طرق النبطية: حفر وفخاخ بانتظار «فرج الانتخابات»

«نموذج» عن الحفر في النبطية
«نموذج» عن الحفر في النبطية


ربما تلعن السيارات الحديثة مصيرها الأسود الذي جعلها تباع إلى لبنان لتسير على طرقه المخرّبة، والتي أين منها طرق أسوأ طرق في الدول النامية. باتت طرق النبطية لا تصلح لسير المشاة، فكيف بالسيارات التي صنعت لتسير على طرق ناعمة ومعبدة. تهتم دولتنا بتحصيل الضرائب والرسوم الميكانيكية من المواطنين كلهم قبل إصلاح الطرق التي لها الفضل الكبير في تخريب سياراتهم. تتفاقم أوضاع الطرق في مختلف المناطق إلى حد لم يعد يطاق، وأضحت في النبطية تشكل خطراً جسيماً على السيارات والسائقين والركاب على حد سواء، جراء انتشار الحفر والخنادق الكبيرة والانخسافات والأخاديد العميقة في طولها وعرضها وعلى جوانبها، فضلاً عن السيول والمجاري المائية التي تجتاحها إبان فصل الشتاء. وتجعل المياه من الحفر فخاخاً ومطبات، فيما انحسرت طبقة الإسفلت الرقيقة عن أجزاء كثيرة منها، بعدما كان متعهدو وزارة الأشغال العامة قد أخفوا بواسطتها عيوب أشغالهم بطريقة فوضوية وعشوائية ومرتجلة ومن دون حسيب أو رقيب «كل بضع سنوات مرة واحدة»، عادة ما تكون على أبواب مواسم الانتخابات النيابية أو البلدية. ومع ذلك لا يثير وضع الطرق اهتمام المسؤولين المعنيين، خصوصاً أن ما يفاقم من أوضاعها السيئة هو تضارب الصلاحيات حول من تقع عليه مسؤولية تأهيلها وصيانتها بين وزارة الأشغال والبلديات المعنية. ويعزو المتعهدون عملهم العشوائي إلى عدم رصد الاعتمادات الكافية لتأهيل الطرق منذ سنوات طويلة، حيث يجري الترقيع بالموجود، حتى لو جاء ذلك في كثير من الأحيان على حساب تحديد المساحة، فتوضع الكمية المقررة بمبالغ أقل، إضافة إلى معالجة بعض الطرق بالتأهيل والترقيع برغم حاجتها إلى تعبيد كلي بمواصفات جيدة، وضيق بعض الطرق القديمة الرئيسية أو المتفرعة منها وانحسارها داخل القرى والبلدات. ولا تتوافق أوضاع الطرق مع كثافة السير وحركة النقل والآليات، مما جعل أجزاءً كثيرة منها تنهار تحت حمولة الشاحنات غير الملتزمة بمعايير الوزن الإجمالي على طرق لم تعد مؤهلة لهذا الضغط من الحمولة، فضلاً عن عدم تنفيذ بعض الطرق الدولية المقررة منذ عشرات السنين، والتي لا يقل عرضها عن ثلاثين متراً، والرئيسية التي لا تقل عن عشرين متراً. ويتراوح عرض الطرق الحالية بين ستة وعشرة أمتار على الأكثر، ناهيك عن عدم صرف ميزانية أشغال تعبيد وتأهيل تتوافق مع حاجة العديد من الطرق في القرى والمناطق الجنوبية كلها، وغيرها من المشاكل والمعوقات الإدارية واللوجستية والمالية والروتينية الأخرى.

ويلفت رئيس اتحاد بلديات الشقيف سميح حلال إلى أن الطرق الرئيسية في منطقة النبطية ليست من اختصاص الاتحاد والبلديات المعنية، بل هي من صلاحية وزارة الأشغال العامة، وقد رفع الاتحاد في وقت سابق كتباً عديدة بهذا الشأن للوزارة يطلب فيها تأهيل هذه الطرق، مشيراً إلى أن الاتحاد على استعداد لمساعدة الوزارة من خلال تأهيل وتعبيد الطرق التي تفصل بين قراه وبلداته بحسب أهميتها على نفقته الخاصة.

ويشدد حلال على وضع حد للتجاذب القائم بين وزارة الأشغال العامة والبلديات حول الصلاحيات المتعلقة بتحديد تبعية الطرق في ما بينها، لأن استمرار التداخل ينعكس سلباً على معالجة أوضاعها، لذلك يجب حسم الموضوع بالسرعة القصوى، لأنه بالنتيجة يخدم المصلحة العامة للجميع.

ويطالب نقيب السوق حسين غندور المسؤولين في وزارة الأشغال العامة وفي محافظة النبطية واتحاد بلديات الشقيف والبلديات المعنية الأخرى والجهات السياسية في الجنوب، المساعدة على إعادة تأهيل وصيانة الطرق المتضررة للحد من مساوئها ومشاكلها، تلافياً للمزيد من الخسائر البشرية والمادية التي يتعرض لها المواطنون أثناء سلوكها، متسائلاً بحسرة ومرارة عن الضرائب الباهظة التي تجبيها الدولة من اللبنانيين مقابل الرسوم الميكانيكية وتسجيل سياراتهم، في ظل تقاعسها بشكل مطلق عن تقديم أدنى الخدمات المطلوبة منها تجاههم على كل الأصعدة الإنمائية والخدماتية، ومنها تأهيل وصيانة هذه الطرق كأقل الواجب.

ويرى نقيب أصحاب السيارات العمومية في منطقة النبطية علي كمال أن طرق المنطقة ازدادت من سيئ إلى أسوأ بعدما كشفت الأمطار الأخيرة عوراتها وملأتها بالحفر والخنادق وتحولت معها إلى فخاخٍ ومطبات خربت سيارات المواطنين وأرهقت جيوبهم وأتلفت أعصابهم بشكل لم يعد يحتمل أو يطاق، مما فاقم من معاناتهم وكبدهم أعباءً إضافية لا طاقة لهم على تحملها، في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الحالية، لذلك يجب على المعنيين إيجاد حل للمشكلة في أسرع وقت رحمة بالناس والعباد.

وتوضح مصادر في وزارة الأشغال العامة أن معظم الطرق المخربة في محافظة النبطية قد تم إنجاز دراساتها وإعداد ملفاتها من قبل مصلحة الدروس في الوزارة تمهيداً لإعادة تأهيلها وتعبيدها، إلا أن ما ينقص ملفات الطرق هو الأموال اللازمة في ظل عدم إنجاز الموازنة العامة للسنة الحالية ومن ضمنها موازنة وزارة الأشغال، وذلك في انتظار تأمين الاعتمادات المطلوبة، على أن يب`دأ العمل فيها أواخر الربيع الجاري إذا تأمــنت لها الأموال.

تعليقات: