القطاع الصناعي في منطقة مرجعيون شبه معدوم ويُعاني الإهمال

المدينة الصناعية في بلدة جديدة مرجعيون
المدينة الصناعية في بلدة جديدة مرجعيون


لإنشاء معاهد ومصانع ومعامل تشجع على بقاء الأهالي وعودة المهاجرين..

الصناعيون يُطالبون بدعم العاملين فيه لتأمين فرص العمل مرجعيون.

يُشكل القطاع الصناعي إلى جانب القطاع الزراعي في بلدات وقرى منطقة مرجعيون، مورداً معيشياً مهماً وأساسياً لشريحة اجتماعية كبيرة، فهو يعتبر الحافز الرئيسي لبقاء عدد كبير من سكان القرى في منازلهم بدلاً من النزوح نحو العاصمة أو الهجرة إلى خارج أرض الوطن·

وعلى الرغم من أن نسبة العاملين فيه في منطقة مرجعيون إلى جانب المهن الحرة تتجاوز 35% من المقيمين، فإن مؤسسات الدولة المعنية بهذا القطاع غائبة عنه كلياً، والحرمان والإهمال سيدا الموقف، فلا خدمات للعاملين فيه، ولا حوافز ومساعدات ولا تقديمات صناعية مجانية، ولا خدمات اجتماعية أو صحية، ولا مشاريع مستقبلية لحماية الصناعيين ودعمهم لتشبثهم بأرضهم وقراهم، ناهيك عن غياب المؤسسات الجامعية والمعاهد التي تسهم بشكل كبير في بقاء الأهالي في قراهم، وعدم النزوح إلى العاصمة بهدف تعليم أبنائهم وبحثاً عن مصادر معيشية بديلة·

قمنا بجولة تفقدية على العاملين في القطاع الصناعي، واطلع منهم على مشاكلهم وهمومهم·

يُعاني العاملون في هذا القطاع كغيرهم في القطاعات الأخرى من إهمال تام من قبل المؤسسات الرسمية، وهم بالكاد يستطيعون اليوم وفي ظل استمرار الوضع الإقتصادي المتردي في لبنان من توفير قوتهم اليومي، فمن لا قدرة له على التحرك والخروج من محنته يعيش من قلة الموت، والبعض منهم بات مجبراً على العمل في مهنتين مختلفتين واحدة قبل الظهر وأخرى بعده، كما أقفل العديد منهم محلاته بسبب عدم قدرته على تحصيل أجرة محله وغادر المنطقة، ونزح نحو العاصمة، ومن ثم هاجر إلى بلاد الإغتراب بحثاً عن لقمة عيش كريمة لم تتمكن دولته من تأمينها، وهؤلاء كثر، كما يقول بعض الصناعيين الذين يئسوا من كل شيء، لأن أخوة لهم في المهنة والوطن يعانون مشقات كثيرة في المهجر لكي يحصلوا على لقمة عيشهم·

ويتساءل بعضهم: هل سياسة الدولة اللامبالية بحقوقهم ستستمر طويلاً؟ فهم لا قوة لهم على تحملها، وما يريدونه بسيط جداً ولا يخدمهم وحدهم، بل يخدم كل العاملين في القطاعات الإنتاجية، ويتمثل بتوفير الدعم الصناعي والزراعي والتجاري، وبناء المعاهد والجامعات التي تساهم في تعزيز روح الثقة بين الدولة والمواطنين وتثبيت الأهالي في قراهم·

صميلي

خليل صميلي (من بلدة جديدة مرجعيون صاحب محل صناعي لتصليح مولدات الكهرباء - ديزيل) قال: من المعيب أن تأتي الدولة إلى المنطقة، وبعد غياب طويل لتأخذ الضرائب والرسوم من المواطنين دون أو تؤمن حقوقهم، ونحن أصحاب المصالح الصناعية لم نرَ خدمات الدولة منذ مدة طويلة، لا بل جاءت لتأخذ منا ما نجنيه في عملنا، دون أن تنظر إلى مشاكلنا، فالعمل الصناعي في المنطقة مشلول والحالة الإقتصادية معدومة والحياة صعبة، ونعمل طوال اليوم، ولا نستطيع تأمين الأموال الضرورية للبقاء على قيد الحياة، فهذه المدينة الصناعية المعروفة في بلدة جديدة مرجعيون، أصبحت شبه مهجورة نظراً لقلة السكان المقيمين في المنطقة، ولفقدان وسائل العيش الكريمة في المنطقة وعدم وجود معامل ومصانع وجامعات ومشاريع إنتاجية صناعية أو زراعية أو تجارية، تدفع بالمواطن لكي يبقى في منزله وقريته، وما يحصل في هذه المدينة، التي كانت تعج بالمواطنين في يوم من الأيام، يحزن القلب ويترحم على الماضي·

وأضاف: لم يعد يأتي إلى المدينة إلا الفقراء، الذين يريدون تصليح معداتهم الصناعية بالتقسيط على دفعات حتى لو كان المبلغ زهيداً جداً، هذه الحالة أوصلتنا إلى الموت البطيء، وعلى سبيل المثال قدم شخص منذ مدة طويلة إلى المحل لتصليح مولد كهربائي، وقمنا بتصليحه على الفور ظناً منا أننا سنحصل على الأجر، لكنه أتى ليأخذه على أن يدفع كلفة تصليحه على دفعات بسبب عدم وجود مالٍ كاف، فرفضت ذلك وما زال المولد موجوداً في المحل بإنتظار تأمين المبلغ المطلوب·

وتابع: فهذا الوضع المزري التي تعيشه المنطقة سببته السياسات الخاطئة التي تنفذها الدولة في كافة قطاعات الحياة، سواءً على صعيد القطاع الزراعي والتجاري والصناعي، وتتحمل الدولة والحكومات المتعاقبة مسؤولية تردي الأوضاع الإقتصادية في المنطقة، وما حلّ بالسكان المقيمين في منطقة مرجعيون·

وتابع: لتصحيح الوضع الإقتصادي في منطقة مرجعيون، يجب على الدولة أن تعمل على إعادة سكان المنطقة إلى قراهم عبر سلسلة خطوات، ومنها بناء الجامعات والمعاهد وتأمين فرص عمل للمقيمين، ودفع التعويضات الضرورية لإعادة بناء ما دمره العدو الإسرائيلي، لأنني كنت أملك محلين تجاريين دمروا ولم تعوّض الدولة علينا، هذا فضلاً عن تشجيع التجار الكبار لإعادة إستثمار أموالهم في المنطقة وتأمين الأمن والإستقرار لهؤلاء لكي يتشجعوا على بناء المعامل والمصانع التي تشغل آلاف العاطلين عن العمل من الشباب والسيدات·

ودعا صميلي إلى <>تفعيل إتحاد أصحاب المهن الصناعية الحرة التي كان قائماً في المنطقة لمساعدة العاملين والمنتسبين إليه لكي يحققوا مطالبهم>، معتبراً أنه على <الدولة مساعدة أبناء منطقة الجنوب التي تتعرض إلى <كف> كبير كل فترة زمنية قصيرة من العدو الصهيوني>·

ياسين

محمد ياسين (صاحب محل كهرباء سيارات في المدينة الصناعية) قال: أغلبية السكان مقيمين في بيروت، ولا يوجد حركة صناعية تجارية قوية تساعدنا على تأمين رزقنا اليومي، لذلك نحن مجبرون للبحث عن مصادر عيش بديلة، ونفتح قبل الظهر، ويُمكن أن يمر 4 زبائن علينا حسب النهار، وبعد الظهر نفتش عن مصدر رزق آخر، لكي نؤمن مصدر عيشنا، وفواتير الدولة من كهرباء ومحروقات وغيرهما، وان أعمل غير مهنتي بعد الظهر حتى الليل لكي أحصل على مبلغ 30 ألف ليرة لبنانية، والمطلوب من الدولة إقامة بنى تحتية في هذه المنطقة وجامعات، وموارد صناعية، لكي يبقى الأهالي في بلداتهم، ولا يلتجئون إلى بيروت، والقرى اليوم فارغة من سكانها ولا نرى الأهالي إلا خلال يومي السبت والأحد·

وأضاف: ليس لدينا معدات صناعية، ونحن لا نصنع بل نصلح معدات صناعية، والمطلوب من الحكومات المتعاقبة التفكير بالمناطق الجنوبية وبشعوبها، وإعتبارها مثل أي مناطق أخرى واقعة على الحدود، وأن يوجهوا أنظارهم نحونا، ولا يهتموا فقط ببعض المناطق ويعطوها كهرباء 24 ساعة على 24 ساعة، وكأننا نحن في كوكب آخر بعيد عن الدولة، وهل لسكان المدن الحق في أن يعيشوا براحة وسلام ونحن في القرى الحدودية ما زلنا نعاني ويلات الحرب والسلم في آن معاً؟

مكروس

مخايل مكروس (صاحب محل لتلحيم الأشكمانات) قال: أعمل في المدينة الصناعية منذ أكثر من 10 سنوات، لكننا نواجه يوماً بعد يوم صعوبات كثيرة وصلت إلى حد التوقف عن العمل، فالكثير من الصناعيين تركوا المنطقة وهجروا الوطن، فالحركة معدومة ولا نستطيع تأمين أكثر من 20 ألف ليرة في اليوم الواحد - أي كلفة فاتورة كهرباء الدولة، بينما مصلحتنا كانت تعطي سابقاً بمعدل 100 ألف ليرة في اليوم، وهذا التراجع المستمر في حركة العمل والبيع وصل إلى نقطة يستحيل علينا العيش في المنطقة، وبتنا فعلاً نفكر في وسائل أخرى، لكننا لن نستطيع لأن وضعنا المادي صعب، وليس بمقدرتنا تأمين بدائل ثانية، والله يكون في عوننا، بعدما تخلت الدولة عن القيام بواجباتها تجاهنا·

واضاف: نحن الذين نعمل في القطاع الصناعي، نفتقر إلى الكثير من تقديمات الدولة، وعليها حمايتنا اجتماعياً وصحياً وصناعياً، عبر خطوات متعددة، وفي طليعتها: تأمين مقومات العيش الكريم للسكان المقيمين، وتوفير الحوافز المالية للصناعيين، لكي يواجهوا مصاعب الحياة الاقتصادية والاجتماعية·

وختم مكروس بالقول: هذا فضلاً عن إعادة ثقة المواطن بوطنه من خلال إقرار التعويضات الخاصة بكل المواطن وتطوير خدمات المؤسسات التابعة لها، وصولاً إلى بناء المعاهد والجامعات والمعامل والمصانع، التي من شأنهما دعم السكان في قراهم، وهكذا تزداد نسبة المقيمين وتبدأ الدورة الإقتصادية بالحركة والنمو، وهذا يؤدي حكماً إلى تفعيل العمل في كافة القطاعات الصناعية والزراعية الاقتصادية والتجارية·

قربان

توفيق قربان (صاحب محل حدادة سيارات) قال: لا أريد الكلام لأنه لن ينفع، ونحن نعيش من قلة الموت، حياتنا صعبة في ظل هذا الوضع الإقتصادي المزري، ونحن نبحث عن تأشيرات دخول إلى أي دولة، لكننا لم نوفق حتى اليوم، مساعينا مستمرة حتى نصل إلى الهجرة، هذا وضعنا وحقيقتنا وليس لنا بديل أخر، نعمل طوال اليوم ولا نحصل على قوتنا، شبعنا كلام من المسؤولين ولم نرَ أفعال، كفى حرمان وإهمال ولا أريد أن أطلب أي شيء من الدولة الكريمة، وما نطلبه فقط من الله أن يساعدنا على تأمين تأشيرة سفر للدخول إلى أي دولة في العالم، لقد كفرنا بالحياة بسبب السياسات المتبعة بحق أبناء هذه المنطقة التي لم تعرف الراحة منذ أكثر من 20 عاماً·

خليل صميلي
خليل صميلي


توفيق قربان خلال عمله
توفيق قربان خلال عمله


محمد ياسين
محمد ياسين


مخايل مكروس
مخايل مكروس


تعليقات: