اقتراع بالصورة والشورت.. وناخبة يغضبها إعلان سنّها


رؤساء الأقلام ومفارقات يوم الانتخاب..

«مر يوم الانتخاب عاديا.. عجقة من الصبح حتى الثانية بعد الظهر.. بعدين ارتحنا شوي، وما في نص ساعة حتى جاءت فتاة جميلة ترتدي الشورت (السروال القصير)، وتضع صورة للسيد حسن نصر الله على قميصها..».

يصمت قليلاً أستاذ التعليم الثانوي، نديم ح.، الذي تولى رئاسة قلم الاقتراع في منطقة الجديدة ـ المتن، ليتذكر كامل المشهد. وبعد ابتسامة صغيرة يقول: «انشغل الشباب بالنظر إلى الفتاة، والصورة على صدرها، والتناقض بين الملابس والصورة..». وأردف: «عند طلبي التأكد من هوية الفتاة، لم يأت أي رد من مندوبي اللوائح المتنافسة في الغرفة. فكررت الاسم، وعندما لم أفلح في جذب انتباه الشباب، طلبت منها الدخول إلى المعزل. لحظتها اعترض الشباب، وطلبوا التأكد من الاسم مجدداً. لم أفهم السبب بداية الأمر، لكن عندما غادرت الفتاة، عرفت أن القصد كان بقاؤها أطول فترة ممكنة في القلم..». ويختم ضاحكاً: «فهمك كفاية».

هكذا، زخرت الانتخابات النيابية الأحد الماضي، وبعيداً من الاصطفافات الطائفية والمذهبية ونتائجها، بعدد من المفارقات التي حفظها رؤساء الأقلام من الموظفين وأساتذة التعليم الرسمي، في أثناء ممارستهم مهامهم في المناطق اللبنانية المختلفة. بعض هذه المفارقات تنقلها «السفير» على ألسنة أولئك الذين وافقوا على الكلام شرط عدم ذكر أسمائهم كاملة، منعاً لـ«الإحراج»، وذلك بعد تردد.

وينقل المربي فؤاد ع. رواية من بشري، ومن قلم اقتراع النساء تحديداً: «دخلت مجموعة من النسوة، ومن ملبسهن يتبين أنهن من طبقة ميسورة، وقد سبق أن جلسن طويلاً عند الكوافير، وتأخرن كثيراً في اختيار ملابسهن. وعندما أخذ الكاتب هوية إحداهن وتلا الاسم بصوت عال، لم يعترض أحد، لكن الكاتب تابع قراءة التفاصيل، زوجة فلان.. ومواليد العام ... وقبل أن ينطق بالتاريخ اعترضت السيدة صاحبة الهوية: «شو خص الانتخابات بالعمر.. شو بيهمك العمر؟..». لكن الكاتب أصّر على ذكر العمر، وردده ثلاث مرات على مسامع الجميع وبصوت عال، مما أدى إلى إغضاب السيدة التي سحبت الهوية من يد الكاتب، ووجهت إليه كلمات أجنبية لم أسمعها جيداً، وغادرت الغرفة من دون الإدلاء بصوتها!».

وهذه الحادثة، يتابع فؤاد، أدت إلى اعتراض أحد المندوبين: «خسرنا صوت من تحت راسك، شو بدك بعمرها؟ مش شايف عمرها ألف سنة، وبعدها شايفة حالها صبيه؟». فرد عليه الكاتب: «يا خيي القانون قانون». وبعد نقاش، تدخلت للفصل بين المندوب والكاتب، وطلبت من المندوب إحضارها والاعتذار منها، وهذا ما حصل. وعند دخولها توجهت إلي وقدمت هويتها، ثم اقترعت ورحلت بعدما رمقت الكاتب بنظرات العتب، رافعة رأسها إلى الأعلى».

وتتشابه روايات الكثير من رؤساء الأقلام لجهة رفض عدد من النساء وضع كامل إبهامهن في الحبر، تارة بحجة «الحساسية»، وطوراً لأنه يلوث أيديهن. لكن الواقع يتعلق بطلاء الأظافر.. وهناك أيضاً روايات الازدحام أمام قلم الاقتراع، مع بعض التلاسن بسبب أفضلية دخول أحد المرضى أو العجزة، والاحتجاج على ذلك، أو نسيان الهوية، أو التوقيع في خانة غير مخصصة للمقترع.

حادثة أخرى يرويها رئيس القلم عبد الله ص. حدثت معه في إحدى مدارس العاصمة: «حضرت فتاة مع شاب، وبدا عليه أنه غير متزن، وبعد قليل انتبهنا أنه «بسيط»، ويريد أن ينتخب الشيخ سعد الحريري من خلال وضع صورته في صندوق الاقتراع». ويتابع «حاولنا مختلف الطرق لإقناعه، واستغرق الأمر نحو ربع ساعة حتى أقتنع أخيراً بأنه ممنوع الانتخاب بوضع الصورة، وأن عليه وضع اللائحة التي يريد في الصندوق، بعدما سمحنا لشخص آخر أن يقترع قبله». وأوضح: «لو لم نفعل ذلك لكان عكّر لنا الجو، لأنه صرخ أكثر من مرة بدي انتخب الشيخ سعد... وحتى لا يعتقد أحد أننا ضد الموضوع، طولنا بالنا.. فهؤلاء يحتاجون إلى دقة في التعامل معهم، وهذا ما فعلته».

وفي منطقة الضاحية يدخل شابان، وهما يحملان سيدة عجوزاً على كرسي، ويتفقان معها بعد التدقيق في هويتها، على فتح ستارة المعزل بعد الانتهاء من وضع اللائحة في المغلف. تروي رئيسة القلم المربية سهام س.: «انتظرنا ثلاث أو أربع دقائق بعد احتجاج عدد من النسوة على تأخر العجوز، عندها اضطررت إلى رفع الستارة بعدما ناديتها باسمها ولم ترد، حتى أفاجأ بأنها نائمة والمغلف بيدها، ولأول وهلة خفق قلبي بشدة خوفاً من أن تكون السيدة قد توفيت، فتشجعت ووضعت يدي على كتفها حتى استفاقت لتسألني «شو في؟». عندها تنفست وخاطبتها: «يللا يا حجة». فوضعت يدها في صدرها وسحبت ورقة ووضعتها في المغلف بحرص شديد، ثم طلبت من الشابين إخراجها».

وتقول سهـــام: «مرت عليّ لحظات حسيت قلبي رح يطلع من مطرحو، وتذكـــــرت ســـتي يللي توفت من خمس سنين، لما كنا عندها في البــيت ونحنا عم ناكل، والحمد الله مر اليوم على خير».

قصص عديدة حملها رؤساء الأقلام والكتبة، بعضها يصلح للنشر والبعض الآخر غير صالح. لكن الأهم في نظر المربيات اللواتي شاركن للمرة الأولى في الإشراف على العملية الانتخابية، هو تقبلهن من دون أي اعتراض.

تعليقات: