اليساريون اللبنانيون هم الأكثر حيوية والأقل حشداً

تظاهرة النعوش
تظاهرة النعوش


لم يخذل الشعب اللبناني بمعظم فئاته وتياراته السياسية الشعب الفلسطيني، فعمت التحركات والتظاهرات معظم المناطق اللبنانية منذ بدء العدوان الاسرائيلي على غزة في 27 كانون الاول الفائت.

دأبت الاحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية على تنظيم الاعتصامات، وخصوصا امام مبنى الاسكوا في وسط بيروت.

الا ان بعض المنظمات الشبابية اليسارية اللبنانية والفلسطينية بادرت الى الاعلان عن تنظيم اعتصام مفتوح امام "الاسكوا" منذ اليوم الاول لبدء العدوان. ونصب بعض الشبان خيمة صغيرة في محاذاة الحاجز الاسمنتي الذي يفصل محيط المبنى عن ساحة جبران خليل جبران، وباتت الخيمة مقصداً لعدد من اليساريين للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني. وكذلك اتخذ اليسار من مكان الاعتصام المفتوح نقطة انطلاق لتظاهراته غير الحاشدة في اتجاه السفارة المصرية في بئر حسن، وكذلك مقار جامعة الدول العربية والاتحاد الاوروبي والسفارة الاميركية في عوكر.

المشاركون: اليسار الشيوعي

شارك في الاعتصام المفتوح عدد من المنظمات الشبابية اليسارية، ابرزها قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني.

فرح ضاهر احدى المشاركات في الاعتصام المفتوح ترى ان "الاعتصام هو مساهمة صغيرة وبسيطة لدعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة، لأن المطلوب من الشعوب العربية ان تدعم المقاومة الفلسطينية، ولا نعوّل في هذا المجال على بعض القادة والحكام العرب".

اما رفيقها بشار فيعتقد ان "الاعتصام هو تعبير رمزي عن تضامن اليساريين مع الشعب الفلسطيني ومقاومته. ولو كان في الامكان ان نقدّم الدعم للفلسطينيين بوسائل اخرى لفعلنا".

وكان المعتصمون قرب "الاسكوا" يأملون في الالتحاق بالباخرة التي كان من المفترض ان تبحر على غزة عبر لارنكا لكن صعوبات حالت دون ذلك، ومنها ان مالك الباخرة طلب 150 الف دولار اميركي للقيام بالرحلة، علما ان ناشطين من المجتمع المدني وبعض الاعلاميين كانوا على وشك الانطلاق في رحلة التضامن مع غزة قبل زهاء اسبوعين.

ظاهرة الاعتصام

تعود ظاهرة الاعتصام الى عقود عدة في لبنان الذي يتميز بحراك سياسي لافت. وفي الاعوام الاخيرة اتخذت الاعتصامات في لبنان شكلا مميزا عندما اعتصمت قوى المعارضة اللبنانية في وسط بيروت من اول كانون الاول 2006 وحتى 20 ايار الفائت. وتميز اعتصام المعارضة بنصب مئات الخيم، وهو جاء على غرار اعتصام قوى 14 آذار بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط، واستمر حتى اواخر نيسان من العام نفسه.

واللافت ان استعمال الخيم في الاعتصامات لا يقتصر على لبنان وحسب، بل هناك احزاب وافراد في دول عدة تتبع هذا التقليد.

ففي العاصمة الاوكرانية كييف نصب انصار ما عرف بـ"الثورة البرتقالية" خيمهم في وسط المدينة اعتراضا على نتائج الانتخابات الرئاسية في اوكرانيا. وامام البيت الابيض في واشنطن لا يزال عدد من الناشطين الاميركيين ينصبون خيماً صغيرة على سور حديقة البيت الابيض.

• • •

صحيح ان اليساريين لم يستطيعوا حشد عشرات الالوف خلال حرب غزة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لكنهم كانوا الاكثر حيوية في تحركاتهم الاحتجاجية، وابتدعوا اساليب عدة تنم عن حسن تنظيم رغم الامكانات المادية المتواضعة. فالذين شاركوا في الاعتصام المفتوح امام الاسكوا كانوا يتحملون تكاليف المأكولات والسجائر ولم تعمد المنظمات اليسارية الى شراء ولو حتى "السندويشات" لأن "العين بصيرة واليد قصيرة" وذلك بخلاف ما كان لبنان يشهده من اعتصامات لقوى الموالاة والمعارضة والكرم الفائض خلالها.

هم اليساريون في زمن الاحباط، وشكّل "الرفيق" هوغو شافيز، زعيم الحركة البوليفارية في اميركا اللاتينية دافعاً لحماستهم، واضفى عليها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان نكهة اسلامية مميزة.

تعليقات: