البقاع الغربي يعوّل على قطاع سياحي غير مدعوم رسمياً

على بحيرة القرعون التي تشكل عامل جذب سياحي في البقاع
على بحيرة القرعون التي تشكل عامل جذب سياحي في البقاع


البقاع الغربي:

فعّلت المؤسسات السياحية في البقاع الغربي نشاطاتها، وزادت من خطواتها التحضيرية استعداداً لاستقبال الموسم السياحي الصيفي، مسفيدة من الأجواء التفاؤلية التي تسود الساحة المحلية ، في أعقاب إنجاز الإستحقاق الإنتخابي النيابي بسلام.

ويتميز القطاع السياحي في البقاع الغربي، بعوامل مهمة نادراً ما تكتسبها مناطق أخرى في لبنان، وهي تشكل حوافز هامة من شأنها جذب السياح والمصطافين. في المقابل يواجه القطاع بعض الصعوبات التي قد تعيق تنشيطه وتحوله إلى قطاع متأرجح تقتصر نشاطاته على السياحة الداخلية وفي طليعتها السياحة العلمية وترتكز على مستنقع عميق والسياحة الدينية والسياحة البيئية والرحلات المدرسية ،بالإضافة إلى السياحة الاغترابية إلى جانب استقبال الوافدين من الدول العربية بزيارات خاطفة، تقتصر على إقامات قصيرة.

وتعتبر بحيرة القرعون المرفق السياحي الأبرز في المنطقة، وهي العامل الأهم في استقطاب محبي الرحلات المائية، وهواة السباحة وصيد السمك والى جانبها الأحراج الكثيفة الملتوية صعداً والمتآخية مع بساتين الأشجار المثمرة، التي تعانق سنابل البركة في سهل الخير، فضلا عن الينابيع الطبيعية والشلالات المتساقطة غزيرة من زاويا البساتين، وجنبات الجلول الزراعية.

وعلى الرغم من تمايز المواقع الطبيعية وانتشار عشرات المؤسسات السياحية الصغيرة والمتوسطة في البقاع الغربي، فإن القطاع السياحي ما زال يعاني تباطؤاً في النمو نتيجة لغياب الدور الرسمي الراعي، إن لجهة وزارة السياحة أو لجهة المجالس البلدية، التي تتجاهل أو تتناسى عن قصد أو عن غير قصد أهمية السياحة في تنشيط الحركة الاقتصادية وفوائدها على المواطنين، وبالتالي رفع الناتج القومي، فضلاً عن التقصير الناتج من جهل أصحاب المؤسسات السياحية لدورهم المفترض، لا سيما الدعائي منه.

ويأمل أصحاب المؤسسات السياحية، وعلى الرغم من الصعوبات القائمة، خيراً في الموسم الجاري حيث تتواصل استعداداتهم، للدفع بالحركة السياحية نحو الأفضل، وتزخيمها وتنشيطها على المستويات كلها.

ويلفت رئيس اتحاد بلديات السهل أحمد الأحمد إلى أن منطقة البقاع الغربي منطقة سياحية بامتياز، نظراً لتمتعها بعوامل طبيعية نادراً ما تكتسبها مناطق أخرى في لبنان. ويغلب الاعتدال المناخي على طقسها وطبيعتها، إلى جانب بحيرة القرعون والينابيع والشلالات الغزيرة، فضلاً عن المعالم الأثرية المنتشرة في معظم القرى والمدن. ويشير الأحمد إلى الصعوبات التي يواجهها القطاع والتي من شأنها أن تحد من نشاطه، ومنها «التطنيش» الرسمي للدولة عن دعم القطاع، وتغييبه عن الخارطة السياحية، ما يشكل سبباً رئيسياً في ركوده وعدم نموه. وهناك تقصير لا يمكن إغفاله من قبل أصحاب المؤسسات السياحية والتي يزيد عددها على الأربعين مؤسسة صغيرة ومتوسطة وفي مقدمها المقاهي والمطاعم والفنادق وأماكن اللهو. ويمكن غياب خطط أصحاب المؤسسات أنفسهم عن البرامج الإعلانية والدعائية المناسبة لجذب السياح والمصطافين، وتغيب معها الجهات والقوى الضاغطة التي تسعى لإبراز وجه المنطقة وأهميتها سياحياً على المستوى المحلي وأيضا على المستويين العربي والعالمي. ويستدرك الأحمد كلامه بالتأكيد «على أن الإمكانيات المادية لا تسمح لأصحاب المؤسسات بتمويل الخطط»، واضعاً المسؤولية على الدولة ووزارة السياحة «التي يجب أن تشمر عن زنودها لتأخذ زمام المبادرة، باعتبار هذه المنطقة هي لبنانية».

ويعرب الأحمد عن استعداد البلديات للوقوف الى جانب القطاع السياحي ودعمه من أجل تفعيله، خصوصا أن معظم المشاريع المتعلقة بالبنى التحية في المنطقة باتت شبه منجزة، مشدداً على أهمية دور المؤسسات الأهلية والنوادي والجمعيات الداعم للقطاع.

ويؤكد الأحمد أهمية المساهمات التي تقوم بها الاتحادات البلدية لإقامة المهرجانات والندوات واللقاءات والنشاطات التي من شأنها أن تساعد في إبراز وجه المنطقة والتعريف بها، لافتاً الى أنه لا يمكن للبلديات دعم المؤسسات السياحية بالوسائل المادية، لأن القوانين المعمول بها لا تسمح بذلك، لا بل إن هناك رسوماً وضرائب متوجبة على بعض المؤسسات، والبلديات تتساهل في تحصيلها، نظراً لضيق الحال التي تواجهها.

وتمنى الأحمد تفعيل النشاطات السياحية وتزداد حركة الوافدين الى المنطقة من السياح والمصطافين، لافتاً الى بوادر حركة ناشطة بعودة المهاجرين الى بعض قرى وبلدات البقاع الغربي، «وهذا دليل خير وعافية لأنه يدر بعض الأموال على هذه المؤسسات».

ويؤكد جان بولس، صاحب مجمع مشارف صغبين السياحي، أن الحركة السياحية بدأت تميل نحو الأفضل، آملاً أن تتفعل وتنشط أكثر مع وصول طلائع المغتربين اللبنانيين بعد استقرار الأوضاع، لافتاً الى أن نسبة الحجوزات مرتفعة قياساً بالأعوام الماضية، آملاً أن تبقى الحالة مستقرة، لأن القطاع السياحي من أكثر القطاعات تأثراً بالاهتزازات الأمنية». ويدعو بولس المسؤولين المعنيين في وزارة السياحة الى إيلاء المنطقة الرعاية الكاملة والاهتمام، خصوصاً وأن معظم المؤسسات السياحية في البقاع الغربي كما قال «حجزت مواقعها على الانترنت وأضحت مصنفة في الدليل السياحي الموزع في المطارات».

ويرى بولس أن منطقة البقاع الغربي هي من أكثر المناطق السياحية جمالاً في لبنان، وأنقاها طبيعة ومناخا، وتتمتع بعوامل جذب سياحي على كثير من الأهمية، من شأنها توفير الراحة والهدوء للسياح وللمصطافين، لافتاً الى أن شعبها مضياف، ويمتاز بحسن اللياقة وشدة الكرم، مشيراً الى الأسعار المدروسة التي تتناسب وأوضاع كل الطبقات، فضلا ً عن التقديمات والخدمات المميزة التي توفرها المطاعم والفنادق لروادها الزائرين.

ويقول أبو ربيع علي عواضة، صاحب مجمع البلولايك السياحي في صغبين، «إن القطاع السياحي في البقاع الغربي بدأ يتحرك نوعاً ما مع دخول فصل الصيف، إلا أنه لم يلامس الحد المطلوب، نظراً الى الغلاء في أسعار السلع وإرتفاع أسعار المحروقات، حيث من شأن ذلك الحد من الحركة والتنقل، خصوصاً في صفوف الطبقات العادية التي تمثل السواد الأعظم من الشعب اللبناني. ويرى عواضة ان ذلك «يرتب علينا كأصحاب مؤسسات سياحية خسائر فادحة، لا سيما أننا نعتمد على مردود فصلي الربيع والصيف، لنعوض خسارتنا الناتجة من توقف الحركة في فصل الشتاء، وأضاف: ندفع من اللحم الحي لنبقى على قيد الحياة، إن كان لجهة دفع رواتب الموظفين والعمال أو لجهة دفع الضرائب والرسوم المتوجبة، والتي أثقلت كاهلنا وباتت تهدد مؤسساتنا بالإقفال، كون سنوات الجمود التي مرت، نهشت قدراتنا وإمكانياتنا».

ويؤكد عواضة أن القطاع السياحي هو من أكثر القطاعات تأثراً بالوضع الاقتصادي والأوضاع الأمنية، والكل يعرف المعاناة التي يعيشها المواطن، بحيث بالكاد يستطيع تأمين لقمة العيش، فكيف له أن يرتاد مطعماً أو مقهى، أو فندقا؟ لافتاً الى أن المؤسسات السياحية في البقاع الغربي تعتمد بنسبة 90 في المئة على اللبنانيين، لا سيما المغتربين منهم، لكن عواضة صمم في هذا الموسم على إنجاز كل التحضيرات، استعدادا لاستقبال الموسم الصيفي، آملاً أن يكون واعداً كما يقول.

ويعتبر عواضة أن التصنيف السياحي للمنطقة هو عنوان دون مضمون على أرض الواقع، مؤكداً حاجتها الى عملية استنهاض تشارك فيها وزارة السياحة والبلديات والمؤسسات السياحية والقطاع الأهلي.

ويعرب أبو عسكر، صاحب مشروع المراكب والبواخر السياحية في البحيرة، عن تفاؤله بموسم سياحي نشط في هذا الصيف، على عكس السنوات التي خلت، «نظراً لاستقرار الأوضاع»، مبدياًً تخوفه من مستجدات طارئة قد تقلب المقاييس وتغير المعطيات القائمة.

ويؤكد أبو عسكر أن قطاع الرحلات المائية في البحيرة يتكبد سنوياً خسائر باهظة نتيجة ركود الموسم السياحي من جهة، فضلاً عن تكاليف الصيانة والتأهيل التي تترتب على المشروع.

ويناشد أبو ع

سكر وزارة السياحة الاهتمام ورعاية قطاع السياحة في البقاع الغربي ودفعه نحو النمو، وبذل الجهود لرفع مكانته على الخارطة السياحية، كما يدعو البلديات إلى مساندة أصحاب المؤسسات لتحريك القضية مع المسؤولين المعنيين.

مستنقع عميق من المواقع المقصودة للسياحة العلمية
مستنقع عميق من المواقع المقصودة للسياحة العلمية


تعليقات: