبعلبك – الهرمل والزهراني وصولاً الى جزين، حيث لا تزال ملامح الاتفاق الذي قيل انه تم بين الرئيس نبيه بري والنائب ميشال عون غامضة وغير معروفة ومدى حدود هذا التحالف.

تبقى الاشارة الى ان التنافس على المقعد الارثوذكسي في مرجعيون لا ينحصر في ابو جمرة وحردان بل ستنضم اليه اسماء مثل رئيس الاتحاد العمالي العام السابق الياس ابو رزق والزميل راجح خوري وكلاهما يعلن انه مرشح مستقل ويحظى ضمناً بدعم قوى معينة، وخصوصاً من تحالف 14 اذار وجمهوره الدرزي والمسيحي والسني.

الشيعة مستقلون وحزبيون

يبقى المحور الشيعي او الحالة الاكثر قوة انتخابياً في الدائرة جرياً على احوال الجنوب عموماً، وفي حسابات المراقبين، ان الثنائي الشيعي سيخوض المعركة بالتضامن والتفاهم الكامل لتأكيد حضوره المؤثر وارجحيته الانتخابية والسياسية على مستوى مرجعيون وما تمثل من رمزية في مفهوم المقاومة. وتتزامن هذه الثقة الكبيرة بالنفس مع استعدادات وتسريب اسماء لمرشحين يحملون رمزية معينة وفي مقدمهم مرشح الحزب الشيوعي اللبناني سعدالله مزرعاني الذي يبدو انه حصل على وعد من "حزب الله" بدعمه لاحد المقعدين الشيعيين في الدائرة. ويبدو ان "الثنائي" الشيعي يود اقتباس تجربة "المستقلين" نسبياً واعتمادها في بعض لوائح مرشحيه، وذلك في حين يواصل رئيس "تيار الانتماء اللبناني" احمد كامل الاسعد حملته الانتخابية على قاعدة مواجهة الاستئثار بالساحة الشيعية والعناوين الاخرى للمواجهة مع "حزب الله" والتي اعلنها في اكثر من مناسبة. لكن السؤال الكبير الذي تطرحه مختلف الاوساط، هو المدى الذي وصل اليه الاسعد في تحقيق اختراقات مهمة على مستوى القاعدة الناخبة الشيعية، وما اذا كان ترشحه اخذ يشكل محور استقطاب حقيقي.

في تحليل قدامى اليساريين من ابناء الطائفة الشيعية ان ذيول حرب تموز 2006 لم تنته على مستوى القرى والبلدات التي طالها التدمير، وان سياسة التمييز في توزيع المساعدات وحرمان المستقلين واليساريين فعل فعله في ارجاء الجنوب. ويؤكد اليساريون وغالبيتهم من "اليسار الديموقراطي" او المنشقين عن الحزب الشيوعي في "جبهة الانقاذ" ان توزيع اموال مجلس الجنوب ترك آثاراً مدوية بتعزيز حالة شعبية ترفض مصادرة الساحة الجنوبية. ويؤكد هؤلاء اليساريون انهم سيخوضون الانتخابات ولن يكتفوا بعد اليوم بدور المتفرج، ويتحدثون في هذا الاطار عن اتصالات تجري مع الوجه المعروف حبيب صادق وعن اسماء يسارية بارزة، ويؤكدون ان القرى الشيعية لن تكون حالة مقفلة في انتخابات 2009 بل ستجري فيها انتخابات حقيقية اياً يكن الفائز.

تعليقات: