مزارعو حاصبيا: لعل في الصبار الفرج

قطف الصبار بالطريقة البدائية
قطف الصبار بالطريقة البدائية


يبدو أن مزارعي حاصبيا عثروا على كلمة السر التي سوف تقطع بهم فيافي سنوات الإقتصاد اللبناني العجاف. فبعد أن كانت لفترة طويلة مجرد عماد لسياج الكرم والحقل، وكان شوكها يكفيها لحماية ثمارها من المتطفلين، عادت شجرة الصبار لتحتل مكانا مرموقا عند المزارع الحاصباني بعد أن كانت كل الدلائل تشير الى أنها في طريقها الى الإنقراض. هكذا، يبدو ان الشجرة أقنعت المزارع لاعتمادها كزراعة بديلة عن اللوزيات. فقد اثبتت تجارب عدة نجاحها إن كان ذلك من جهة المردود او من جهة كلفة الإنتاج. لذا نجد شجرة الصبار اليوم وقد انتشرت حقولا مزروعة في حوض الحاصباني مع اعتماد الطرق الحديثة والتقنيات الفنية المدروسة.

ويؤكد المزارع يوسف الحرفاوي هذا الإتجاه إليه، حيث اشار الى انه يعمل ومنذ ثلاث سنوات على قلع الأشجار اللوزية مثل الدراق والمشمش والجنارك من بستانه على ضفة الحاصباني وعلى زرع الصبار مكانها بشكل مدروس، فكانت التجربة ناجحة جداً ومشجعة لدرجة ان العديد من المزارعين حذوا حذوه. حتى يمكن القول بأن شجرة الصبار ستحتل لاحقاً مساحات واسعة من اراضي الحاصباني، المروية منها والبعلية. ويضيف الحرفاوي ان الأشجار اللوزية بحاجة الى عناية يومية من خلال التقليم ورش المبيدات والحراثة والري، كما أنها بحاجة الى يد عاملة مما يرفع كلفة الإنتاج في ظل انخفاض اسعار السوق. ويستطرد المزارع في وصف منافع وحسنات زراعة الصبار فيقول أن اللوزيات سريعة التلف فهي تعيش لفترة تتراوح بين خمس وثماني سنوات، تيبس بعدها فيذهب تعب هذه السنين مع زوال الأشجار. ثم يقول أن زراعة الصبار يمكن ان تكون المنقذ في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التى يمر بها القطاع الزراعي.

وتتوزع زراعة الصبار في منطقة حاصبيا بشكل خاص في مناطق: حلتا، الماري، السليمية، وادي خنسة، ابو قمحة، عين قنيا، ميمس وحاصبيا. وكلها مزروعة في اراض بعلية صخرية يبلغ انتاجها السنوي بين الثلاثمئة والخمسمئة طن تسوق عادة محلياً. لكن، وخلال الأعوام القليلة الماضية، غزا الصبار الحاصباني معظم الأسواق اللبنانية عبر تجار متخصصين او عبر بعض التعاونيات الزراعية، وبيعت المئة حبة منه بخمسة عشر الف ليرة لبنانية.

ومن أسباب تفوق شجرة الصبار على الزراعات الأخرى، انها تبدأ الإنتاج بعمر ثلاث سنوات. وينتج دونم الصبار (ألف متر) حوالى مئتي كيلو من الثمار. ويبدأ القطاف عادة في شهر تموز ويستمر حتى اوائل ايلول. وقد قال المزارعون في المنطقة، أنهم استعانوا بالإرشاد الزراعي عبر برنامج دعم تأهيل القطاع الزراعي في جنوب لبنان الذي يشهد تعاوناً وتنسيقاً بين وزارة الزراعة والإتحاد الأوروبي ومعهد تعاون الجامعات روما ايطاليا.

من هؤلاء المزارع جميل الحمرا الذي عبر عن سعادته بكرم شجرة الصبار التى “تعطي الكثير من الثمار من دون مقابل”. كما قال أن اهم ما في هذه النبتة انها تعمر طويلا، وان زراعة الصبار وحسب الطرق الحديثة والعلمية يوفر على المزارع عناء القطاف بواسطة “المحواش” (عصا طويلة في رأسها ما يشبه العلبة بحجم كوز الصبار تقريبا تستخدم في القطاف) المتبعة حالياً والتي هي متعبة وبطيئة لكن لا بد منها في ظل عشوائية الزرع التي تحرم الحقل من ممرات ما بين الأشجار. ويقول أن طريقة القطاف هذه تكون مؤذية للثمار بحيث يتم نزع القشرة عند مدخل الكوز مما يجعله سريع التلف. لكن بطريقة الزرع الحديثة تكون النبتات متباعدة وفي صفوف متناسقة تمكّن المزارع من قطف الثمار براحة وإبقائها سليمة. وينهي الحمرا كلامه بالقول أن هناك اتجاهاً في منطقة الحاصباني لأعتماد شجرة الصبار الى جانب شجرة الزيتون على امل ان يتحسن المردود الزراعي المنهار. ويختم مبتسماً بشاعرية: “ولسوف نصبر على اشواكها التى الِفناها لعله في “الصبار” الفرج”.

تعليقات: