كمـال... الثالـث

الدكتور كمال ناجي
الدكتور كمال ناجي


في كل مرة كنا نحيي مع الاخوة الفلسطينين مناسبة وطنية او ذكرى شهداء كان اسم «الكمالين» يتقدم في اشارة الى شهيدي عملية فردان في العاشر من نيسان/ابريل عام 1973، الشاعر كمال ناصر والقيادي المؤسس في فتح كمال عدوان.

واليوم انضم «كمال» ثالث الى كوكبة القادة من شهداء فلسطين، وفي جريمة أخرى على ارض لبنان الذي لم يشترك مع فلسطين في دفع ضريبة الدم المراق في مواجهة العدو فحسب، بل كانت مقاومته الباسلة تتناوب مع مقاومة فلسطين في إلحاق الهزيمة تلو الأخرى بعدو الامة والانسانية.

واذا كان بين الشهيد كمال والكمالين الشهيدين الكثير من الروابط والسمات المشتركة، غير أن «الكمالين» اللذين استشهدا قبل 36 عاماً كانا من جيل الدعوة للثورة، بينما «الكمال» الثالث هو من جيل الاستجابة لهذه الدعوة، بل من الجيل الذي حمل كل آلام الثورة على مدى اربعة عقود.

فلقد تدرج اللواء كمال مدحت، وهو الاسم الحركي للدكتور كمال ناجي، في صفوف (فتح) مقاتلاً متميزاً، فضابطاً شجاعاً، ليصبح منذ الثمانينيات مسؤولاً معروفاً بانفتاحه وانضباطه، ثم تراه ينكبّ في زمن تراجع مسؤولياته على البحث الأكاديمي، فينال شهادة الدكتوراه من الجامعة اللبنانية، وهي شهادة علمية أضيفت الى شهادات عدة استحقها الشهيد من ميادين النضال شهادات في الكفاءة القتالية، والأخلاق الثورية، والروح الوطنية لا تزعزعها الاعاصير.

آخر كلماته التي سمعتها منه في ندوة تلفزيونية مساء الاحد (قبل ساعات من اغتياله) في برنامج «إلى أين» على قناة A.N.B. في ندوة ضمته مع الأخ اسامة حمدان وأدارتها الاعلامية زينة فياض، كانت تحمله دعمه الصريح لموقف حركة حماس في ملف الأسرى الفلسطينيين، وكانت كلماته وطنية وحدوية لا يداخلها تحفظ او تردد او استدراك.

فرحت بروح كمال الجامعة، تماماً كما فرحت به يوم ألقى كلمة في اجتماع تحضيري لملتقى حق العودة، فالكلمتان، ككل كلماته، مفعمتان بالنفس الوحدوي وبالصلابة المبدئية، في زمن يسعى فيه اعداء فلسطين الى نشر الفرقة والانقسام من جهة، والى «تمييع» للثوابت يقود الى التطبيع.

حين حضر يوم الجمعة الفائت ندوة في الذكرى السادسة للغزو الأميركي للعراق، كانت عيناه الواسعتان تلمعان تأييداً كلما كان يشار الى الصلة بين اغتصاب فلسطين واحتلال العراق، بين الغزو الصهيوني والعدوان الاميركي، وحين هم بالمغادرة شد على يديّ قائلاً: «لقد استهدفوا فلسطين بالاغتصاب قبل ستين عاماً ليصلوا الى العراق والى كل قطر عربي، تماماً كما استهدفوا العراق قبل ست سنوات لكي يجهزوا على قضية فلسطين».

لقد عرفت كمال مدحت للمرة الاولى حين كان يلازم الرئيس الشهيد ياسر عرفات، فإذا بالشهيد «الشاب» ياسر عرفات يلازم كمال مدحت رفيقاً في رحلته الأخيرة...

بالفعل، إن للقدر طريقته الخاصة في إيصال رسائله.

تعليقات: