إحترموا شعباً شهيداً

نحن لا ندافع عن سلاحنا لأنه سلاح وكفى، بل لأنه حامي حمانا
نحن لا ندافع عن سلاحنا لأنه سلاح وكفى، بل لأنه حامي حمانا


هذه الكتابة ليست أكثر من فشة خلق عن تعامل فريق كبير مع سلاح المقاومة كتهمة تستحق عليه العقاب، وهذا أقل ما يمكن أن نقوله بصوت عالي، وخاصة في موقع يعتبر الصوت الملتزم لأهل الخيام والذين هم أهل المقاومة وأحد أعمدتها الأساسيين!

إحترموا شعباً شهيداً

إستمعت، واستمتعت بمقابلة تلفزيونية "للشيخ" سامي الجميل، المرشح لوراثة المقعد النيابي عن أخيه عن أبيه عن جده لأبيه بعد أن ورثته زوجة عمه في غفلة من مستقبل.

وأول ما تبادر الى ذهني كردة فعل على عبقريته وعلى كلامه (الذي لم يجد سوى سلاح المقاومة كمنصة إطلاق لحملاته وشتائمه) أن أوجه اليه دعوة سياحية مفتوحة لزيارة جنوب الجنوب اللبناني، ليتعرف الى بلدات وقرى، أظن أنه لم يسمع بأسمائها، اللهم إلا حين تعرضت للقصف والقتل والتدمير وارتكاب المجازر بحق أطفالها ونسائها وشيوخها، وليتعرف الى بيوت هذه البلدات والقرى الصامدة والى حواريها وحدائقها وينابيعها وسهولها وأوديتها وجبالها وشعابها وطيبة أهلها، وليعرف أنها ليست موحشة وقفراء وكهوفاً صخرية لشعوب بدائية، بل هي جنة علم وشعر وإيمان وثقافة ومعرفة، وهي حية نابضة إحتضنت رجالها وشبابها وأخفتهم عن عيون أعدائها، وعن عيون طائراتهم وراداراتهم وعدسات أقمارهم الإصطناعية. وليستمع الى حكايات المجد التي لا تنتهي، وكيف أن أرضهم ساعدتهم في مواقع الدفاع والشرف والذود عن ترابها وتحقيق النصر على عدوهم الغاشم صاحب أعتى قوة غاشمة في تاريخنا المعاصر، وآخر دولة في هذا العالم التي لم تزل تجرد سلاحها في كل لحظة من كل دقيقة من كل ساعة من ساعات اليوم وعلى مدى الشهور والسنوات المتعاقبة، في وجه كل من يتمسك بحقه في أرضه وفي العيش فيها بكرامة.

أردت أن أوجه اليه دعوة صادقة ( إذا تواضع وسمح لي ) لقضاء ساعات على طول الحدود اللبنانية الجنوبية مع أرض فلسطين المغتصبة، ليتعرف أكثر على مدى معنى الحرية وكيف تكون السيادة وكيف يكون الإستقلال، وليعرف كيف أن الشعارات تبقى كلاماً فارغاً ومعلقاً في الفضاء، لا تغني ولا تسمن من جوع، بينما ما يعيش في ضمير الناس عميقاً هو الفعل الحقيقي والوعد الصادق والإيمان والشهادة، عندما يتطلب الأمر ذلك في سبيل الأرض والعرض.

هذا هو الذي يحمي الناس ويجعلهم يتمسكون ببيوتهم وبساتينهم وسهولهم وكروم عنبهم وحقول زيتونهم وتينهم، وليس الوعظ والخطابات والشعارات الفارغة التي جربها الجنوبيون وخبروها طيلة عقود طويلة من الزمن، والتي ما علمتهم إلا الإيمان والصبر وبأن السلاح هو وحده الذي يحميهم في وجه أعدائهم وأعداء الوطن، وأن سر نجاح هذا السلاح المتواضع أن يكون في أيد رجال أمناء يقدسون الحرية ويعرفون معنى السيادة والإستقلال، ومعنى أن يعيش الإنسان عزيزاً كريماً على أرضه وبين أهله.

هل يعلم "الشيخ" سامي الجميل أن هؤلاء الرجال الذين مزجوا ايمانهم وحبهم وتعلقهم بهذه الأرض وبعبق تاريخ آباءهم وأجدادهم، لهم آباء وأمهات وزوجات وأطفال وبيوت وآمال وآلام وتمنيات وتلطعات نحو مستقبل زاهر وآمن محرر من الخوف والقلق والحاجة والجوع لأبنائهم وبناتهم فلذات أكبادهم.

هل يعلم "الشيخ" سامي أنه في الوقت الذي كانت فيه زوجة عمه (المغفور له) تحضر الأطباق الشهية لوزير الدفاع آرئيل شارون كانت جيوشه تطبق على أنفاس عشرات الآلاف من المواطنين اللبنانيين، وكانت نعال جيوشه تطأ أرض بيروت، عاصمة لبنان، وعاصمة المقاومة والكرامة ؟.

هل يعلم "الشيخ" سامي أمين الجميل أنه لولا هذا السلاح المقاوم في يد هؤلاء الرجال الرجال لكانت سقطت جنسيته وحريته وسيادته واستقلاله، وأنه لولا هذا السلاح في يد هؤلاء الرجال الرجال كان سيتحول مجتمعنا الى مجتمع من مشردين ومهجرين ومنبوذين، أو الى عملاء لدى الصهاينة وخدماً عند أبناء مجتمعه.

ماذا يعرف "الشيخ" سليل العائلة العريقة عن عذابات القتل والتهجير والتدمير والخوف والمعاناة؟

وهل إحتضن يوماً أبنائه أو أخواته أو أشقائه ليفتديهم من قصف غاشم أو من قتل أعمى؟

وهل شاهد جثث الأطفال والأمهات والعجز ودمهم الممزوج بالتراب؟

أم هل تعثر بركام منزله أو بأطراف مقطعة لأحد أحبائه؟

أم هل إصطدم يوماً بحاجز يطلب روحه وعرضه وماله، فقط لأنه لبناني ذنبه أنه رفض أن يترك أرضه لعدوه ؟.

هذا هو معنى السلاح في يد المقاومة، وهذا هو الخيار الأخير في حماية أنفسنا وحماية أهلنا، وفي مقاومة من يسعى الى إحتلال أرضنا وبيوتنا وقتل أطفالنا ونسائنا، وهذا هو خيارنا الذي تتحدثون عنه بهذه الخفة التي تقارب العمالة، من حيث تدرون أو لا تدرون، ولهذا نحن لا ندافع عن سلاحنا لأنه سلاح وكفى، بل لأنه حامي حمانا، ولأنه الخيار الذي حمى هذا الوطن من الضياع وحرر لنا أرضنا وأسرانا بعد أن عجزت القرارات الدولية عن إعادة حبة تراب واحدة الى أهلها، أو أعادت أسيراً الى حضن أمه، أو أعادت مهجراً الى أرضه.

نحن من عانينا من الغطرسة والخوف والتشرد والذل تحت الإحتلال، لنا وحدنا الحق في أن نقرر التخلي عن سلاحنا عندما نجد أن لا حاجة الى هذا السلاح كخيار لحماية أنفسنا في وجه أعداء الوطن، ولكم علينا أن نقدمه لكم هبة لكي تبيعوه في أسواق السلاح التي لكم خبرة فيها أباً عن جد، ولكن الى ذاك اليوم نطمئنكم الى أن هذا السلاح – الخيار- وطالما أنه وحده يحمي قضيتنا الوطنية والإنسانية ويستمد قداسته منها، سيبقى بمثابة الروح منا، ولمن يريد أن يسحبه عليه أن يسحب أرواحنا أولاً، وعبثاً تفتشون عن حائط مبكى، فقد سبقكم إليه من يصلي ويقدس الحيطان ويلوح برأسه يومياً أمامها لعلها تستجيب لدعواته، وتخلصه من هذا السلاح – الكابوس- الذي يؤرق مطامعهم، (ويقض مضاجعكم على ما يبدو) وتقضي على هؤلاء الأبطال الذين يقبضون عليه بالحق.

نحترم الشهداء الذين سقطوا في سبيل هذا الوطن، حتى أولئك الذين سقطوا بمحض الصدفة أو نتيجة تصفية حسابات آنية ضيقة وخاصة، ويبقى عليكم أن تعرفوا قبل الإطالة في المعلقات الفارغة أن تحترموا شعباً شهيداً عاش المرارة والخوف من عدو غاشم، وكل ذنبه أنه كسر حاجز هذا الخوف وحمل إيمانه سلاحاً في وجه جلاديه، وأن تقروا بأن هذا السلاح ليس تهمةً، بل هو الوسيلة لتحقيق درة تاج شعاراتكم عن الحرية والسيادة والإستقلال، اللهم إلا إذا ندمتم على ذلك، وإلا ما معنى دعاواتكم الى الحياد؟ والحياد بين من ومن؟ هل بين الضحية والجلاد، أم بين العدو وإبن الوطن؟!!

لم يعد مستغرباً أن نجد هذا العدد الهائل من الجواسيس في مدننا وبلداتنا وقرانا ومؤسساتنا، وحتى العسكرية والأمنية منها، طالما أن العهر السياسي أصبح الى هذه الدرجة من الصفاقة والإنحلال، لكي لا نقول أكثر... ولكي لا نتهم بتخوين الملائكة.

سمير القنطار يقبّل سلاح المقاومة الذي تحرر بفضله
سمير القنطار يقبّل سلاح المقاومة الذي تحرر بفضله


تعليقات: