رنده نبيه بري: نأمل بوضع استراتيجية لآلية تحرك وتواصل لاعطاء المرأة حقها

السيدة رنده نبيه بري
السيدة رنده نبيه بري


رنده نبيه بري: النظام لم ينصف المرأة ... وأرفع الصوت لتغيير الواقع..

ان تحمل الى السيدة رنده نبيه بري الوجع النسائي، في محاولة لفهم اسباب عزوف المرأة عن الترشح للانتخابات النيابية، فهذا يعني انك امام الطبيب الذي يعرف الاسباب والعلاجات الناجعة. فانطلاقا من خبرتها الطويلة في هذا الملف الذي تحمله رسميا منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي الى اليوم، وما رافقه من طرحها الصوت عاليا منادية ليس بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل فحسب، وانما باكتشاف المرأة نفسها وقدراتها وتاليا تأدية دورها الوطني على كافة الصعد.

والسيدة رنده بري، ومنذ شهرين بالتحديد تكرس وقتها لحملة الرئيس نبيه بري الانتخابية، زيارات يومية وفق اجندة (محشورة) للقرى والبلدات والمدن في الجنوب والبقاع. زيارات تعتبر ذات حدين ولضرب (عصفورين بحجر واحد): من جهة لحث المواطنين على المشاركة الفاعلة في الانتخابات النيابية اقتراعا، ومن جهة ثانية لتوعية الرأي العام في هذه الاماكن على اهمية دور المرأة في العمل العام وتحضيرا لها للانتخابات البلدية. ومعها كان حوار جاء فيه:

> برأيك، ما هي الاسباب التي تكمن وراء عدم القراءة السليمة لواقع المجتمع اللبناني بشقيه الانثوي والذكوري?

- اننا وفي هذا المجال، اذا عدنا للاسباب نجد موروثات وعدم تصور للحاق بركب تطور المجتمع الزمني. والسبب في ذلك، يعود بالدرجة الاولى الى عزو السياسيين هذا الامر لاحداث لبنان، فيما انا شخصيا لا اعطي مبررا لهذا الكلام ولا اتقبله، خصوصا وان المرأة اللبنانية اثبتت في احداث لبنان وظروفه ان لها حضورا مميزا، وقدمت مبادرات نوعية وطوعية حتى على مستوى الالتزام المهني، ان على رأس آلاف المواقع داخل ادارات ووزارات الدولة والنقابات وغيرها، وان على المستوى الاهلي. لقد استطاعت المرأة في بلدان العالم، وفي ظل ظروف صعبة ومعقدة مثل لبنان، تثبيت وجودها وحضورها اكثر. قامت المرأة بدورها وتقدمت حتى من دون دعم احيانا. لذا ارى انه واجب علينا، ولم يبق لدينا اي خيار آخر ابدا، ان نتقدم بآلياتنا كنساء، بعدما فشلنا في القيام بهذه المهمة مع الشباب ولا سيما من هم في مواقع القرار. لا يجب ان ننتظر اكثر، فالزمن يمر بسرعة والفرص تفوت على المجتمع الذي هو الخاسر الاكبر والوحيد في هذا المجال وليس المرأة.

> تتحدثين عن آليات لتفعيل دور المرأة اكثر، ما هي طبيعتها?

- ان بعض الآليات المتوفرة التي قدمت في هذا المجال خدمات جلى لجهة النهوض بواقع المرأة اللبنانية تمثلت باللجنة الوطنية لمتابعة شؤون المرأة اللبنانية، والمجلس النسائي اللبناني، واللجنة الاهلية لحقوق المرأة اللبنانية بمقابل تخصيص احزاب لجانا متخصصة لهذا الموضوع. وهذه اللجان ناضلت منذ اكثر من خمسين عاما الى اليوم. الى ذلك، طورنا العديد من القوانين والمشاريع التي ساهمت الى حد بعيد في تغيير هذا الواقع. لكن المنظومة القانونية التشريعية العامة تتطلب فهما ووعيا من المجتمع كي تتقدم بشكل اسرع حتى تأخذ حقها في موضع الدراسة. اننا اليوم، اذا ما اردنا تقديم مشروع لتعديل مشروع قانون او تشريعات، لا يجب ان يناقش فقط في اللجان المتخصصة داخل مجلس النواب، انما واجب على الرأي العام ليس فقط ابداء رأيه، بل ان يضيف اليها، اما اضافات او ان يتوقف حيث يمكن ان يرى المجتمع ان ذلك لا يتناسب وواقعه او مفاهيمه او احلامه. لكن للاسف، التناغم كما التواصل غير موجودين.

واذ تسأل السيدة رنده بري: اين وسائل الاعلام من موضوع المرأة في اجندتها، تقول: لا يكفي تغطية الحدث والخبر. لقد اقمنا الكثير من المشاريع والندوات وورش العمل حول المرأة، لكننا لم نرَ من حوار قام بيننا وبين وسائل الاعلام ولا فتح هذا الحوار، واقتصر الامر فقط على التعليق على الحدث وحصره بمن حضر ومادة العلاج. وفي هذا السياق، جميعنا يعلم ان التلفزيون هو الوسيلة الاكبر للتواصل مع الناس، لكننا لا نرى مناقشات داخله تدور حول هذا الموضوع. وهذا اعتبره واقعا أليما. لذا، فإن الآلية لا يجب ان تأتي من جهة واحدة فقط، ذلك ان الآلية التي يجب ان تركز عليها المرأة وترسمها، انما هي آلية تجمع حولها كل هذه الامكانات، وتستطيع عبرها التواصل وتأمين التواصل والمادة الضرورية، بهدف وضعها بالتداول على الطاولة وبين ايدي كل المعنيين بالشراكة الحقيقية للمناقشة ودفعها، اي الآلية، الى الامل.

> وهل تعتقدين ان من شأن ذلك ان يحقق النتيجة المرجوة?

- الطموح، واقول بكل تواضع، اننا وصلنا الى نتيجة وقناعة تكونت لدينا منذ خمس سنوات تقريبا، وناديت بها، لكن للاسف ضغط الامر الواقع كما الواقع العملي وواقع لبنان والظروف التي نمر بها تأخذنا من اولوية الى اخرى وفقا لدفع الظروف القائمة، ما ادى الى التأخير في هذا الموضوع. لكني، ومع تجمع نسائي يضم اليه عناصر من الرجالات المؤمنة بهذه القضية تماما كما نحن نؤمن بها لصالح المجتمع، نأمل بوضع استراتيجية تتضمن بتفاصيلها آلية تحرك من الان فصاعدا، تمهيدا للتواصل مع الرأي العام اللبناني، وللضغط على مواقع القرار لاعطاء المرأة حقها في هذا المجال، لانه اذا لم تصل الى احتلال موقع قرار فلن نستطيع التغيير في سلوكية هذا المجتمع السياسي وادائه. ففي النهاية، ان النتائج تقع على رأسها ورأس الجميع من دون استثناء.

الرئيس بري ينادي بحقوق المرأة ودورها

> مما لا شك فيه انك في موقع متقدم من القرار اللبناني بصفتك عقيلة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري. فما الذي حققته من خلاله للمرأة في العمل التشريعي?

- كنت اتحدث عن الذي حصل وتحقق، حيث لم اقم بذلك وحدي، انما ساهم به الرئيس بري الى حد كبير، اذ تعاطى بايجابية مع هذا الموضوع، والاهم عن قناعة لان الرئيس بري - ولست هنا في صدد اعطاء شهادة عنه - ومنذ ان اخذ موقعه، وهو ينادي بحق المرأة، ليس فقط في لبنان وانما على مستوى العالم العربي ايضا. وهو في هذا المجال مشهود له في انظمة غير ديمقراطية في العالم العربي كان يرفع الصوت عاليا، ويكسر جدارات قوية جدا في هذا المجال تحضيرا لهذا المناخ وللتنبيه للمستقبل، انطلاقا من الخسارة التي تلحق الاسرة والمجتمع بفعل غياب المرأة. وللاسف، نرى اليوم ان العالم العربي قد تطور اكثر من لبنان في هذا الواقع.

في حقيقة الامر، لست وحدي في ما اقوم به. وعبر كل نشاطاتي وبرامجي في الجمعيات والعلاقات، ومن خلال المؤتمرات ومنظمة المرأة العربية. واللجنة الوطنية لشؤون المرأة التي كنت من مؤسسيها قبل اكثر من 15 عاما، نعمل على واقع المرأة، وقد جاء ذلك من طموح وفراغ اردت المساهمة في تعبئته. ولقد كان من باب اولى ان ادفع بهذه العملية باعلى سقف لان لدي دعم اسمه الرئيس نبيه بري، خصوصا واني اعتبرت ان بامكاني تقصير الطريق في هذا الملف من خلال تواصلي الدائم مع الرئيس، مع ما يستتبع ذلك من استعداد وتقديم نفسي اكثر للتسريع بهذه العملية وباخلاص، خصوصا وان لا مصلحة شخصية لي لا معه - اي الرئيس - ولا مع قضاياي العامة، الامر الذي مكّن من ان يأتي الجواب اسرع كما التلبية، عدا عن انه مقتنع تماما بضرورة تفعيل دور المرأة واعطائها حقها.

تجربة الكويت الرائدة

> سيدة بري، انطلاقا مما سبق، ووصولا الى بيت القصيد، سبقتنا دولة الكويت بانتخاباتها النيابية التي شهدت ترشحا لعدد كبير من السيدات ووصول اربع منهن الى الندوة البرلمانية.

(مقاطعة) اهم ما شهدته دولة الكويت هذه العملية الديمقراطية الرائعة جدا والتي حصلت بوقت قصير، واثبتت مجرياتها عن وعي الرأي العام الكويتي لقيامه باختياراته. الرأي العام الكويتي غير وجه المعادلة السياسية التي كانت قائمة، ورفض ما يتنافى ربما ومفاهيمه بعض الشيء، وقدم عليه من يريد ان يمثله والفكر الذي يمثله. وهذا امر يقع تحت عنوان (الاحترام) و (النموذج) اللذين يحتذى بهما عن حق.

> لكننا في لبنان الذي يقف على مسافة ايام من موعد استحقاقه الانتخابي النيابي الذي يصفه البعض بالمصيري والبعض الآخر يعتبره عاديا، ومقارنة مع الكويت، نجد ان المرأة اللبنانية عزفت عن الترشح علما انها تمثل اكثر من 52 بالماية من المجتمع اللبناني، واذا كتب لمن ترشح من النساء النجاح فلن تتمثل المرأة في المجلس الا بنسبة 2 بالماية. برأيك لمَ عزفت المرأة عن المشاركة والترشح?

- اذا نظرنا الى الاداء، واصلا اي عملية تقدم انما تأتي نتيجة تراكمات اداء وخبرة وعملية حراك دائم مع المجتمع وامامه، ومع التجارب التي تبرز او تنكفىء حسب الاداء. ان مثل هذا الامر لم يحصل، والسبب، مع احترامي للسيدات اللاتي يمثلن سواء في الندوة النيابية او في الحكومات، انهن لم يحملن ملف المرأة كهم بالنسبة لهن، فيما كان المطلوب ان يحملن هذا الملف ويعتبرنه ملف طوارىء واولوية. لكنه لم يكن من اولوياتهن، علما انهن كن وحكما بنظرنا بمثابة اعضاء في اللجنة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وان من دون صوت، كان يجب ان يتابعن الامر لنكمل بعضنا البعض. هذا الامر لم يحصل، واقول ذلك بناء لتجربة واضحة. وقد يكون حصل ما حصل، اما لعدم قناعة ربما، او لقناعة بعض المشاركات انه يقع عليهن واجبان، واجب المشاركة في عملية الندوة اللبنانية وتطوير التشريعات ومناقشة الاستراتيجيات، والثاني ان يحملن هم المرأة وملفها. اليوم، حين ارى نساء انكفأن لمصلحة اولادهن. يتأكد لي انهن لم يدخلن المجلس لانهن يحملن هم المرأة، بل لان فكرتهن تقضي بتعبئة فراغ مؤقت الى حين بلوغ اولادهن سن الرشد ما يعني انهن يعملن على مفهوم غير سياسي. وما اطالب به ان تقوم هذه المرأة التي ستخوض هذا المسار بالتشجيع على مشاركة اوسع للنساء من بعدها، وان تكون هي النواة الدافعة وعملية الرافعة. هناك تحد لم ندخل فيه بعد.

تحضير المرأة من اليوم للانتخابات البلدية

> الا تعتقدين انه الى جانب الذهنية المتحكمة بالمرأة واسباب مشاركتها في المجلس، الا تعتقدين بوجود سبب آخر يتعلق بالتركيبة الذكورية في المجتمع السياسي الذي لا يفتح آفاق المشاركة للمرأة?

- حتى ولو كان ذلك صحيحا، فانا منذ شهرين الى هذه اللحظة اقوم بجولات واعقد لقاءات مع الناس في كل القرى والبلدات والمدن، وحديثي معهم موضوعه واحد: اين المرأة في موقع القرار، واقدم ورقة تعاون بعناوين اولوية، واطلب منهم التواصل معنا بعد الانتخابات عند توجيهنا دعوات عامة وخاصة للانتساب الى هذا المنتدى الذي يحمل هم ملف المرأة ويجدّد آلياته، ويعيد وضع المعايير الاساسية الممكن ان تؤدي الى وضعه حيز التنفيذ. هذا هو شغلنا الشاغل حاليا. وهذه هي المرة الاولى وفي الانتخابات التي لا اتطرق فيها الى هذا الموضوع، وذلك لشعوري بهذا الفراغ الكبير - وكنا دائما نشعر به.

> وما الذي دفعك الى طرح هذا الموضوع من دون سواه?

- ان الاستحقاق الانتخابي جعلنا نرفع الصوت عاليا واعلى، كي لا نبقى نتكلم ونطلق الشعارات، بل لنؤسس من اليوم لتغيير الواقع في الانتخابات البلدية القادمة بعد عامين من اليوم. اننا نقول للمرأة ومن اليوم يجب عليها تحدي نفسها، و ان نبدأ بالتأسيس ونثبت للرأي العام تغيير هذا الواقع بدءا من الانتخابات البلدية القادمة، لانه اذا تقدمنا بمرحلة مهمة بهذا الموضوع عبر انضاجه في المجلس النيابي، وبخاصة عند الرئيس بري وبعض المشجعين والمؤيدين لتمكين المرأة في الانتخابات القادمة بكوتا معينة بعدما عجزنا عن تقديمها من دون هذه الكوتا، عندها ندخل ونقلب المجتمع، ونبدأ بالتداول بهذه المواقع كي يتواصل المجتمع معنا، ونؤمن تاليا ثقته ليطالب بحضور المرأة اكثر ويشجعها ويدعمها.

العمل من الامس واليوم للمستقبل

> تتحدثين عن تحضيرات من اليوم لاشراك المرأة بصفة مرشحة للانتخابات البلدية، بينما نحن اليوم على ابواب انتخابات نيابية. انطلاقا من موقعك المتقدم في اللجنة الوطنية لشؤون المرأة لمَ لم يصار الى تشكيل لائحة نسائية على مساحة الوطن خصوصاً وأنها تعيد للساحة السياسية بعض العقلانية?

- هذا صحيح، لكن المناخ لم يكن مهيئاً هذا العام، لأنه كان يجب ان نعد العدة لذلك قبلاً، فمنذ اربعة اعوام حتى اليوم والمخاض العسير الذي كان، لم يسمح لنا ربما للتفرغ كثيرا لهذا الموضوع الذي يحتاج الى الكثير من التحضيرات والوقت. وهنا، لا يجب ان ننسى انه اذا اردنا تقديم لوائح تحمل على متنها نسبة كبيرة من النساء الى جانب رجال، فان هذه العملية تحتاج الى تحضير وتمويل وحملات ورعاية على غرار دول العالم. لا يمكننا الطلب الى سيدة الترشح وأن نشترط عليها ان تتمتع بالامكانيات المادية وتحمل المسؤولية لوحدها. لكننا بالمقابل، في طور وضع يجب ان نستطيع دعمها، خصوصاً اذا ما وجدنا ان بامكانها تمثيلنا تمثيلاً صحيحاً، انطلاقاً مما تملك من طموح حقيقي وامكانيات وقدرات علمية وخبراتية. نحن مستعدون للمساعدة كمجتمع ورأي عام، وهكذا يجب ان تكون الأمور. هذه العملية - اي ترشيح سيدات مثلاً من قبل اللجنة الوطنية لشؤون المرأة - لم تكن ناضجة كما يجب لهذه الدورة، لذا بدأنا بالعمل منذ الأمس. اما الاجابة على سؤالك لمَ التركيز اليوم على الانتخابات البلدية، انما لأننا بدأنا بالعمل منذ الأمس عليها، ولأننا وضعنا امامنا تحدياً نبدأه من الآن تمهيداً للانتخابات النيابية المقبلة.

> ألم تفكر السيدة رنده بري بالترشح للانتخابات النيابية?

- بكل بساطة لا. مما لا شك فيه ان الهدف من الدخول الى الندوة البرلمانية هو المشاركة الفعالة وتحقيق انجازات في هذا الملف النسائي بالاضافة الى كل الهموم الأخرى التي تحملها المرأة. ودوري هو ما احمله من المشاريع والمؤسسات والجمعيات البالغ عددها ستة الى مشاركتي في اكثر من سبع مؤسسات وجمعيات اخرى فاعلة وكاملة مع مهمات لا استطيع ان افيها حقها. فكيف يمكنني اخذ موقع آخر يتطلب مني التزاماً رسمياً، وقراءة رسمية وجدية ومتابعة جدية. اني بما اقوم به، اعمل بخياراتي التي تناسب ظروفي ووقتي، وظروف زوجي وعائلتي. وفي هذا السياق، انا متصالحة مع هذا الواقع واترك الأمر لمن يستطيع. وكما سبق وقلت، هناك الكثير من الأمور من الطموح والاحلام وادفع بها من خلال الرئيس كرئيس للمجلس وكنائب والى جانبه نواب كتلته. واقول هنا وبكل صراحة ان الرئيس بري متقدم جداً على نوابه في طرحه. ولو كان الأمر يتوقف على دخولي، فاعتقد اني لن استطيع تقديم اكثر مما يقدمه الرئيس بري. وهنا، كي لا يفهم المجتمع ان قضيتي ليست قضية

المرأة فقط ولأخذها موقع القرار، فان خوفي الكبير، والدافع الكبير لما اقوم به ينبثق من خوفي على المجتمع وتأخره على كافة المستويات، ان على المستوى الاقتصادي او الاجتماعي، والأهم مستوى الاهمال للقدرات النسائية التي لا نستفيد منها. ان المجتمع يخسر اضافات كثيرة له.

> ولكن خسارة المجتمع لهذه القدرات الا تتحملها المرأة نتيجة غيابها عن الموقع الرسمي?

- لا دخل للموقع الرسمي بذلك. قد يجوز اننا ركزنا اكثر على الندوة النيابية والمشاركة في البرلمان، في حين اسأل دوما اين المرأة في الادارات ورئاسة الادارات والنقابات. أين المرأة في رئاسة مواقع عديدة داخل الوزارات والحكومات? اين قدمناها. هناك فقط ثلاث مديرات في لبنان من النساء. اين المرأة في العمادة والوزارات الرئيسية في وقت كلفت كل دول العالم تقريباً النساء بمنصب وزيرة الخارجية.

النظام المسؤول الأول

ومن يتحمل المسؤولية في لبنان? هل هي المرأة بحد ذاتها?

- لا النظام والحكم بالدرجة الأولى لأن كلاهما لم يدفعا بهذا الاتجاه ولم يعدلا. ان النظام الذي لا يعدل تكون هذه نتيجة من نتائجه. اننا وقبل ان ندخل الى اي ندوة نيابية، لندخل الى الوزارات الأساسية والادارات الرسمية. ففي صورة سريعة جداً، نكتشف ان هناك ظلماً وسوء عدالة حول موقع المرأة التي تبقى ثلاثين عاماً رئيسة مصلحة او دائرة وممنوع عليها ان تصبح مديرة وكل الوزارات وزراؤها رجال.

> هذا يؤكد على سيادة المجتمع الذكوري السياسي الحاكم برغم كل الانفتاح والديمقراطية التي يتغنون بها.

- نعم. ونحن في هذا السياق، سلكنا دوماً الطريق والأسلوب التقليدي للمطالبة بالحق والاسراع والمتابعة والمثابرة والتشجيع والتوعية. لكن هذه لم تؤد الى الغرض، وتالياً هذه الآلية لم تستطع سوى انتاج القليل. وسأظل متشائمة الى ان نكون فعلاً قد بدأنا ببناء اول عمود في هذا الموضوع، لأن حضور المرأة اللبنانية يستحق اكثر بكثير مما انجز. وأتطلع للتفاوت بين قدرات المرأة اللبنانية ووجودها وحضورها وبين ما قدم اليها، واعتبره لا شيء وقليلاً جداً. لذا، ادعو المرأة الى تغيير الآلية بنفسها كي لا نظل نسير بالروتين الذي ادى الى نتيجة خجولة جداً.

> وهل ان بناء اول عمود قد يؤسس لمرحلة الخروج من ذهنية اقتصار وجود المرأة داخل الندوة البرلمانية على ارملة شهيد او ابنة شهيد او ابنة زعيم?

- طبعاً، اذ يجب اولاً ان لا يكون شرط ترشحها بديلا عن زوجها او شقيقها او ابنها، وثانياً، ان تتخلى عن فكرة دخولها الندوة النيابية بهدف التمهيد لاولادها لاحقاً.

> وكيف السبيل للتخلي عن هذه الفكرة السائدة?

- للأسف، هذه باتت ثقافة لبنانية ولا يمكن الغاؤها بيومين، انما عبر تجارب نوعية اخرى ودخول من نوع آخر، للمرأة المشاركة ما يزيل هذا المناخ، ويخفف تالياً من هذه القناعات.

> لمَ لم نلحظ هذا التغيير النوعي ينطلق من حركة امل فيقدم على ترشيح امرأة?

- لكن لائحة التنمية والتحرير هي اول لائحة في لبنان رشحت امرأة هي الوزيرة والنائب بهية الحريري.

> لكنها اليوم ليست من ضمن اللائحة?

- صحيح. ونحن اليوم حريصون كما كان الرئيس بري حريصاً على هذا الموضوع وطرحه، لكني اكرر ان عملية هذا الدخول لن تكون بأمر ديكتاتوري منه. فالرئيس حريص ايضاً على طرح هذا الموضوع على ان يلقى قبولاً. وكما سبق وقلت، ليس لدى الجميع قناعة به، ولعل هذه فيها نوع من عملية (الكباش) الضخم الدائرة في لبنان على المستوى السياسي حيث من الصعب ان تدخل على المشروع الكبير الذي يتم الهجوم عليه اليوم، والصراع القائم بين الطرفين السياسيين الكبيرين في لبنان. وربما هذا ما جعلنا ان لا (نقوي الطحشة) بهذا الموضوع لوجود محاولة للاخلال بالميثاق الوطني العام. لم نود مقاربة هذا الموضوع في هذه المساحة وبسقف عال جداً. وقد اكد الرئيس بري في كل خطاباته الانتخابية على هذا الموضوع، والتزم به امام الرأي العام اللبناني من خلال دوره كرئيس ووعد به. ومن جهتي، اتفهم الموضوع بمعزل عن المسايرة، وأعرف ان المرحلة كانت صعبة جداً. واي تغيير حالياً ليس في محله. لكن هناك محاولات.

صوت المرأة غير مسموع

> لكن، هل السياسي يسمع صوت المرأة في لبنان?

- مع الاسف لا.

> برغم كل ما يثني فيه على دور المرأة?

- نعم، وحتى حين يسمع رأيها يعتبر انه يسدي لها خدمة.

تعليقات: