أبو نعيم محمد نعيم خريس
إذا قصدت بلدة الخيام واحتجت لأي غرض فاسأل عن "سوبر ماركت أبو نعيم"، فتلقى الجواب مباشرة: "هي في الحي الشرقي قرب مدرسة البركة لناحية الجنوب".
تقصد الحيّ فتلحظ زحمة السير في الشارع في جميع الأوقات وحتى في منتصف الليل.
تركن سيارتك وتدخل فتجد أناساً ينتقون فواكه وخضار على أنواعها وآخرين يحملون أكياساً فيها مؤونة البيت من سكر وأرز وحليب وكل ما قد يحتاجه المنزل من المكنسة إلى لوح الصابون ناهيك عن زاوية اأدوات المنزلية ومتتبعاتها وزاوية السكاكر و"الشوكولا" وأجنحة خاصة لكل أنواع مسحوقات الغسيل وأوراق التنظيف وغيرها الكثير الكثير... أي باختصار كل ما تفكر فيه!
تسأل عن صاحب المحلّ فيجيبك رجل ستيني بابتسامة (أهلاً وسهلاً)..
تتعرف عليه فهو أبو نعيم محمد نعيم خريس..
المجاهد الذي ترك بلدته الخيام في العام 1957 وهاجر إلى الكويت ليعمل حلاقاً للرجال بالرغم من أن والده كان يملك محلاً تجارياً في ساحة البلدة.
إنه من أبناء الخيام الذين تركوا البلدة وهاجروا طامحين إلى حياة رغيدة..
فمنهم من وصل إلى مبتغاه ومنهم عاش مطمئناً لحياته وحياة عائلته ومنهم من لم يحالفهم الحظ فعادوا إلى بلدتهم...
بقي أبو نعيم في الكويت حتى العام 1991، وقد ربى عائلة مؤبفة من خمسة أولاد (أربعة صبيان وبنت واحدة).. باع ما يملك في الكويت وحمل عائلته في سيارة المرسيدس موديل 1974،التي ما تزال عنده حتى اليوم، وهو لا يملك إلا بضعة آلاف من الدولارات، حصيلة عمل أربعين سنة في الإغتراب.
وككل رب أسرة يعمل لاستقرار عائلته فكر ببناء غرفة صغيرة أمام منزل والديه وفتحها دكاناً، مهنة جدّه أمين علي خريس ووالده نعيم علي خريس وبتشجيع من المرحومة والدته "الحاجة أم محمد" التي قالت له: "إن الدكان باب رزق لا يغلق إذا أحسنت إدارتها".
وهكذا كان!
أدار الدكان بكل تفان وإخلاص وعصامية، أحبه الناس لأنه اتبع طريق"إربح قليلاً تبع كثيراً" وتحوّل أبناؤه الثلاثة نعيم وحسان وأمين إلى إدارة المحل بإشرافه المباشر.
أما أحمد فقد سافر إلى الولايات المتحدة بمنحة من الجامعة اللبنانية لدراسة الدكتوراه في الإقتصاد.
بنى أبو نعيم بيوتاً لأبنائه وزوّجهم وتعيش العائلة كأنها في بيت واحد.
هذه قصة رجل عصامي أحبّه أبناء بلده لمعاملته لهم وتأمين جميع حاجاتهم حتى أنه أخيراً فتح زاوية لبيع أجهزة الحاسوب والمعلوماتية، فأكمل بعمله هذا عنوان: "محلات كل شيئ".
إنه عيّنة من أبناء بلادي الذين انتشروا في أصقاع الأرض وهم يحلمون بالعودة إلى أرض الوطن.
تعليقات: