مشروع محطات التكرير على الليطاني يثير نقاشاً في النبطية

متنزهون على مجرى الليطاني.. أي نفايات يتركون؟
متنزهون على مجرى الليطاني.. أي نفايات يتركون؟


يخلص الأهالي من الحفر الصحية للمياه الآسنة أم يلوث النهر؟..

النبطية:

لا تقتصر هجمة التلوث العاتية والمزمنة التي تجتاح نهر الليطاني منذ عشرات السنين على الحوض الأعلى منه في منطقة البقاع التي تحولت مرتعاً لمياه المجاري الصحية والنفايات الصلبة ومخلفات المعامل والمصانع والمدابغ والمسالخ والمبيدات الزراعية.أضحى للنهر الذي يشق البقاع والجنوب ولحوضه السفلي الممتد من بحيرة القرعون في البقاع الغربي حتى مصب القاسمية جنوباً تلوثه الخاص.هنا أيضا تجتاح المجاري والمياه الصحية العائدة لعدد من القرى والبلدات المحاذية للنهر، تضاف إليها نفايات المتنزهين الذين يقصدون المنطقة ويتركون وراءهم أو يرمون في المياه نفاياتهم بشكل فوضوي وعشوائي، ناهيك عن بقايا ما تقدمه المقاهي السياحية المحاذية لمجرى النهر.

ولم يكفِ نهر الليطاني هذا القدر من التلوث، بل يتهدده في المستقبل القريب إنشاء عدد من محطات معالجة الصرف الصحي المشتركة في الخراج الجنوبي لقرى وبلدات كفرصير، قاعقعية الجسر، زوطر الشرقية والغربية في منطقة النبطية المشرفة على مجراه، بعد موافقة مجلس الإنماء والإعمار على تنفيذها بتمويل من الاتحاد الأوروبي بكلفة ثمانية ملايين يورو. ويتخوف المواطنون من العواقب البيئية والصحية للمشروع لناحية رفعه نسبة التلوث في مياه الليطاني، مما استدعى مناشدة المسؤولين المعنيين لإقامة محطات التكرير في المقلب الآخر من مجرى النهر، تلافياً لتلوث مياهه في حال أصيبت المنشآت بأعطال طارئة. وتتضافر المخاوف مع الإهمال المزمن فيما يخص الحفاظ على نظافة النهر من قبل الوزارات والمصالح والمؤسسات والبلديات المعنية التي لا يوجد لديها حتى الآن أي مشروع جدي على هذا الصعيد، لمعرفة حجم التلوث ونسبته ووضع خطة لمكافحته، مما يفاقم من تأثيره ويسيء إلى جماله وطبيعته.

ويوضح رئيس اتحاد بلديات الشقيف سميح حلال أنه اقترح على الجهات المعنية «إنشاء محطة واحدة لكل خمس قرى وبلدات للتوفير على ألأهالي وتخفيفاً للضرر الذي قد ينجم عن عمل محطات التكرير، وليس بناء محطات متعددة، فكان الجواب أن هذه المنشآت ليس لديها أي ضرر على مجاري الأنهار، وأن مياهها المكررة ستكون أنظف من مياه النهر الملوثة أصلاً، وأن النفايات التي ستخلفها سيجري نقلها إلى أماكن بعيدة».

ويشير حلال إلى أنه زود المعنيين بإقامة المشروع بخريطة حول «المناسيب والارتفاعات» التي يجب اعتمادها قبل البدء بالعمل، لكن يبدو أنهم لن يلتزموا بأي شيء مما ورد فيها.

ويقول: نحن نحارب من يلوث مياه الليطاني، لكننا في المستقبل سنلوثها بالمحطات المذكورة، ونحن بحاجة ماسة لجر هذه المياه من خلال إنشاء محطات ضخ في القرى والبلدات المزمع إنشاء محطات معالجة الصرف الصحي فيها، لري القرى والبلدات العطشى في منطقة النبطية، ولسنا بحاجة لمحطات تكرير صرف صحي لتلويثها، وبالرغم من الحاجة الملحة لوجود مثل هذه المحطات، لكنها ليست مستحبة لآثارها السلبية على البيئة المحيطة بها.

ويحمّل حلال المسؤولية لرؤساء البلديات المعنية الذين رفضوا وجود معمل لنفايات الاتحاد في خراج بلدياتهم وهو الأقل ضرراً، في حين وافقوا على إنشاء محطات لمعالجة الصرف الصحي وهي الأكثر ضرراً وأقنعوا الأهالي بالأمر». «نحن لسنا ضد وجود محطات صرف صحي في القرى والبلدات المحاذية لمجرى نهر الليطاني، ولكنن ضد إقامتها على منحدرات النهر منعاً لتلوث مياهه، لأن التجارب علمتنا أن مثل هذه المحطات لم تعمل منذ عام 1990 باستثناء «محطة الغدير في بيروت»، وبالرغم من ذلك فهي تعمل بشكل متقطع نظراً لأعطالها الكثيرة وصيانتها المكلفة»، كما يقول رئيس رابطة أطباء النبطية إبن بلدة زوطر الغربية الدكتور جمال علوه. ويضرب علوه مثلاً على ذلك «محطة وادي الكفور ـ النميرية» التي ما تزال متوقفة عن العمل رغم إنجازها منذ حوالى سنتين، لافتاً إلى أن البلديات المعنية بمحطات الصرف هذه لا تملك القدرة على تغطية تكاليفها وصيانتها، مشيراً إلى أن المحطات المطروحة هي عبارة عن نظام برك.

ويسأل علوه ما الذي سيجري بالنسبة للنفايات التي تنتجها برك المحطات؟ وهل سيلزمها محطة أخرى للخلاص منها؟، ومن سيقبل بطمرها؟، كما يسأل لماذا لا يؤخذ باقتراح أهالي زوطر الشرقية وزوطر الغربية لبناء محطة الصرف الصحي عليها بعيداً عن مجرى نهر الليطاني، في الوقت الذي يصر فيه المعنيون في البلديتين على إقامتها في الأرض القريبة من مجرى النهر. ويلفت علوه إلى أن الشركة التي رسى عليها تنفيذ المشروع قامت بأخذ «الشقلات» على الأرض المقترحة تمهيداً للمباشرة في عملية البناء في وقتٍ قريب.

ويعتبر كمال عز الدين أن محطات الصرف الصحي المقرر إنشاؤها ليست عملية ما دامت فائدتها ستقتصر على نصف القرى والبلدات المخصصة لها والمنحدرة أحياؤها باتجاه مجرى نهر الليطاني، فيما النصف الآخر سيبقى معتمداً على الجور الصحية، أما الوعد بتفريغ الجور الصحية للأحياء غير المستفيدة ونقلها بواسطة الصهاريج إلى محطة الصرف فهو ضربٌ من الخيال، ومن العسير تنفيذه لأن ميزانيات البلديات المعنية لا تسمح بذلك، لذلك سيبقى الوعد حبراً على ورق.

ويسأل عز الدين عن سبب الإصرار على وجود محطات على المنحدر المشرف على نهر الليطاني، بينما توجد أماكن كثيرة بعيدة عن النهر، مؤكداً على ما قاله رئيس اتحاد بلديات الشقيف من أن المنطقة المحاذية لنهر الليطاني أكثر حاجة لإنشاء محطات لضخ المياه إليها لاستعمالها للري والزراعة، وليس لوجود محطات الصرف الصحي التي تحتمل التأجيل ما دامت الحفر الصحية تستعمل منذ عشرات السنين، ومن شأن المبلغ المرصود لمحطات الصرف أن يفي بالغرض المطلوب لسحب مياه النهر إلى القرى والبلدات المحتاجة في منطقة النبطية، وهذا سيكون أجدى وأكثر فائدة للأهالي من المشروع الأول.

في المقابل يقلل رئيس بلدية كفرصير وحيد سبيتي من تخوف البعض على تلوث مياه الليطاني بمحطات الصرف الصحي، لأن مياه الصرف المعالجة ستكون مكررة ونظيفة، وهناك ضمانات من البلديات لمجلس الإنماء والإعمار بعدم تلوث النهر، وفي حال تعطل جهاز التكرير لن تتجاوز نسبة التلوث بين 10و15 في المئة والهدف من هذه المحطات سيكون الخلاص من الحفر الصحية.

ويشير إلى أن المشروع سيشمل قرى وبلدات كفرصير، قاعقعية الجسر، زوطر الشرقية، زوطر الغربية، أرنون ويحمر الشقيف، وقام الاتحاد الأوروبي بتلزيمه لإحدى الشركات الألمانية، لافتاً إلى أن المحطات المذكورة ستعمل على الجاذبية بواسطة البرك، والبلديات ستكون قادرة على صيانتها بعكس المحطات الكبيرة، أما ما ينجم عنها من التراب فسيستعمل سماداً للمزروعات، والمياه المكررة في الدرجة الأخيرة ستصل إلى جهاز تكرير وهي تكون صالحة للزراعة والشرب أيضاً، وسيبدأ العمل في المشروع في تموز المقبل.

ويوضح سبيتي أن نصف أحياء بلدتي كفرصير وقاعقعية الجسر ستستفيد من المشروع، فيما النصف الثاني سيستفيد من خلال مساعدة الأهالي على تفريغ جورهم الصحية ونقلها إلى محطة التكرير.

ويؤكد على انه «لا يمكن استبعاد السلبيات الصغيرة للمشروع، بل النظر لإيجابياته الكبيرة، معتبراً أن تقنية المشروع ليست معقدة بل هي بدائية ولا تحتاج لصيانة مكلفة، والروائح الناجمة عنها لن تتعدى المئة متر لأن المياه ستكون مفلترة.

بدوره، يكشف رئيس بلدية زوطر الشرقية رياض إسماعيل أن وزارة البيئة قامت بدراسة الأثر البيئي للمشروع، والهدف الأساسي منه هو الاستفادة من الأموال المخصصة له وليس إعادتها للجهة المانحة، لأنها فرصة حقيقية للأهالي للخلاص من الحفر الصحية التي تلوث الأراضي الزراعية والمياه الجوفية، لافتاً إلى أن مجلس الإنماء والإعمار كان ينوي إقامة محطة مشتركة لعدد من القرى والبلدات، لكننا كرؤساء بلديات عارضنا الأمر، وأكد أن لا آثار سلبية على مياه الليطاني، لأن المياه التي ستنتجها المحطات هي مياه نظيفة ومكررة، ومجلس الإنماء والأعمار هو الذي سيشرح حسنات هذا المشروع، في مؤتمر صحافي سيعقده في القرى والبلدات المستفيدة عشية البدء بتنفيذه، مشيراً إلى أن محطة التكرير تنتج كل يوم 1000م3 من المياه المكررة الصالحة للزراعة.

تعليقات: